في احتفال أقامه طلاب كلية الصيدلة بمناسبة انتهاءالعام الدراسي واقتراب تخرجهم سألتهم: ما هي أمنياتكم بعد التخرج؟ فتلقيت منهم إجابات تحمل أمنيات مختلفة بعضها وطنية وأخري شخصية, وقلت: هل تريدون معرفة أمنيتي؟ قالوا: نعم, قلت:أتمني ان أجد بذرة نزرعها في أرض طيبة لتنبت منها شجرة مباركة تثمر حبا وخيرا يعم جميع الناس. وتمر الأيام وتنطلق ثورة52 يناير ونري البذرة تنبت في ارض ميدان التحرير في قلب القاهرة, وهي تبشر بالشجرة الطيبة التي سوف تثمر حبا وخيرا وازدهارا يعم أرجاء مصر إن شاء الله. وحتي تأتي الشجرة بثمارها المنشودة يجب ان يواكب الأمل صحوة عمل في مختلف أمور حياتنا, وحتي يشيد البناء ويكتمل ينبغي علينا ان نولي عناية فائقة بالأساس الذي يتمثل في بناء الإنسان, وذلك بإعداده اعدادا تربويا وسلوكيا وتعليميا وخلقيا حتي يتبوأ المكان والمكانة التي تليق بالإنسان المصري وأمجاده, وحتي يتحقق ذلك نأمل ان تنطلق ثورة تغيير في شتي مناحي الحياة خاصة فيما يتعلق بالتعليم في المدارس والجامعات وذلك بتطوير المناهج الدراسية تطويرا يواكب آمال شباب25 يناير وتطلعاتهم واهدافهم, مع زيادة الاهتمام والعناية بالأنشطة الثقافية والاجتماعية والبيئية علي مستوي الوطن بوجه عام ومستوي المدارس والجامعات علي وجه الخصوص, كما نطالب بتفعيل الحوار والمناقشات بين المعلم والطالب والارتقاء بها, فالحوار البناء والمناقشة الإيجابية تفتح المجال لطرح أفكار جديدة قد يمهد بعضها لاكتشافات ذات أهمية تطبيقية تخدم الفرد والمجتمع والبيئة. وتأكيدا لذلك فإن أهم أسباب رقي الدول التي سبقتنا إلي التقدم العلمي والبحثي والتكنولوجي ان التربويين فيها حريصون علي ان تنمو في التلاميذ شجاعة إبداء الرأي واحترام الرأي الآخر, كما يهتمون بإذكاء حب المناقشة بين التلاميذ منذ بداية دراستهم في المدرسة وحتي انتهائها في الجامعة وبذلك نكتشف مهارات التلاميذ وميولهم مبكرا مما يساعد في تنميتها بأساليب تربوية تجعل منهم أفرادا أكفاء يثرون الحياة العملية في شتي المجالات, ولذلك فإننا نري ان من أساسيات الرقي والتقدم إزكاء حب المناقشة بين افراد المجتمع لا إزهاق روحها كما يفعل البعض. ومن أساسيات الرقي والتقدم أيضا الاهتمام بالبحث العلمي والتكنولوجي وذلك بتدعيمه ماديا وتشجيع القائمين عليه معنويا وتهيئة المناخ البحثي المناسب وسبل المعيشة الميسرة للباحثين وان يكون المسئولون عن البحث العلمي مؤمنين بأهمية البحوث في ارتقاء الشعوب ورفاهيتها, كما يؤمنون بأن ما ينفق علي البحوث يعتبر استثمارا لا إهدارا. ولابد ان يبدأ التطوير المنشود ويستمر في اطار من الأخلاقيات, فجميع الأديان السماوية تدعو إلي الأخلاق الحميدة ويقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم): إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق, ويقول أمير الشعراء: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم وتأسيسا علي ما تقدم ينبغي ان تكون لمواد الأخلاقيات أولوية في برامج التعليم العام والجامعي, ويؤهل خريج الجامعة تأهيلا علميا ومهنيا لكي يشق طريقه في الحياة وايضا تأهيلا أخلاقيا وثقافيا واجتماعيا ينعكس اثره علي التزامه بميثاق المهنة وآدابها وعلي تفاعله مع مشكلات المجتمع وقضاياه. د. عز الدين الدنشاري