حزب «حماة الوطن» ينظم لقاءً جماهيريا بالقليوبية دعما لمرشحه في انتخابات النواب    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    نائب رئيس ميرسك: عازمون على زيادة استثمارات الشركة في مصر خلال الفترة المقبلة    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الروسى    منتخب كرة السلة 3/3 جاهز للمشاركة في دورة التضامن الإسلامي    تموين الغربية: ضبط مخالفات متنوعة خلال حملات رقابية موسعة بعدة مراكز    دفاع سارة خليفة يواجه ضابط التحريات بالقضية ويطالب بجلسة سرية    ضبط طرفي مشاجرة بالشرقية بسبب خلافات الجيرة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    البنك الأهلي المصري راعي منتدى ومعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2025 Cairo ICT    تشكيل البرتغال المتوقع لمواجهة أرمينيا.. رونالدو يغيب للايقاف    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    أجواء شتوية رائعة فى أسوان واستقبال أفواج سياحية جديدة.. فيديو    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى عزم إدارة ترامب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    خالد النبوي: حسين فهمي أستاذ وصديق    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    كاتب بالتايمز يتغنى بالمتحف المصرى الكبير: أحد أعظم متاحف العالم    المدون الموسيقي أحمد الموجي فى قراءة لحفل المتحف الكبير: الاحتفالية رحلة موسيقية من الماضى إلى الحاضر بعين معاصرة    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    عراقجي: النهج الحالي للولايات المتحدة لا يدلّ على الاستعداد لمفاوضات عادلة ولن نشارك في مفاوضات هدفها الإملاء    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الإحصاء: حجم قوة العمل 34.727 مليون فرد بزيادة 3.3% خلال 3 شهور    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    أيمن عاشور يبحث سبل التعاون مع وزيرة التعليم والعلوم وسفيرة دولة مقدونيا الشمالية بالقاهرة    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    السلم والثعبان 2 يتربع على عرش إيرادات ليلة أمس    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظات مهمة لمراجعة الأفكار والسياسات
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2010

مع نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة يمكن أن نتلمس اتجاهات متعددة علي مستوي الأفكار والسياسات في العالم‏,‏ تتوقف أمام محصلة هذا العقد‏,‏ الذي شهد أحداثا كبري‏,‏ لكي تراجع بشكل نقدي كتابات وفلسفات وافتراضات‏,‏ صاغت أبعادا كثيرة من السياسات‏.‏ إن الألفية الثالثة التي بدأت بآمال عريضة‏,‏ لتحقيق الأمن الإنساني للبشر‏,‏ وشهدت تصديق رؤساء دول العالم علي الالتزام بالأهداف الانمائية للألفية الثالثة‏,‏ وما تضمنتها من تحديات لمواجهة الفقر وتحسين نوعية التعليم والصحة وتمكين النساء‏,‏ وغيرها‏,‏ قد تلاها أحداث كبري‏..‏ لعل أولها أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية عام‏2001,‏ التي امتدت تداعياتها إلي كل مكان في العالم باعلان الحرب علي الإرهاب‏,‏ ثم تشكيل تيارات قوية مناهضة للإسلام‏,‏ ومحاولات هنا وهناك للحوار بين الأديان وليس الحضارات‏..‏ ثم تأتي أحداث الغزو الأمريكي للعراق‏,‏ وكل ما تضمنته من تدمير وعنف‏,‏ ومن صراعات طائفية‏,‏ لكي تضيف إلي العقد الأول من الألفية الثالثة المزيد من التفاعلات والانعكاسات‏,‏ التي أعادت تشكيل الخريطة الإقليمية العربية‏,‏ وأثرت علي الفاعلين الرئيسيين في العالم وفي المنطقة العربية‏..‏ العقد الأول أيضا من الألفية الثالثة‏_‏ بأحداثه وتداعياته‏-‏ قلص إلي درجة كبيرة فرص وإمكانات السلام‏,‏ فالديمقراطية التي أوصلت حماس إلي السلطة‏,‏ قد صاحبها وتبعها صراع فلسطيني‏-‏ فلسطيني‏,‏ وصراع عربي‏-‏ عربي‏,‏ وإعلان حرب مدمرة علي غزة‏..‏ ثم نصل إلي إخفاقات التحول الديمقراطي في المنطقة العربية‏,‏ وما يعرف بالعجز الديمقراطي‏(‏ أو تجديد النظم السلطوية‏)‏ وبصحبته تيارات دينية متشددة‏,‏ وإخفاقات في السياسات التنموية‏,‏ وتعميق لفجوات العدالة الاجتماعية‏.‏ هذا السياق العالمي والإقليمي‏,‏ بلغت أحداثه الذروة‏,‏ بالأزمة المالية العالمية‏,‏ والتي لم تعرف الحدود الجغرافية‏,‏ وامتدت إلي أغلب دول العالم‏..‏
إن تعاظم هذه الأحداث‏,‏ وغيرها الكثير‏,‏ في السنوات العشر الأولي من الألفية الثالثة‏,‏ والتي طرحت بقوة أفكار العولمة والكونية‏,‏ بما تتضمنه من ابعاد سياسية‏(‏ تعميق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان‏),‏ وابعاد اقتصادية‏(‏ تحرير قوي السوق والتجارة الدولية‏)‏ وأبعاد تكنولوجية واتصالية‏,‏ قد دفع إلي إعادة النظر في فلسفات وأفكار كبري‏,‏ بدت كمسلمات صاغت سياسات‏,‏ من أبرزها‏:‏ هل هناك طريقة واحدة لفهم العالم؟ هل يمكن التنظير للدولة بمعزل عن السوق؟ هل يمكن التنظير للمجتمع المدني بعيدا عن رؤية مخاطر السوق وبعيدا عن رؤية الثقافة المجتمعية؟ هل توجد‏'‏ روشتة‏'‏ ديمقراطية واحدة؟ كيف يمكن إعادة النظر في حدود الدولة وحدود السوق؟ ما هي‏'‏ قواعد اللعبة الجديدة‏'‏ التي يمكنها أن تتعامل مع الانتماءات المتشابكة للبشر ومصالحهم التي قد تتعارض؟ هل مواثيق الشرف الاخلاقية وحدها يمكنها أن تنظم التعارض والتضارب في المصالح وفي سياق رأسمالية متوحشة عابرة للحدود؟
من أهم ما يمكن طرحه في هذا السياق هو المراجعة النقدية لجانب من الأدبيات التي سبق أن قدمت تنظيرات مهمة للتحول الديمقراطي والتوقعات العريضة من المجتمع المدني‏,‏ وهنا أشير إلي أهم ثلاثة أفكار خضعت لإعادة القراءة والنقد والتحليل في ضوء المتغيرات العالمية والإقليمية‏:‏
الفكرة الأولي‏:‏ إن الأدبيات الغربية وبعض الكتابات العربية‏,‏ تقدم تنظيرا يتبعه افتراضات تقود الممارسة‏-‏ بأن المجتمع المدني قادر علي التأثير الجوهري في عملية التحول الديمقراطي‏..‏ ويتم التنظير لهذا الدور بمصطلحات ليبرالية‏,‏ تنحي الثقافة والظروف الاقتصادية والاجتماعية جانبا‏..‏ هذه الفكرة تتم مراجعتها‏,‏ بعد ما تبين أن المجتمع المدني ليس هو‏'‏ العصا السحرية‏'‏ التي ستغير الواقع‏,‏ وها هو المؤتمر العالمي‏(‏ في البحر الميت‏-‏ الأردن‏)‏ الذي يجمع أبرز من قدم تنظيرات وتحليلات للمجتمع المدني والتحول الديموقراطي‏,‏ يراجع ويقيم الأدوار الفعلية للمجتمع المدني‏,‏ في ثقافات وسياقات اقتصادية واجتماعية مختلفة‏,‏ ليعلن صعوبة انطباق الفرضيات الغربية‏,‏ في سياق ثقافي وقيمي وسياسي‏,‏ يختلف إلي درجة كبيرة عن السياق الليبرالي الغربي‏...‏ وإلي جانب ذلك تراجع مؤسسات التمويل العالمية انعكاسات التدفق المالي غير المسبوق‏,‏ لدعم المنظمات الحقوقية في المنطقة العربية‏,‏ وأصبح السؤال المطروح هو ما حدود تأثير منظمات المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي في المنطقة العربية؟
الفكرة الثانية‏:‏ إن كلا من السوق والدولة قد اسهم في خلق تفاوتات واسعة بين البشر‏,‏ داخل نفس المجتمع‏,‏ وبين مجتمعات العالم‏,‏ ويصبح الأمر محل المراجعة النقدية‏,‏ هو هل يمكن لدولة القانون أن تعالج هذه التفاوتات وعمليات الاقصاء والتهميش؟ وهل الديمقراطية تتحقق بمعزل عن قوي السوق وعن الدولة؟ وهل تستطيع الدولة التدخلية إدارة مصالح المجتمع‏,‏ في نظم رأسمالية جشعة؟ هناك مراجعة نقدية قوية لمفهوم وممارسات حماية مصالح المجتمع‏,‏ فقد أحدثت العولمة والمصالح الاقتصادية الكبري للفئات الرأسمالية انشقاقات كثيرة‏,‏ وارتبط بعضها بقوة بمصالح في الخارج‏,‏ ومصالح مع بعض القوي الفاعلة في الداخل‏,‏ وذلك علي حساب المجتمع‏,‏ ومفهوم المصلحة الوطنية‏.‏
الفكرة الثالثة‏:‏ إذا كانت قيم الثقافة المدنية‏,‏ التي تعتمد علي التسامح والحوار الديمقراطي وقبول الاختلاف‏,‏ هي متطلبا رئيسيا لتحقيق التحول الديمقراطي‏,‏ فإن ذلك يقود إلي رؤية المجتمع المدني كآلية رئيسية لنشر الثقافة المدنية‏,‏ ويقود إلي توقعات كبري بأن توفر منظمات المجتمع المدني بديلا اخلاقيا عن المصلحة الذاتية‏,‏ وتأسيس تقاليد الاحترام المتبادل‏,‏ والعمل الجماعي والممارسة الديمقراطية‏..‏
في هذا السياق فإن هناك مراجعة نقدية لمثل هذه الفرضيات والأفكار‏,‏ لأن أي مجتمع مدني في العالم‏,‏ هو نتاج أو محصلة ثقافة سياسية ومنظومة قيمية‏,‏ وسياق اقتصادي وسياسي‏,‏ ومن ثم يصبح المجتمع المدني ذاته‏-‏ وهو كيان غير متجانس‏-‏ يعاني من نفس الأمراض المجتمعية‏,‏ وهو كما أشار البعض‏'‏ لا يضم ملائكة‏'..‏
الخلاصة إذن أن هناك مراجعات نقدية تتم في محافل ومنتديات متعددة‏,‏ لأفكار وفلسفات وتوجهات‏,‏ تم تبينها ثم تعميمها‏,‏ هي الآن محل تقييم وإعادة قراءة في ضوء الواقع‏,‏ وما كشفت عنه المتغيرات والأحداث‏,‏ في العقد الأول من الألفية الثالثة‏..‏ هذه المراجعات مهم أن تبدأ بمبادرات عربية‏,‏ وأن تضطلع الجماعة الأكاديمية بأدوار مهمة‏,‏ وتقود إلي عقل نقدي‏,‏ قد ينجح في توجيه النشطاء والسياسات نحو مسارات يمكن التأثير فيها‏.‏ لم يعد من المقبول إلا أن نشارك في المراجعة النقدية للأفكار والسياسات‏,‏ التي أثرت بعمق في التوجهات السياسية والاقتصادية لنا عبر العقدين الماضيين‏,‏ ولم يعد من المقبول أن الغرب الذي‏'‏ صدر‏'‏ لنا هذه الأفكار والسياسات‏,‏ هو الذي يبادر بالمراجعة والقراءة النقدية‏,‏ ونحن مازلنا مستوردين‏..‏
المزيد من مقالات د‏.‏ أماني قنديل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.