محمد صلاح: مدافعو الزمالك هم من جاملوا نهضة بركان وليس الحكم    برشلونة يعزز موقعه في وصافة الدوري الإسباني بثنائية أمام ألميريا    فاروق جعفر: واثق في قدرة لاعبي الزمالك على التتويج بالكونفدرالية.. والمباراة لن تكون سهلة    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    بعد ارتفاع عيار 21.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو في محافظات مصر    سيد عبد الحفيظ ل أحمد سليمان: عايزين زيزو وفتوح في الأهلي (فيديو)    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا.. ويجب تدخل وزرارة الرياضة والرابطة    لمدة خمس أيام احذر من هذه الموجة شديدة الحرارة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    حسين الشحات : نحترم تاريخ الترجي ولكننا نلعب على الفوز دائما    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    بعد ساعات من انتشار الفيديو، ضبط بلطجي الإسماعيلية والأمن يكشف ملابسات الواقعة    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    فتحي عبد الوهاب وهاني خليفة أبرز المكرمين.. صور    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    انقسام إسرائيلي حول غزة يعقد سيناريوهات إنهاء الحرب    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل النظام‏.‏ المشهد الأخير لرحيل الطغيان والفساد والديكتاتورية
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2011

دائما وأبدا وعلي امتداد الزمن والتاريخ تبقي مصر شامخة‏..‏ وتبقي أم الدنيا حية لا تموت بفضل الله ثم الإرادة الشعبية الجارفة لجموع أهلها علي تعدد طوائفهم وفئاتهم وامتداداتهم الجغرافية علي خريطة الوطن‏. ودائما وأبدا وعلي امتداد الزمن والتاريخ تذهب النظم المستبدة الديكتاتورية إلي مزابل التاريخ نزولا علي إرادة الشعب مهما يكن الطاغوت وحشا مفترسا ومهما يكن أعوانه وزبانيته من الشياطين الفاسقين دائما وابدا‏,‏ وعلي امتداد الزمن والتاريخ تجسد الإرادة الشعبية الروح الأصيلة لأم الدنيا التي ترفض دوما وعلي امتداد الدهر الخنوع والاستسلام مهما غرق الطغاة في أوهام السلطة والنفوذ‏,‏ ومهما اسكرتهم النشوة الزائفة بالاستبداد والسلطان حتي توهموا أنهم تحكموا في رقاب العباد‏,‏ وأنهم استعبدوا الانسان وامتلكوا حياته ومصيره واستحلوا كرامته وشرفه عندما سيطروا علي أرزاق العباد وتحولوا إلي آلهة تنفذ مشيئتهم وقتما يريدون وكيفما يشاءون‏.‏
ومع انتصار ثورة الشعب المصري في يومها الثامن عشر برحيل الطاغية الديكتاتور بعد أن اتسع نطاقها لتضم بين جنباتها كل فئات الوطن وجميع أبنائه من أقصي شمال البلاد إلي أقصي جنوبها‏..‏ ومن أقصي شرق البلاد إلي أقصي غربها‏,‏ ومع تكتل الإرادة الوطنية أصبح لا سبيل ولا مخرج إلا بخضوع النظام بكل أركانه لصوت الإرادة الشعبية المطالبة برحيل رأس النظام فورا وبدون ابطاء مع رحيل جميع رموز النظام بحكم أنهم جميعا عنوانا عريضا علي الفساد وعنوانا لمشهد سرطاني في كيان أم الدنيا‏..‏ يسعي لاغتيالها والقضاء عليها إرضاء لأهواء ومطامع وشهوات حفنة من الفاسدين تنافسوا في السرقة والنهب والبلطجة واللصوصية بأعتي صورها وأشكالها‏,‏ ولم يتورعوا عن ارتكاب كل الممارسات الحقيرة والدنيئة التي تحقق لهم مطامعهم الشيطانية المتدنية حتي لو كان الثمن سرقة قوت الشعب وسرقة الأمل من القلوب وفرض الانزواء والتهميش علي الجموع بكل ما تملكه النظم الفاشية والنازية من أدوات للقهر والترويع ومن قدره علي صناعة الفتن بين أبناء الوطن الواحد‏.‏
الكرامة العسكرية ركيزتها الأمانة والنزاهة والشرف
مع ثورة الشعب ومع إجماع الإرادة الشعبية الوطنية علي رحيل النظام‏,‏ فإن إصرار النظام علي البقاء يعد بكل المقاييس جريمة خيانة عظمي جديدة تضاف إلي رصيد رأس النظام وإلي رصيد الزبانية والأعوان‏,‏ ومع الثبوت القطعي لجريمة الخيانة العظمي في حق مصر والشعب المصري علي امتداد الأيام الطويلة للثورة الشعبية‏,‏ ولايقل اهمية عن تعديل مواد الدستور الخاصة بالانخابات الرئاسية حتمية عودة المواد الاربعة والثلاثين الضامنة للحريات العامة والتي تم الغاؤها والانقضاض عليها في التعديلات الدستورية المتلاحقة فإن مسئولية الملاحقة المباشرة للطغيان والفساد تقع علي عاتق الجيش المصري الذي كان دائما قلب الوطن النابض الحامي لكيانه القادر علي صيانة أمنه وسلامته في أقصي لحظات المحن وفي أعتي ساعات الشدة‏,‏ وهي مسئولية لا يملك الجيش إلا الاضطلاع الفوري بها‏,‏ وتحمل جميع تبعاتها باعتبارها قدرا لا فكاك منه ومصيرا لا يمكن الهروب من مواجهته‏,‏ وإلا دفعت أم الدنيا ثمنا غاليا وباهظا حال عدم تحمل جيشها مسئولياته في حفظ سلامة الوطن والحفاظ علي أمنه وتأمين أبنائه‏.‏
لا يمكن أن يفرط الجيش في أمانة الحفاظ علي سلامة وشرعية الإرادة الشعبية‏,‏ ولا يمكن أن يتنازل الجيش عن مسئولياته في صيانة مسيرة الثورة الشعبية إلي بر الأمان بصورة عاجلة وسريعة‏,‏ وفي مقدمتها إزالة آثار أحاديث الحياد مع التجاوز العاجل المقدم لكل تبريرات الاكتفاء بحماية الحشود المليونية للثورة للانتقال لحماية المستقبل وصيانته وتأمين الواقع الجديد الذي لابد وأن يستوقف جميع أبناء مصر ويدفعهم للقيام بمسئوليتهم في مواجهة إجماع وطني جارف لم يقبل أبدا بديلا عن رحيل النظام بكل ما يعنيه من طغيان واستبداد وفساد وبكل ما يرمز إليه من قهر واعتداء علي الكرامة والشرف لكل مصري ومصرية وبكل ما يجسده من نهب فاق الخيال لثروات مصر ومقدراتها‏,‏ إضافة لطموحاتها ومكانتها ودورها‏.‏
في هذه اللحظة الفارقة‏,‏ فإن كرامة القوات المسلحة المصرية وشرفها علي المحك‏,‏ وكذلك شرفها وعزتها وجميع أمجادها التي بعثت دائما الفخر والاعتزاز في أعماق كل المصريين علي امتداد الزمن والتاريخ‏,‏ وهي لحظة فارقة لأنها لا تتحمل علي الإطلاق أن يتحول الجيش إلي كبش فداء لنظام فاسد وديكتاتوري قمعي‏,‏ لا يمكن أن يتحول الجيش من حام للوطن إلي حام للطغيان‏,.‏ ويستحيل أن يقع الجيش المصري العظيم فريسة لأكذوبة حقيرة تحسب رأس النظام الفاسد علي الجيش وتحسبه علي انتصاراته وفتوحه العظيمة يوم السادس من اكتوبر وتدفع الجيش للانزلاق في هاوية لا قرار لها تحت شعارات فجة تتحدث عن الكرامة العسكرية بأسلوب مغلوط يقلب الحقائق رأسا علي عقب بحكم أن الكرامة العسكرية ترتبط بالنزاهة وترتبط بالأمانة في تحمل المسئولية‏.‏
ولا يمكن للكرامة العسكرية أن ترتبط من قريب أو من بعيد بنظام عنوانه الكبير‏:‏ السلب والنهب والتزوير والتزييف للاراة الشعبية علي امتداد ثلاثة عقود حولت مصر من القوة العربية الإقليمية العظمي والأعظم إلي تابع ذليل ينفذ بخضوع مخجل للكرامة الوطنية وللشرف العسكري والوطني المخططات الصهيونية الأمريكية الغربية المرتكزة علي تحويل أم الدنيا من موقع ومكانة رمانة الميزان إلي موقع الخائف المرتعش الذي يهتم في الأول والآخر بالبقاء في السلطة وضمان توريثها حماية للفساد والنهب واللصوصية‏.‏
رسالة واضحة يرسلها الثوار في كل أرجاء أم الدنيا إلي قواتهم المسلحة‏..‏ لا كرامة ولا شرف ولا حماية للصوص الخارجين علي القانون الذين هم جميع رموز النظام الذي سقط وانتهي وتكسر‏,‏ تحت أقدام الإرادة الشعبية الوطنية‏,‏ ولا بديل أمام أبناء القوات المسلحة الذين يتحملون دوما مسئولية أن تبقي راية الوطن عالية خفاقة من الانضمام إلي جموع الثوار والاصطفاف صفا واحدا مع مطالبهم المشروعة الساعية لبناء أم الدنيا القوية الفتية التي تستعيد شموخها وتستعيد كرامتها وتستعيد عزتها وتضمن لكل ابن من ابنائها كرامته وشرفه ورزقه وتحمي طموحاته الانسانية المشروعة في حياة أفضل وغدا أفضل تحت راية دستور مصري لا يعترف بسلطات الفرعون الإله‏..‏ التي تعلو فوق جميع السلطات ولا يعترف بإرادة ومشيئة الفرعون الإله التي تتراجع وتتقلص أمام سطوتها وطغيانها أي صورة من صور الإرادة الشعبية الوطنية‏.‏
محاصرة الفساد والنهب وتتبع الثروات المسروقة
يا أبناء الشعب‏..‏ يا أبناء القوات المسلحة تقدموا الصفوف لتحاكموا رأس النظام دققوا فيما قيل عما نهبه وسرقه هو وأسرته من مقدرات أم الدنيا ومن عرق ابنائها ومن كدهم وشقاهم وما نهبه من ثرواتها حتي تضمنوا أن ما سرق ونهب سيعود إلي الشعب غير منقوص‏,‏ أن الطغاة لن يستمتعوا بثروة مصر المنهوبة‏,‏ وأنها لابد وأن تعود مهما يطل الزمن وهو ما يستوجب ملاحقة جادة في كافة بقاع الارض لاتحتمل فترة من التأجيل والتأخير مع محاكمة سريعة وعاجلة تعيد إلي الوطن والجيش والشعب كرامته وشرفه‏,‏ وتعيد إلي الحياة علي الأرض المصرية بسمة النزاهة والأمانة وتخلصها من تخاريف النظام الفاسد التي زرعت وهم أن أبناء مصر فاسدون بلا كرامة وبلا شرف وبلا أمانة‏,‏ وجرستهم في أقطار الدنيا البعيدة والقريبة باعتبارهم نموذجا للإهمال والبلادة والفهلوة غير المسئولة وكأنهم ليسوا ببشر وكأنهم دواب هائمة لا قيمة لها ولا وزن ولا تقدير‏,‏ وهو ما يشكل جريمة عظمي بكل المعاني وبكل التفسيرات في ظل ما قام به النظام الفاسد بغير كلل أو ملل بالتشويه المنظم للأمة وللشعب والدولة حتي تضيع وتفقد أم الدنيا الأهلية والاعتبار ويكون سهلا وميسورا علي الأعداء أن يسقط في الهاوية كل العالم العربي والإسلامي الذي يعني بقاء أم الدنيا القوية القادرة بقاءه واستمراره ويعني تلاشيها وضياعها نهايته وتفتيته وتمزيقه‏.‏
لا يعني علي الإطلاق مطالبة الجيش بتحمل مسئولياته في هذه المرحلة الحرجة والصعبة الدعوة بأي شكل من الأشكال أو بأي صورة من الصور لأن يتولي الجيش مسئولية الحكم‏,‏ كما لا يعني القبول الشعبي بالحكم العسكري‏,‏ ولكنه يعني أن الجيش يجب أن يكون حارسا أمينا علي المطالب المشروعة للإرادة الشعبية الوطنية‏,‏ كما أكد المجلس الأعلي للقوات المسلحة في بياناته بحكم ما يملكه من امكانيات وقدرات لضمان الانتقال السلمي للسلطة إلي الشعب وحماية المرحلة الانتقالية من الدخلاء والمتربصين وفلول النظام المنهار وأعوانه وأنصاره الذين سيحاولون بالضرورة بكل الطرق والوسائل الانقضاض علي الثورة وركوب موجتها بكل الحيل والآلاعيب‏,‏ وليس خافيا أن النظام السابق يملك صفا ثانيا وصفا ثالثا‏,‏ ويملك صفوفا أولي خافية عن الأنظار‏,‏ كانت شديدة الفعالية والتأثير في حماية نظم القمع والتعذيب والنهب المنظم للثروة‏.‏
مطلوب مبادرة انقاذ وطني من الجيش بالاشتراك مع جموع الثوار والثورة لتشكيل مجلس رئاسي مؤقت لمدة عام علي الأكثر برئاسة مدني يتوافق عليه قادة الجيش‏,‏ حتي لانقع المطالب الوطنية المشروعة فريسة لضغوط الزمن القصير والأوفق والأصح أن يكون هو رئيس المحكمة الدستورية العليا باعتباره شخصية قضائية وقانونية يفترض فيها درجة معقولة من الحيادية‏,‏ ولا يسمح له بالترشح للانتخابات الرئاسية علي أن يضم المجلس اثنين من قادة الجيش وأربعة من قادة المجتمع المدني المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والوطنية‏,‏ وليكن في مقدمتهم المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض المستقيل احتجاجا علي مفاسد ومظالم وقمع النظام المنهار‏,‏ كما يفضل أن يضم المجلس الرئاسي أحد أساتذة الجامعات المصرية المرموقين الذين لم يلوثوا ولم يفسدوا وحافظوا علي كرامتهم وشرفهم ونزاهتهم مع الأخذ في الاعتبار أن قادة الأحزاب المسماة بالمعارضة لا يصلحون للمرحلة الانتقالية بحكم علاقتهم الوثيقة بالنظام وأجهزة الأمن في كيانات كرتونية باهتة سميت بالأحزاب لزوم الديكور السياسي اللازم للنظام‏.‏
إلغاء الطوارئ واطلاق الحريات العامة وجريمة الفراغ الأمني
ولا بديل عن إلغاء قانون الطواريء منذ اللحظة الأولي لتشكيل المجلس الرئاسي الانتقالي مع تشكيل حكومة انقاذ وطني من التكنوقراط المشهود لهم بالنزاهة والشرف حتي يمكن فتح الأبواب والنوافذ لحرية الرأي والتعبير مع اصدار قرار فوري بحرية تشكيل الأحزاب وحرية حركتها ونشاطها السلمي حتي يمكن تهيئة المناخ الصحي للانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية القادمة مع حتمية التعديل الجذري والشامل للدستور وإعداد دستور عصري يليق بمصر وبمكانتها وقدرها‏,‏ ويتجاوب مع طموحات الشعب واراداته الشعبية الوطنية من قيام حياة سياسية نظيفة بعيدا عن استبداد الأمن وقمع النظام وهو دستور لابد وأن يقيد سلطات رئيس الجمهورية‏,‏ ويقيم نظاما جمهوريا نيابيا يصنع رأسين للسلطة التنفيذية وتكون السلطات التنفيذية للرئيس محدودة ومرتبطة‏,‏ كما في فرنسا بالسياسة الخارجية اساسا‏,‏ ويكون هناك رئيس للوزراء من حزب الأغلبية يملك الاستقلال والقرار ويسأل عن مسئولياته ويحاسب مع تحقيق الفصل الدقيق بين السلطات وانهاء احتكار السلطة التنفيذية ورأسها لكل السلطات ولكل المؤسسات والمقدرات وكأنه الفرعون الاله مع الاهتمام بصيانة وحماية حرية الرأي والإعلام وحرية التعبير والحقوق الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطنين‏,‏ والدماء الزكية للشهداء الاطهار الابرار‏.‏
وفي ضوء مخطط الفراغ الأمني الرهيب والمروع الذي فرضه النظام ووزير داخليته الخائن للامانة والمسئولية وجهازه البوليسي علي المواطن المصري وما كان يمكن أن يؤدي إليه من مصائب كبري لأمن الوطن والمواطنين لولا الدرجة العالية من اليقظة الشعبية والحرص الشديد الذي اظهره أبناء مصر لحماية أمنهم وسلامتهم من خلال تكاتفهم وتعاضدهم وتجمعاتهم الشعبية‏,‏ فإن التحديد الدستوري الدقيق لدور الأجهزة الأمنية ومسئولياتها‏,‏ وكذلك المسئولية عما يرسم فيها ويخطط له يجب أن يكون محلا للاهتمام الشديد من اللجنة المختصة بإعداد الدستور الجديد‏,‏ ويجب أن يتم في الوقت نفسه إعادة نظر جذرية للعلاقة بين الشرطة والنيابة العامة والأجهزة القضائية لإنهاء التداخل الصارخ في أعمالها الذي دفع المواطن الثمن الفادح له وتسبب في إهدار الحقوق الأساسية وإهدار تطبيق القانون وفي شيوع الفساد‏,‏ كذلك حتمية أن ينهي الدستور علي صيانة السلطة القضائية بمختلف الصور والأشكال وحمايتها من شبهة تدخلات السلطة التنفيذية ومنها الصلاحيات اللازمة‏,‏ لذلك بغير لبس وبدون غموض‏.‏
ولا ينفي كل ذلك أنه يجب تشكيل حكومة ائتلاف وطني تضم أطياف المجتمع بممثلين علي درجة عالية من النزاهة والكفاءة والمقدرة مع الرؤية السياسية والوطنية والقومية‏,‏ ولا يصلح رجال الأعمال للانضمام لهذه الحكومة بحكم أن مجتمع الأعمال في مصر تم تشكيله وفقا لمعايير فاسدة علي امتداد العقود الثلاث الماضية وارتكزت أعماله علي مفاهيم مبتذلة للسلب والنهب للثروة القومية وكانت الذراع الرئيسية في عمليات النظام للنهب المنظم للثروة المصرية‏,‏ وكان شريكا ضالعا في كل الممارسات الفاسدة للرئيس ولأسرته علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏.‏
ولابد أن يكون في مقدمة أولويات الحكومة الائتلافية الانتقالية إعداد العقد الاجتماعي الجديد لتنظيم العلاقة بين الحاكمين والمحكومين‏..‏ أي بين الشعب والسلطة لترسيخ التزامات واضحة وصريحة علي كل من يصل للحكم بالطريق السلمي عن طريق صناديق الانتخاب في ظل انتخابات نزيهة وأمينة‏,‏ وهو عقد اجتماعي انتهكه النظام الفاسد الراحل في جميع التعديلات التشريعية التي امتدت طوال السنوات الماضية بقيادة مجموعة من الوزراء الفاسدين رجال الأعمال ومعهم الوزراء الذين يقال عنهم إنهم اكاديميون وخبراء‏,‏ حيث فرضوا علي الشعب المصري قواعد الأصولية الرأسمالية‏,‏ وفرضوا قواعد الرأسمالية المتوحشة فهي جميعها قواعد تنتهك أبسط حقوق القاعدة العريضة من المواطنين وتنحاز بشكل وقح وسافر للأكثر غني وثروة وتؤجج الحساسيات والفتن‏,‏ وقد طبقوا الأصولية الاقتصادية الفاسدة في قوانين الضرائب وقوانين التأمينات الاجتماعية وقوانين العمل والاحتكار ومختلف القوانين الاقتصادية في اعتداء سافر علي حق المواطن في الحياة الكريمة اللائقة‏.‏
‏***‏
مع الثورة الشعبية والإعلان عن الإرادة الشعبية الوطنية وطموحاتها المشروعة‏,‏ فإن المشروعية الثورية حاليا علي ساحة الأحداث هي مشروعية الإرادة الشعبية الوطنية‏,‏ وهي لون من ألوان المشروعية الثورية التي يزول من أمامها أحاديث المشروعية الدستورية‏,‏ ويصبح معها الدستور القائم بأكمله‏,‏ كأن لم يكن ويصبح النظام القديم في حكم الإرث البغيض للماضي‏,‏ وكل ذلك يفرض علي الثورة بالتوافق مع الجيش بناء عالم جديد من المؤسسات والدستور والنظام مفاتيحه صريحة وواضحة ولا تحتاج إلي فتاوي الطابور الخامس الساعي بكل الطرق والوسائل أن يخفي فساد ومفاسد ثلاثة عقود تضخمت خلالها ثروة عائلة الرئيس لتبلغ وفقا للمؤشرات العالمية‏70‏ مليار دولار‏..420‏ مليار جنيه تشكل قمة جبل الجليد المعلومة والمعروفة‏,‏ ومن يعرف حقائق الاقتصاد والمال والأعمال العالمية وحجم الثروات المنهوبة في العالم من الحكام المستبدين لابد وأن يستقر يقينه علي أن ثروة الرئيس الراحل وعائلته لا يمكن أن تقل عن ضعف هذه التقديرات المتداولة‏,‏ وأن حدها الأدني لا يقل عن مائة مليار دولار‏,‏ وأنها يمكن أن تصل إلي‏150‏ مليار دولار بحكم أن ما تم الإعلان عنه يتضمن المصارف والبنوك والممتلكات القابلة للرصد‏.‏
وتبقي الأموال المنهوبة وهي الاكثر في بؤر الفساد والتهريب العالمية والمسماة بجنات وملاذات التهرب والفساد المنتظم مثل جزر الكايمان وموناكو وإمارة ليخشتاين وغيرها من إمارات غسل الأموال القذرة في أوروبا‏,‏ وكذلك إمارة دبي عاصمة تأمين الأموال الفاسدة والمنهوبة في الخليج العربي وغيرها من أوكار اللصوص والحرامية والفاسدين؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.