لم تلق تهديدات العقيد القذافي بالزحف علي مناطق الثورة في بنغازي والتهديد بسحقها بقوة السلاح والجيش والقبائل وكتائب المرتزقة, وتنفيذ أحكام الإعدام في الثائرين علي حكمه سوي الاستنكار الشديد في كل أرجاء العالم, الذي يبدي قلقا عميقا من توجهات العقيد الذي انفلت غضبه فيما يقرب أن يكون نوعا من جنون العظمة, يدفع الزعيم الليبي إلي أن يأخذ بلاده إلي مستنقع الحرب الأهلية عملا بالمثل القائل أنا ومن بعدي الطوفان بدعوي أن الثائرين مجرد جرذان قذرة تستحق الموت بعد أن تجرأت علي معمر القذافي, التاريخ والمقاومة والحرية والثورة والمجد, ملك ملوك أفريقيا وعميد الرؤساء العرب والثائر العالمي الأول الذي صنع الثورة الليبية ومكنها من أن تقود آسيا وأمريكا, لايحوز ملكا أو منصبا, وإن يكن لاشيء يتحرك في الجماهيرية العظمي همسا إلا بإذنه! وتكاد تجمع الآراء علي أن العقيد لم يعد يملك القدرة الكافية لتنفيذ تهديداته ضد الشعب الليبي بعد أن تراخت قبضته علي الجيش الذي خلع أفراده ملابسهم وانضموا للثائرين في بنغازي, وهربت طائرتان ليبيتان إلي جزيرة مالطة رفضتا قصف مناطق الثائرين في بنغازي, وتفككت دولة العقيد باستقالة عدد غير قليل من كبار المسئولين بينهم وزير العدل وسفراء ليبيا في الأممالمتحدة والجامعة العربية والهند وبنجلاديش وتونس احتجاجا علي استخدام العنف المفرط ضد الثائرين. لكن ثمة اعتقاد يسود المجتمع الدولي بأن خطاب العقيد الذي جاء مطابقا لخطاب ابنه سيف الإسلام يكشف عن خطورة بالغة, يصعب التنبؤ أو التحكم في ردود أفعالها, وأن من مسئولية مجلس الأمن ومنظمات المجتمع الدولي أن تتحرك دون إبطاء لتجنيب ليبيا مذابح مروعة يمكن أن يروح ضحيتها عشرات الآلاف, سواء من خلال وقف ضخ البترول وفرض العقوبات علي نظام العقيد, والسعي لتقديمه إلي المحكمة الجنائية الدولية.. غير أن ما يحدث في ليبيا يشكل مصدر قلق علي حدود مصر الغربية يتطلب الحذر واليقظة بسبب فراغ السلطة الذي يمكن أن يغري بعض التنظيمات الارهابية علي محاولة ان تجد لها ملاذا آمنا هناك, وعدم وجود بديل يستطيع أن يضمن في الأمد المنظور استقرار الأوضاع علي الحدود المصرية الليبية, وأظن أن هذه الأوضاع الطارئة تشكل سببا إضافيا مهما, يلزم كل القوي السياسية في مصر تخفيف العبء عن القوات المسلحة المصرية في الداخل كي تواجه مخاطر محتملة علي حدودها الشرقيةوالغربية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد