هو أبو الحسن علي بن رضوان المصري بن علي بن جعفر والذي ولد في مدينة الجيزة قرب القاهرة عام988 م وتوفي بها عام1068 م. كان طبيبا ذائع الصيت وعالم فلك ومن كبار الفلاسفة في الإسلام نشأ في بيئة فقيرة فقد كان أبوه يعمل فرانا ولذا اضطر الي العمل في صغره لكي يستطيع أن يشتري ما يحتاجه من الكتب. يقول عن نفسه في مذكراته( وأنا في السادسة أسلمت نفسي الي التعليم ولما بلغت السنة العاشرة انتقلت الي المدينة العظمي القاهرة وأجهدت نفسي في التعليم وكانت دلالات النجوم في مولدي تدل علي أن صناعتي الطب فلما أتممت أربع عشرة سنة أخذت في تعلم الطب والفلسفة ولم يكن لي مال أنفق منه فلذلك عرض لي في التعليم صعوبة ومشقة, فكنت أتكسب من صناعة القضايا بالنجوم( التنجيم) ومرة من صناعة الطب ومرة بالتعليم ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم الي السنة الثانية والثلاثين فانني اشتهرت فيها بالطب) بعد أن ذاع صيته كطبيب عالم ضمه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الي بلاطه وعينه كبيرا لأطبائه وأصبح مشهورا في سائر أقطار الخلافة الإسلامية كطبيب مصر العلامة واستدعاه حاكم بلوخستان لكي يعالجه من شلل جزئي أصيب به. من أهم إسهامات ابن رضوان في الطب اهتمامه بالطب الإكلينيكي بمعاينة المريض والتعرف علي المرض وذلك بالنظرالي هيئة أعضاء المريض وبشرته, وتفقد أعضائه الباطنية والخارجية, وطريقة نظره وكلامه ومشيته, والتعرف علي نبض قلبه وعلي مزاجه عن طريق توجيه الأسئلة إليه كما ذكر ذلك في مذكراته. أما عن أعماله فقد ألف ابن رضوان نحو مائة كتاب ورسالة في الطب والفلسفة حسب ما ذكر في كتاب المؤرخ العربي ابن أبي أصيبعة( عيون الأنباء) ترجم بعضها الي اللاتينية بواسطة جيرار الكريموني ونشر في البندقية عام1496 م. ومن أشهر هذه الكتب كتاب( دفع مضار الأبدان بأرض مصر) والذي ترجم ماكس ميرهوف فصلا منه في كتابه دراسة المناخ والصحة في مصر القديمة عام1923 م كما ذكر في مؤلفاته أسس المحافظة علي الصحة بممارسة الرياضة البدنية والتغذية السليمة وكتب ذلك في مذكراته فقال أتصرف في كل يوم في صناعتي بمقدار ما يغني, ومن الرياضة التي تحفظ صحة البدن وأتغذي بعد الاستراحة من الرياضة غذاء أقتصد حفظ الصحة وأجتهد في كشف كربة المكروب واسعاف المحتاج وما بقي من يومي صيرته لعبادة الله سبحانه وللقراءة في الطب والفلسفة وأتفقد في وقت خلوتي ما سلف في يومي من أفعالي وانفعالاتي فما كان خيرا أو جميلا أو نافعا سررت به وما كان شرا أو قبيحا أو ضارا وافقت نفسي بألا أعود الي مثله. ولقد اهتم ابن رضوان كثيرا بالناحية الأدبية المسلكية لمهنة الطب وهو ما يعرف اليوم باسم آداب المهنة فخصها بدراسات ومؤلفات عديدة وأهم ما ورد عنده في صفات الطبيب الفاضل في كتابه( شرف الطب واداب الطب) هو الذي اجتمعت فيه سبع خصال: الأولي: أن يكون تام الخلق, صحيح الأعضاء, حسن الذكاء, جيد الرؤية, عاقلا, خير الطبع. والثانية: أن يكون حسن الملبس, طيب الرائحة, نظيف البدن والثوب. والثالثة: أن يكون كتوما لأسرار المرضي لا يبوح بشئ من أمراضهم. والرابعة: أن تكون رغبته في ابراء المرضي أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة. والخامسة: أن يكون حريصا علي التعليم والمبالغة في منافع الناس. والسادسة: أن يكون سليم القلب, عفيف النظر, صادق اللهجة. والسابعة: أن يكون مأمونا علي الأرواح والأموال, لا يصف دواء قتالا ولا يعلمه, ولا دواء يسقط الأجنة, يعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه. أما شهرته في علم الفلك فترجع الي تسجيله حدثا مهما في علم الفلك فمنذ ألف عام حدث في الفضاء انفجار نجمي عظيم وذلك في يوم30 أبريل من عام1006 م. شوهد في معظم أنحاء الأرض وسجله علماء الفلك في اليابان والصين وسويسرا وأمريكا الشمالية وفي مصر, سجله ابن رضوان حيث وصف هذا الحدث وهو في الثامنة عشرة من عمره بمنتهي الدقة, حجمه ومكانه وشدة إضاءته بالنسبة لكوكبي الزهرة والقمر. ولقد ذكرت المؤرخة مارجريت دونسباخ في كتابها عام2006 م أن مجموعة من علماء الفلك في إنجلترا وأستراليا في عام977 م قرروا دراسة بقايا هذا الانفجار النجمي الذي حدث عام1006 م واستعانوا بتقارير الذين سجلوا هذا الحدث من الصين وسويسرا واليابان ومصر فلم يدلهم علي مكانه الا الإحداثيات التي ذكرت في تسجيل هذا الحدث والتي تمت بواسطة ابن رضوان المصري.. وتخليدا لذاكراه أطلق اسمه علي أحدث شوارع الجيزة التي ولد وتوفي فيها.