لايوجد قانون حتي الآن يمنع بيع اللبن غير المعبأ.. والرقابة تخضع لها فقط المصانع التي تعمل وفق المواصفات وشروط الجودة. أما المصانع التي تعتمد علي اللبن السائب كمادة خام فتستغل تعدد جهات الرقابة في الإفلات منها.. والباعة الجائلون ومحلات البقالة والألبان تبيع السائبة مستغلة عدم وجود قانون يمنعهم من بيعها. في ظل هذه الأوضاع بدأت بعض الاصوات تنادي باصدار قانون يحمي المستهلك من هذه الألبان الملوثة التي كشفت دراسة جامعية عن مدي خطورتها.. وهذا ما نعرفه في هذه السطور. بداية يؤكد محمد الطاروطي رئيس رابطة منتجي الألبان في مصر ان هناك مصانع ليس لديها مزارع فالألبان منها ما يخرج من مزرعة نموذجية يتم حلبه آليا وينقل في مبردات وهناك مصدر آخر للبن وهو الاخطر ألا وهي ألبان التجميع وهي مجهولة المصدر حيث يجمع من القري والبيوت وغالبا يتم إضافة المادة الحافظة وهي مواد كيميائية شديدة الخطورة علي الانسان مثل الفورمالين والصودا الكاوية وغيرها ليتم الحفاظ علي القوام والخصائص الخاصة باللبن حيث يجب تبريد اللبن بعد الحلب مباشرة وغالبا لا توجد المبردات اللازمة لهذا الغرض في البيوت والمنازل وهناك مصانع تتسلم هذا اللبن لانه أرخص في الثمن في المقابل هناك المصانع التي تحصل علي اللبن من مزارعها حيث يتم حلب الأبقار آليا ويحفظ بعد الحليب في تانكات تبريد في درجة حرارة مناسبة وتلك الأبقار تتمتع بنظام غذائي منتظم ومحصن وخال من الامراض لذلك فإن اللبن المنتج خال من الامراض المعدية والمصانع. ويقول سعيد عبد الرحمن احد موردي الألبان السائبة: إننا مضطرون لبيع الألبان للمصانع بالاسعار التي يحددونها(2 جنيه للكيلو) وهي أقل من أسعار رابطة منتجي الألبان(270 قرشا للكيلو) رغم إرتفاع اسعار الأعلاف. ويؤكد لا نضيف اي مواد كيميائية ضارة للبن لاننا نورده للمصانع مباشرة بل بعض المصانع تضيفها لتحفظه لمدة طويلة حتي يتم تصنيعه وبيعه. بينما يوضح المهندس حاتم صالح رئيس شعبة الألبان بالغرفة المصرية للصناعات الغذائية أن هناك دراسة جامعية تشير إلي ان مصر تستهلك4,5 مليون طن ألبان سنويا نشرب80% منها سائبا والباقي معبأ وهناك6 شركات تنتج اللبن المعبأ والذي يمثل20% فقط من الكمية المستهلكة من ألبان ومنتجاتها. أما المصانع فتنتج160 ألف طن سنويا كألبان للشرب فقط والذي يمثل16% من إجمالي سوق الألبان والباقي ألبان سريحة وإنتاج الأجبان والزبادي بالمصانع28% تقريبا من حجم السوق والباقي يصنع ويباع سائبا.. وطبقا للدراسة التي اجريت في جامعة الاسكندرية علي عينات من الألبان السائبة في محافظتي القاهرةوالاسكندرية ثبت أن أكثر من60% من العينات ملوثة ولا تصلح للاستهلاك الآدمي فهذا التلوث يأخذ اشكالا عديدة منه البكتيري أو الكيميائي نتيجة إضافات قاتلة منها الفورمالين وثاني أكسيد الهيدروجين والصودا الكاوية كمواد حافظة حيث إن اللبن بعد الحلب يحتاج الي الحفظ لمدة24 ساعة عن طريق التبريد والبسترة وهو ما يمنع تكاثر البكتيريا والباعة السريحة ليس لديهم إمكانيات تبريد أو بسترة. ولقتل البكتيريا يضطرون لإضافة هذه المواد حتي لا يفسد اللبن او يقطع ورغم أن هذه المواد تقتل البكتيريا إلا انها تضيف حملا كيميائيا شديد الخطورة علي صحة المستهلك فالبكتيريا أعراضها إصابات معوية مثل الإسهال والمغص أما المواد الكيميائية فهي قاتل بطيء ومع تكرار تناول هذا اللبن بشكل مستمر يصاب المستهلك بفشل كلوي وكبدي وبعض أنواع السرطانات.. ويوضح حاتم صالح ان المصانع التي تحصل علي الألبان من مزارع معتمدة وتلتزم بمواصفات الانتاج لديها قائمة أمراض تحددها أجهزة الجودة في المصنع تؤثر علي اللبن وتمنع التعامل مع أي مزارع بها حيوان مصاب ولديها إختيارات جودة متشددة جدا تجريها قبل خروج منتجها للسوق. ويوضح حاتم صالح أنه رغم كون سعر اللبن السريح يتساوي مع سعره من المصنع فالعبوة المستخدمة تمثل35% من تكلفة المنتج وهذا يؤكد أن هامش ربح اللبن السريح عال جدا مع انه غير صحي لذلك نحتاج لتشريع يجرمه خاصة وأننا الآن بصدد مشروع قانون لإنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء يتم إعداده داخل غرفة الصناعات الغذائية لتوحيد الجهات المتعددة للرقابة علي الغذاء فنحن لسنا ضد الرقابة لكن تعدد الجهات يفقدها فاعليتها.. ويؤكد حمدي عبد الرءوف عضو غرفة الصناعات الغذائية وأحد منتجي الألبان المعبأة أن هناك3 عوامل تسبب فساده بشكل عام وهي الهواء والضوء والعبوة التي يعبأ فيها اللبن تحميه من كل ذلك إلا أن هناك اللبن السريح والذي يذهب فريسة لثلاثة أسباب مجتمعة ولا يجد التاجر أمامه سوي المواد الكيميائية الخطيرة لحفظه كما أن اللبن السريح لا يخضع لأي رقابة علي الاطلاق مما يسبب نسبيا تلفه وأيضا لا تتوافر أساليب نقل جيدة أو في مبردات سواء لدي الفلاح الذي يقوم بالحلب أو التاجر الذي يجمع اللبن ويؤكد عبد الوهاب موسي أحد منتجي الألبان المعبأة أنه من الوارد أن يتم عمل اللبن من خامات غير خاصة بالألبان وهذا في حالة واحدة وهي اللبن النباتي الذي يصنع خصيصا للأخوة الأقباط أيام الصيام ولكنه يعوض ببروتين نباتي حيث يتم عمل تركيبة لبن مشابهة للبن الطبيعي ولكن لها نفس المظهر والطعم والقوام وتكون قيمته الغذائية عالية لكنه لا يصلح لتصنيع أي منتجات ألبان أخري سواء جبن أو زبادي. ويعود عبد الوهاب موسي الي ثقافة المستهلك المصري والتي تشجع تداول اللبن السائب ظنا أنه طبيعي100% في حين أن هذا اللبن السريح يحمل من التلوث الكيميائي والبكتيري الكثير جدا والتي يكتسبها أثناء نقله في الجرادل أو الأقساط أو عند تخزينه في أماكن غير مبردة أو معدة لذلك يتم إضافة مواد كيميائية كمادة حافظة مثل الفورمالين ويسحب منه الدهن الحيواني ويضاف إليه دهن نباتي مثل الصويا والنشا وتجري عدة معاملات لإذابتها. أما الفلاح فلديه مشكلة أخري وهو التلوث البكتيري الشديد حيث يتم الحلب في مكان غير معقم وبه كل أسباب التلوث الممكنة ويوضح الدكتور أشرف عبد الوهاب أحد مصنعي الألبان ومنتجاتها أن صناعة الألبان تهتم بالدرجة الأولي بنظافة اللبن ونقائه من أي تلوث كيميائي أو بكتيري حيث ينتقل اللبن إلينا في تانكات مبردة ويصل الي رصيف الاستلام بالمصنع والذي يحصل علي عينة ممثلة مما تحويه التانكات بعد التقليب الجيد.. ويتم تقسيم العينة حيث تخرج العينة للمعمل الذي يجري عليها إختبارات كيميائية وبكتيرولوجية علي أساسها تحدد درجة جودة اللبن والتي تحدد طبيعة التعامل مع المورد أما الاختبارات الكيميائية فهي تحدد سعر اللبن علي أساس المكونات التي يحتويها اللبن والتي تحدد كمية الدهون والبيئة وسكر اللاكتوز وكذلك تجري اختبارات غش اللبن للكشف عن المواد الحافظة والمواد المالحة فأحيانا يضيف المورد. الملح لرفع كفاءته.. وبعد كل تلك التحاليل نقارن بينهما وبين المواصفات التي نشترطها في اللبن وإذا أخلت بإحدي هذه المواصفات نرفض اللبن فورا.. ويضيف ان كثيرا من المستهلكين يعتقدون أن غلي اللبن في المنزل يقضي علي أي تلوث وهذا مفهوم خاطيء لأنه يقضي علي جزء من التلوث البكتيري فقط ويستمر اللبن حاملا للتلوث الكيميائي حتي بعد الغليان وهذا المفهوم الخاطيء جعل80% من استهلاك المصريين لبنا سائبا وماساعد وصول هذه النسبة لهذا الحد إعتقاد المصريين أن اللبن السريح أرخص