رأينا علي مر التاريخ ومع كفاح الأمم للحصول علي حريتها من خلال الثورة علي الفساد والاستبداد, أن أنجح هذه الثورات والانتفاضات شهدت مرحلة من الفوضي والاضطراب, وأن كل ثورة كانت لها ثورة مضادة, أشبه بنوع من عمليات العلم الكاذب. وما مصر عن هذا ببعيد لقد عاشت مصر فترة وجيزة من الهدوء النسبي قبل انفجار حملة التشويه الأخيرة, والتي هاجمت كثيرا من الشخصيات المرموقة والجديرة بالاحترام, بل وصلت إلي مهاجمة شخصيات علي رؤوس كبري المؤسسات الدينية مثل فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية لتنشر الأكاذيب الأخلاقية علي فضيلته. تداولت عناوين الاخبار في الأيام القليلة الماضية ما زعم انه وثائق سرية تم تسريبها بعد قيام مجموعة من مثيري الشغب باقتحام مكاتب أمن الدولة في أنحاء الجمهورية. وقد أوضحت هذه الوثائق التي ظهرت وكأنها وثائق سرية كيف ان جهاز أمن الدولة اخترق كل الحدود في التجسس علي الناس. تم العثور علي أكوام من الوثائق الممزقة, لكن بقايا هذه الوثائق والتي تم حفظ بعضها وتصويره عدة نسخ. كانت تسيء لسمعة عدد من الشخصيات الموقرة التي كانت دوما ولا تزال تنال احترام الناس وثقتهم عبر أنحاء البلاد, ليعيد هذا إلي الأذهان العملاء المحرضين المشهورين وكان من بين الادعاءات هو ما كان متعلقا بشخص فضيلة الدكتور علي جمعة والتي ادعت أن فضيلته تزوج عدة مرات, من غير تقديم أية أدلة علي هذا, ناهيك عن أن الوثيقة لم تظهر أدني دليل علي مصداقيتها أو أية دلائل رسمية. وبالرغم من أن هذه الادعاءات المغرضة أثارت غضب فضيلة المفتي, لكنه رفض من البداية أن يعلق علي هذه التلفيقات, مدركا أن هذا هو جزء من الفوضي التي تعقب الثورة, والتي تنبأ أن البلد سوف تجتازها بعون الله وبوعي شعب مصر العظيم, حيث حققت الثورة هذه المكاسب التي لم يكن أحد يتصورها ويجب ألا نرجع إلي الوراء. من المعروف أن فضيلة الدكتور علي جمعة والذي يحظي بشعبية واحترام ومحبة كبيرة بين مختلف طوائف وطبقات المجتمع المصري, لم يسع يوما لأية رغبات قيادية, منكرا لكل ما يراه من ممارسات خاطئة من صور الفساد الذي يدمر المجتمع. وردا علي أسئلة الصحف أنكرت ما وصفته بأنها محاولات ابتزازية من بقايا النظام المخلوع, مؤكدا أن مثل هذه الدعاوي لا تمثل أية أهمية لفضيلة المفتي, الذي استأنف عمله بشكل طبيعي, وحضر اجتماعاته, من غير أن يعير أدني قدر من الاهتمام لهذه الاكاذيب المسربة ضد شخصه الكريم. لقد تناولت هذه التسريبات كل رموز الوطن والصحفيين ولم تدع أحدا وبالأخص تلك الشخصيات التي تحظي بقدر من الحب والاحترام بين غالبية الشعب. ولا تزال البلاد تشهد بعض صور الاضراب مثل أعمال التوتر التي تبذر الفتنة بين المسلمين والمسيحيين, والثورات المؤسسية المنظمة, وغيرها من الأعمال والتي وصفها المحللون بأنها جزء من مخطط يستهدف مصر ما بعد الثورة وليس لها هدف سوي تشويه الثورة وإخفات نجاحها. لكن المصريين عبر التاريخ أظهروا عزما أكيدا في مواجهة الأزمات, وستظهر البلد وتعلو فوق تلك التفاهات وهؤلاء المخربين, وستتحد لتظل الأقوي للأبد, وستظل الشخصيات الكبيرة مثل الدكتور علي جمعة وغيره يخدمون تراثهم متخطين كل العقبات التي تهدف إلي عرقلة سيرهم. وأخيرا أقول لمن لايعرف الشيخ جمعة عن قرب ذلك رجل طبعت عليه محبته لله ورسوله صلي الله عليه وسلم بنور علي وجهه يشرح الصدور ويثبت الأقدام. وأقول للخائضين في أعراض أهل الدين والعلم والتقوي: أن لحوم العلماء مسمومة فاحذروا أن تخوضوا في هذا السم.. اختلفوا معهم في الشأن العام فهو للرأي والرأي مشترك, لكن احترموا هيئاتهم فإنها من شارات الدين نفسه. والله تعالي أعلي وأعلم