وسط دواماتها المتلاطمة ابتعلتني الحيرة بين حق المواطن في التعبير بالتظاهر عن رأيه.. غضبه.._ احتجاجه... الامه... وبين حق مواطن اخر في الوصول الي مقر عمله في موعده. أو شيخ عجوز يسعي لتسلم معاش قد تعينه مفرداته ليس علي مواجهة كامل اعباء الحياة ولكن فقط علي شراء دواء للسكر أو الضغط أو تصلب الشرايين.. مريض قد تدفعه مجرد ثوان معدودة الي مغادره الحياه فما بالك بساعات طويلة تستهلكها مظاهرة أو إحتجاج؟!! بنود لفاتورة طويلة يتحمل المواطن أعباء سدادها بسبب عرض للقوه يستهوي جماعه صغرت او كبرت فخرج افرادها في مظاهره دون ان يستوعبوا ان هناك غيرهم سوف يسددون ثمن هذا الإستعراض!! معاناة شاقة يتكبدها مواطن يسعي لكسب رزقه.. طالب يحكم عليه أصحاب حق ضائع تجمهروا للمطالبة به بضياع مستقبله بسبب عدم لحاقه بلجنة الإمتحان في موعده.. سارينه سيارات الاسعاف تفشل دوما في توسلاتها لشق طريق لها وسط شوارع تحولت جميعها الي كتله متجمده من صاج السيارات بعد أن تجمدت حركة المرور فيه بسبب المظاهرة... أطفال تختنق أو تتيتم... زوجات وازواج يترملون.. مصالح مواطنين تتعطل...!! مشاهد سيناريو اغرقتني تفاصيله كلما قرأت خبرا أو صورة في الصحف لمظاهرات في الشوارع.. أو كلما قادني سوء الحظ إلي طريق إختاره محتجون للتعبير عن إحتجاجهم!! السطور السابقة ليست دعوة لمصادرة الرأي أوكتم الاصوات... وليست مطالبه بقمع المعارضة او سحق الرأي الاخر.... بل علي العكس تماما فهي دعوة حياة لجموع المواطنين من سكان العاصمة التي تختنق شوارعها بعشرات الالاف من السيارات واكثر من17 مليون نسمه يجوبونها نهارا.. ويمضي15 مليونا منهم ليلهم بها, فما بالك بما يحدث فيها عند اضافة ظروف استثنائية تحتمها مواجهه عروض القوة هذه؟!! وإذا كان حق التظاهر أصبح حقا معترفا به من جانب الدولة.. وأن حق الإعتراض والإحتجاج أمر قد أصبح أحد روافد الحراك السياسي فإن الأمر يحتاج إلي معالجة عاقلة لا تخضع للتفسير التآمري من جانب محترفيه لا تؤثر سلبا علي مجريات الحياة.. لا تحرم مريضا من تلقي العلاج.. لا تمنع عجوزا من أن تتسلم معاشها أو طالبا من أن يلحق موعد إمتحانه.. ولان هدف التظاهر هو اعلام اكبر عدد من المواطنين بأسبابه ومطالبه.. فليقتصر حق التظاهر علي الاماكن المفتوحه بعيدا عن وسط البلد فيكفي ما يعانيه بسبب مواكب المسئولين و بشرط ان يسمح لمحطات التليفزيون والفضائيات إن رغبت بنقل وقائع التظاهر أو الإحتجاج علي الهواء مباشرة دون ان يقطع بثها اعلانات الشيبسي واللبان.. غير أن الخوف كل الخوف ان تنتهز الحكومة الفرصة وتقصر حق التظاهر علي المظاهرات المعلبة..!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش