إقبال كبير من المواطنين للأدلاء بأصواتهم في انتخابات النواب بالزيتون    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    ضبط شخص لحث المواطنين على مقاطعة التصويت بمكبر صوت في كفر الشيخ    جامعة مصر للمعلوماتية تشارك بمسابقة دولية في دبي    التموين تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 99%    مصر وإيطاليا توقعان عددا من بروتوكولات التعاون لإنشاء 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية    تعزيز التعاون بين "سلامة الغذاء وجايكا" لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة    كامل الوزير: ندعو الشركات لتوطين تكنولوجيا الصناعات الخضراء    مقتل 10 أشخاص بضربات باكستانية على أفغانستان.. وكابول تتوعد بالرد    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    روسيا: لم نتسلم رسميا خطة ترامب لتسوية الأزمة الأوكرانية    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    إلغاء رحلات جوية بعد ثوران بركان في إثيوبيا لأول مرة منذ 12 ألف عام    ألمانيا تبدأ خطوات لنشر نظام الدفاع الصاروخي آرو 3    بعثة المصري تطير إلى ندولا لمواجهة زيسكو في الكونفدرالية    الداخلية تضبط 126 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    فيديو فاضح يهزّ بورسعيد.. والأمن يضبط المتهم في ساعات    توافد الناخبين بالأزبكية والتجمع الخامس للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بالإسماعيلية    جنات تحيي حفل الدورة 10 لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح    مصر وتركيا تطلقان شراكة صحية ترسم مستقبل التصنيع الدوائي الإقليمي    الموضوع انتهى.. خالد الغندور يكشف تفاصيل مشادة تريزيجيه وبن شرقي    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني في غزة مع قصف مدفعي شرق خان يونس    ظهر اليوم.. هدوء بلجان القصر العيني ووسط البلد وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة    استقبال 2245 حالة بعيادات طب الأسنان بجامعة بني سويف خلال الشهر الجاري    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بعد دفعها من الطابق الثاني أمام مجمع الهيئات ببورسعيد    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25-11-2025 والقنوات الناقلة.. تحديد منافس مصر في كأس العرب    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    غرفة عمليات التنسيقية: إقبال جماهيرى مكثف على مدرسة التونسى الابتدائية بالقاهرة    المستشار أحمد بنداري يُدلي بصوته في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    مصرع سيدة كل 10 دقائق، تقرير أممى: 83 ألف امرأة قتلن عمدا العام الماضي    البيض البلدى بكام.....سعر كرتونه البيض اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 فى المنيا    وزيرة التضامن توجه فريق التدخل السريع بالتعامل مع حالات كبار بلا مأوى    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    شوبير: جلسة منتظرة بين الأهلى وديانج لحسم ملف التجديد    التمثيل التجاري: 17.378 مليار دولار أمريكي حجم التجارة بين مصر والصين    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    الشرطة النسائية أمام لجان النواب بحدائق القبة لمساعدة وتأمين الناخبين    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    تأجيل محكمة المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته الى أشلاء فى الإسماعيلية    أمطار غزيرة على شمال سيناء والمحافظة ترفع درجة الاستعداد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أجواء السياسة المصرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 01 - 2011

لا يزال الكثير من أحداث مصر المهمة في فترة الستين عاما الماضية منذ ثورة‏52,‏ غير مكتملة صورتها‏,‏ إما لحجب وثائق تلقي ضوءا كاشفا علي هذه الأحداث‏,‏ أو لأن البعض من المشاركين في صنعها‏,‏ حين كتبوا مذكراتهم‏,‏ فقد عمدوا الي عدم البوح بأسرار رأوا ابقاءها في طي الكتمان‏,‏ أو لأن البعض منهم كان وهو يكتب مذكراته متأثرا‏,‏ بتقلبات لحقت بعلاقات زملاء الثورة‏,‏ أو ربما لإضفاء وزن اكبر علي دوره‏.‏
وحين أصدر السفير الممتاز عبد الرءوف الريدي كتابه رحلة العمر‏,‏ فقد حمل لنا الكتاب شيئا مختلفا‏,‏ سببه ان خصائص شخصيته البسيطة الواضحة‏,‏ غلبت عليه وهو يفكر ويتذكر‏,‏ وسيطرت علي قلمه وهو يجري بين أصابعه‏,‏ يروي أحداثا كان متابعا لها‏,‏ أو قريبا منها‏,‏ أو لوجوده داخل دائرة صنعها‏.‏
ولقد عرفت عبد الرءوف الريدي عن قرب من خلال علاقة صداقة وثيقة ربطت بيننا طوال السنوات العشر الماضية‏,‏ منذ بدء نشاطي التطوعي في المجلس المصري للشئون الخارجية‏.‏
فهو شخص متسق مع نفسه‏,‏ ليست هناك فروق بين رأي يقوله معلنا‏,‏ أو مكتوبا‏,‏ وبين مواقفه‏.‏ وحين سطر كتابه فهو قد أنتج بهذا الكتاب توليفة سياسية ثقافية لتجربة حياة‏,‏ تجمع بين المذكرات في جانب منها‏,‏ وبين رؤيته ومعايشته للاحداث من خلال دوره الدبلوماسي‏,‏ مضافا اليها لمسات من مشاعره الانسانية‏,‏ فضلا عن التحليل الذي يطرحه لما جري‏.‏ ولهذا لم يطلق علي كتابه مذكرات‏,‏ بل اختار له اسم رحلة العمر‏.‏
والأهم ان المؤلف عبد الرءوف الريدي طاف بنا لنري معه ومن خلال عينيه‏,‏ أحداث رحلة عمره منذ ثلاثينيات القرن الماضي‏,‏ وهو يرويها لنا من زاوية نظر رجل مهتم بالشأن الوطني‏,‏ متابع وفاهم ومعايش فكرا ووجدانا‏,‏ للأحداث‏.‏
يقول‏:‏ شهدت فترة التحولات الكبري في مصر أيام عبد الناصر‏,‏ واتساع شعبيته‏,‏ وصعود مكانته‏,‏ ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي كله‏.‏
أيام كان يبشر بالحلم والأمل في المستقبل إلي أن انهار الأمل وتبدد مع الأيام علي صخرة نكسة‏.1967‏
ولأن السفير الريدي كان قريبا من دوائر صنع القرار في وزارة الخارجية‏,‏ التي إلتحق بها عام‏1955‏ فهو يرصد ما رآه عن قرب لأسباب الهزيمة‏,‏ ومن أهمها غياب الديمقراطية‏,‏ وهو ما أدي إلي التخبط في القرار السياسي‏,‏ نتيجة غموض الهدف‏,‏ وعدم وضوحه‏,‏ حتي في أذهان القائمين علي إدارة الأزمة وما الذي تريد مصر أن تحققه تحديدا‏.‏
كانوا يرتقون لاستدراج مصر الي فخ يهييء الظروف للحرب‏.‏
يقول السفير الريدي‏:‏ أبلغت وزير الخارجية بما أعلنته جولدا مائير في الأمم المتحدة‏,‏ من أن أي تدخل في حرية الملاحة الاسرائيلية في خليج العقبة‏,‏ سيكون بمثابة إعلان حالة حرب وقلت له إن اسرائيل ستحارب في حالة إغلاق خليج العقبة‏.‏
وإذا كان غياب الديمقراطية يقف شاهدا علي أهم أسباب النكسة‏,‏ فقد كانت المؤشرات المثيرة لقلق كاتبنا‏,‏ التي التقطتها عينه مبكرا هي ما قال عنها‏:‏ كان اكثر ما يقلقنا بعد ثورة‏52,‏ غياب الحديث عن الدستور‏,‏ وكذلك قانون إلغاء الأحزاب السياسية‏,‏ كمؤشر علي الابتعاد عن الحكم المدني‏.‏
ثم يقول‏:‏ بالرغم من الأخطاء الكارثية التي وقع فيها عبد الناصر‏,‏ فلا يمكن إنكار دوره التاريخي‏,‏ وستظل حقبته أزهي عصور العرب في التاريخ الحديث‏.‏
ويأتي حديثه عن حروب اسرائيل‏,‏ ويلاحظ أن كل حرب كانت تحمل بذور الحرب التالية لها‏.‏
وهي ملاحظة اكدتها فيما بعد وثائق أمريكية واسرائيلية‏.‏
وتأتي فترة حكم الرئيس السادات‏,‏ ويقول إن حرب اكتوبر أعطت الشرعية لحكم السادات‏,‏ والتفاصيل كثيرة حول هذه الفترة‏,‏ إلا أنني أتوقف عند بعض المواقف لمؤسسة الخارجية العتيدة‏.‏
فالمؤلف يصف مبادرة السادات بزيارة القدس بالزلزال‏.‏ فوزير الخارجية امتنع عن الذهاب لمكتبه معترضا علي قرار الرئيس‏,‏ وجاءت الأنباء تعلن للعالم وجود معارضة من داخل مؤسسة الخارجية‏.‏ وصلت لاحقا الي استقالة ثلاثة وزراء للخارجية‏.‏
ومن المشاهد اللافتة‏,‏ ما يرويه عن امتناع أعضاء الوفد المشارك في كامب ديفيد‏,‏ والذين كانت لهم تحفظات علي بعض جوانب الاتفاق‏,‏ عن حضور الاحتفال في فندق في واشنطن باتفاقية كامب ديفيد‏,‏ ولاحظ السادات مقاعد الوفد شاغرة مما أغضبه‏.‏ وكان الممتنعون هم أسامة الباز‏,‏ ونبيل العربي‏,‏ وأحمد ماهر‏,‏ وعبد الرءوف الريدي‏,‏ وأحمد أبو الغيط‏,‏ والوزير محمد ابراهيم كامل الذي استقال مع ذلك لم يتعرض أي منهم لأي اجراء تأديبي‏,‏ أو تعويق لمسيرتهم المهنية‏,‏ بل وصلوا لأعلي المناصب‏.‏
وتأتي فترة عمله سفيرا في أمريكا والتي يصفها بأنها أكثر فترات رحلة العمر ثراء‏.‏
فحين يكون الدبلوماسي مجهزا بخلفية ثرية من المتابعة والفهم للشأن الأمريكي‏,‏ فإنه يضع يده بسهولة علي مفاتيح صناعة السياسة الخارجية‏,‏ والطريقة المثلي للتعامل معها‏.‏ وهو قد استوعب من البداية أن فهم السياسة الخارجية الأمريكية لا يكفي وحده‏,‏ فالسياسة الداخلية هي الأرضية التي تبني عليها السياسة الخارجية‏.‏
أحاديثه عن أمريكا تغوص في عمق عمل النظام السياسي‏,‏ وتشرح وتفسر الكثير من المظاهر التي قد تحير البعض في فهم ما يبدو لها أحيانا من تناقضات في السياسة الأمريكية‏.‏ وتصل الرحلة الي المحطة الأخيرة والحالية‏,‏ بعد العودة الي القاهرة‏,‏ والانخراط في العمل التطوعي مرورا برئاسته لمكتبة مبارك‏,‏ ووصولا الي إنشاء المجلس المصري للشئون الخارجية‏,‏ بالمشاركة مع السفير محمد شاكر‏.‏ والذي صار خلال عشر سنوات‏,‏ مؤسسة تضم عقولا متنوعة لها استقلالية الفكر والرأي‏,‏ ولها سمعة دولية وعلاقات في مختلف القارات‏.‏
وفي الختام يقدم وصاياه التي صاغها في رؤية تلم بالحاضر وتستشرف المستقبل وتحدياته‏,‏ منبها لضرورة قيام مجلس للأمن القومي‏,‏ تتوافر له أفضل العقول‏,‏ وألا يتحول الي مجرد جهاز بيروقراطي‏.‏

المزيد من مقالات عاطف الغمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.