بالصدفة, وأنا أتصفح عددا من مقالاتي القديمة, عثرت علي مقال كتبته صباح السبت31 يوليو2004 في مقالي الأسبوعي اتجاهات السوق وكان ينشر أنذاك ضمن باب أسبوعي أقوم بتحريره تحت عنوان بنوك وبورصة. وعندما طالعت ما كتبته أنذاك وجدت أنه مقال يلائم أحوالنا في هذه المرحلة الدقيقة من العمل السياسي والإقتصادي.. مقال كان متقدما عن عصره سبع سنوات, أرجو أن تجدوا فيه بعض الفائدة. الكشاف قد يعتقد البعض أن الدعوة للتغيير تحققت بمجرد التغيير الوزاري الجديد..وتعيين حكومة شابة تضم مجموعة من العقول السياسية ذات الوزن الثقيل, إلي جانب عقول اقتصادية متفتحة إلا أن التغيير الحقيقي لن يكون مجرد حكومة جديدة فتلك خطوة لابد وأن تتلوها خطوات. وإذا كنا قد سرنا دربا طويلا في مجال الاصلاح الاقتصادي?,, وهناك قطاع عريض من المجتمع يطالب بالاصلاح السياسي, هذا في حد ذاته درجة من درجات التغيير في الوعي والإدراك بمشاكلنا كمجتمع وشعب ولكن هذه الرؤي المختلفة الداعية للاصلاح لن تتم إلا إذا تواكب معها تغيير ملموس في أفكار النخب السياسية والاقتصادية والحكومية معا. وبداية التغيير تتمثل في نظرة الحكومة للمواطنين, فشعب قوامه أكثر من70 مليون نسمة لا تراهم الحكومة سوي عبء من حيث تكلفة إطعامهم وتعليمهم وعلاجهم هذا العبء يتزايد بقدر زيادة العجز السنوي في الميزانية, وتسعي الحكومة لتدبير الموارد اللازمة دونما بحث جاد عن نوع المشاركة المطلوبة من المواطنين ومايمكن أن تحدثه حركة هذه الأعداد الغفيرة من تغيير حقيقي إذا ماتم وضعهم في إطار النظم السليمة لتفعيل دورهم في المجتمع. مازلت أذكر كلمة عارضة لشاب صغير من ريف مصر قالها وهو يتطلع إلي صحراء شاسعة في سيناء عارفة حضرتك ياريت يدونا الصحرا دي.دي أرض صبية, شوية ميه ويطلع الزرع, كثير من الشواهد تدلل علي أن مصر تعوم علي بحيرات من المياه الجوفية ورمال صحراء مصر عبارة عن أرض مستعدة للعطاء بأقل جهد, وهذه المساحات الشاسعة قادرة علي إنتاج محاصيل من القمح تسد احتياجات مصر والدول المجاورة, هذا ما أكده عالم مصري كبير وهو الدكتور فاروق الباز, هذه الحقيقة يضاف إليها أن مصر تمتلك ثلث كنوز العالم من الآثار كما أنها تتمتع بتوافر كل أنواع السياحة من ترفيه ومؤتمرات وعلاج وغيرها, وهذا يصل بنصيبها العادل من الدخل السياحي إلي50 مليار دولار, ولكن نصيبها من الخدمة السياحية يماثل نصيبها من صفر المونديال هذا ما أكد عليه سائح عربي قال متندرا تصوري وجبة فول وطعمية أدفع فيها120 جنيه, هل الخدمة السيئة والمظهر غير الملائم والمبالغة في الأسعار قادرة علي جذب السائح هذا وحده سبب كاف لنعرف لماذا لايزيد نصيبنا من السياحة علي4 مليارات دولار, وصفر المونديال الذي حصلنا عليه( بشق الأنفس) لم يحجب بطلة مثل نهلة رمضان خرجت بالمصادفة من شوارع المحروسة لتكون أملنا في الدورة الأوليمبية المقبلة؟ هذا كله يدعونا للتأمل شباب عاطل بالملايين, وشعب يستورد رغيف الخبز, يقابل ذلك أراض عطشي للسواعد الفنية وقادرة علي العطاء حكومة لا تخطط للمستقبل ولكنها تفكر فقط في الحاضر وتكتفي( بشيل الهموم), ثم لاتنفك عن المن علي جموع المواطنين بما تقدمه من دعم فرص سياحية هائلة تقابلها خدمة رديئة ومغالاة تصل لحد السطو علي جيوب السائحين. شباب قادر علي التفوق الرياضي وأجهزة رياضية تبحث في تجهيز ودعم أبناء النوادي وتسليط الضوء علي أبطال مصابين بالأنيميا وهشاشة العظام ولايكلف أحد نفسه مشقة البحث في الشوارع والمدارس والطرقات عن الأبطال المغمورين وهو ما طالب بعودته الزميل الأستاذ إبراهيم حجازي في أكثر من مقال مشيرا إلي وظيفة الكشاف للبحث عن الموهوبين رياضيا وأقول إن مصر كلها محتاجة إلي هذا الكشاف وأول من يحتاج لذلك الأحزاب المصرية وفي مقدمتها الحزب الوطني فمن الملاحظ أن الحزب يبحث عن الاصلاح من الداخل بما لديه من كوادر إنضمت للحزب لنيل فرصة ومكان سواء في الحكومة أو مرافق الدولة المختلفة والمصالح والطامعين فيها لن يحققوا الاصلاح للحزب, وذلك لأن الاصلاح لن يتحقق إلا من هؤلاء العلماء والمفكرين والقادة الذين يمثلون عددا لايستهان به من القدرات الفعالة ولكنها( صامتة) اختارت الانزواء بعيدا عن الأضواء وإحجاما عن الدخول في معترك المصالح الذي يقود خطي الجميع الآن. الكشاف ضرورة للاصلاح السياسي والاقتصادي والرياضي والمجتمعي ومطلوب من قيادات الحزب الوطني والحكومة البحث عن وجوه جديدة وجوه حقيقية ناجحة ومحترمة وقادرة علي توفير طبقة التكنوقراط للنهوض بهذا المجتمع وتحقيق الطفرة المطلوبة والاصلاح علي كل الأصعدة وهذه أسميها مهمة(الانقاذ) وبعد ذلك لن نشكو من مشكلات بطالة أو ارتفاع أسعار أو نقص في معدلات التصدير أو السياحة سيكون همنا الأكبر ماذا نفعل بناتج محلي إجمالي يفوق احتياجات المصريين هذا ليس حلما في ليلة صيف ولكنه مايجب أن يكون وتستحقه مصر وشعبها العظيم. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري