من قبل نهاية القرن العشرين تحققت الوحدة الأوروبية, وأصبحت حقيقة واقعة, بعد أن أتمت خطوات ناجحة علي صعيد التكامل والتوحيد الاقتصادي, أدت إلي إزالة الحواجز والحدود أمام السلع والأفراد والخدمات ورأس المال بين دول الاتحاد. وعلينا نحن الدول والشعوب العربية أن نؤمن بأن عالم اليوم, وكذلك عالم الغد هو عالم الاقتصاد والتكتل الاقتصادي, وليس عالم السياسة والتبعية للدول الكبري. ولقد تعددت علي مدي السنين المبادرات بين الدول العربية علي طريق التكامل الاقتصادي, مثل تبادل الإعفاءات الجمركية علي المنتجات, واتفاقيات المناطق الحرة بغرض التوصل إلي السوق العربية المشتركة. إلا أن هذه الآليات المحدودة لم تحدث تغييرا جوهريا في تدني حجم التجارة البينية للدول العربية. لذلك يقتضي الأمر التوصل إلي نظرة جديدة أكثر جدية إلي اقتصاديات الدول العربية, حيث تتدفق الأموال بمليارات الدولارات سنويا في مشروعات كبري للبنية التحتية وغيرها من المشروعات العملاقة إلي خارج البلدان العربية, بالإضافة إلي استيراد واسع النطاق بالمليارات لمعدات وكماليات وسلع من أوروبا وأمريكا وشرق آسيا, يمكن الحصول عليها بجودة مماثلة من دول عربية أخري. والآن قد آن الأوان لوضع سياسة اقتصادية مشتركة للاستفادة من الطاقة الانتاجية المتاحة في العديد من البلدان العربية في شتي المجالات, بهدف تغطية الطلب في شتي أقطار الوطن العربي, والتوصل إلي المحافظة علي الثروة العربية داخل الوطن العربي, لأبناء الوطن العربي. وبالنسبة للعديد من السلع والمنتجات التجارية مثل الأجهزة الإلكترونية والسيارات وغيرها, يمكن أن تلعب إتحادات الغرف التجارية الغربية دورا مهما في جمع المنتجين في الصناعات العربية مع المستوردين والموزعين في البلاد العربية لتحديد حجم الانتاج المطلوب بديلا للاستيراد من خارج الوطن العربي, وبذلك نرفع شعار التعاون الاقتصادي العربي, وهو أموال العرب للعرب, مما يتيح الاحتفاظ بالثروة العربية داخل الوطن العربي. والخطوة الرئيسية والحاسمة في هذا المجال تكون بالنظر في ميزانيات الدول العربية بشأن مشروعات التنمية الكبري, مثل مشروعات البنية التحتية كمنشآت وشبكات الاتصالات, وشبكات ومحطات توليد الكهرباء, ومشروعات شبكات نقل وتوزيع الكهرباء, ومشروعات الري واستصلاح الأراضي, وغيرها وتكوين مفوضية نوعية لكل نشاط في نطاق الجامعة العربية, بغرض الاستفادة من إنتاج الصناعات القائمة وتوسيعها, أو إنشاء صناعات جديدة برأس مال عربي مشترك, يكفي الطلب في جميع البلدان العربية, مع إنشاء بنك عربي للتنمية لخدمة هذه الأهداف. وبذلك تتحول الدول العربية من مستورد ومستهلك للتكنولوجيا إلي بلاد منتجة ومصدرة للتنكنولوجيا. وسوف يؤدي هذا التطور إلي رفع المستوي التكنولوجي للإنتاج الصناعي في البلاد العربية, وزيادة فعالة في الناتج القومي علي مستوي العالم العربي, ورفع مستوي المعيشة وانحصار البطالة, وتحقيق مستوي حياة أفضل للمواطنين. ولا شك أن القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ بمصر قادرة علي تفعيل هذه المبادرة تحت المسمي أموال العرب للعرب, بهدف إبقاء الثروة العربية داخل بلدان الوطن العربي, مما يحقق نقلة نوعية فعالة للتنمية.