في ظل الظروف الراهنة وملابساتها المتعلقة بقضية الجداول الانتخابية ودور قاعدة بيانات الرقم القومي في علاج تشوهاتها, تصبح المهمة العاجلة أمام كل المهتمين بهذا الأمر هي حث لجنة تعديل الدستور والقوانين المكملة له ومن بينها قانون مباشرة الحقوق السياسية. علي الأخذ بالتعديلات العشرة المقترحة وتضمينها في قانون مباشرة الحقوق السياسية المعدل, لتؤسس لنظام وإجراءات جديدة في بناء الجداول الانتخابية, تستند إلي الفكرة الجوهرية القائلة بجعل قاعدة بيانات الرقم القومي هي المنتج الوحيد للجداول, وفيما عداها مستخدمين, لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ترسم دورا محددا محصنا بقوة القانون لقاعدة بيانات الرقم القومي في العملية الانتخابية, وتفتح الباب لجعل البيانات والمعلومات المنتجة والمتداولة في الجداول دقيقة ومحدثة ومعبرة عن هيئة الناخبين, ومن ثم تكون جديرة بالثقة ونظيفة من أي عوامل إفساد أو تشوه, كما أنها الطريقة الوحيدة التي ستقطع الطريق مستقبلا علي أي محاولات سافرة أو مستترة للتلاعب بالجداول الانتخابية. وإذا ما تم إقرار التعديلات المشار إليها في القانون وحصلنا علي جداول انتخابية جديرة بالثقة, سنكون علي أول الطريق نحو انجاز المهمة الآجلة, وهي الانتقال إلي مرحلة تغيير طرق وآليات التصويت نفسها, سواء بإدخال الحاسبات إلي لجان التصويت أو الاعتماد علي ماكينات مخصصة للتصويت كما هو الحال في الهند, أو التفكير في الاستعانة بالإنترنت أو شبكات اتصالات مغلقة مؤمنة لإدارة وتشغيل نظم تصويت إلكتروني مركزية أو لا مركزية. وهذا التتابع الزمني في المهام لا يقلل من أهمية مرحلة تجاه الأخري, لكنه يرتب أولويات من الخطر الشديد تجاوزها, لأن الحديث بكثاقة عن تكنولوجيات ونظم التصويت الإلكتروني وإدخال الحاسبات للجان التصويت بأي صورة من الصور قبل تجهيز البيانات الخام والحصول علي جداول انتخابية سليمة جديرة بالثقة ومحصنة ضد الإفساد بقوة القانون, هذا الحديث سينقل الفساد الورقي إلي الانظمة الإلكترونية ويقودنا لنتائج غير مقبولة, وفي هذه الحالة لن نخسر فقط نزاهة الانتخابات, ولكن سنخسر معها مصداقية التحول إلي المعلوماتية في الوقت نفسه, مما يجعل الدعوة للتصويت الإلكتروني الآن هو حرق للمراحل, وقفز علي واقع معقد سيعود بنا إلي نقطة الصفر بسرعة أكبر مما نتصور.