سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 7-5-2025 بعد الزيادة الجديدة.. وبورصة الدواجن الآن    المركزي الصيني يخفض سعر الفائدة الرئيسي في ظل تهديد الرسوم الجمركية الأمريكية    النائب عمرو درويش: لا إلغاء تلقائي لعقود الإيجار القديم.. والمحاكم هي الفيصل حال عدم صدور قانون    ترامب يأمل في أن تهدأ التوترات بين الهند وباكستان سريعا    الرئيس السيسى يتوجه إلى اليونان اليوم.. يعقد لقاءات مع الرئيس ورئيس الوزراء اليونانيين ويترأس الجانب المصرى لمجلس التعاون رفيع المستوى بين القاهرة وأثينا.. ويتوجه إلى موسكو تلبية لدعوة "بوتين"    المجلس الوطنى الفلسطينى يجدد الدعوة للمجتمع الدولى للتحرك العاجل لوقف جرائم الاحتلال    موعد مباراة مصر وتنزانيا في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة والقنوات الناقلة    سيد عبدالحفيظ يكشف لأول مرة ماذا حدث في علاقته مع حسام غالي    لبسوا الأطفال صيفي، الأرصاد تعلن بداية الموجة الحارة وتكشف موعد ذروتها    مواعيد امتحانات العام الدراسي المقبل لصفوف النقل والشهادات الدراسية 2026    تشكيل ارسنال المتوقع أمام باريس سان جيرمان في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    أمير مرتضى منصور: «اللي عمله الأهلي مع عبدالله السعيد افترى وتدليس»    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    ترامب: لا خطط لزيارة إسرائيل الأسبوع المقبل.. وربما أزورها مستقبلًا    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    سيد عبد الحفيظ يستبعد إعادة مباراة القمة ويعلّق على أزمة زيزو ورحيله عن الزمالك    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    اليوم| أولى جلسات استئناف المتهم بالنصب على نجم الأهلي مجدي قفشة    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    كوكلا رفعت: "أولاد النيل" توثيق لعفوية الطفولة وجمال الحياة على ضفاف النيل    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    الهند: هجومنا على باكستان أظهر انضباطًا كبيرًا في اختيار الأهداف وطريقة التنفيذ    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل:‏صنع المستقبل لا يجئ بالإنفجار
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2011

قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل‏:‏ إنه يستبعد حدوث انقلاب عسكري للجيش‏,‏ موضحا أن المجلس العسكري ضامن الشرعية الدستورية والشرطة تضمن القانون‏.‏ وأضاف في لقائه مع الفنان عمرو واكد علي قناة أون تي في, أنه يخشي الاستعجال, مشيرا إلي أن أحدا لا يريد أن يواجه الحقيقة وتبعاتها.
وقال إن هناك موقفا إقتصاديا وماليا ملتبسا يجب التركيز فيه وكذلك الموقف العربي غير واضح, وأن الثورات تبدأ باستمرار في الدول العربية, وأضاف ساخرا, أن ما حدث كأن رجلا ركب صاروخا وصل القمر وقال مثلا عاوز كيلو كباب.
وذكر أنه كان متفائلا بمبارك في بداية توليه الرئاسة لأنه خريج مدرسة القوات المسلحة, باعتبار أنه تلقي درسا كاملا لحكم مصر في حادث المنصة.
وفي الحوار قال الأستاذ هيكل ابتداء: فيما يتعلق بمرشحي الرئاسة وعلي المستوي الشخصي أري انه أليس غريبا أن يكون هناك اثنين من مرشحي الرئاسة لهم سجل وظيفي قاصدا البرادعي وعمرو موسي, وهما بالضرورة عاشا عمرهما في الخارج وانتظرا حتي انتهاء تاريخهم الوظيفي للتقدم للرئاسة, وذلك التاريخ الوظيفي لا يعيبهم, فكلاهما جيدين, ولكن السؤال هل تلك المواصفات هي المناسبة للمرحلة التي تعيشها مصر الآن.
وعزا هيكل اقتصار الترشح علي مرشحين بعينهم إلي أن الحياة المصرية السياسية في الثلاثين سنة الأخيرة حدث لها عملية تجريف.
وأشار الأستاذ هيكل إلي أن هناك حالة استعجال لجني ثمار الثورة, وأن الثورات قد تجئ مفاجأة ولكن صنع المستقبل لا ينبغي أن يحدث بالانقضاض او القفز, فمقتضي الثورة أن تتعجل لتفاجئ ولكن صنع المستقبل لا يمكن أن يجيئ بالانفجار ولابد من فترة انتقالية حتي تتكشف الحقائق.
وفيما يخص الدستور الجديد وضمانات عدم المساس بالمادة الثانية, والمتعلقة بالهوية الإسلامية, قال الأستاذ هيكل إن المستقبل أرحب وأوسع مما يتعلق بالمادة الثانية, وهناك فارقا بين الدستور والقانون لان هذا الفارق سوف يحدث ما لا قبل لأحد به, فالدستور هو الإرادة الحرة لكامل المجتمع وبالتراضي وليس في الدستور إجبار فالدستور شئ, والهوية الثقافية الإسلامية شئ آخر, وعندما التحدث عن أن الإسلام مصدر وحيد للتشريع فأنت حينها تستثني كتلة أخري.
وإلي نص الحوار بدأ الفنان عمرو واكد, مرحبا بالأستاذ محمد حسنين هيكل,ثم سأله عن رأيه في أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية, وتفسيره لانهم جميعا قالوا لا, للتعديلات الدستورية, وجاءت النتيجة بهذا الشكل السخي في الرد بنعم
قال هيكل أن كل من البراعي وعمرو موسي كانا في السلك السياسي, وعملا في منظمات إقليمية أو منظمات دولية, الاثنان لهما تاريخ وظيفي, وتاريخ في العمل الإقليمي والخارجي بالمنظمات, بحكم التربية الدبلوماسية, والاثنان من خارج الساحة السياسية التقليدية, وبالضرورة عاشا معظم عمرهما في الخارج, وبواقع الأمر استنوا لما خلص الكارير المسيرة الوظيفية, والتاريخ الوظيفي لهم لأخر لحظة, ثم تقدموا للرئاسة.
وشدد علي ان هذا لا يعيبهم,? والاثنين كويسين جدا ومحترمين واصدقاء, ولكنه سأل هل هذه بالضبط هي المواصفات المطلوبة لهذه اللحظة, فالأثنان تجاوزا السن.
وحكي الاستاذ هيكل, قصة حدثت قبل عشرات السنين, مع الاستاذ نجيب محفوظ, قال: في احد المرات دعوت نجيب محفوظ للعمل معنا في الأهرام, و كان قبلها كاتب قصة, وبحضور توفيق الحكيم, وعرضت عليه العمل في الاهرام, وكان وقتها موظفا في ارشيف وزارة الأوقاف, فكان رده انه موافق وتحمس, ولكنه طلب مني شيئا واحدا, وهو أن أنتظر عليه حتي يستكمل معاشه وبعدها ينضم للأهرام, هذا نجيب محفوظ.
واضاف قائلا: أنا عايز اقول ايه, التاريخ الوظيفي قد يؤهل صاحبه لدور مهم قوي, لكن يمكن في بلاد غير بلادنا, يعني علي سبيل المثال انا مستعد اقول ان عمرو موسي والبرادعي الاثنين كانوا متأثرين بنماذج سابقة في التاريخ الدبلوماسي العالمي مثل النمسا, والدبلوماسي الدولي فالدهايم, الذي كان امين عام الأمم المتحدة, وبعد ان انتهي دوره, دعته بلده للرئاسة, والوظيفة هناك شرفية, فذهب ليتوج حياته الوظيفية, بمهمة سياسية بس رمزية.
وتمني هيكل في ظل الظروف التي نمر بها, ان يكون لدينا مرشحين اخرين, لكن فيه مسألة.. وهذه هي المقصودة في اعتقادي, وهي لماذا وصلت الحياة السياسية المصرية لهذا الحد, بحيث ان الاثنين البارزين او الثلاثة البارزين عمرهم ما كانوا في وظائف سياسية في عمل سياسي, وعمرهم ما جلسوا في مصر باستمرار وباستقرار, فيه شيء هنا ادي الي هذه الظاهرة.
وفسر ذلك قائلا: الحياة السياسية المصرية في الثلاثين سنة اللي فاتت علي الأقل, حصل لها عملية تجريف شالت كل الطبقة الخصبة الموجودة علي السطح والصالحة للزراعة, وبالتالي أصبح فيها فراغ, وأظن أن هذه هي المسألة الأولي بالاهتمام.
وعاد للجزئية الخاصة بالسؤال, وهي أليس غريبا ان المرشحين الأبرز قالوا لا( للتعديلات الدستورية) وأعلنوا رأيهم مبكرا ومع ذلك ظهر ان رأيهم رأي أقلية وأقلية تقل عن الثلث تقريبا او الربع,
هذا معناه ايه, معناه ان هذا التجريف السياسي, وليست شهادة ضد احد منهم, وليس اساءة لقيمتهم, ولكنها ببساطة تعني ان الحياة السياسية كلها وصلت الي هذا الوضع, وكل الأفكار سواء القادمة او الظاهرة بأي شكل, اصبحت مثل موقفك عندما تزرع علي صخر, هذا الصخر في هذه اللحظة غير قابل أن يقوم عليه نمو, وهذا هو المأزق اللي البلد كلها فيه, تزرع علي صخر, وتجريف سياسي.
وعقب واكد قائلا: هذا معناه اننا نريد الان, اسصلاح سياسي, خاصة وان الشعب زهق, في انه يسير خلف رئيس الجمهورية, وقرر انه يمشي ورا ادعاءات الأحزاب والفئات أو الجماعات الأخري, او يعاند السلطات الخاصة برئيس الجمهورية.
وقال الاستاذ هيكل: انا شبهت الوضع السياسي في مصر انك كأنك امام بحر جفت مياهه, والحياة الحرة والثروة اللي فيه كلها معطلة أو ماتت, وأنت في حاجة أن تملأ هذا البحر مرة أخري بحياة سياسية قابلة للخصب, وقابلة لأن تسبح فيها بحرية, وأن تفكر وأن تملأ كل هذا الفراغ, لأن من يقفز في حوض جفت مياهه يقفز علي صخر أو علي طين, اما أن يغوص أو ينكسر, فأنت تحتاج إلي ملئه بالسياسة, لكن فيه رغبة في الاستعجال بشكل أو بآخر.
وأضاف: الثورات قد تجيء مفاجأة, لكن صنع المستقبل لا ينبغي أن يحدث بالانقضاض ولا بالقفز, فمقتضي الثورة أن تتعجل لتفاجئ, لكن صنع المستقبل لا يمكن أن يتم بطريقة الانفجار.
واوضح ان اننا نحتاج الي فترة انتقالية لكي تتكشف لك حقائق ما نحن فيه. ووصف الوقت الذي تعيشه مصر حاليا, بلحظة مواجهة حقيقية, وقال: الثورة باستمرار تفتح الأبواب للتغيير بعد أن يبدو امام كل الناس أن كل طرق المستقبل قد سدت, وأن سبل التغيير قد انغلقت, فتاتي قوة من خارج السياق لكي تكسر كل الحواجز, وهو ما قام به الشباب, او ما دعا له الشباب, واستجاب له الشعب.
وقال ما تحقق في25 يناير كان شيئا بديعا, وابواب انفتحت, لكن أنا اكاد اشعر ان الناس دخلوا كسروا الأبواب ثم خافوا مما رأوا فوقفوا ساكتين, الان نحتاج الناس اللي كان عندهم جسارة في كسر الأبواب, يبقي عندهم بعد نظر في استكشاف المستقبل, لا استطيع ان اكسر الابواب ثم اقف في حالة رهبة مما رأيت.
ووصف الموقف الحالي بالحرج والصعب, وقال: من كافة النواحي نحن في موقف في منتهي الصعوبة, لأن التجريف اللي جري للأرض, جري مثله في كافة أنحاء الحياة, وأنت تحتاج أن تطل علي الحقيقة وأن تتصرف بمقتضاها, وتستطيع أن تخدع نفسك كما تريد وتقول عملنا وعملنا, لكن عايز اقولك انك وصلت إلي الباب وكسرت الأبواب ودخلت, لكننا جميعا وقفنا ولا نريد أن نواجه خايفين نواجه.
واضاف: ليس هناك طريق الي المستقبل إلا بأن تواجه حقائق هذا الحاضر, انت فاتح ملفات ارض اتسرقت, مش هو ده الموضوع, فيه ما هو اكبر من ذلك, انت كسرت الخوف لكن انت مخضوض من المواجهة.
وبسؤاله عن التعديلات الدستورية, وربط البعض بين هذه التعديلات والحفاظ علي المادة الثانية من الدستور, التي تمثل الهوية الاسلامية لمصر, فقال: نمرة واحد, انا ليس في علمي ان الطريق للمستقبل كله يبدأ وينتهي بالمادة الثانية, المستقبل أوسع من هذا جدا وفيه افاق ارحب,, فيه حاجة اساسية ننساها في الفرق بين الدستور وبين القانون.
واستعرض هذا الفارق قائلا: الدستور هو الإرادة الحرة لمجتمع, يضعه بكامل قواه وبالتراضي علي أن يبني مستقبل نفسه, ومجتمع بحاله وبحريته المطلقة, وليس في الدستور إجبار, وليس به اغلبية واقلية, ساعة ما تعتبر ان في الدستور اقلية لا تريد أن تعطيها حقوقها وتعترف بها, اذن فانت تدعوها للانفصال عن الكتلة, وهذا ينبغي أن يكون واضح.
وقال: الدستور شيء والهوية الثقافية الاسلامية شيء آخر, لما تقول الهوية الاسلامية.. فنعم لأن المحتوي الحضاري للثقافة العربية كلها هو الإسلام بالتأكيد, هو الجامع المشترك الذي صنع هذه الحضارة, لما تقول الهوية الحضارية انا موافق.
واضاف: لكن لما تيجي تقول مصدر التشريع الوحيد, فأنت تستثني كتلة, وبتختلف مع النص, و تختلف مع كل تقليد.
وتطرق هيكل لما جاء في دستور سنة1923, والذي اعتبره واحد من ارقي الدساتير التي عرفتها مصر, وقال: هذا موضوع ليس جديد, ودستور23 دار حوله الكثير من المناقشات, لأن في ذلك الوقت.. كانت مصر المتفتحة في النهضة اللي كان فيها محمد عبده, ولطفي السيد, طه حسين, كان وقتها عز التنوير, وكان فيه وضع دستور.
وقال: فيه حقيقة لا يمكن اغفالها في مصر, وهي ان هذا البلد فيه كتلة تكاد تكون اربع أو خمسه ملايين مسيحي, واحنا في صدد دستور(والدستور هو ان تقيم دولة بالقبول الطوعي للناس) لابد ان تكون الصيغة جامعة.
واضاف: عندما جاء دستور23 كل الناس كانت بتتكلم, وكان فيه قدامنا كذا حاجة, الانجليز كانوا مطلعين تصريح28 فبراير, وبيحتفظوا لنفسهم بحق حماية الأقليات. وأقباط مصر رفضوا هذا النص, وقالوا نحن جزء من الكتلة الوطنية المصرية.. مظبوط, ولم يتكلموا في تحديد نسب المشاركين الأقباط, كل المسلمين والمسيحيين, في ذلك الوقت, قالوا مش حانحدد نسب لأن الكتلة الوطنية لا تمييز فيها, اذا كنت عايز تقول لا تميز فيها, ما تحطش نص يخص المسلمين بس, حط نص يخص الكتلة الوطنية كلها, او حط نصوص لكل الطوائف.
وشدد علي ان الدستور ليس به اجبار, ويأتي من اختيار كل الناس لتنشئ وطن للتعايش المشترك
اما القانون ففيه اجبار, لأن القانون هو كيف ننظم حياتنا المشتركة لعيش مشترك. واضاف قائلا: انا باتكلم في ده لأن جه الوقت اللي نتكلم بصراحة.
وقال هيكل: قبل الحديث عن الدستور أليس منطقيا أن نجلس لنري من نحن؟ الدستور بيعمل ايه, فيه مجموعة ناس او شعب علي أرض, الدستور يحدد من هو, ويحدد ماذا يريدون, وماهي ثقافتهم وهويتهم, وما هو الجامع المشترك لهذه الكتلة الوطنية لكي تتعايش معا برضا بالدرجة الأولي.
واضاف قائلا: ثم يأتي القانون لينظم المصالح التي أقرها اتفاق العيش المشترك. وبالتالي الأول فيه لابد من الإرادة الحرة لجميع الناس( بالنسبة للدستور). والثاني هو تدبير المصالح المشتركة, وهنا ممكن يبقي فيه اقلية وأغلبية, لكن الدستور مفيش فيه اقلية وأغلبية, وهنا فيه فهم خطأ لمعني الدستور, لان الكتلة الوطنية كلها لابد ان تكون ممثلة وموجودة, ولابد أن تكون ممثلة برضاها لأن هذا اتفاق لعيش مشترك.
واضاف: ماتجيش تقول انا هاعيش في الشقة اللي فوق, وجاري هيعيش في اللي تحت ومن حقي انزل عليه ميه, مش ممكن!!
ودعا الي أن تحدث تفرقة, راها ضرورية, بين الدستور والقانون, وبين موجبات دستور, فلا يمكن أن يكون فيه اجبار لأنه تعبير عن هوية وهوية قد تكون متعددة الثقافات والأديان, حتي متعددة القوميات, لكن فيه خلط بين الوطن وبين الشعب, محتاجين نقعد نتكلم.
واكد الاستاذ هيكل, في رد علي اسئلة الشباب, انه واحد من أكتر الناس ايمانا بالثقافة الاسلامية, وقال ان من اكثر الناس ايمانا بالعامل الإسلامي في تشكيل العقل العربي والمصري, لكن اذا حدث تصور ان هذا يعني نص ديني يغلق علي المسلمين؟ عايز تعملها بس للمسلمين.. ماشي لكن ما تقولش حاجة تانية, انا باتكلم في دي اول مرة بصراحة ليه, ولكن انت بصدد انتقال رئيسي, فلابد أن تكون كل القوي الوطنية عارفة بما تفعل, متأكدة مما تفعله, وترتضيه بحرية, وتقبل علي أساسه قانون يجبرها علي تصرف معين.
وعقب عمرو واكد قائلا: تم استغلال عدم المعرفة بشكل غير حضاري, تحديدا في الاستفتاء اللي فات من بعض الجماعات والاطراف.
فرد الاستاذ هيكل قائلا:انا بس عايز اعترض, ان فيه ناس بيتصوروا ان ما هو ديني ممكن يبقي غير حضاري, وهذا ليس صحيحا, انا بعتقد العكس, الدين مليان قيم حضارية مهمة جدا, ولكننا نركز للأسف علي الجانب الضيق, ثم نستخرج منه ما يناسب هوي حد فينا في لحظة معينة.
وهنا قال عمرو واكد أن احد الشباب يسأل: ذكرت في حلقات سابقة من برنامج مع هيكل عند الحديث عن مقدمات ثورة يوليو, انه اذا جاء الجيش لمقدمة الحياة السياسية, تأتي الانقلابات, هل تظن أن فكرة الانقلاب واردة الآن؟ وإلي أي مدي؟
فقال هيكل: غريبة ان تقول انقلاب لأننا طالبنا القوات المسلحة ان تدخل, عايز اقول ان القوات المسلحة في أي بلد في الدنيا هي ضامن الشرعية, هي ضامن الدستور في البلد, وهنا اقول ان البوليس بيضمن القانون, لكن الجيش يضمن الدستور, الدستور باعتباره عقد الرضا والعيش المشترك بين المواطنين, والجامع والمبني علي الرضا والقبول والفهم.
والبوليس يضمن القانون بالإجبار, الجيش في كل حتة في الدنيا هو ضامن الدستور, وهو المكلف بحماية الشرعية كما هو مكلف بحماية الحدود, لأن الحدود جزء من شرعية الوطن وسلامته ومكانه, طبيعي ان الجيش في كل حتة في الدنيا موجود في حيز معين من الحياة السياسية, بفاصل معقول, لكن هذا الفاصل بيتسع بمقدار ما تغتني الحياة السياسية, اذا كان فيه ارادة شعبية, ويضيق بقدر ما تضيق.
واكد: الجيش موجود فعلا بيحمي ومؤتمن علي الثورة لكي ننتقل الي الفترة القادمة ان شاء الله حتي نكون مستقرين, فيه اسئلة تانية او نظرية تانية بتقول, ان هذا الاستعجال اللي احنا فيه في تحقيق فترة انتقالية سريعة عشان نوصل بسرعة قد يؤدي إلي فترة غير ناضجة بعد الفترة الانتقالية وتبقي ديمقراطية معيوبة ويحصل مشاكل كتير في البلد فيبقي سبب ان يحصل انقلاب حقيقي عسكري وقد تكون دي احد المشاهد اللي نشوفها في المستقبل.
هيكل: انا معنديش قلق من حكاية انقلاب عسكري, انا اري هذا مستبعد جدا, لأسباب كتير قوي, قاعد تتصور انت حكم عسكري بحت علي طريقة امريكا اللاتينية او علي طريقة الديكتاتوريات الكارتونية اللي احنا شوفناها في العالم العربي, هذا في اعتقادي غير وارد لأسباب كتير قوي: اولا, انت بتكلم علي85 مليون علي كتلة انسانية مهولة, كتلة تتصور انها كانت نائمة لكنها لم تعد نائمة, وبقي فيه امكانية خروج وحيوية.
واضاف: أنا لست خائفا من الانقلاب العسكري( بالعكس انا شايف الجيش مستعجل), لكني يخيفني اكثر هو الخوف من الخوف علي رأي روزمان, رئيس امريكي سابق, انا بس الحاجة الأساسية, ان انا حاسس ان الحقيقة في مصر اكبر من هذا بكثير( ليس حقيقة ان فلان سرق او خد ارض فهذا نعلمه) ولكن فيه حقائق أكبر من هذا جدا) ان الحقيقة في مصر هذه اللحظة موجودة داخل صندوق مغلق. ولا أحد يريد أن يفتح هذا الصندوق, عايز اقول لك ان مبارك تنازل بأسهل مما قدر له كثيرون, انت بتكلم عن راجل قبل بيان التنازل بالتليفون, هو في شرم الشيخ والناس اللي بيطلبوا منه التنازل في القاهرة, لأنه كان تقريبا وصل لأنه خلاص, البلد اولا تمردت عليه, ثم انه لم يعد فيها شيء يؤخذ كغنائم, خلاص يعني تلاتين سنة يا راجل وانت بتتكلم علي حاجة تترية وهمجية.
اللي انا خايف منه مش ده, اللي انا خايف منه اكتر الاستعجال, او الطللسأة, ماحدش عايز يواجه الحقيقة ولا التبعات المترتبة علي الحقيقة.
واوضح ان هناك حقائق استراتيجية في هذا البلد غايبة كتير قوي, فيه ارتباطات وتعهدات كتيرة غايبة, فيه موقف اقتصادي لا اعلم تفاصيله, فيه موقف مالي ملتبس, فيه موقف عربي.
وقال: انتوا عملتوا زي اللي طلع علي سطح القمر وبعدين قال عايز ايه.. وصلت لسطح القمر.. فقال عايز كيلو كباب!!.
وتطرق الي المرة الاخيرة التي قابل فيها الرئيس السادات بصورة شخصية,فقال: قابلت للمرة الاخيرة واتفقنا ان نكون أصدقاء, وسألني اذا كنت سامر عليه ام سيمر علي, فقمت بالمرور عليه في منزله, واصطحبني بعدها في سيارته, وذهبنا لنادي الرماية بالهرم, وعرض علي بعض المناصب وقتها, مثل مستشار له, وقلت له وقتها, اذا كنت اختلف معك ونحن اصدقاء, فماذا سيحدث اذا عملنا معا واعتذرت وقلت أني سأتفرغ للكتابة.
وتذكر هيكل بعض تفاصيل هذا اللقاء, وروي اجابته علي سؤال وجهه له الرئيس السادات, حول رؤيته لما يجب ان يكون في الفترة القادمة-وقتها-, فقال هيكل: حاجتين مهمين, الأولي: كل الطقم اللي بني السد العالي لا تدعه يتفرق واعمل هيئة تجمعهم.. النقطة الثانية اجمع المشير احمد اسماعيل, وكل قادة حرب اكتوبر, واجعلهم اساتذة في الكلية الحربية, لانه تنقصنا مدرسة في العسكرية, وهؤلاء خاضوا تجربة مهمة في الحرب.. فيجب أن يدرسوا تجربتهم, وتنشأ مدرسة عسكرية جربت وعاشت, وهذه تبقي أعظم خدمة لبلدك.
واكد, في معرض حديثه عن التجارب العسكرية المصرية, ان الحروب مع اسرائيل لن تنتهي, وأن هذا البلد بموقعه ومسئولياته وامنه, يحتاج لجيش قوي, وهو ما يمكن ان تبنيه مع الوقت, ولكن تجربة القتال هو ما استفدنا به من حرب اكتوبر.
وفي اجابه علي احد اسئلة الشباب الخاص, بانحصار الدور المصري افريقيا, واثر ذلك علي تفاقم ازمة علاقاتنا مع دول حوض النيل, قال: مصر زمان كان عندها اهتمامات بالقارة الإفريقية, وكان فيه مشاريع قوية علي اساس رأس مال واستثمارات, وكانت مظلة لكي نتحرك تحتها في الاقليم الافريقية.
الاستراتيجية الوطنية العليا لأي بلد تقوم علي مصالحها.. ويجب أن تسبق هذه المصالح رؤي, مثل ان تتحدث عن حصاد ما تزرع, دون ان تتطرق الي مواردك والبذور التي استخدمتها في الزرع. فلا يجوز ان تتكلم عن الثمار والمكاسب قبل أن تزرع.
واشار محمد حسنين هيكل, في حواره مع الشباب, الي ان مصر دائما ما كان لها تواجد في أفريقيا, والتعاون في كل المجالات مع مختلف دول القارة, ولكن لابد أن يوجد مشاريع تستمر وتستثمر ذلك خاصة انك وقفت وراء القارة, وحركات الاستقلال فيها, التي خلقت لك نفوذ, وهو ما كان يجب ان لا يتوقف, لكي يعود بمردود عملي, او حتي مادي اذا اردنا ان نقول ذلك, ولكن لا تستطيع أن تطالب بمصالح هناك دون أن توجد لديك مسئوليات.
وقال: نحن أثرنا أن ننسحب من افريقيا دون أسباب أعرفها, عمال تقولي مصر أولا, وأنا قاعد داخل الحدود الإفريقية.. مصر أخر بلد يمكن أن تبقي داخل حدودها, وكنت انزعج جدا من حديث الرئيس مبارك, عن أن امن مصر يبدا من الحدود, وهذا خطأ, امن مصر الحقيقي يبدأ مع اول منبع للنيل, قد يكون ذلك? يقصد الالتزام بالحدود الجغرافية- مقبولا في دول مثل امريكا او رسيا, لديها قدرة علي ان تكتفي داخليا, اما انت فتحتاج الي ان تنتشر وتدافع عن مصالحك.
وتطرق الاستاذ هيكل في معرض اجابته علي الانسان المصري, وما يجب ان يهتم به في المستقبل فقال,: كل شعب في الدنيا لابد أن يتقدم بشكل أو أخر في علاقته الجدلية مع السلطة.. والشعب المصري يضحك عليه بطريقة غير طبيعية, لأنه شعب زراعي وجالس ويريد أن يتفاءل.. مرة كتبت عن أوباما, وطلبت الا نفرط في التفاؤل, في مقالة, فوجدت تعليق في بريد القراء, قالوا لي بشر ولا تنفر.
واضاف: جزء من المصائب التي نقع فيها راجعة إلي طبيعة الشعب المصري, نحن نصدق بسهولة دون أن ندرس وهناك استسلام للمقادير.. أنا اعتقد أنك تحصد الحكام الذين تستحقهم.
وسأل هيكل.. احنا اتفقنا علي إيه قبل كده؟ النظام الملكي جاء وصدقناه, وبعد فترة طويلة غضبنا عليه, ثم جاء عبدالناصر واختلفنا معه, ثم السادات وهكذا..
وقال: آن الوقت أن نتعلم من الدرس, وأن نشارك في تطوير بلادنا, ونكن جادين فيما نقوم به, فلا يعقل أن نقوم بهذه الثورة, وبعدين في الأخر تقولي امضي استمارات, وتقول نعم أو لا, وعلم علي علامة بيضاء وحمراء, علي راسي ذلك, ولكن هذا منتهي الطموح.. يجب أن نقف وقفة جادة, ونعرف هنعمل ايه دلوقتي؟!
وبسؤاله عن الخطوات التي ينصح بان نقوم بها الان, قال أهم حاجة تعرف انت فين أولا.. لا يمكن نعمل اي حاجة, إلا إذا أدركت أين نحن.. قل لي اين أنت وإلي أي مدي مستعد, وما هي الوسائل التي لديك. ودعا الاستاذ هيكل, الي البدء الفوري في حوار وطني شامل, لا يستثني أي قوي, ويتيح الفرصة للجميع ان يعرضوا رؤيتهم. عاوز تقولي ان بعد كل هذه السنين السابقة, لست في حاجة إلي ان يجلس هذا البلد في شكل مجتمع شامل لنعرف أين نحن!!
واكد ان مثل هذا حدث في أمم كثيرة.. ماذا فعلت عندما جاءت مرحلة انتقال عام1961 عندما حدث انفصال في سوريا دعونا لمؤتمر لكافة القوي الوطنية, وجلسوا علي شكل مؤتمر جامع, أنا لا أريد حزب او رجل معين ينفرد بتقرير مستقبل دون أن يكون فيه صالحا.
وقال: كل أمة تواجه لحظتين مهمتين في حياتها, لحظة تأسيس ولحظة الاختيار; والثانية تكون مرتبطة بحرية الاختيار بين بدائل.. ولكن لا يمكن ان تتمسك بحق الاختيار دون أن تعرف الحقيقة وأين تقف.
هذه الاسئلة آرسلها الشباب علي مدي اسبوع علي الشبكة العنكبوتية والفيس بوك وتويتر وقام موقع مصراوي بتجميعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.