حوافز لتنظيم الأسرة

رغم الظروف المعيشية والضغوط التي تتعرض لها كل الأسر والتي تحتم تنظيم الإنجاب الذي يفضل ألا يتجاوز طفلين للأسرة‏,‏ إلا أن الواقع يشهد بأن كثيرا من المتزوجين يفضلون انجاب أكثر من طفلين. حتي لو كان في ذلك ارهاقا بدنيا ونفسايا للزوجة أو مادي للزوج‏,‏ وللأسف فالمبررات التي يسوقها معظمهم هي نفسها التي كان يرددها أجدادنا وأباؤنا‏:‏ نريد من يرثنا‏..‏ الخلفة عزوة فالتعليم وتطور المجتمع لم يفلحا في إقناع الناس بتغيير هذا المفهوم‏.‏ولأن إنجاب أكثر من طفلين لا يؤثر فقط علي الأسرة وإنما يمتد إلي المجتمع كله فقد حرص المجلس القومي للسكان علي تنفيذ خطة عاجلة لمواجهة الزيادة السكانية حتي عام‏2012 تستهدف شريحة الشباب المقبلين علي الزواج والتوعية بأهمية المباعدة بين الأولاد بهدف تحسين الخصائص السكانية فكلما أصبح عددنا أقل استطعنا التخطيط لأسرتنا في حدود إمكانياتنا‏,‏ وتوضح د‏.‏مها مراد مقرر المجلس القومي للسكان أن الخطة تقوم علي تفعيل فحص ما قبل الزواج بالتعاون مع وزارة الصحة وأن يكون إجباريا للمقبلين علي الزواج وتتحمل الدولة التكاليف لأن ذلك سيجنبنا الكثير من الأمراض والإعاقات التي تنفق عليها الدولة بالمليارات كما قمنا بتشغيل‏ 800 ألف وحدة تنظيم أسرة تم تدريبهم تدريبا مكثفا للتعامل مع الشباب‏,‏ وتشارك في الخطة الجمعيات الأهلية بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والهدف هو استثمار كل من هو قادر علي خدمة المجتمع والتعريف الأمثل بوسائل تنظيم الأسرة الحديثة مثل وضع كبسولة تحت الجلد يستمر مفعولها لمدة‏3‏ سنوات وثمنها 25 يورو‏,‏ فإذا تعاقدت وزارة الصحة عليها يمكن أن ينخفض ثمنها‏.‏ وتضيف أن المجلس ينفذ بجانب الخطة العاجلة خطة مستقبلية تتضمن إدراج المشكلة السكانية في مقرر العلوم ومعلومات أساسية عن وظائف الجسم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية من خلال الأنشطة والأغاني والمسرحيات أو رسومات تعبيرية عن الزحمة التي نعاني منها‏,‏ وتشير إلي أن هناك‏ 24 دولة تعاني من المشكلة السكانية ولابد أن نتعرف علي تجارب الدول الأخري ونطبق منها ما هو قابل للتطبيق مع استبعاد ما لا يتناسب مع مجتمعنا‏..‏
وتقترح د‏.‏مها مراد كحل للمشكلة السكانية تأجير مساكن الشباب وعدم تمليكها ويكون من حق من يقوم بتنظيم نسله الحصول علي مسكن مجان أو بأجر رمزي‏,‏ وتضيف أن لدينا مشكلة خطيرة ويجب علينا عدم تجاهلها وهي العشوائيات التي يعيش فيها‏ 17 مليون مواطن في جميع المحافظات وهم يمثلون‏ 25 % من المشكلة السكانية التي تعتبر مشكلة أمن قومي‏..‏
وفي الفترة الأخيرة بدأت الجامعات تقوم بدور مهم لربط ثقافة تنظيم الأسرة بمنظومة التعليم الجامعي تحدثنا عنها د‏.‏سلوي الغريب أمين عام المجلس الاعلي للجامعات موضحة أن مشروع دمج القضية السكانية في منظومة التعليم الجامعي يتم تنفيذه في‏ 17 جامعة حكومية لأنها تمثل الشريحة الكبري من الشباب المقبلين علي الزواج‏,‏ وهذا المشروع يتم بخطة عاجلة تستهدف شباب الجامعات من خلال تنظيم الندوات واللقاءات للتوعية بالمشكلة‏..‏ فالمشروع يهدف الي وجود شبكة من الأساتذة من جميع المحافظات ليقوموا بهذه الأنشطة في كل جامعة وأن يؤمن كل شاب بدوره الحيوي والمحوري وأنه مساهم إيجابي في عملية الإنتاج والتنمية وليس مستهلكا للتنمية‏.‏
أما د‏.‏ هشام مخلوف المنسق العام لمشروع دمج القضية السكانية فيقول‏:‏ إن المشروع يستهدف تزويد معارف طلبة الجامعات بالقضية السكانية وتداعياتها‏..‏ لذلك يتم تنظيم ورش عمل لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات تتناول موضوعات مثل‏:‏ هل تنظيم الأسرة حق للفرد أم المجتمع؟ ومناقشة كيف إن هذه المشكلة تؤثر علي كل فرد في المجتمع لأننا إذا أصبحنا 90 مليونا عام‏2020,‏ فإن هذا سيمثل مشكلة سكانية خطيرة من حيث الاكتفاء الذاتي من الغذاء ونصيب الفرد من المياه علاوة علي زيادة معدلات البطالة طالما لم نستطع توفير الاستثمارات اللازمة لإيجاد فرص عمل للخريجين‏,‏ كما ستتفاقم نسبة التلوث سواء في الهواء أو الماء وما يتبع ذلك من زيادة الأمراض‏.‏
أما د‏.‏نادية حليم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية فقد اشتركت مع لجنة ضمن مشروع شباب الجامعات وتناول خبرات دولية ناجحة في مواجهة المشكلة السكانية مثل الصين كأكبر دولة في العالم وليس لديها مشكلة سكانية‏,‏ كما اهتمت أيضا بقضية تمكين المرأة والمحليات في اندونيسيا وإيران وهما تجربتان ثريتان فلقد أسسوا سياسة سكانية تنشر مفهوم الأسرة صغيرة الحجم تعادل سعادة وتنمية للدولة‏,‏ وكذلك تجربة تونس كدولة عربية‏.‏
ويقول د‏.‏عبدالله النجار أستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إنه إذا لم تكن هناك ثقافة دينية واجتماعية فإن الجهود المبذولة للقضية السكانية لن يكون لها صدي فالاقتناع الشخصي للزوجين هو أساس لنجاح