إن طاجيكستان كشريك إستراتيجي وأساسي لأوروبا والغرب بإمكانها أن تلعب دورا محوريا مهما في آسيا الوسطي. ولقد أعربت عن وجهة نظري هذه في خطاباتي إلي رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزك رئيس وزراء المملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وأيرلندا الشمالية ديفيد كيميرون عن نتائج زيارتي التي قمت بها قبل فترة إلي بلدان آسيا الوسطي الرائعة. إنني قد سافرت إلي طاجيكستان بصفتي ممثلا خاصا لمكتب الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا(كازاخستان) لشئون البيئة في منتصف شهر سبتمبر للعام الحالي, لإجراء اللقاء مع كل من وزير الخارجية همراخان ظريفي ووزير الطاقة والصناعة شير علي جل. وخلال هذه الزيارة تسني لي أيضا أن ألتقي برئيس مجلس النواب للمجلس الأعلي شكورجان ظهوروف ورئيس لجنة حماية البيئة خرسندمراد ذيكيروف والنائب الأول لوزير الري والموارد المائية سلطان رحيموف. بجانب ذلك تفقدت مناطق ساحرة ومؤثرة مثل محطة نوراك الكهرمائية ومشروع محطة راغون الكهرمائية الواقعة في أعالي نهر واخش. إن طاجيكستان, بعد أن نالت استقلالها, عاشت الحرب الأهلية واستطاعت أن تقيم نظاما ديمقراطيا فعالا للدولة مما يعد نموذجا بارزا لدول المنطقة. وقد حققت إنجازات مشهودا لها في مجال حقوق الإنسان. بغض النظر عن كونها بلدا فقيرا نسبيا. وهي تتمتع بقدرات وامكانيات هائلة لاستخراج وتكرير المعادن والثروات الطبيعية والموارد المائية والتي تتطلب الاستثمارات الضخمة. بموقعها الجغرافي بما في ذلك جبال بامير الشامخة التي تعرف ب سقف العالم ومجاورتها بأفغانستانوإيران وسائر دول آسيا الوسطي تمثل للغرب بلدا استراتيجيا مهما, حيث تعتبر هذه البقعة من المناطق الحساسة. ونتيجة لتصعيد الأعمال التخريبية لحركة طالبان التي تتخذ من المناطق الجبلية لباكستان ملجأ, مازالت الصراعات الدامية تستمر في أفغانستان. وإن إيران تسعي لنشر هيمنتها الأيدولوجية علي المنطقة. كما أن تهريب المخدرات صار ظاهرة منتشرة إلا أننا علي يقين أنه بفضل القيادة الرشيدة والمواقف الثابتة لرئيس البلاد إمام علي رحمان تهيمن علي طاجيكستان أجواء من الأمن والاستقرار. ونظرا لأن طاجيكستان تقع في مقدمة جبهة مكافحة المخدرات والإرهاب فإنها أصبحت حليفا إستراتيجيا ومحوريا للغرب. بالإضافة إلي ذلك, يلعب هذا البلد دورا مهما في توفير الأمن والاستقرار الشاملين في هذه المنطقة المضطربة. وبترشيد استخدام الموارد الضخمة للمياه الداخلية ستتمكن طاجيكستان في المستقبل القريب من تحقيق الاكتفاء الذاتي, وتلبية الاحتياجات بالطاقة الكهربائية في الداخل بشكل كامل, كما أنها ستقوم بتصديرها إلي البلدان المجاورة. ويتم حاليا تنفيذ مشروع مد خط نقل الكهرباء005 كيلو فولت الذي يربط بين طاجيكستان وأفغانستان. وإن تحويل الطاقة الكهربائية إلي هذا البلد المنكوب المتورط في مستنقع الحروب سوف يسهم إسهاما كبيرا في تحقيق السلام الدائم, وإعادة بناء الاقتصاد المتدهور. تشكل القضايا المتعلقة بالمياه مصدرا للنزاع الشديد في علاقات دول المنبع ودول المصب في آسيا الوسطي. فعلي هذا الصعيد. فإن تشييد سد راغون في أعلي نهر واخش يشكل محورا للنزاع. والقدرة والإنتاجية للطاقة الكهربائية في محطة راغون الكهرمائية سوف تصل إلي0063 ميجاوات وذلك بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع, وإن أكثر من54 ميلا من الأنفاق الداخلية لهذا المشروع كان قد تم حفرها في زمن الاتحاد السوفيتي, ويعمل حاليا حوالي خمسة آلاف عامل بالمشروع علي مدار42 ساعة ويقومون ببناء الساحة تحت الأرض لتوصيل التوربينات المائية. ويتم بناء محطة راغون الكهرمائية مع سد يبلغ ارتفاعه533 مترا عند المنحدث الضيق لنهر واخش باستخدام الحجر والتراب. وقد قمت بزيارة راغون فحصلت لدي انطباعات طيبة جدا من هذه الزيارة. علي وجه الخصوص, يعرب الأوزبك عن قلقهم تجاه المشروع, زعما منهم أن هذا السد لا يصمد عند حدوث الزلزال, فبالتالي يأتي علي دول المصب مثل أوزبكستان بالعواقب الكارثية. ويقوم حاليا الخبراء الألمان والباكستانيون تحت رعاية البنك العالمي بالفحص والدراسة الفنية لمشروع محطة راغون الكهرمائية. وسوف يتم الإعلان عن نتائج هذه الدراسات حول المشروع في عام.1102 وإنني بعد أن قمت بزيارة طاجيكستان تيقنت أن بناء هذا المشروع لا يشكل أي خطر, فضلا عن بالغ أهميتها الإقليمية. في طاجيكستان يتم إنتاج59% من الطاقة الكهربائية عبر المحطات الكهرمائية. وإن الخطوط ذات الضغط العالي لتحويل الكهرباء من أجل التصدير إلي البلدان المجاورة مثل أفغانستان وباكستان يتم إنشاؤها في الفترة الحالية ومنذ زمن مبكر. والخزان المائي الجديد لمحطة راغون الكهرمائية من المقرر أن يمتليء بالماء في غضون عشر سنوات إلا أن طاجيكستان تضمن لجاراتها الواقعة في مصب الأنهار أنها ستوفر لها المياه بقدر ماتحصل عليه من مياه نهري أموداريا وسيرداريا حاليا. والطاجيك يؤكدون أن النظام الجديد للسدود يوطئ للإدارة الرشيدة للموارد المائية بما يصب لمصلحة الجميع. وإن06% من مجموع مياه منطقة آسيا الوسطي يتكون في طاجيكستان ويعرب الجانب الطاجيكي أنه لن يقوم بمنع وتقليص مجري الماء أمام دول المصب أبدا. إن محطة راغون الكهرمائية ستكون مصدرا لطاقة أقل تكلفة ونظيفة بيئيا والتي من شأنها أن تلبي احتياجات طاجيكستان نفسها بطاقة الكهرباء, وكذلك احتياجات البلدان المجاورة مثل أفغانستان وباكستان. وهذا المشروع يعتبر وسيلة ناجحة لتسوية مشاكل منطقة آسيا الوسطي بشأن الطاقة حيث إن احتياجاتها إلي طاقة الكهرباء في تصاعد مستمر. والتعاون في مجال ترشيد الاستخدام الإستراتيجي للموارد المائية في دول المصب عبر استخدام الخزانات وتفعيل نظام الري بالرش المعني باقتصاد المياه, من شأنه أن يزيل أسباب التوزيع الجائر للموارد المائية الثرية لمنطقة آسيا الوسطي, وأن يتكفل بمستقبل زاهر لوادي فرغانة بدلا من نشوء التهديدات والأخطار. فبالنظر إلي قدرة توفير سكانها والدول المجاورة بالماء والطاقة تحتل طاجيكستان الطليعة والريادة في مجال إدارة الموارد المائية لمنطقة آسيا الوسطي. وإن مبادرات ومساعي طاجيكستان جديدرة بأن تحظي بالاستحسان والتأييد من قبل الغرب.