بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    الداخلية: استمرار مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة - (فيديو)    اندلاع حريق هائل بمحول كهرباء قرية شبرا أوسيم في البحيرة.. صور    الصحة: تسليم كروت المتابعة الطبية ل 40 ألف حاج عقب عودتهم لمصر    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    خريطة الأسعار: تعرف على أسعار اللحوم والدواجن والأرز والذهب    نتنياهو: نسبة الضحايا المدنيين إلى المقاتلين في غزة هي الأدنى في حرب المدن الحديثة    قطر: اجتماعات مع حماس لسد الفجوات مع مقترح بايدن بشأن غزة    تعرف علي غيابات الأهلي أمام الداخلية بالدوري المصري    وزارة الهجرة تكشف مميزات وخدمات صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج"    بدعم الصعود العالمي.. أسعار الذهب في مصر ترتفع إلي 3160 جنيها    إصابة 13 شخصًا إثر إنقلاب ميكروباص ب "صحراوي" البحيرة    موعد عيد الأب 2024.. أفكار هدايا غير تقليدية وأفضل العبارات للتهنئة    ماذا قال أحمد سعد حول سبب انفصاله عن علياء بسيوني؟    محافظ بني سويف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    مفتي الجمهورية: الكلب طاهر والصلاة بملابس مسًها لعابه جائز شرعا    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    بالتعاون مع البنوك.. المالية: تسليم أكثر من 28 ألف سيارة "موديل السنة" بأقل من أسعار السوق بالمبادرة    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    تركي آل الشيخ يرصد 60 مليون دولار لكأس العالم للرياضات الإلكترونية    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    تقرير: هل ينتقل رابيو إلى ريال مدريد؟    وزارة المالية تستعد لإطلاق منظومة إلكترونية للمقاصة بين مستحقات المستثمرين ومديونياتهم    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    إعلام فلسطينى: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد تسريبات حسام حبيب الأخيرة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يعلن لجوئه للقضاء    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    الاحتلال: نهاية الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.. وخفض قوات محور صلاح الدين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    "صدمة للجميع".. شوبير يكشف قرارا مفاجئا من الزمالك ضد محمد عواد    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    وزارة الصحة تفحص 454 ألف مولودا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    في ذكري ميلاد عبد الحليم حافظ.. ناقد فني يوضح أبرز المحطات بحياة العندليب    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة ملاكى على طريق طنطا كفر الشيخ الدولى    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم الخارجي والثورة المصرية

بقدر ما فوجيء العالم بتطورات ثورة‏52‏ يناير في مصر‏,‏ فوجئنا نحن في مصر بحجم الاهتمام العالمي بما يدور في مصر‏,‏ خاصة وكان يتردد قبل ذلك خارجيا أن دور مصر الإقليمي والدولي شهد انحسارا مستمرا خلال الأعوام السابقة‏,‏ وهي مقولة سليمة الي حد ما‏,‏ رغم أنها غير مكتملة‏,‏ ولي في ذلك حديث آخر لاحقا‏.‏ أتذكر جيدا تعليق أحد المصريين متعجبا عن مدي اهتمام العالم الخارجي, من غربه الي شرقه, بتطورات الثورة المصرية, بما في ذلك ارتفاع ثم انخفاض ثم ارتفاع البورصات الأجنبية مع تطور الأحداث, وكانت قد وصلتني اتصالات تليفونية من العديد من السفراء الأجانب في مصر خلال الأحداث, بمن فيهم من لم ألتق به من قبل, سعيا وراء المعلومات والتصورات لتطور الأحداث, وهي اتصالات كنت أحاول التعامل معها بإيجابية, من منطلق خلفيتي المهنية الدبلوماسية, وإنما بحذر ودقة حيث إنني شديد التمسك بأن تظل الثورة المصرية نقية من أي تدخل أجنبي, ومؤمنة من التأويلات, كما أنني أعلم جيدا أن مرجع الاهتمام الأجنبي الأساسي هو تأمين مصالح تلك الدول في مصر, أو في الشرق الأوسط والعالم العربي, نظرا لتداعيات الأحداث المصرية علي الدول المجاورة لنا, خاصة الدول العربية. وقد انصبت أسئلة العالم الخارجي حول ثلاثة محاور, وهي:
1 شكل وتسلسل تطور الأحداث في الساحة المصرية.
2 تداعيات التطورات المصرية علي العالم العربي.
3 علاقات مصر الخارجية ما بعد الثورة, فيما يتعلق بالمنطقة التي تنتمي إليها, فضلا عن الدولة المعنية ثنائيا, وفي هذا الإطار كانت هناك العديد من الأسئلة حول المواقف المصرية المتوقعة من عملية السلام العربية الإسرائيلية.
رغم أهمية هذه الأسئلة, لن أتعرض هنا للساحة المصرية الداخلية, وأكتفي في ملاحظاتي اليوم بتناول علاقات مصر الخارجية العربية والدولية.
وقد وجهت بالأسئلة التي أشرت إليها, خلال حضوري لمجموعة مؤتمرات خارجية قصيرة في الأسابيع الأخيرة, من ضمنهم مؤتمر شاركت فيه منذ أسبوع عن نزع السلاح النووي بالعاصمة النمساوية فيينا, وكنت قد وصلت الي قاعة الاجتماع بعد بدء الجلسة بلحظات, وخلال قيام رئيس المؤتمر بقراءة جدول الأعمال, ففاجأت المندوبة الفرنسية الجميع بمقاطعة رئيس الجلسة بنقطة نظام للفت نظره الي أن نبيل فهمي وصل القاعة, مستفسرة إذا كان جادا في البدء بمناقشته موضوع نزع السلاح النووي بعد وصولي, ومطالبة تأجيل المناقشة لكي يستمع المؤتمر مني عن التجربة المصرية الفريدة, وأيدها في ذلك الخبير الألماني, وبالفعل أمضيت أول ساعة من الجلسة الافتتاحية في استعراض التجربة المصرية, والرد علي بعض الأسئلة, ثم خصصت ساعة أخري في نهاية اليوم الأول لاستكمال الرد علي الأسئلة, والملاحظات التي عكست الانبهار والإعجاب الشديد بنقاء حضارة الشعب المصري المتظاهر سلميا رغم كل الضغوط, والمتمسك بحقوقه رغم كل الصعاب, وبالتزام قواته المسلحة بعدم استخدام القوة ضد المدنيين مهما كانت التحديات.
وقد رويت هذه القصة, وأنا فخور بها, ويجب أن يفخر بها أي مصري, فالاهتمام والتقدير لم يكن لشخصي وإنما لشعب مصر, وأعتبر دون مبالغة أن القصة تعكس أول إنجاز في السياسة الخارجية لثوار52 يناير, فالثورة أعادت لمصر مكانتها الحضارية وريادة المبادرة في الشرق الأوسط, وأصبح العالم العربي والأجنبي ينظر الي مصر الشابة الفتية, صاحبة المستقبل المتجدد, والرؤية المتنوعة, مما يدعم من ثقلها الإقليمي ووزنها الدولي, عندما تطرح أفكارا جديدة, أو تقول نعم لاطروحات إيجابية من قبل الغير, أو ترفض مواقف لا تتفق مع مصالحها أو مصالح المناطق التي تنتمي إليها.
وإذا كان هذا أول إنجاز, فلعل أول ممارسة خارجية عملية للثوار كانت استقبال شباب الثورة للوفود الأجنبية العديدة التي زارت مصر في الأونة الأخيرة, فقبل بعض الثوارعقد لقاءات مع بعضهم, بمن فيهم ممثلون من أوروبا الغربية, وإنما اعتذر أغلبهم عن عقد لقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون, تعبيرا عن عدم ارتياح للتردد الأمريكي في تأييد ثورة في مراحلها الآولي رغم أهمية العلاقة المصرية الأمريكية للجانبين, وهي رسالة لها مغزاها ومدلولها.
حيث تعد تنويها للولايات المتحدة ولغيرها أنه لا يمكن تجاهل أو الاستهانة بأماني وتطلعات وشجون الرأي العام المصري أو العربي مستقبلا, وهي رسالة تركت أثرا لدي الجانب الأمريكي رغم أنه لم يود التركيز عليها إعلاميا, وقد اجتمعت, مع بعض ممثلي المجتمع المدني, مع الوزيرة كلينتون وكذلك مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور كيري خلال زيارتهما الأخيرة, ووجدتهما شديدي الحرص علي الاستماع الي الرؤية المصرية الشعبية, وأعرب كيري بشكل خاص عن نيته لاتخاذ مواقف بناءة في الكونجرس الأمريكي لمساعدة مصر اقتصاديا.
أعتقد أن السياسة الخارجية المصرية خلال المرحلة القادمة ستتسم بنفس القدر من الصراحة والوضوح الذي أظهره الشباب, في نفس الوقت ستتسم مواقفها بالاتزان المطلوب, وتحديد أولويات محددة, فلا أعتقد أن مصر ستغض طرفا تجاه من أخطأ في حقها, وإنما ستحسب خطواتها وردود أفعالها بدقة, ووفقا لما يحقق مصالحها علي المدي القصير والبعيد, وسيتركز علي الأولويات الطبيعية لأي دولة, وهي العلاقات مع الدول المجاورة, ومصالحها الاستراتيجية التي ترتبط بالحرب والسلام والموارد الأساسية, والدول التي تشاركها الهوية وهي فلسطين وإسرائيل والسودان وليبيا ودول حوض النيل والدول العربية, فلابد من إعطاء الأولوية لإدارة علاقات مصر مع هذه الدول, لتعظيم نقاط الاتفاق, والتعامل الموضوعي مع الاختلافات, والإدارة الواعية للأزمات دون أن تهمل علاقاتها الدولية المتعددة باعتبارنا نعيش في عالم مترابط ومتصل, وعلينا التحرك في إطارمنظومة دولية بتقاليدها وقوانينها ننتمي إليها ونؤثر فيها. كما أثق أن الحكومة تستمد شرعيتها من ثورة قادها الشباب, بما في ذلك وزارة الخارجية, ستعمل وتخطط بمنظور مستقبلي, بناء للمستقبل بكل ما يحمله من فرص وتحديات.
وهناك بعض المؤشرات الجارية التي تعكس تفكيرا متجددا ومتطورا في السياسة الخارجية المصرية, كما أتوقع أن يعكس التحرك السياسي للخارجية المصرية في الأيام القادمة نظرة متجددة للأمور, فإذا كنا قد استقبلنا بالقاهرة العديد من المسئولين الأجانب والعرب التقي بهم رئيس المجلس العسكري الأعلي المشير طنطاوي ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف, ووزير الخارجية الدكتور نبيل العربي, فكان لافتا للنظر الإعلان عن قيام مدير المخابرات المصرية بزيارة كل من سوريا وقطر, وينتظر قيام وزير الخارجية بالتوجه جنوبا نحو السودان للقاء قادة الشمال والجنوب, علما بأنه جار الآن مراجعة الملف الفلسطيني بأكمله دعما للسلطة الفلسطينية وتوجهها التفاوضي, وسعيا لتحقيق المصالحة بين السلطة وحماس, ووضع ترتيبات جديدة بالنسبة للمنطقة الحدودية المصرية مع غزة, يكون لها مدلولها السياسي, فضلا عن انها ستوفر معاملة أفضل لمواطني غزة والعابرين منها وإليها.
ومن الطبيعي أن تتابع إسرائيل ما يتم في مصر بعناية بالغة باعتبارها دولة مجاورة, وفي ضوء وجود اتفاقيتي السلام مع مصر والأردن, دون أن يستكمل المشوار رغم أن كل رؤساء مصر بعد الثورة, مع اختلاف توجهاتهم وممارستهم, أيدوا السلام العربي الإسرائيلي الشامل, بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية حرة عاصمتها القدس الشرقية, والقمة العربية في بيروت أكدت وأيدت نفس التوجه, ولن يتنازل أو يتهاون أصحاب الثورة المصرية أو الشباب العربي عامة عن هذا المطلب العادل, في سعيه لبناء مستقبل أفضل وأكثر أمانا, وإذا أرادت إسرائيل سلاما حقيقيا ومصالحة حكومية وشعبية في الشرق الأوسط, عليها مراجعة مواقفها ومصارحة نفسها والابتعاد عن المناورات واتخاذ مواقف تعكس التزامها الحقيقي بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة, وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.
المزيد من مقالات نبيل اسماعيل فهمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.