لا شيء أخطر من الخوف؟! فلقد تصدر المشهد الآن.. وأصبح التخلص من الخوف الهاجس الأكبر للجميع في مصر وبقية العالم العربي.. وهو خوف مشروع من أن تفشل الثورات الشعبية في أن تجيء بديمقراطية حقيقية.. وأن تحسن من أوضاع الناس.. بل تذهب الظنون بالبعض إلي حد التخوف من أن تختطف الثورة أنظمة ديكتاتورية.. وينتهي بنا المطاف إلي ديكتاتورية عسكرية خانقة.. أو دولة دينية منغلقة تجعل الناس يترحمون علي أيام بن علي في تونس.. ومبارك في مصر! ويبدو أن هذه الهواجس وحدها لا تكفي.. بل انضم الكتاب في الغرب ليضيفوا إلي المخاوف.. فها هو ناتان شارانسكي يقول بلا مواربة: إن الدول العربية تعمل من أجل إعادة إنتاج نظام مبارك وحكم بن علي من خلال المؤسسات العسكرية.. أو الإخوان المسلمين. وأحسب أن المصريين جميعا.. برغم تقديرهم الكبير لدور المؤسسة العسكرية في احتضان الثورة.. وتبنيها لمطالب الشعب المشروعة.. فإنهم يشعرون بشيء من الخوف.. والسؤال العريض الذي تنطلق منه جميع المخاوف: ولم لا يطمعون في السلطة.. وهل صحيح أنهم سوف يتنازلون عن حكم البلاد بهذه السهولة.. وما المانع في أن يتم اختطاف الثورة والاكتفاء بما تحقق.. ثم لماذا لا يتم التحرك بسرعة لإسقاط أركان النظام البائد؟ ولم لا تتم محاكمة وإدانة وعقاب لرموز الفساد بسرعة؟ وأين أموالنا المنهوبة؟ وأين ثمار الثورة؟ ولم لا تتحقق مطالبنا الفئوية بسرعة؟ وأخيرا أين الأمن؟ وسؤال يناقض ذلك كله: لماذا المجلس العسكري يتعجل الرحيل ويرغب في إجراء تعديلات دستورية بدلا من دستور جديد؟ لماذا لا يتم البناء للعهد الجديد بتمهل وعلي أسس سليمة؟ ولما لا يتم مد الفترة الانتقالية لمدة عام أو عامين؟! ويبقي أن ذلك كله طبيعي ومفهوم في ضوء غياب الثقة علي مدي عقود كثيرة ما بين الشعب والحكم.. وما يلخص ذلك المقولة البليغة مصر.. شعب بلا حكومة.. وحكومة بلا شعب. فلقد اختار كل منهما لفترات طويلة أن يصرف أموره بعيدا عن الآخر.. والآن لم يعد ذلك ممكنا.. والضمان الوحيد لتبديد المخاوف كلها أن يؤمن الشعب بقدرته علي فرض إرادته.. وأن يقرر مصيره.. وإذا كان الشعب المصري قد أسقط الطاغية.. فهو وحده الذي يستطيع أن يسقط بقية نظامه.. وألا يسمح بفرعون جديد.. إلا أن عليه أن يدرك أن ما يمر به هو آلام مخاض سبق لشعوب أخري أن مرت بها.. لذا علينا التخلص من الخوف! المزيد من أعمدة محمد صابرين