لقد أكدت تعاليم الإسلام حب الوطن واعتبرته من الإيمان مصداقا لقول النبي صلي الله عليه وسلم' حب الوطن من الإيمان', وحب الوطن يقتضي الحفاظ عليه والعمل علي أمنه ورقيه واستقراره. ومن فقه الأولويات في مثل مرحلتنا الراهنة أن يعيش كل المصريين بكل طوائفهم وفآتهم حالة من التماسك والانشغال بهم كبير آلا وهو أمن الوطن, فليس هناك أغلي من الوطن, إن الأديان السماوية كافة تدعو إلي حب الإنسان لوطنه الذي يعيش فيه, وترجمة هذا الحب أقوالا صادقة وأفعالا نافعة, فلا يدخر جهدا في خدمته ولا يتأخر لحظة عن نصرته, بكل ما يستطيع ويملك من وطاقات وإمكانات. حب الوطن يقتضي كذلك عدم السماح لأي عابث أو حاقد أو حاسد دخيل أن يعبث به, وباستشعار هذه المسئولية العظيمة عند كل فرد يصبح الجميع عيونا ساهرة لحماية هذا الوطن. ومثلما توجد أخوة في الدين والإيمان, توجد أيضا أخوة في الإنسانية, فالناس جميعا علي اختلاف أطيافهم من أب واحد وأم واحدة( كلكم لادم وادم من تراب لافضل لعربي علي أعجمي الابالتقوي,) نحن جميعا اخوة في الوطن, وتأكيد الأخوة الوطنية الراسخة بين المصريين جميعا في المرحلة الحالية يكون بالوقوف صفا واحدا لمواجهة أية مؤامرات خارجية, تستهدف المجتمع بكل فئاته لا تستثني فردا أو جماعة- قال تعالي:' واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب' الأنفال آية25-, وعدم السماح بالمس بأمن الوطن وسلامته, أو الإنخداع بتدخلات شخصيات أجنبية مهما كانت مواقعها, أوجغرافياتها ودرجاتها, وفي مصرنا العزيزة لن يكون هناك من هو أحرص علي المصري من المصري, مهما اختلف عنه في الدين والمذهب, أو اختلف معه في الرؤي والطروحات. ولذا فإن علي كل أطياف المجتمع دون استثناء أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا, وكذلك ولا يتباغضوا أو يتنازعوا, لأن مزالق الفشل والتراجع وضياع الأوطان إنما مرجعها إلي التنازع, قال تعالي:' وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين' الأنفال آية46, إن التنازع يفضي إلي الفشل, لأنه يثير التباغض والشحناء, ويزيل التعاون والألفة بين النفوس, ويدفع بها إلي أن يتربص بعضها ببعض, ويمكر كل طرف بالآخر, مما يطمع الأعداء فيهم, ويشجعهم علي النيل منهم, ويجرئهم علي انتهاك حرماتهم.____ علي أنه من المهم هنا حمل الفشل في الآية الكريمة علي معني أعم وأوسع, بحيث يشمل الفشل في أمور الحياة كافة, الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ولا يقتصر علي ساحات الوغي والقتال فحسب, كما هو السبب الذي وردت لأجله الآية الكريمة, وهو معني لا تأباه اللغة, ولا يمنعه الشرع.__ وحاصل القول أن الاختلاف والتنازع عاقبته الفشل والخسران, وأن التعاون والوفاق نتيجته الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة, والقارئ لتاريخ الأمم والشعوب لا يعجزه أن يقف علي العديد من الأحداث والشواهد والمشاهد التي تصدق ما أخبر به القرآن الكريم من فشل وذهاب قوة وبأس من تنازعوا. أيضا من مرتكزات حب الوطن التكاتف والولاء لمن ولاهم الله تعالي أمر الوطن, قال تعالي:' يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم' النساء آية59, وليس المقصود بأولي الأمر الحكام والأمراء فحسب, بل ومعهم العلماء والحكماء وكل من كان دوره حفظ الأمن ونشرالفضيلة والخير.