توقفت طويلا عند رسالة ثمن البشر وقرأتها مرات ومرات وفي كل مرة يزداد عجبي من هذا الزمن الذي نعيشه الآن مقارنة بزمن ولي ومضي حين كانت الروابط الأسرية هي السمة الغالبة وكثيرا ما كنا نري ونسمع عن تضحيات غالية لأحد أفراد الأسرة اذا ما جنحت السفينة واقتضي الأمر فيتقدم الصفوف ويقدم التضحيات ويبذل كل ما في وسعه من أجل أن تصل الأسرة كلها إلي بر الأمان.. وكم من أبناء وبنات في عمر الزهور ضربوا أمثلة رائعة لنكران الذات من أجل مصلحة أسرهم وذويهم. بعض ما جاء برسالته الحزينة أرجو أن تسمحوا لي بطرحها في رسالة مفتوحة لعلنا نصل معا الي رؤي وتفسيرات جديدة لبعض ما يجري من حولنا من متناقضات في زمن توارت فيه القيم والأخلاق وراء ماديات زائلة لا تساوي بأي حال من الأحوال ثمن البشر: * في البداية دعني أذكرك يا سيدي بأن حياتنا كلها أقدار كتبت علينا وليس أمامنا سوي أن نرضي بما كتبه الله لنا ونشكره علي ما رزقنا من أفراح وأتراح إيمانا بأن الله لا يريد لنا الا الخير كله وأن بدا لنا في بعض الأحيان غير ذلك كما جاء بكتابه العزيز( وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) وإذا كان الله قد هدانا وأعطانا البصيرة والحكمة كي نكون يوما ما خير عون للآخرين خاصة اذا كان هؤلاء الآخرون من أرحامنا الذين أمرنا الله ورسوله برعايتهم وحسن معاملتهم.. فليس من الحكمة أن ننظر إلي الماضي الآن بعتاب أو لوم أو أن نندم علي ما قدمنا من عمل خير لأصدقاء أو أقرباء حتي لو كانوا قد قابلوا الاحسان بالتجاهل أو حتي بالإساءة فسبحان الله علام الغيوب وهو المطلع علي النوايا الخفية وما تضمره القلوب.. فلا تندم يا سيدي علي خير ما فعلته وتأكد أن رصيدك عند الله كبير وسيأتي يوم تسأل فيه كل نفس عما قدمت وستجد كل ما فعلته مع أخويك وأسرتك في ميزان حسناتك وهذا هو الفوز العظيم. * من فضل الله عليك أن رزقك بأربعة أطفال ثلاث بنات وولد أعانك الله علي تربيتهم وهذه وحدها هبة من الله يستحق عليها كل الشكر والحمد وتذكر يا سيدي أن هناك الآلاف من الأزواج الذين يملكون الملايين بل المليارات ويسجدون للمولي عز وجل داعين أن يرزقهم الله بالخلف الصالح حتي ولو ذهبت كل هذه الملايين.. فاحمد الله علي عطائه وكرمه معك وثق أن ما فعلته من خير مع الآخرين سيعود اليك في الدنيا والآخرة وسيجده أبناؤك في حياتك ومن بعدك أطال الله في عمرك وسيجدون حتما من يمد اليهم يد العون.. فكله سلف ودين.. ورصيدك عند الله كبير فلا تخش علي أبنائك من العوز والحاجة في المستقبل.. ورزقكم في السماء وما توعدون.. * الصحة والمرض كلها أرزاق من عند المولي عز وجل والابتلاءات اختبار من الله لعباده الصالحين وإذا كان الله قد ابتلاك بالمرض فلحكمة يراها سبحانه وتعالي وكل ما يجب أن نفعله هو أن نتوجه اليه في علاه ونسأله أن يرفع عنك البلاء ويمن عليك بالشفاء وليس من حقك أن تتذمر من قضاء الله وقدره وتفكر في قطع رجلك بنفسك كي تستريح من الألم ودون اللجوء للأطباء والمتخصصين.. وتأكد أن بعد العسر يسرا وتذكر دائما قول الله تعالي قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وأنا علي ثقة أن النداءات التي توجه بها محرر البريد عبر بريد الجمعة الي السادة المسئولين وذوي القلوب الرحيمة ستؤتي ثمارها وستجد العديد من الأيادي البيضاء وقد امتدت إليك بالمساعدة ويد الله فوق الجميع حتي يمن الله عليك بالشفاء.. بإذن اللله.. * وفي النهاية.. لا شك يا سيدي أنك أبليت بلاء حسنا يغبطك عليه الجميع وفعلت ما يفعله النبلاء والعظماء عند الشائد.. فكنت خير عون لأخويك وأسرتك حتي وأنت طريح الفراش.. فهنيئا لك ما فعلت.. ويجب الا تندم أبدا علي ما فعلت حتي لا تفسد عليك حياتك بأحاسيس الغضب وعدم الرضا علي أخويك والتمس لهما الأعذار فربما يكون لديهما ما هو أشد وأقسي وافتح لهما باب السماح والمعذرة كي يعودا اليك واصفح عنهما اذا ما جاءاك طالبين الصفح ولا تنس أنهما أعمام أولادك واجتهد في لم شمل الأسرة وحث أبناءك علي التواصل مع الجميع بروح المحبة.. فالحياة قصيرة يا سيدي مهما طالت وكلنا الي زوال مهما طالت الأعمار ولن يبقي الا وجه ربك ذي الجلال والإكرام. دكتور: هاني عبد الخالق أستاذ ادارة الأعمال [email protected]