لأننا أحرص ما يكون علي أستاذ الجامعة ومكانته نطرح رأيا للدكتور علي علي خلف الأستاذ غير المتفرغ بجامعة أسيوط والذي يوضح فيه وجهة نظره في قضية العلاقة بين الأستاذ والمعيد وهو رأي نحترمه ونقدره ويتفق معه في هذا الرأي عدد من الأساتذة الكبار الذين ربما لم تصادفهم في مواقعهم تلك الصورة التي قدمناها عن شكل العلاقة بين الأستاذ والمعيد وبقدر اعتراض الدكتور علي خلف ومن يتفق معه من الأساتذة في هذا الاعتراض- والذي يري أن العلاقة بين الاثنين علي أفضل ما تكون- فإن هناك الكثيرين من الذين يرون أن صورة العلاقة بين الأستاذ والمعيد التي عرضناها غابت عنها جوانب أخري سلبية وهم يعتقدون أنها كثيرة وتستحق الاهتمام, وأن هناك في هذه العلاقة أحيانا ما هو أسوأ مما عرضناه خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمعيدات!! وهو جانب نعلم عنه الكثير ولكن يصعب علينا تناوله لأسباب عديدة. وتقديرا لمكانة أستاذ الجامعة واحتراما لكل الآراء نفسح المجال لرأي الدكتور علي علي خلف الذي يقول فيه: صدمت والكثيرون غيري من مقالكم تحت عنوان( طابور العبيد) والخاص بتوصيف العلاقة الإنسانية بين قطبي العمل الأكاديمي بالجامعة وهما أعضاء هيئة التدريس وبخاصة من الأساتذة في جانب, وأبناؤهم وأحفادهم الباحثون من المعيدين والمدرسين المساعدين في الجانب الآخر, ولقد أصبت بالكثير من الدهشة والاستغراب لمعالجة هذه القضية الحساسة والنبيلة بهذا الشكل المأساوي المهين لكلا الطرفين( فالأستاذ سيد مستبد متجبر والمعيد أو المدرس المساعد خانع مسحوق منافق عديم الشخصية سائق خاص وخادم بيوت وماسح جوخ, مكيافيللي السلوك غايته تبرر وسيلته) ومأساوية المقال تبدأ بعنوان صادم هو( طابور العبيد) ومتنه وقائع غريبة قد يكون مكانها الأنسب والأوفق هو موسوعة جنيس التي تعني بتسجيل غرائب الأمور.. لقد قضيت ما يزيد علي الستين عاما من عمري عاملا في رحاب الجامعة متدرجا من معيد إلي أستاذ غير متفرغ لم تصادفني فيها حالة واحدة تتطابق أو تتشابه أو حتي تقترب من المآسي التي تضمنتها مقالتك, واسمح لي أن ألخص في نقاط محدودة ما أود أن أبرزه من رد: * ذكرت أحداثا عديدة ومشينة من طرفي المعادلة وأقسمت وأنا أصدقك أنك صادفت شخصا كان بطلا لإحداها مما يؤكد الندرة, وأحب أن أشير هنا إلي أن الأحكام علي الأشياء لا تبني علي الشاذ النادر ولكن علي الأعم الأغلب وإن حالة تذكر هنا أو هناك من هذا أو ذاك لا تبرر حكما عاما بأي حال خاصة لو كان هذا الحكم يمس قطاعا كبيرا يمثل إحدي ركائز المجتمع وهي جامعاته. * إنه في الوقت الذي تذكر فيه ما ذكرت من نوادر الانحرافات أستطيع أن أطمئنك وأطمئن الجميع إلي أن جامعات مصر تمتلئ بغالبية من الأساتذة الفضلاء المحترمين الذين يبذلون الجهد والعرق والغالي والنفيس لبناء أجيال صاعدة من المعيدين والمدرسين المساعدين النبلاء الشرفاء الذين وصفتهم في مقالك بأنهم( الكريمة) في المجتمع وهؤلاء الأساتذة بحكم نشأتهم وتاريخهم يعرفون قدر أبنائهم المعيدين ويولونهم كل الاهتمام وكل الحب وكل الود ويتعاونون في تعليمهم في إطار من الاحترام والتضحية والتقدير المتبادل.. إن قيمنا وأخلاقنا وأدياننا تحض علي كل ذلك( خيركم من تعلم العلم وعلمه).. و(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعطي عالمنا حقه) وفي النهاية نحن جميعا بشر نخطئ ونصيب إلا أن القاعدة والممارسة تؤكد أن المصيبين هم الغالبون وربنا يعلمنا أن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض. * بقي أن أذكر أن هناك أمثلة مشرفة ومشرقة في مقابل ما ذكرت وأقسم لك علي صحتها فهناك من الأساتذة من تتجافي جنوبهم عن المضاجع ممضيا ليله في مكتبه أو معمله ليكون إلي جوار ابنه المعيد مساعدا في إجراء تجربة أو قراءة بحث وهناك من يقوم بتوصيل المعيد إلي بيته بعد أن ينتهيا من عمل يعملانه, بل إن منهم من يذهب لإحضاره من منزله حتي ولو كان خارج مساره ومنهم من يمول من ماله الخاص وهو راتبه عادة ليساعد في شراء مواد أو كتاب تعجز موارد القسم عن تمويله.. ويأتي فوق ذلك كله مشقة الإشراف علي الرسالة وما تتطلبه من جهد مضن وإطلاع متعمق وعمل متواصل لا يتقاضي في مقابلة الأستاذ أي شيء يقدر بثمن أو يغني من جوع. انتهت رسالة الدكتور علي خلف ونتمني أن يكون ما طرحناه هو من النوادر التي تستحق موسوعة' جينس'- كما يقول- وأن تكون الصورة المشرقة التي يعرضها هي الصورة السائدة حتي اليوم ولا تكون مجرد ذكريات من زمن جميل مضي.. فما نراه ونعرفه عن الواقع يدعونا إلي تأمل تلك الصورة الجميلة الزاهية التي يطرحها الدكتور خلف بكثير من الدهشة والإعجاب والتمني..!