علي الرغم من كل التساؤلات الحائرة الايجابية والسلبية حول موقع ويكيليكس فإن الحقيقة المؤكدة ان تسريبات الموقع للوثائق الديبلوماسية الأمريكية يعد من الأحداث العالمية الكبري. ليس فقط من زوايا الإثارة والتشويق والنميمة, ولكن أيضا من زوايا الأهمية القصوي في توجيه أحداث العالم ووضع بصمة لاتزول في تحديد مسارها للحاضر والمستقبل نتيجة للطلقة القاتلة التي وجهها الموقع بتسريباته إلي قلب النظام العالمي وعالمه الخفي غير المرئي المسيطر علي مطبخ صناعة القرار في كل دول العالم, ويرجع ذلك الي إعادة تأكيد التسريبات علي ما هو معروف ومتداول لدي الجمهور العالمي حول أساليب ووسائل صناعة القرار في قمة السلطات الحاكمة واعتمادها علي معلومات وتحليلات تتداول بالاساس في الغرف المغلقة وباتباع طقوس الجاسوسية المقدسة للكشف عن غير المعلن علي الملأ وللجمهور من السياسات والمواقف مع تأكيد دور ما هو خفي ومستور في توجيه سياسات العالم واستراتيجية وصياغة قراراته الخطيرة التي تدفع لاتخاذ قرارات الحرب وتدفع لاتخاذ قرارات السلم والمهادنة والتصالح. وعلي الرغم من أن توصيف العالم لتسريبات ويكيليكس بأنها زلزال سياسي عالمي فإن الكثير مما حوته التسريبات من معلومات وتحليلات لايعد جديدا ولا يعد من الأسرار الكبري فقد نشر غالبيتها في صحف ومجلات وفضائيات العالم علي امتداد السنوات الماضية بصورة أو بأخري ولكن تم التعامل معه دائما من قبل الرأي العام العالمي والوطني باعتباره كتابات صحفية تحتمل معاني التصديق والتكذيب كما هو المتعارف عليه في تعريف الخبر الصحفي باعتبارها ما يحتمل دائما الصدق والكذب, ومع التسريبات فقد تم توثيق هذه الأخبار والتحليلات والكتابات الصحفية وانتقلت بما تتضمنه من خانة الصحفي والاعلامي الي خانة الرسمي الدبلوماسي والسياسي, وأصبحت بالتالي جزءا من ذاكرة الدولة وأرشيفها وجزءا من ممارسات الحكومة وأعمالها السيادية, وقد انتقل العالم في ظل تسريبات ويكيليكس الي مرحلة جديدة تماما من حيث النتائج والتأثيرات, ففي السابق كانت التسريبات لأجهزة العالم مجهولة المصدر وكانت تستهدف دائما أهدافا مرسومة مسبقا بدقة شديدة, وكانت تسمي وفقا لأدبيات الدعاية السوداء باسم بالونات الاختبار وكانت تعتمد علي وسائط اعلامية ورجال اعلام معروفين بعلاقاتهم الوثيقة بأجهزة الدولة وفي مقدمتها الخارجية والمخابرات والأمن وكذلك أجهزة الرئاسة والدفاع وقد ثبت بالاعتراف الشخصي المباشر اخيرا ان تسريبات فضيحة ووترجيت الأمريكية التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون, كان المسئول الأول عنها أحد كبار المسئولين في جهاز المباحث الفيدرالية اف.بي.اي. خطورة الوثائق كشهادات رسمية لمواقف الدول وتأتي الأهمية الكبري والاثارة الساخنة لتسريبات وثائق الدبلوماسية الأمريكية من كونها تكشف الغطاء بشكل مباشر عن موقف الإدارة الأمريكية والمسئولين بها والعاملين فيها من الدول والقادة والمسئولين وهي بذلك شهادات رسمية مدموغة بالنسر الأمريكي مما يخرجها تماما عن مظنة التأويلات مهما قال البعض إن الوثائق الدبلوماسية مجرد مادة خام أولية تخضع للغربلة والفرز وتخضع للتدقيق في ضوء وثائق المخابرات ووزارة الدفاع عن نفس الموضوعات, ثم تخضع في النهاية لتفضيلات المسئول الحكومي عندما تقع في نطاق اختصاصاته وسلطته أو تخضع لتفضيلات الرئيس الأمريكي عندما يحتاج القرار الي تدخله وسلطته, وقد يكون ذلك هو الدافع الرئيسي لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية لوصف التسريبات بأنها تشكل اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر الدبلوماسية علي أمريكا, ومع استدعاء هيلاري لاحداث الحادي عشر من سبتمبر يتكشف بالضرورة إمكانيات استغلال كل الاطراف الفاعلة علي الساحة الأمريكية للتسريبات مع تحويلها الي مسألة امن قومي يهدد أمن وسلامة امريكا وما يستوجبه من استدعاء لكافة الاساليب والوسائل لحمايته واستخدام كل الأسلحة والأدوات لمواجهته عبر خارطة العالم ويضع جون بولتون اليميني المحافظ المتطرف ومندوب أمريكا السابق بالأمم المتحدة خلال حكم جورج بوش الابن لمساته المهمة علي الموضوع وامكانيات استغلاله ومساراتها بقوله إن عقيدة ادارة أوباما لا تضع مسألة الأمن القومي في قلب أولوياتها وبالتالي فإن خطر أوباما علي الأمريكيين أكبر من خطر ويكيليكس. وتفهم ردود الفعل الأمريكية خاصة من تسريبات ويكيليكس يحتاج لفهم أبعاده ودوافعه أن يتم استدعاء ردود الفعل في حالات أخري تم فيها تسريب وثائق خطيرة تمس الأمن القومي الأمريكي بشكل مباشر وفي مقدمتها ما قام به الجاسوس جوناثان بولارد عام1996 باعطاء الكيان الصهيوني كمية هائلة من وثائق الاستخبارات العسكرية وثبوت قيام الموساد ببيع جزء من هذه الوثائق المتضمنة معلومات استخباراتية الكترونية للصين وبالرغم من فداحة الجرم وتأثيره المباشر علي الأمن القومي الأمريكي بحكم طبيعة هذه الوثائق وقيام الحليف الاستراتيجي الصهيوني بتسريبها الي طرف ثالث يشكل تهديدا استراتيجيا بالمعني الاستراتيجي الشامل العسكري والسياسي والاقتصادي التجاري فإن السلطات الأمريكية والقوي السياسية النافذة وضعت التسريب الخطير في نطاق عقوبة السجن الصادرة بحق بولارد ولم يتم شن الحرب الخفية أو العلنية علي اللوبي اليهودي ولا حتي علي المصالح المرتبطة بالكيان الصهيوني الذي لا يتردد بشكل متصل عن المطالبة بتسليم بولارد وكأنه لم يرتكب جريمة وكأن أفعاله لا تشكل جرما يستحق عقابا واسع النطاق والحدة, كما ان هناك واقعة قيام دانيال ايلسبيرج الذي قام بتسريب وثائق سرية لصحيفة النيويورك تايمز خاصة بوزارة الدفاع تكشف عن أكاذيب الإدارة الأمريكية لتبرير حرب فيتنام وقد قامت الصحيفة بنشر هذه الوثائق وكان هناك الكثير من التسريبات حول كذب جورج بوش الابن في ادعاءاته عن الخطر العراقي النووي وامتلاكه لأسلحة كيماوية وبيولوجية وهي المبررات الرئيسية لاحتلال العراق. ولابد من تقييم ردود الفعل الأمريكية لاكتشاف الأهداف الحقيقية العاجلة وتحديد سيناريو الأحداث المستقبلي القريب والبعيد في ضوء إعلان الحرب علي الموقع وناشره اسانج فقط بعد الاعلان عن تسريبات الوثائق الدبلوماسية وتغاضيها عما ينشره الموقع من وثائق بلغ مجموعها وفقا للتقديرات الدولية1.2 مليون وثيقة منذ انشائه عام2006 الجزء المهم والكبير منها يخص أمريكا تحديدا ويصب بشكل مباشر في خانة أمنها القومي, حيث قام الموقع في يوليو الماضي بنشر92 ألف وثيقة عن الحرب في أفغانستان وما يحيطها من فساد وفشل وانحراف أخلاقي للجيش وقتل للأبرياء من المدنيين ثم قام بنشر400 ألف وثيقة عن الحرب في العراق خلال شهر اكتوبر الماضي اعادت تفجير الجرائم الأمريكية المروعة في حق المدنيين العراقيين وعدم اكتراثها بقواعد القانون الدولي والقانون الانساني ووحشية الجنود الأمريكيين وغيرها من الأمور التي تثبت جرائمها كسلطة احتلال بربرية ووحشية, وعلي الرغم من كل ذلك فإن هوجة أحاديث الأمن ومخاطره لم تنفجر فقاعتها وبقيت تحت الرماد. غرابة إهمال دور الصحف الخمس العالمية المسئولة عن النشر واللافت للانتباه في مجريات الصراع والأحداث أن اعلان الحرب يكاد يقتصر علي موقع ويكيليكس فقط لا غير, وكأنه مقصود بالحرب منذ اللحظة الأولي ان تركز علي مواقع الانترنت فقط لاغير باعتبارها مصدر تسريب الوثائق في حين ان الواقع العملي يثبت ان النشر المنظم للوثائق الدبلوماسية وكل الترتيبات المرتبطة بتوقيتات النشر, واسلوبه وطريقته يتم من خلال خمس صحف عالمية كبري فوضها ناشر الموقع في الحصول علي الوثائق بلا مقابل مادي وترك لها تنظيم عملية النشر وهذه الصحف الخمس تنقل عنها بالأساس كل وسائل الاعلام العالمية, وقد قامت هذه الصحف بدور الرقيب علي النشر وهي رقابة تسميها رقابة مهنية وأخلاقية, في حين ان المعروف عالميا أن هذه الصحف وثيقة السلطة بأجهزة الدولة في بلدانها ووثيقة الصلة ايضا بأجهزة الدولة في العديد من الدول علي امتداد خريطة العالم وتضم النيويورك تايمز الأمريكية الجارديان البريطانية درشبيجل الألمانية البايس الاسبانية لوموند الفرنسية, وبالرغم من كل الاجراءات العقابية للموقع وناشره فإن هذه الصحف لم تتعرض لمثيلها, وكأن ويكيليكس هو الحلقة الأضعف في بعض الأقوال, أو كأن الإعلان عن الحرب العالمية الالكترونية الأولي هو المخيف والمروع والمرعب للسلطات الأمريكية وغيرها, وكأن هناك ترتيبات للاعلان عن حرب مضادة ساحتها الانترنت بوسائل واساليب مازالت قيد البحث انتظارا لصدور القرار, وكأن هناك حسابات وتقييمات في الدول الكبري وفي مقدمتها أمريكا تري في الانترنت خطرا داهما علي سطوتها ونفوذها وكأن التيار الاصولي العالمي صاحب الايديولوجية الاصولية المسيحية الصهونية يتخوف من عالم الانترنت وما يتيحه للجمهور العالمي من تواصل حر بلا عوائق قادرة علي تعرية سوءات التطرف والعنصرية والاساطير المخبولة التي تحركه وتقوده. ويرتكب الكثيرون أخطاء فادحة بالجري وراء العناوين البراقة الصارخة الإعلامية والدعائية فقط التي لا تحمل مضمونا حقيقيا جادا عند تقييم تسريبات ويكيليكس ووصفها باعتبارها اعتداء علي البريد الأمريكي السري الذي لا يفتح إلا بمعرفة أصحابه والمسئولين عنه, ويمكن تحديد طبيعة مفهوم السرية المعاصرة في امريكا من خلال تصفح كتاب السيرة الذاتية الصادر أخيرا لجورج بوش الابن وما تضمنه واحتواه عن فترتي الرئاسة حيث يكشف عن لقاءاته رؤساء الدول وأحاديثهم معه عن أمور سياسية شديدة الحساسية ويصل الأمر إلي الادعاء الكاذب الذي انكرته تماما رئاسة الجمهورية المصرية, كما يكشف أيضا عن أمور شديدة الحساسية حدثت في دائرة القرار الضيقة العليا وما ارتبط بجدل داخلها حول قرارات بالغة الأهمية لأمريكا والعالم وكل ذلك يتعارض ببساطة مع القوانين الأمريكية التي تحدد مددا زمنية محددة تصل في بعض الأمور الي خمسين عاما للسماح بالكشف عن الوقائع والوثائق المرتبطة بها وكذلك فعل توني في بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وشريك بوش في حروبه الشيطانية علي العرب والمسلمين والاسلام بدعاوي كاذبة ملفقة, ولم يشهر أحد في وجههما سلاح السرية أو ذرائع الأمن القومي. غياب المساءلة والمحاسبة الفعلية عن تسريب الأسرار ووفقا للتقاليد الغربيةوالأمريكية فإن هناك تغافل عن نشر الأسرار العليا للدولة وتسريب ما تتضمنه الوثائق الرسمية في مذكرات الكبار الشخصية يمتد ايضا لما يقوم بنشره بعض كبار المستشارين حيث يشير السيد يسين المفكر المصري المرموق في مقال له نشر بصحيفة اخبار اليوم الي واقعة نشر المفكر الفرنسي المعروف جاك اتالي الذي كان مستشارا خاصا للرئيس فرانسوا ميتران علي امتداد حكمه كتابا في عام1993 أثار ضجة لأنه كان عبارة عن محاضر لقاءات الرئيس مع رؤساء الدول والتي سجلها بنفسه خلال حضوره للقاءات ووصل الأمر الي تضمين الكتاب نصوص المكالمات التليفونية بين ميتران ورؤساء دول, وهناك ايضا واقعة أمريكية صرفة للتسريب للوثائق الرسمية علي أوسع نطاق ومدي خلال محاكمة الكونجرس العلنية للرئيس بيل كلينتون مع اتهامه بالتحرش الجنسي بمتدربة في البيت الأبيض هي مونيكا لوينسكي, فقد تم فضح الرئيس وفضح ما كان يتم في البيت الأبيض والمكتب البيضاوي للرئيس وتسجيلات الرئيس ومكالماته ومواعيده في المكتب ما كان يقوم بها تحديدا واستخداماته الشهيرة للسيجارة الكوبي وتم بث ذلك حيا علي كل القنوات الفضائية في العالم ومع حجه السعي لإظهار الحقيقة وتحت دعاوي الشفافية لم يقل أحد إن الكونجرس إضر بالأمن القومي بالرغم من تندر كل العالم وسخريته واستهزائه واستهجانه الحاد لسلوكيات كلينتون المنحرفة وما ألحقه كل ذلك من ضرر فادح بصورة أمريكا عالميا بل بصورة الحلم الأمريكي والحرية والديمقراطية وفي النهاية استمر كلينتون رئيسا متوجا مؤتمنا علي مصير الدولة والأمة وقيمها ومؤتمنا علي شفرة الأسلحة النووية والصواريخ عابرة القارات وهو الذي غرق ونسي كل واجباته ومسئولياته أمام اغراء متدربة مراهقة. وعلي الرغم من أن فضيحة مونيكا لوينسكي تسببت ضمن عوامل اخري في خسارة الحزب الديمقراطي للرئاسة وسيطرة الحزب الجمهوري علي البيت الأبيض فإن أحدا لا يمكنه ان يمسك بتلابيب القرارات التي أصدرها بيل كلينتون بعد نجاته غير المفهومة من الفضيحة الدامغة والثابتة والأطراف التي استفادت منها, ولكن المؤكد انها تم توظيفها بشكل مباشر لمصلحة اليمين المحافظ المتطرف والحزب الجمهوري في ظل أحاديثهم المستفيضة عن القيم والتقاليد في مواجهة تيار الحزب الديمقراطي الأكثر تساهلا في الحديث عن القيم والتقاليد بعد ان تم ضبط الرئيس متلبسا بالجرم الناضح في المكتب البيضاوي وقد استخدمت نفس الاتهامات الجنسية ضد جوليان اسانج ناشر ويكيليكس واتهم بالاغتصاب في السويد من امرأة هي التي قامت بدعوته لحضور مؤتمر نظمته عن تكنولوجيا المعلومات واستضافته في بيتها لمدة أسبوعين ثم اتهمته باغتصابها وتمت تبرئته من تهمة الاغتصاب وأفرج عنه وغادر السويد ثم أعيد التحقيق أمام مدعين عامين جدد, وتملك هذه المرأة كما يرصد موضوعا بجريدة الوفد المصرية سجلا حافلا في التعامل مع المخابرات المركزية الأمريكية ويعاونها شخص كان يعمل فيها وتمارس نشاطا ضد نظام الحكم في كوبا ولها علاقات وثيقة بالكيان الصهيوني وتتواجد فيه حاليا علي الرغم من عضويتها في الحزب الاشتراكي السويدي وتعريفها لنفسها علي موقعها بالانترنت بأنها يسارية اشتراكية كما تشير الاحداث الي شذوذها واحتفاظها دائما بصديقة وليس بصديق وتوليها منصب الناطق باسم مجموعة الاتحاد الليبرالي الكوبي المناهضة للنظام والتي تملك علاقة وثيقة بالمخابرات الامريكية ومن جملة الغرائب المثيرة المتداخلة في الموضوع ان المحامي البريطاني الاسترالي الأصل الذي انضم لفريق الدفاع عن اسانج في لندن وهو المحامي جيفري روبرتسون كان هو نفسه ضمن فريق الدفاع عن سلمان رشدي الذي أصدر كتابا ضد الاسلام وصدرت فتوي بهدر دمه في ايران ولكنها قد تكون صدفة من محام يبحث عن الشهرة ويتطوع للدفاع في قضايا الرأي العام. *** لا تقتصر المخاوف المشتعلة من الحرب الالكترونية العالمية الأولي علي مجرد تسريب الوثائق الرسمية الحساسة للدول بل تمتد بشكل عميق من أن يتولي قيادتها المقتنعون بمفهوم الاعلام الثوري ومفهوم الإعلام المقاتل وكذلك هؤلاء الذين يتبنون أفكار اثارة الفوضي عبر الانترنت في حربهم ضد النخبة الحاكمة والنخبة المسيطرة اقتصاديا وماليا وسياسيا مع تصاعد المخاوف لدي سلطات الحكم من ترسيخ مبدأ ان الجمهور يملك حق معرفة الحقيقة واحتمالات افشاء الاسرار العظمي والكبري التي تفضح العالم الخفي المتحكم في شئون العالم وتصريف أموره بما يفتح الابواب لسقوط الحكومات المتسترة عليها خاصة أن الهدف المعلن لويكيليكس يستهدف وضع الحكومات تحت رقابة الصدق والنزاهة من خلال الاعلام القوي القادر علي كشف تجاوزات وكذب وتلاعب الحكومات. وفي مواجهة هذه المخاوف الرسمية فإن الحملة علي اسانج وغيره من قراصنة الانترنت تتجاوز كثيرا حدود اتهامات التحرش الجنسي حتي لا يصبح اسانج أو غيره تشي جيفارا القرن الحادي والعشرين مما يجعل الحرب ضد الثورة المعلوماتية تصل لاتهامه بانه الشاب المقامر الذي يهوي التلاعب والقرصنة عبر شبكة الانترنت ويجيد التعامل فقط في عالم الاسرار وهو ضمن مجموعة من الفوضويين يؤمنون بأيديولوجية فوضوية تتحدي فكرة الدولة وسيادتها وهم يؤمنون بالليبرالية العدمية التي لا تعرف الضوابط ولا تعترف بالقيود وتصل الاتهامات الي اثارة تساؤلات تستوجب التدقيق حول حدود سطوة القوي العالمية الخفية علي عالم الانترنت بأساليب مباشرة وغير مباشرة بحكم انها لايمكن ان تقف صامتة ومكتوفة الأيدي عن عالم الكتروني جديد لابد وان يملك نفوذا وتأثيرا شديد الوضوح والقوة في المستقبل القريب علي القيم والأفكار والايديولوجيات وتوجهات الاحداث وتحديد المواقف بالرفض أو بالقبول؟!