في الوقت الذي تولي فيه حلف شمال الأطلنطي( الناتو) قيادة العمليات العسكرية ضد النظام الليبي, بدأعدد كبير من الدوائر القريبة من الرئيس الليبي الانشقاق عنه وكأنه مؤشر بنهاية هذا النظام . حيث إن الحلف لن يترك الساحة دون القضاء علي نظام القذافي, حيث إن استمراره في السلطة, وسيطرته علي الدولة مرة أخري يعد في الوقت الحالي أكبر تهديد للمصالح الغربية في المنطقة, حيث إنها ستكون هدفا لانتقام القذافي من الدول التي شاركت في عمليات قصفه الجوي ومساندتها للثوار, بجانب الأهم من ذلك, النفط الليبي الذي يعد الهدف الرئيسي في المشاركة العسكرية للدول الغربية. وإذا نظرنا في البداية لعلاقة الناتو بليبيا قبل الثورة نجدها غير متواجدة وربما تكون منعدمة, فعلي الرغم من ان الناتو يقيم حوارا فاعلا مع7 دول شرق أوسطية مطلة علي البحر المتوسط من خلال برنامج الحوار الأطلنطي المتوسطي, الذي بدأ في عام1995 إلا أن ليبيا ليست من بين تلك الدول, وذلك لقناعة داخلية لاستراتيجية الناتو بأن النظام الليبي غير قادر علي الوفاء بعهوده بجانب أن ليبيا دولة مصنفة انها راعية للارهاب بالنسبة للناتو الأمر الذي وقف حائلا, دون إقامة علاقات بين الحلف وليبيا أواشراكها في أي حوار, علي الرغم من أن الحوار لا يتعدي عمليات الهجرة غير الشرعية ومكافحة الارهاب. أما بالنسبة للناتو وآلية مشاركته في العمليات العسكرية وقيادته لها في الأراضي الليبية, فإنه في الوقت الحالي ينفذ الاستراتيجية العسكرية التي أقرتها قمة واشنطن في عام1999, والتي أعطت للحلف الحق في حماية المصالح للدول الأعضاء خارج الحدود الجغرافية لدول الحلف والوصول لأبعد نقطة في العالم لدرء الخطر عن أي دولة, وهو الأمر الذي ينطبق علي المشهد الليبي, لأن بقاء القذافي في سدة الحكم يمثل الخطر الأكبر علي المصالح الغربية بأكملها والاستراتيجية العسكرية للحلف المعدلة تم تنفيذها للمرة الأولي بعد الحرب الأمريكية في أفغانستان وقيادتها لعمليات حفظ السلام هناك, ثم مشاركته في تدريب عناصر الجيش العراقي, تلاها بعد ذلك عمليات انتشار قطع بحرية في البحر الأحمر والقرن الافريقي لحماية السفن الغربية من عمليات القرصنة, وهناك تواجد لحلف الناتو في بعض الدول الافريقية أيضا, وكلها تأتي في إطار استراتيجية قمة واشنطن. ومن المعروف أن الولاياتالمتحدة هي الدولة التي تقود الحلف في الوقت الحالي, وهي تعتمد عليه كثيرا, فقد أجرت الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدد من دول الأعضاء في حلف الناتو عددا من المتغيرات التكنيكية بغرض صيانة الاستراتيجية ذات الطابع السياسي والعسكري, خصوصا بعد الأزمة المالية وتردي جاهزية القوات الأمريكية من جراء غزو العراق وأفغانستان, وكان عدد من مراكز الدراسات في الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أعدوا مشروعا للتعاون الاستراتيجي أطلق عليه تسمية( مشروع واشنطن الخاص بالناتو), ويتسق مع مطالب عدد من الدول الأوروبية ذات النزعة الطامحة للعب دور عسكري عالمي يتسق مع الاستراتيجية العسكرية للهيمنة علي العالم, خصوصا إذا علمنا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن تستنزف قوتها الصلبة تستخدم استراتيجية الاقتراب غير المباشر عبر سياسة التحالفات باستخدام القوة الناعمة والذكية واستخدام القوة أو التلويح بها, أو عبر فرض القوة من خلال طرف ثالث( الحرب بالوكالة), وممارسة الاحتواء المزدوج, ويمكن رصد عدد من المتغيرات والمطالب والتوصيات لتعزيز المشاركة الاستراتيجية السياسية والعسكرية بين الطرفين, ويبدو أنه هروب إلي الأمام لايقاف الانهيار والفشل السياسي والعسكري في محور أفغانستانباكستان, وكذلك العراق والتقرب نحو القوقاز, وقد وضعت الولاياتالمتحدة مشروعا يتضمن ما يلي: 1 تهيئة قوات التدخل السريع للحلف جري اشراكها في أفغانستان خارج نطاق الغاية الاستراتيجية, مع الدعوة لزيادة ميزانية الحلف العسكرية. 2 تعزيز قدرات المواصلات الجوية لنقل القوات الاستراتيجية, بحيث يتمكن من نقل القوات السريع إلي مناطق الحرب المنتخبة من خلال أسطول جوي مميز. 3 إدماج القسمين المدني والعسكري لموظفي الناتو الدوليين, وادخال تعديلات علي اللجنة العسكرية في الحلف( وحدة القيادة والاقتصاد بالجهد). 4 توسيع نطاق الحلف بالتعاون مع شركاء عالميين وتفعيل خطط ضم دول أوروبية جديدة إليه( القضم القاري). 5 تأسيس فريق استشاري بحثي مشروع واشنطن الخاص بالناتو, ويهدف الفريق إلي ايجاد الحلول والسبل الكفيلة بإعادة إحياء دور الناتو في تأمين الحماية والأمن للتحالف الأمريكي الأوروبي, بالإضافة إلي التفكير في الأدوار التي يمكن أن يلعبها في التأثير علي مسارح الصراع العالمي. 6 دمج جميع القدرات لكل من أمريكا وأوروبا وفقا ل المفهوم الاستراتيجي للناتو والسعي إلي إنشاء جهاز قيادة من ثلاثة مستويات استراتيجي عملياتي وحدة القيادة وتقليص عدد مقرات الانتشار المشتركة إلي ثلاثة فقط بدلا من ستة. 7 السعي لتعزيز القوات التقليدية القابلة للانتشار, والتي تشمل قوات المدرعات الخفيفة والثقيلة, وقوات التدخل السريع, وتعزيز أنظمة الدعم الاستراتيجي والتي تشكل الاتصالات والاستخبارات والاستطلاع, والتركيز علي أنظمة الدفاع الصاروخية, وتعزيز أداء أنظمة الانذار المبكر والدفاع الجوي والأرضي, إذن فالسياسة والاستراتيجية التي ينفذها الناتو أيا كانت, وعلي الرغم من سقوط ضحايا مدنيين فإنها أيضا ستصب في مصلحة الشعب الليبي الذي يتلقي يوميا ضربات صاروخية موجعة من كتائب رئيسه الذي يضرب بلا رحمة من أجل الحفاظ علي نظامه الذي فقد شرعيته. الأهم من ذلك أن الناتو بامكاناته الضخمة وعناصر الدعم لن يترك الساحة دون سقوط نظام القذافي, وفتح الطريق أمام الثوار, وليثبت الحلف أمام جميع دول العالم انه القوة القادرة علي انقاذ الشعوب, بالاضافة إلي ضمان ولاء القيادة الجديدة الليبية للحلف والدول الأعضاء به, وهو فعلا الخيار الوحيد للقضاء علي نظام القذافي الدموي. [email protected]