لاشك في أن هناك دورا مهما للمجلات الثقافية في الحياة الثقافية في العصر الحالي, لكن لا شك أيضا أن هناك الكثير من علامات الاستفهام التي يجب أن نتوقف أمامها حول قيام المجلات بهذا الدور التاريخيوغيابها في آن واحد, خاصة مع تقدم وسائل الاتصال والمعلومات مثل شبكة الإنترنت والفضائيات المتعددة, وهو ما جعل الدور التاريخي للمجلات الثقافية يتراجع بشكل ملحوظ.. لهذا حرص المنتدي الأدبي علي فتح هذا الملف.. أين المجلات الثقافية؟ ومن المسئول عن غيابها.. في البداية يقول الناقد د. محمد عناني رئيس تحرير مجلة المسرح: المجلات الثقافية بالغة الأهمية في أي وقت, لكنها تكتسب أهمية خاصة في هذه الأيام التي نتعرض فيها لمجادلات لا نهاية لها حول الثقافة ومستقبل العمل الثقافي, فمجلة مثل فصول مجلة علمية تضارع المجلات العلمية التي تصدرها الجامعات والمعاهد العلمية باللغات الأجنبية, أي أنها تتفوق علي بعض المجلات الجامعية المحلية, ولذلك فهي تعتبر همزة الوصل بين الحياة الثقافية العامة والبحث العلمي المتخصص في العلوم الإنسانية, ومجلة مثل المسرح مجلة فريدة لأنها تنشر مزيجا من الأبحاث العلمية في فنون المسرح وهي كثيرة, إلي جانب تسجيل وتوثيق للحركة المسرحية المصرية والعالمية, ومن ثم فهي تقوم بدور فريد في العالم العربي, لأنها ليست مطبوعة خبرية, بل هي ذات طبيعة تتوسط ما بين الحياة الأكاديمية المتخصصة والحياة المسرحية الحية علي خشبات المسارح. والمشكلة التي تواجه هذه المجلات هي عدم توافر آلية توزيع كافية للوصول بالمنتج الثقافي إلي الجمهور, وأنا هنا أتصور أنه يجب أن يحدث تعاون من نوع ما بين جهازين من أجهزة الثقافة هما الهيئة المصرية العامة وهيئة قصور الثقافة في توزيع المجلات الثقافية في قصور الثقافة وهذا سيضمن وصول هذه المجلات إلي الجماهير العريضة بالمحافظات النائية قبل القريبة, وسوف يضمن مشاركة أهل المحافظات من خارج القاهرة في هذه المجلات حتي يتحقق الغرض المنشود من نشر المجلات الثقافية. وتؤكد بهية حلاوة رئيس تحرير مجلة ديوان الأهرام أن المجلات الثقافية أصبحت شيئا ضروريا في حياة القارئ, وتؤثر بفاعلية علي المثقف المصري الآن, فالقارئ يبحث دائما عن صدق المعلومة في أي مجال, لأن معظم شبابنا الآن يفتقر للبحث عن المعلومة لأن هدفه هو الوصول للقمة بدون مشقة أو دراسة أو بحث, وقد وجدنا أن هناك فقرا حقيقيا في الحياة الثقافية, وأن الوسط الثقافي المصري مستعد للتفاعل مع هذه المجلات, فأصبح يحن للماضي بكل أشكاله, بدليل أنه حينما صدر العدد الأول التجريبي من مجلة ديوان الأهرام- وهي مجلة فصلية ذات طابع خاص للغاية لأنها تعبر عن مفهوم خاص.. لم يجده القارئ في مكان آخر غير هذاالديوان من الأهرام, فهي تقدم مادة ثقافية فريدة مدعمة بالصور والوثائق التي لم يرها أحد من قبل, أقول إنه حينما أصدرنا العدد الأول التجريبي من المجلة وجدنا تفاعلا كبيرا معه من القارئ. وكما قلت فقد وجدنا أن المثقف يحتاج لمصداقية المعلومة المقدمة له خاصة مع أهمية المادة, فلجأنا إلي الصور والوثائق النادرة التي تؤكد ما نقدمه للقارئ, وأنا بشكل شخصي-.. أستطيع أن أحصل علي بعض من الصور النادرة والتاريخية سواء لشخصيات عامة عن حياتهم الشخصية أو عن أي مجال آخر مثل باب حضارات سادت وبادت التي ألجأ للاتصال بالسفارات بصفة شخصية, لأحصل علي المعلومات أو الصور أو الوثائق لكي أوثق المعلومة للقارئ. وتضيف رئيسة تحريرديوان الأهرام أننا حين لجأنا إلي ثقافة الصورة كنا نهدف إلي أن تكون كثقافة معبرة للقارئ, وذلك بعد أن بحثنا وضع المجلات الثقافية في مصر فوجدنا أن الصورة تجذب القارئ قبل المقالة, خاصة حينما تكون صورة نادرة لم تنشر من قبل, خاصة مع لجوء أغلب المطبوعات إلي شبكة الإنترنت للحصول علي الصور التي يكون القارئ قد شاهدها بالفعل,وهذا سبب آخر حاولنا تلافيه في اصدار المجلة.. وبعد أن يؤكد عادل عبد الصمد رئيس تحرير الهلال حقيقة أنالمجلات الثقافية عموما تقوم برسالة حضارية أولا وقبل كل شئ, ولا تسعي إلي ربح مادي فأنه لا يستطيع أن يتجاهل ظاهرة توقف معظم المجلات الثقافية ومغزي هذا التوقف ومدلولاته.. فضلا عن الأثر السلبي الذي عكسه هذا التوقف علي صفحة الثقافة والأدب في مصر وأهم هذه الأسباب ربط المجلات الثقافية بالربح المادي وارتباطها بالإعلانات التي تمول المجلات الثقافية والأدبية لا تحاسب علي الربح المادي, بل هناك المردود الأكثر قيمة, ألا وهو تنمية العقل والوجدان, وما أحوجنا في هذه الآونة إلي تنمية العقل والوجدان للوقوف أمام ظاهرة التطرف بقوة الحجة والمنطق والثقافة والمعرفة. وهنا أتحدث عن الهلال كمطبوعة ثقافية لها أهميتها وتأثيرها علي حياتنا الثقافية, فمنذ نشأة الهلال عام1892 وحتي اليوم وهي تقدم الإبداعات المختلفة في الرواية والقصة والشعر والدراسات النقدية والرؤي السياسية والاجتماعية.. وقد ساهمت الهلال في بزوغ نجوم من المبدعين في مجالات شتي, وشهدت صفحات الهلال عبر تاريخها الطويل الممتد أسماء أدبية وفكرية لامعة من كافة الأقطار العربية, أسهمت في النهضة الأدبية والفكرية العربية والإسلامية, منهم النقاد د. طه حسين والمازني وزكي مبارك والرافعي وأحمد أمين وعلي محمود طه وإبراهيم ناجي ود. هيكل ود. أحمد زكي وغيرهم من أعلام الأدب والفكر والسياسة, ومن العالم العربي جبران خليل جبران وخليل مطران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني وحبيب جاماتي. وهنا نقول إن المجلات الثقافية لها دور بارز وناصع في حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية علي مر التاريخ وهي باقية بقيمتها بقاء لغة الضاد وبقاء الأصالة.