متابعة: هاني فتحي - نهاد سمير رأيت في منامي أكثر من مرة أني أقف إلي جوار الرئيس السابق محمد حسني مبارك, وأسلم عليه يدا بيد, ولكنه ليس حلما فقط, وإنما كانت أمنية حياتي أن أشاهده عن قرب. بهذه الكلمات بدأ أحد أفراد عائلة مبارك في كفر المصيلحة كلامه, ولاداعي للاستغراب من أن يكون هذا هو حلم أفراد عائلته. حيث أن الرئيس السابق لم يقم بزيارة مسقط رأسه منذ أكثر من60عاما إلا مرة واحدة كانت عندما توفي عمه( ابن عم والده) الدكتور سعيد مبارك عام1977, حيث كان مبارك وقتها قائدا للقوات الجوية وكأن هذا الكفر لم يكن موجودا بعد ذلك داخل محافظة المنوفية, ولكن علي الرغم من هذا الجفاء فإن أفراد عائلة مبارك انشقوا مابين مؤيد ومعارض للثورة علي نظام حكم ابنهم, فكان لنا هذا اللقاء مع بعض أفراد عائلة الرئيس المخلوع. بدأ عبد العزيز مبارك(77 سنة) والذي عمل لعدة سنوات إلي جوار الرئيس السابق بالقوات الجوية كلامه قائلا: أن مبارك عرفناه منذ طفولته وشبابه بالاجتهاد والتفوق في الدراسة لدرجة انه كان منعزلا تماما عن أطفال وشباب العائلة, ولايهتم سوي بالمذاكرة إما وسط الحقول بالكفر أو داخل مسجد عبد العزيز باشا فهمي وزير الحقانية وقتها, وإذا ترك الاستذكار مارس الرياضة التي كان يعشقها, وبسبب تفوقه الدراسي وحبه للرياضة وجد أن الكلية الحربية هي المكان الأمثل لتحقيق أحلامه وطموحاته إلا أنه لم يكمل دراسته بها حيث اختاره قادة الكلية الجوية هو وبعض زملائه لتفوقهم وجسارتهم ليستكملوا دراستهم ويتخرجوا طيارين. وأضاف الحاج عبد العزيز أنه يتعجب مما سمعه عن الفساد الكبير الذي أحاط بالرئيس طوال السنين الماضية, حيث أكد أن مبارك الطيار ليس هو مبارك الرئيس لأنه خلال عمله بالقوات الجوية ثم قائدا لها كان مثالا للمتابعة والإشراف بنفسه علي كل كبيرة وصغيرة تخص عمله لدرجة أنه كان يبيت بالمطار الحربي قبل زواجه حتي في اجازاته ويضيف: أذكر له مواقف تؤكد كلامي عندما قام نقيب طيار بإجراء اختبار أرضي لطائرة من طرازTU الروسية إلا أن رعونة النقيب تسببت في اشتعال محركها وكادت الطائرة أن تنفجر والمطار بأكمله لعدم استخدامه وسائل الإطفاء بالطائرة, فما كان من العقيد طيار محمد حسني مبارك إلا تعنيفه بقسوة, وعاقبه بخصم ثمن هذا المحرك من راتبه قائلا عبارة مازالت أصدائها في أذني لازم تدفع ثمن المحرك لأنه من فلوس الشعب. أما الجانب الإنساني منه فكان يظهر جليا في تعاملاته مع المجندين حيث كان يجلس ليتناول طعامه معهم ويستمع إلي أحاديثهم ومشاكلهم ويساهم بقدر مايستطيع في حلها, ولكننا كنا نراه شخصا آخر في أوقات العمل الرسمية من حيث الصرامة والشدة والحزم, لدرجة أن هؤلاء المجندين وبقية الضباط إذا شاهدوه في مكان داخل المطار كانوا يهرولون بعيدا عنه حتي لايراهم, ومن هنا لاحظت مثل بقية من عرفوه قبل توليه الرئاسة كم الاختلاف بين مبارك الطيار ومبارك الرئيس. ويقول ابن عم الرئيس بسبب هذا التحول في شخصيته فإنني ألومه لوما شديدا في تهاونه وتركه لمقاليد المسئولية الكبيرة الملقاة علي عاتقه ل الشلة من الفاسدين ومعدومي الضمير الذين استباحوا قوت الشعب وثرواته. وأضاف الحاج عبد العزيز: إنني أعتب علي مبارك في اتخاذ قراراته والخروج المتأخر علي الشعب بخطاباته حيث بدأ وكأنه يتعمد البطؤ الفترة من25 يناير وحتي يوم11 فبراير, لأنني أعرف عنه سرعته في دراسة واتخاذ القرارات بطبيعته كطيار. وأوضح أن أن قرار التنحي كان لابد أن يأتي منذ نهاية ولايته في عام2005لأن صحته كانت متدهورة بالإضافة إلي تقدمه في السن وأعراض الشيخوخة التي كانت واضحة في خطاباته المتأخرة وقراراته الغريبة وغير الواضحة, وفي نهاية حديثه تمني له عبد العزيز الشفاء والرحمة. وقال زكريا مبارك(55 سنة) موظف أن مايربطنا بحسني مبارك هو الأسم فقط بسبب قطعه صلة الرحم مع أهله منذ أكثر من60عاما, وأنه لم يكن يشاركنا أفراحنا وأحزاننا وكان يتعمد عدم دعوتنا في أفراحه ولم يترك لنا الفرصة لمشاركته أحزانه, فمن المناسبات السعيدة التي لم يدعونا لها هي زواجه بسوزان, مخالفا بذلك عادات وتقاليد أهل الريف, وكذلك زواج علاء وجمال حيث أننا علمنا بزواج كل واحد منهما مثلنا مثل بقية المواطنين, كما علمنا بوفاة والدته من نشرة أخبار الساعة التاسعة مساء وكان وقتها نائبا للرئيس السادات, حيث قام بدفنها بمشاركة الرئيس الراحل ولم نحضر معه, إلا أننا فور علمنا بالخبر توجهنا إلي القاهرة للعزاء حرصا منا علي صلة الرحم, وكنا نعتقد أننا سنواه في العزاء إلا أنه لم يحضر بسبب مقابلته أول وفد إسرائيلي يزور القاهرة عقب اتفاقية كامب ديفيد. ويضيف الحاج زكريا أن من الطبيعي عند نجاة أحد أقاربك من الموت تسارع أنت وبقية الأهل بالاطمئنان عليه وزيارته ولكن عائلة الرئيس السابق لم تتمكن من القيام بالواجب تجاهه عند عودته ناجيا من محاولة اغتياله التي وقعت في أديس أبابا, لأننا لم نتمكن من التوصل إلي طريقة نستطيع من خلالها زيارته والاطمئنان عليه فهو لم يتح لنا هذه الفرصة, كما هذا تسبب في ان نتجاهل العزاء في حفيده محمد علاء علي الرغم من اتاحته لجميع المواطنين في مسجد عمر مكرم وكان هذا ردا علي عدم مشاركته لنا في افراحنا أو احزاننا لكن احقاقا للحق فان زكريا عزمي كان له دور كبير في عزل الرئيس عن عائلته حيث كان بمثابة سور حديدي ليس بينه وبيننا فقط وإنما عن كفر المصيلحة بأكمله ولا أبالغ في قولي انه منع الرئيس من التواصل مع شعبه. وأشار إلي أنه يعتقد أن امتناع الرئيس السابق عن التواصل مع أهله ومنعهم من الوصول إليه حتي في المناسبات هو السبب في المنام الذي يراه كثيرا حيث يري انه يجلس بجوار مبارك ويسلم عليه يدا بيد ويؤكد أن هذه الرغبة ليست حلما فقط وإنما أمنية يتمني تحقيقها في الواقع. لكن سعيد محمد الدمرداش مبارك(67سنة) موظف سابق بالكهرباء يؤكد أن الرذيس مبارك كانت لديه الكثير من الصفات الحسنة وأنه يكره المحسوبية والوساطة وكان محبا للعمل لدرجة أنه يفضله علي بيته لذلك لم ينل أي ترقية خلال عمله بالقوات الجوية إلا بكفاءة ومجهوده فقط والدليل علي ذلك أنه لم يضع أي فرد من أفراد عائلته في السلطة سواء وزيرا أو محافظا. ويؤكد سعيد أن الرئيس السابق كان يتعمد بشكل أو بآخر ابعاد كل اقاربه عن توليهم أية مناصب في النظام فعلي سبيل المثال كان الدكتور مهندس أمين مبارك يعد بشهادة كبار الخبراء في مجاله من أصلح الشخصيات لتولي منصب وزير الصناعة وبالرغم من ذلك لم يأت به مبارك وزيرا وهناك ايضا اللواء علي مبارك الذي تدرج في الترقيات بكفاءة ما بين مصلحة الأمن العام والجوازات وعضويته في المجلس الأعلي للشرطة إلا أنه لم يتولي منصب وزير الداخلية. وأضاف سعيد أنه علي الرغم من هذه الصفات لكنه مثل أي إنسان لا يخلو من السلبيات التي تجسدت في حبه للسلطة مما دعاه إلي الاستمرار في الحكم علي الرغم من بلوغه سنا لا تسمح بالقيام بمثل هذه المهام الجسيمة إلي جانب إصابته بالعديد من الأمراض المزمنة مما اضطره إلي عدم المقدرة علي متابعة كل شئون الدولة فقفز اصحساب المصالح علي شئون الدولة التي حولوها إلي عزبة خاصة ومن هؤلاء زكريا عزمي وصفوت الشريف وأحمد عز بمباركة من سوزان وجمال طمعا منهما في اقتناص السلطة فسوزان مبارك أرادت الاستمرار في حياة الترف حتي وان توفي زوجها ولن يتحقق ذلك إلا بتولية ابنهما جمال الحكم فمن هنا جاء الإعداد لمشروع التوريث الذي قضي علي تاريخ ابننا. فجأة وبدون أية مقدمات شعرنا أننا أمام أحد ثوار ميدان التحرير عندما باغتنا الشاب بشير أحمد فؤاد مبارك(36سنة) فني في شركة بتروجاس وفي نبرة حادة وثائرة قال: أنا مع الثورة بكل مطالبها منذ بدايتها وكنت أشجع طلبها الأكبر في ضرورة تنحي مبارك لأنه من وجهة نظري المسئول الأول والأخير عن الفساد الذي استشري في مصر فهو من جاء بالفاسدين وتركهم يفسدون ويسرقون وينهبون دون أي حساب متغاضيا عن أفعالهم الشنعاء وأخذ يؤكد ويكرر أنا ضد مقولة ان الرئيس معذور وأنه نظيف اليد وان الحاشية الفاسدة المحيطة به أخفت عنه الحقيقة بما تعانيه مصر من أزمات ومعاناة شعبها من بطالة وفقر ومرض وسوء خدمات ونهب الثروات وتحويلها إلي الخارج من قلة قليلة فسدت وأفسدته فكيف لا يباشر مهام عمله كرئيس مسئول عن الشعب ويعتمد علي أوراق وتقارير مزيفة بعدها له من هم ليسوا أهلا للثقة. وأضاف بشير أنه مع تعديل الدستور الذي تم تفصيل مواد دستورية به تدعيما لفكر توريث نجله الحكم فأنا ضد أن يؤول الحكم لجمال أو علاء.ويقول بشير: إن قرار تنحي مبارك لم يكن مفاجأة لي لأنني اعتبره كما اعتبره الكثيرون مثلي أنه أعلن تنحية عن الحكم ضمنيا لحفنة من المرتزقة منذ سنوات عديدة بدأت بدخول جمال في الحياة السياسية والذي بدوره تسبب في صعود أشخاص طامعين في السلطة والمال إلي أرفع المناصب السياسية مثل لاعب الدرامز الذي أصبح في فترة قريبة حسب تقرير جموع المواطنين الرجل الثالث سياسيا, أنا بالنسبة لي فهو الرجل الثاني بعد رئيس الدولة حيث ان جمال كان يرضخ لكل توجيهاته في سبيل الوصول للحكم دون وجه حق عن طريق تفصيل القوانين وقدرته الخرافية في تزوير الانتخابات البرلمانية مما أفسد الحياة ليست السياسية فقط وإنما كل أوجهها بشكل عام ذلك بالاضافةإلي سوزان وزكريا عزمي وصفوت الشريف وأحمد فتحي سرور. لكن بعد هدوء ثورته عاد وقال إنني اطالب بعدم محاكمة الرئيس مراعاة لكبر سنه وتدهور حالته الصحية وأنه قبل دخول ابنه للسياسةقدم خدمات كثيرة للوطن خاصة في الشئون الخارجية للبلاد. تلك كانت آراء بعض أفراد عائلة الرئيس السابق محمد حسني مبارك وهم أقدر علي وصف الجانب الإنساني لشخصيته والذي بدوره يتحكم في تصرفاته فهل ابتعاده عنهم ومنعهم من الوصول إليه يتشابه مع تجاهله لهموم المواطنين ومشكلاتهم.