تحقيق: محمد أبو الشهود إذا أبحرت من ميناء بورسعيد في اتجاه الشمال وشئت التوقف بدءا من الكيلو(2) وتصادف صفاء المياه دون أن تعكرها تيارات بحرية أمكنك أن تري أسفل مركبك وبالعين المجردة ظلال جدران تحيط بما يخيل إليك أنها تماثيل وأشياء أخري أسماها الصيادون ب القهوة حيث يفضلون إلقاء شباكهم. ففي دروب هذا المقهي تتجول أسماك الوقار الشهيرة بميلها للعزلة فهي تمضي في رحلاتها منفردة, ولا تخشي الأسماك المفترسة فأحجامها وقدراتها تحميها بعكس ما اعتادت أسماك البوري الضعيفة التي تتزامل في جماعات.. فالمقهي بصخورها وبقايا من حطام وتماثيل هي محطات توقف وراحة ل الوقار بالذات لا ينغص هدوؤها سوي مشاغابات ومطاردات شباك الصيادين. يقولون عن منطقة مقهاهم المائي المفضل لديهم إن المنطقة تسمي ب الحمامات ويبلغ عمقها نحو7 أمتار أي ما يعادل ارتفاع أربع قامات ويقصدون بالقامة طول شخص واحد.. والمنطقة تتسلل إليها المراكب اليونانية والتي تسعي لاقتناص الآثار الرومانية واليونانية القديمة. والمزيد عن المحمديات يعرفه جيدا محمد عبد العاطي أمين متحف بورسعيد ورئيس قسم الآثار اليونانية والرومانية حيث يقول عنها: ان ما تحتضنه أعماق المنطقة إنما هو مخلفات ارتطام الأمواج بمعبد روماني وصروح حصون سقطت وتناثرت فكان منها تماثيل نصفية وأعمدة وتيجانها والكثير من الأواني الفخارية وأدوات مختلفة.. ويحدث أحيانا أن تعجز شباك الصيادين عن الصعود بها إلي ظهر المركب, وفي أحيان أخري تجد طريقها إلي متحف بورسعيد مثل تمثال نصفي جنائزي من الرخام عثر عليه الصياد عفيفي.. صباح20 ديسمبر1993 وهو لوجه منحوت بأبعاد هندسية دقيقة لصاحبه هيراكيوس بنقوشه ورسالة رثاء باليونانية من أرملته تخاطب روحه بكلمات تقول فيها] أنا لن أبكيك لأنك دائم الوجود] يرجح أن يكون التمثال من محتويات ما يسمي مدينة الموتي وهي علي مسافة كيلوات قليلة من المنطقة التي يسميها الصيادون ب الحرجةgerrha وأيضا قريبة من ميناء بيلوز الشهير في عصره وفيها تتجمع كتابات مدنية محمدية ومنها إهداء من كورفيوس فلاكي أحد قضاة الإسكندرية إلي حاكم المدينة المجاورة بيلوزيوس مؤرخا في8 يناير عام4 قبل الميلاد. ويشير عباس الشناوي عضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية إلي وجود هذه الآثار بكثرة وتنوع حيث إنها أعقبت زلزال عام360 ميلادي الذي انخفضت علي أثره الأرض وغطتها المياه ولتبتعد اليابسة إلي ما هي علمية الآن, ومن الطبيعي أن تختلف تضاريس البحر وبالفعل تدرجت أعماقه من40 مترا ثم100 متر ثم120 مترا فقد خرجت الأثريات ذات الوزن الخفيف وبحكم استدارة معظمها سهلت حركتها لتستقر في القاع, وهو ما أدي إلي أن تلتقطها الشباك.. وفي البداية لم يهتم الصيادون, وكانوا يعيدونها للمياه, وعندما اكتشفوا أهميتها وتلقوا عنها مكافآت بدأوا في تسليمها إلي إدارة متحف بورسعيد خاصة وأنه قريب من مرفأ الصيد ومرسي مراكبهم, حتي شكا بعضهم للمحافظ الأسبق اللواء سامي خضير من ضعف تلك المكافأت وحاول الرجل التوسط لزيادتها دون جدوي فعادوا إلي إهمالهم لما يعثرون عليه وكانت أوناش الشباك في مراكبهم تتأذي من ثقل بعض تلك الآثار وكانت مكافأة الصياد الدمياطي عفيفي..1500 جنيه من التمثال النصفي ول إبراهيم مورو مائة جنيه عن عامود رخامي( نصف طن) ومائة جنيه و أحمد اللواش لعامود ثان وخمسين جنيها لصياد عادلت أجرة التاكسي الذي انتقل فيه من عزبة البرج محل إقامته ومرسي مركبه إلي متحف بورسعيد وكل ما تجود به الشباك الآن من آثار تسكن البحر أو تلتقطها مراكب أجنبية!! خاصة ما يستقر منها في الأعماق علي مسافة29 كيلو بعيدا عن سواحلنا. وتختلط بالآثار ذات القيمة التاريخية زخائر الانجليز في الحرب العالمية الثانية من صناديق وطلقات نارية متنوعة يمتليء بها قاع البحر في المنطقة العريضة والممتدة من رمانه إلي دمياط وتسمي بمنطقة ال بمب بمب ومازال في الأعماق الكثير والمهم من الآثار والتي تمتد من الكيلو2 وحتي الكيلو29 توغلا شمال بورسعيد.. ومازالت عمليات السطو الأجنبية مستمرة.. ومازالت الآمال كبيرة لاهتمام مصري أكبر لحصار قصور ومعابد ومباني عصور ما قبلنا و.. مقاهيها وحصدها لحساب متاحفنا!