قدر مصر في هذا العالم أن تكون ملهمة شعوب الأرض حين تأتي اللحظة الفارقة بين عصور تلفظ أنفاسها الأخيرة بالجمود وتقادم الأفكار وإنكار التطور, وبين فجر يطل بقوة يحمل معه آمال أجيال جديدة وملامح مختلفة لعصر عازم علي أن تشرق شمسه. فعلتها مصر في الزمن القديم حين أطلت علي الدنيا بفجر الضمير البشري وأعادت فعلها في يوليو1952 حين ألهمت المقهورين المحتلين في ربوع الدنيا بفجر التحرر الوطني من هيمنة القوي الاستعمارية. وجاءت مصر في25 يناير لتلهم العالم بشكل جديد من الثورة علي واقع عقد شبابها العزم علي تغييره لاستيعاب قدرات جيل جاء مسلحا بعدة مختلفة وعتاد غير مسبوق. تحية للثورة والاحترام والإجلال لشهدائها. سوف تستمر أفراح هذا الجيل بما وقع في أرضه وما حققه بدماء مئات الشهداء, وهذا من صميم حقوقه. غير أن مصر اليوم وهي تستجيب لنداءات شبابها تبدو مختلفة عن أي مصر كانت بعد ثورات المصريين. لاتزال بلدا عامرا بالكثير من الخيرات ومشروعات العمل التي تنادي بالبناء عليها وعدم إنكارها. فما هو اليوم في أرض مصر من قلاع البناء والإنتاج لم تكن في النهاية إلا غرس المصريين ونتاج جهد السنين لأجيال من البنائين اقتحم الدنيا بمهارات استخدام تكنولوجيا العصر.. لقد تخلصت مصر من أخطائها ولتبقي قلاع الإنتاج شاهدة علي عرق المصريين برغم الأخطاء وبرغم الفساد..تواصل تاريخ مصر ضرورة.. لقد خسرنا كثيرا حين أحدثنا القطيعة مع التاريخ. فليس في أرض مصر اليوم شيء إلا وهو ملك للمصريين جميعا, ويفتحون به أبواب العمل والأمل أمام ذلك الجيل الذي استجاب القدر لصيحته. في مصر ملايين الشرفاء التي تبني اقتصاد مصر. هم روافد مسيرة البناء التي تتشكل الآن في مصر من رحم الثورة والغضب. لم يكن المفسدون في مصر إلا قلة تسلطت علي أقدارها وكادت أن توردها موارد الهلاك.. مضي زمانها وحان وقت حسابها. مصر اليوم تنادي بالتواصل بين جهود أبنائها عبر الأجيال. في ربوعها آلاف المصانع والمدارس والمزارع تنادي جهود الجيل الثائر للبناء والتعمير وتصحيح المسار وتوزيع الثمار بغير إجحاف بين الجميع. ومثلما كانت مصر حضارية إلي أبعد مدي في ثورتها وغضبها واستخلاص ملامح أيامها القادمة من أحداث التاريخ القريب والبعيد, فإن العالم لايزال يرقب أداءها بعد تلك الأيام العصيبة. الأحداث في مصر تتسارع ولكنها تستدعي غريزة البناء من عمق الشخصية المصرية. تلك الغريزة الجمعية التي ضمنت بقاء مصر برغم المحن. لقد آن الأوان لأن تطلق مصر طاقات أبنائها بناء وتعميرا وعمرانا وإنتاجا وعلما تغير به وجه الحياة في ربوعها. هذا هو التحدي الذي نواجهه ونحن قادرون عليه بطاقات جيل أعاد لمصر وجهها الحضاري في حماية قواته المسلحة التي أعادت له ولأجيال سبقته العزة والكرامة والنصر وهي اليوم مؤتمنة علي أحلامه وآماله في مجتمع تسوده الحرية والعدالة والأمان, وتدفعه قيم العلم الحديث. [email protected] المزيد من مقالات أسامه سرايا