باسم صادق: سؤال واحد يحير الكثيرين في شوارع القاهرة حول سر هذا العلم الذي رفعته الجاليات الليبية بكل بلاد العالم في وجه القذافي, واعتمدوه رمزا لثورة الحرية, هل تم اختياره بشكل منظم؟ أم اتفق عليه الليبيون ضمنيا وتلقائيا؟ ولماذا هذا العلم بالذات؟ بعض أفراد الجالية الليبية بالقاهرة رفعوا أصواتهم أمام مقر الجامعة العربية بميدان التحرير وامام سفارتهم بالزمالك مطالبين بالحرية التي سلبها منهم القذافي طوال42 عاما, وروي بعضهم للأهرام تفاصيل ما تعرضوا له من قهر علي يد القذافي وعائلته ونظامه. في البداية قال إبراهيم عتمان: أنا ليبي من بنغازي ولاجئ في مصر منذ حوالي ست سنوات, واتمني أن نحتفل قريبا بمسار ليبيا الطبيعي, ويعود آلاف الليبيين المشردين لوطنهم لبناء الوطن من جديد. تعرضنا أنا وزوجتي وحتي اطفالي للسجن في ليبيا, فجئنا لمصر ورغم أننا مسجلين في الأممالمتحدة إلا اننا لا نملك بطاقات صفراء أو زرقاء توضح ذلك بسبب عدم التصديق عليها من قبل أمن الدولة في مصر, وقد تعرضنا أكثر من مرة للتسليم للسلطات الليبية رغم كوننا لاجئين, كما اننا مسجلين في منظمة هيومان رايتس ووتش والمنظمة العربية لحقوق الإنسان, ولم ننقطع يوما عن التظاهر امام السفارة الليبية للمطالبة بحقوقنا, وقد تعرضت للسجن للمطالبة بحقوقي, منها استرداد ممتلكات خاصة بوالدي سطا عليها القذافي, وهو ابسط حقوقي, وقد تم القبض علينا حينما تظاهرنا أمام مقر باب العزيزية وهو مقر إقامة القذافي, باعتباره سبب البلاء وصاحب إصدار تلك الأوامر, ولم يأت هذا التظاهر إلا بعد أن خطوت العديد من الخطوات الطبيعية والشكاوي لكل الجهات الرسمية لاسترداد تلك الممتلكات ولم أتظاهر إلا بعد ان تجاهلني الجميع, حتي ان زوجتي تم سجنها ذات مرة هي وأطفالي حينما كنت في مصر للضغط علي ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد أن تظاهرت امام السفارة الليبية هنا في القاهرة, ولكن مقابل ان نظل هنا في القاهرة ولا نعود إلي ليبيا ابدا, وقد روي لي أطفالي أنهم شاهدوا امرأة في المعتقل تحمل اسنانها في يدها بعد أن تساقطت بسبب ضربها. اما أروي محمد يوسف المقريح فقد قالت: أقيم في مصر منذ عام1984, العلم الذي نحمله في التظاهرات رفعناه نحن الليبيين في عشية وضحاها, فهو علم عزيز جدا علي الليبيين لأنه علم الاستقلال, فعندما قامت ثورة الاستقلال عام1951 تم استفتاء الليبيين علي اختيار هذا العلم فاختاره أجدادنا الذين حاربوا إيطاليا وبعد مجيء انقلاب القذافي, استبدل العلم والليبيون يريدون مسح فترة حكم القذافي من حياتهم لذا رفعنا جميعا هذا العلم دون أي اتفاق مسبق لأننا لم نلتق علي الفيس بوك أو خلافه للاتفاق علي هذا فثورتنا تلقائية تماما, فالجميع يشعر بالحنين لهذا العلم باعتباره رمزا للفترة التي سبقت حكم القذافي, وليس هناك ربط بين الرجوع للملكية وهذا العلم لأن الملكية انتهت والملك إدريس السنوسي لم يخلف ولي عهد, والليبيون يشعرون بامتنان عميق لما قدمه, لذا فهذا العلم هو علم الاستقلال الذي حارب من خلاله اجدادنا. الثورة في مصر اثرت كثيرا علي الليبيين, لأن ما واجهه الليبيون من القذافي لم يواجهه اي شعب آخر, من الجبروت والطاغوت والقمع والقتل, فلم أر يوما أي زعيم عربي يفكر في جلب مرتزقة بأموال شعبه لكي يقتل شعبه نفسه, فهي سابقة غريبة جدا لم يلجأ إليها إلا القذافي, فالليبيون تأثروا جدا حينما شعروا بتحرك الأوضاع في تونس ومصر, خاصة أن الثورة المصرية كانت ملحمة بطولية دفعت الليبيين إلي الرغبة في تغيير اوضاعهم, ولكن مشكلة ليبيا هي عدم وجود مراسلين صحفيين هناك حتي وقت قريب جدا. الليبيون لديهم تاريخ طويل جدا مع القذافي فقد قام من قبل بقصف شعبه علي الجبل الأخضر بالنابالم, وبرر ذلك امام العالم بأن هؤلاء ينتمون للجماعات الإسلامية رغم عدم وجود فكرة الأصولية الإسلامية في ليبيا. القذافي جرائمه معروفة ولكننا نسأل فقط: لماذا لم يتحرك أحد من علماء الدين مثل القرضاوي الذي أهدر دم القذافي اليوم, فقد تمنيت ذلك منذ أن غادرت ليبيا قبل30 عاما, فقد عشت بالمغرب قبل مصر, وقد تعرضنا لظلم بالغ من القذافي, فوالدي هو الدكتور محمد يوسف المقريح, الذي ترك ليبيا وأنشأ الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا, ولهذا تم سجن7 من أعمامي, لحوالي عشر سنوات, وتم هدم بيتنا في بنغازي, وصودرت أملاك جدي, وشركاته, وللأسف كان لدي أحد أعمامي لاجئا سياسيا في مصر ورغم هذا قام النظام المصري السابق بتسليمه إلي العقيد القذافي, وقت أن كان عبد السلام المحجوب علي رأس النظام الأمني في مصر, وقد تم قتل عمي هذا في مذبحة ابو سليم والتي راح ضحيتها أكثر من1200 سجين من سجناء الرأي, دون علم أحد. أحد أعمامي ايضا أعتقل وعمره14 عاما لا شيء إلا لمجرد التنكيل بنا, فالنظام يستخدم الأهل كرهائن وينفذ عقوبات جماعية علي العائلات, فالقذافي قطع كل العلاقات الثنائية مع سويسرا حينما قامت بسجن ابنه هانيبال حينما اعتدي هو وزوجته علي خادمتيه هناك وهو يستحق ان يسجن, أمام الحرائر الليبيات فيقتلن ذويهن ولا يتحرك العالم. واخيرا قال جمال الجبالي: أترحم علي أرواح ضحايا الثورة الليبية بسبب الحكم القهري الذي كنا نعيشه, كل الجاليات الليبية في جميع أنحاء العالم عانت من قمع القذافي لأنه رئيس عصابة سطت علي السلطة ايام الملك وكان الشعب الليبي متعطشا لوجود وحدة عربية وثورة وظهر معمر الذي لم يكن يمثل اي شيء بالنسبة للشعب الليبي ولكن كانت لديه علاقات مع مفكرين اخذ فكرهم واقام الثورة, ومنذ هذا اليوم وليبيا من سيء إلي اسوأ, وحينما تولي القذافي هتف الشعب الليبي, حكم إبليس ولا حكم الملك إدريس وبالفعل ما دعا به الشعب الليبي حدث فتولي السلطة إبليس, وبعد اربع أو خمس سنوات من بداية حكمه أدرك الليبيون جميعا أن هناك رجل مجنون يحكم البلد, فنصحه الحكماء والمثقفون بعمل إصلاحات في البلاد ولكنه قابل هذه النصائح بعمل مشانق جماعية لهؤلاء, ومنذ هذا اليوم انقسم الشعب الليبي إلي قسمين الأول هاجر من بلاده والثاني أصبحوا جبناء يخافون معرضته. القذافي ألغي الدستور الذي كان موجودا وأخرج الكتاب الأخضر الذي لم يمثل لليبيين أي قيمة واصبح يلقي القبض علي كل من له أي اتجاهات سياسية أو دينية وأعدم بالفعل الكثيرين, فاصبح الليبيون ناقمين علي اوضاعهم دون جرأة علي المعارضة, وبالفعل هناك اللجان الثورية المنتفعين من أمواله مقابل تنفيذ عملياته القذرة داخل وخارج ليبيا, وأمام ثورتي تونس ومصر حاول الشعب الليبي التعبير عن نفسه, ولكنه قابل هذا التعبير بالقمع ويصرح للجميع الآن بأنه ليس رئيس دولة, ولكنه ينفق لكي يبيد الشعب الليبي ويظل هو حيا.. ما يحدث ضرر لكل الشعب الليبي وبالتالي ربنا لن يخذلنا, لذا نتظاهر أمام السفارة الليبية لكي نمنح صوتنا لإخواننا الليبيين لأننا لا نستطيع الذهاب إليهم, ولا نملك إلا اصواتنا, والسفير الليبي في القاهرة موقفه سلبي لأنه من ضباط القذافي, بالضبط مثل موقف قذاف الدم؟