2- يؤكد الباحث الأكاديمي الإسرائيلي إيلان بيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا في كتاب: أرض واحدة وشعبان أن التفسير الإسرائيلي لاتفاقيات أوسلو لم يكن مقصورا علي حكومة بعينها, وإنما كان منهاج عمل لجميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رابين وبيريز ونيتانياهو وباراك وليفني وأولمرت, وإن اختلفت الوسائل وتبدلت لغة الخطاب السياسي والإعلامي. ثم إن المؤلف يعتقد أنه كلما كانت تظهر في الأفق السياسي داخل إسرائيل ملامح تقارب بين حزب العمل وحزب الليكود من أجل التفاهم حول تفسير موحد لهذه الاتفاقيات يضمن توفير السلام لإسرائيل فإن قوي اليمين المتطرف عجزت عن استيعاب ذلك وعبرت عن انزعاجها من هذا التقارب إلي حد أنها لجأت إلي اغتيال اسحق رابين عام1995 تحت وهم الاعتقاد بأن رابين سوف يضحي بالمستوطنات في حين أن رابين كان يريد فقط تفكيك بعض المستوطنات المعزولة هنا أو هناك ولم يكن في نيته أن يدخل في مواجهة مع المستوطنات الكبري في الضفة الغربية. كان رابين حسب اعتقاد إيلان بيب يريد إقناع الفلسطينيين بدولة صغيرة في مقابل حصول إسرائيل علي سلام كامل يحقق لها الأمن الموعود, ولكن الذين حرضوا علي قتله كانوا يعتقدون أنه يريد أن يضفي المشروعية علي عرب إسرائيل من عام(1948), الذين ساهموا في انتخابه بينما كل فصائل اليمين الإسرائيلي المتطرف تحلم بطردهم إلي خارج إسرائيل حتي تصبح الدولة العبرية دولة يهودية بنسبة مائة في المائة. .. أليس ذلك صورة بالكربون لما نراه الآن علي يد نيتانياهو؟! ويعرج مؤلف الكتاب إلي نقطة تحول مهمة للغاية في مسار الصراع قلبت الكفة تماما لمصلحة فكر اليمين الإسرائيلي المتطرف مشيرا إلي أن الفلسطينيين يدفعون الآن ثمنا باهظا لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001 علي الرغم من أنه لم تكن لهم علاقة من قريب أو من بعيد بما جري.لقد كان11 سبتمبر عام2001 بمثابة كارثة علي الحلم الفلسطيني بعد أن نجح الإسرائيليون في إقناع أمريكا وأوربا بأن أسامة بن لادن ينطلق من نفس الأيديولوجيا العقائدية للمنظمات الفلسطينية خاصة حماس والجهاد الإسلامي, وبالتالي فإن كل الفلسطينيين, إرهابيون وما يقومون به ليس مقاومة وإنما هو إرهاب! والكتاب في مجمله يمثل اعترافا شجاعا من كاتب إسرائيلي بالمسئولية السياسية والأخلاقية, التي يتحملها دعاة الحركة الصهيونية وجنرالات المؤسسة العسكرية, الذين أباحوا شرعية التطهير العرقي ضد الفلسطينيين ووقفوا بكل قوة ضد جميع المحاولات التي استهدفت إقامة الجسور بين العرب واليهود.. أي بين السكان الأصليين للبلاد والسكان القادمين من الخارج باسم الأرض الموعودة! وهذا هو ما أدركه أبو مازن مهندس اتفاقيات أوسلو قبل17 عاما مضت ودفع به إلي محاولة وضع أمريكا وإسرائيل أمام مسئولياتهما من خلال التلويح باحتمال اللجوء إلي قرار يحل السلطة الوطنية الفلسطينية التي لا تملك أي سلطة علي حد تعبيره!
خير الكلام: ** عندما يتراجع الحلم ويتحول إلي سراب لا بد من حلم جديد! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله