السلطان المؤيد أبو النصر سيف الدين شيخ, هو السلطان الثامن والعشرون من ملوك الترك في مصر والرابع من الجراكسة وأولادهم وأصله من مماليك الملك الظاهر برقوق اشتراه سنة782 ه وكان عمر شيخ نحو12 سنة وجعله برقوق من جملة مماليكه ثم أعتقه بعد أن أصبح برقوق سلطانا ورقاه وجعله الحارس الخاص ثم الساقي وأنعم عليه بإمرة عشرة ثم نقله إلي طلبخانة وهي الطبقة الثانية من الأمراء, ثم خلع عليه باستقرار أمير حاج المحمل سنة801 ه فسار بالحج وعاد وقد مات برقوق سنة802 ه فصار نائبا علي طرابلس الشام وأسرعته عندما اقتحم تيمور البلاد الشامية مع من أسر من النواب ثم أطلق سراحه وعاد إلي مصر لفترة ثم رجع إلي طرابلس ونقل منها إلي نيابة دمشق إلي أن وقعت الفتن والحروب بين الأمراء الظاهرية وبينهم وبين الملك الناصر فرج ومازال شيخ يدبر والأقدار تساعده إلي أن استولي علي الملك بعد القبض علي السلطان فرج وقتله وأجمع الناس علي توليه السلطنة ونودي بالقاهرة ومصر باسمه وسلطنته. وفي سنة824 ه اشتد المرض بالسلطان المؤيد شيخ وتوفي في المحرم في السنة نفسها وكانت مدة حكمه ثماني وستين سنة وخمسة أشهر وثمانية أيام. وكان شجاعا مقداما يحب أهل العلم ويجالسهم ويجل الشرع النبوي ويذعن له وينكر علي أمرائه معارضة القضاة في أحكامهم ولا يميل إلي شيء من البدع إلا أنه كان بخيلا ممسكا يشح حتي بالأكل. وكان يميل إلي الأتراك ويقدمهم وكان معظم أمرائه منهم وعمائره كثيرة أعظمها الجامع المؤيد الذي لم يبن في الإسلام أكثر زخرفة منه بعد الجامع الأموي بدمشق. وجدد جامع المقياس والمدرسة الحزوبية بالجيزة. وكان السلطان الملك المؤيد مغرما بالعمارة وأنشأ مئذنة الجامع الأزهر وكثيرا من المساجد والمكاتب والأسبلة بمصر والشام كما بني المدرسة الحزوبية إلا أنه لم يبق من هذه المنشآت سوي بقايا سبيل ومصلي بالقلعة ومسجد المؤيد والبيمارستان المؤيدي الذي يقع بالقرب من القلعة بسكة الكومي بقسم الخليفة وكانت تعالج فيه جميع الأمراض ويدرس فيه الطب. أما المسجد فهو أهم آثاره علي الإطلاق وبني مكان سجن عرف باسم( خزانة شمائل) وسجن فيه المؤيد وهو أمير ووعد نذرا إن نجاه الله تعالي من هذا السجن أن يبني مكانه مسجدا فكما ولي ملك مصر أوفي بالنذر واستمرت عمارة المسجد6 سنوات وانتهت سنة824 ه وتكلفت70 ألف دينار. ومع ذلك فإن كثيرا من ملحقات الجامع لم يكن قد شرع في بنائها وللمسجد أربع واجهات الشرقية منها الرئيسية وهي محتفظة بكل تفاصيلها. وتقول الدكتورة سعاد ماهر إن المؤيد شيخ أمر الخطباء عندما يدعون للسلطان أن ينزلوا درجة ثم يدعو له حتي لا يكون ذكره في الموقع الذي يذكر فيه اسم الله واسم النبي الكريم. وهذا المسجد من الروائع المعمارية لفخامة بنيانه وأركانه. وقد اتخذ من برجي باب زويلة( المتولي) قاعدتين لإقامة منارتين كل مئذنة3 طوابق. وقد أعيد تجديد المسجد في عهد الخديو إسماعيل سنة1874 م.