يمثل انعقاد قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في العاصمة الكازاخستانية الأستانة اختبارا لدبلوماسية الدول الأعضاء بالمنظمة ومدي انفتاحها علي العالم. كما تعد فرصة أمام الاتحاد الأوروبي لنشر السلام والأمن في المناطق النائية من آسيا الوسطي من خلال وضع أسس واضحة لمكافحة تجارة المخدرات وملاحقة الإرهاب بعيدا عن أوروبا. السؤال المهم الذي ستجيب عنه قمة الأستانة هو هل ستفتح منظمة الأمن والتعاون الأوروبي الباب أمام الدول الأوروبية للاستفادة من الفرص التي تقدمها لها آسيا الوسطي أم ستظل كيانا غير فعال يعود إلي حقبة الحرب الباردة؟.. تحتل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي مكانا فريدا علي مستوي المنظمات الدولية والأوروبية نتيجة للقاعدة العريضة لأعضائها وتقاليدها الراسخة القائمة علي الحوار والإجماع وقيمها المشتركة وما لديها من أدوات لمنع الصراعات المحلية وإعادة السلام والاستقرار ونظرتها الشاملة للأمن, فبالإضافة إلي نشر وتطبيق القيم والمبادئ السياسية والاقتصادية والأمنية للدول الغربية بدأت المنظمة أخيرا في تناول موضوعات عدم التسامح والهجرة والمساواة بين الرجل والمرأة والانجاز في الأفراد. وتأتي مشاركة مصر في أعمال قمة المنظمة بوفد يرأسه السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية ممثلا عن الرئيس حسني مبارك باعتبار أن مصر أحد الشركاء المتوسطيين, حيث تضم المنظمة56 دولة عضوا وستة شركاء متوسطيين هم بالإضافة إلي مصر. تونس والجزائر والمغرب والأردن وإسرائيل, وخمسة شركاء آسيويين هم: اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وأفغانستان ومنغوليا. وتولي مصر اهتماما خاصا بالمنظمة ذلك لكونها أحد أقدم المنظمات الأمنية الأوروبية وأكثرها اتساعا, حيث تعود نشأتها إلي أوائل سبعينيات القرن الماضي فضلا عن تناولها الأمن بمنظوره الشامل بأبعاده الاقتصادية والإنسانية والسياسية, وتشارك مصر بفاعلية في أنشطة المنظمة وسبق لها أن استضافت عددا من الندوات وورش العمل ذات الصلة, كما كانت إحدي الدول التي ساهمت في صندوق تمويل أنشطة الشراكة عام2007 فضلا عن تقدمها بالعديد من المقترحات والمبادرات. ومن المقرر أن يبرز أحمد أبوالغيط وزير الخارجية خلال مشاركته في القمة ثوابت موقف مصر بشأن ارتباط الأمن الأوروبي بأمن منطقة المتوسط, وتأكيد ضرورة الأخذ في الاعتبار فيما يتعلق بالبعد الإنساني أن تلقي جهود المنظمة الخاصة بمكافحة التمييز ضد المسلمين الاهتمام والعناية نفسها التي تتمتع بها جهود مكافحة معاداة السامية والتمييز ضد المسيحيين حيث تعني المنظمة باستمرار توجهها الإيجابي نحو مكافحة ظاهرة عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين, حيث تقوم بذلك عن طريق المؤسسات والآليات التي تتبعها. كما يطالب وزير الخارجية المشاركين في القمة بدعم ومساندة طلب السلطة الفلسطينية للحصول علي وضع الشريك في أعمال المنظمة باعتبار أن تحقيق تطور في هذا الشأن سيعزز من الشراكة المتوسطية. ويقدم أبوالغيط ورقة إلي القمة باسم حركة عدم الانحياز التي تتولي مصر رئاستها حاليا تتضمن رؤية الحركة لمختلف القضايا الدولية لاسيما البعد الأمني. ومن أهم المواضيع التي بذلت مصر فيها جهدا مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي هو دفعها لمعالجة أزمة نشر الرسوم المسيئة للإسلام, عقب نشرها في صحيفة دانماركية في نوفمبر2005, حيث طالبت مصر بمعالجة الموضوع في إطار جهود المنظمة في مجالات مكافحة عدم التسامح وإدماج المهاجرين, وقام وزير خارجية سلوفينيا رئيس المنظمة آنذاك بتكليف الممثل الشخصي المعني بمكافحة معاداة المسلمين بدراسة الموضوع, وبعد إعادة نشر الصحف الأوروبية الرسوم المسيئة للإسلام في يناير2006 بذلت مصر جهودا ومساعي مع المنظمة من أجل إتمام زيارة الممثل الشخصي المعني بالتمييز ضد المسلمين إلي الدانمارك وإصدار تقرير حول هذا الموضوع ودفع رئاسة المنظمة والدول الأعضاء بها إلي عقد اجتماعات في إطار المنظمة لمعالجة الموضوعات التي أثارتها أزمة الرسوم المسيئة للإسلام ومنع تكرار نشر مثل هذه المواد التي تهين الديانات والثقافات, وبناء عليه عقدت الرئاسة البلجيكية للمنظمة عدة اجتماعات لبحث دور المنظمة لاحتواء الأزمة وهو ما أسفر عن إصدارها لورقة تضمنت إجراءات شملت تنظيم عدة اجتماعات تحت غطاء المنظمة لاحتواء الأزمة تضمن تنظيم عدة اجتماعات حول التسامح بين الأديان وحرية الإعلام, حيث تعد المنظمة هيئة تداولية بلا سلطة عسكرية أو عقابية وغير قادرة علي فرض قراراتها علي الدول الأعضاء. ويأتي انعقاد مؤتمر قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في الأستانة فرصة كبيرة لكازاخستان هذا البلد الذي نال استقلاله منذ تسعة عشر عاما فقط لتجد لها مكانا في عالم أكثر اتساعا وإنفتاحا بجوار جارتيها القويتين روسيا والصين. تطالب بمكافحة التمييز ضد المسلمين