هل تصدقون ان هذا العنوان هو ما خلص اليه عدد من ابرز خبراء السياسة الروسية في شئون الشرق الاوسط؟ هل تصدقون ان هؤلاء الخبراء لم يجدوا مكانا سوي جامعة العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية و ذلك للاعلان عن مثل هذه الاستنتاجات التي تقف علي طرفي نقيض من سياسات الكرملين ووزارة خارجيته؟ السبل المحتملة للخروج من الطريق المسدود لازمة الشرق الاوسط تحت هذا العنوان طرح البروفيسور فيتالي ناؤومكين مدير معهد الاستشراق ورقة عمل الندوة التي جرت وقائعها بين جنبات جامعة العلاقات الدولية احدي مؤسسات صناعة القرار ودار فيها الحديث بصراحة مفرطة لاسباب قالوا انها تعود الي طابع السرية وكانوا من ابرز الخبراء والمتخصصين في شئون الشرق الاوسط. استهل ناؤ ومكين حديثه بقوله انه من الضروري عدم اضاعة الوقت للبحث عن الحلول و'المخارج' معترفا في نفس الوقت بعدم وجود اي مخرج من المأزق الراهن في الشرق الاوسط. ورغم ان مثل الطرح يعكس التسليم بالعجز فان ما تلاه من تصريحات بدا وكأن موسكو تتحسس الطرق كي تنفض يديها من المشكلة من اجل التفرغ لقضايا التحديث التي اعربت اسرائيل عن استعدادها للمشاركة فيها من خلال مؤسساتها وعلمائها من المهاجرين الروس استنادا الي ما حصلوا عليه من معلومات وخبرات في افضل المعاهد السوفيتية والروسية. ولذا كان من الطبيعي ان يعلن يفجيني ساتانوفسكي مدير معهد اسرائيل والشرق الاوسط والنائب السابق لرئيس المؤتمر اليهودي الروسي ان الحديث عن تحول السلطة الفلسطينية الي دولة مستقلة ذات سيادة امر سابق لاوانه لان غالبية الاسرائيليين سعداء باستمرار الاوضاع الراهنة في الشرق الاوسط علي حد قوله. في هذه الندوة طرح ناؤومكين ضرورة التركيز علي دراسة مستقبل المنطقة ووضع التصورات اللازمة مع وجوب عدم اغفال تاثير بقية اللاعبين الاقليميين مثل تركيا وايران علي العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. المثير في هذا الامر ان بقية المتحدثين في هذه الندوة وحسب شهود عيان خلصوا الي الموافقة علي مثل هذا الاستنتاج ومنهم مدير معهد اسرائيل والشرق الاوسط ساتانوفسكي وتعني بالعربية الشيطاني الذي دعا الي عدم تضخيم اهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمجتمع الدولي مؤكدا ان الخطر الحقيقي من وجهة نظره يتمثل في ايران التي توقع نشوب حرب بينها وبين اسرائيل في القريب العاجل. وقال انه وفي حال نشوب مثل هذه الحرب فانه لن يكون هناك اي حديث عن فلسطين المستقلة في المستقبل القريب. ولعل ذلك هو ما دفع الحاضرين الي الاتفاق في الرأي حول ضرورة استمرار المباحثات كسبيل الي الحيلولة دون انفجار الموقف ونشوب النزاعات المسلحة وأعربت المستشرقة المعروفة ورئيسة قسم الشئون الخارجية في صحيفة فريميا نوفوستي عن اسفها تجاه ان موسكو ابتعدت قليلا عن هذه المباحثات وكأنها لا تثق كثيرا في نجاحها فيما ركنت الي ان واشنطن تلعب الدور الرئيسي في الرباعية الدولية. اما البروفيسور بنيامين بوبوف رئيس مركز حوار الحضارات والممثل الشخصي السابق للرئيس الروسي لدي منظمة المؤتمر الاسلامي فقد اسهب في تقديره لفكرة عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط التي سبق وطرحها فلاديمير بوتين منذ خمس سنوات رغم عدم قدرة موسكو علي تنفيذها فيما اعاد ميدفيديف طرحها في كلمته التي القاها في الجامعة العربية بالقاهرة. وبهذه المناسبة طالبت ايرينا زفياجيلسكايا البروفيسور في معهد الاستشراق والمتخصصة في الشئون الاسرائيلية بضرورة ان تتوقف روسيا عما يضر بسمعتها. واتفق ساتانوفسكي مع زفياجيلسكايا حول ضرورة التركيز علي مشروعات التعاون الاقتصادي وليس علي تقسيم شوارع القدس! ومن الطريف ان هناك من رأي في وجود توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق عقبة علي هذا الطريق و ان الوقت حان لتغييره وليبحثوا له عن عمل آخر علي حد قول الكسندر كريلوف من جامعة العلاقات الدولية. وبهذا الصدد خلصت سوبونينا الي ان التغيير مطلوب ليس فقط بالنسبة لتوني بلير بل ولمجمل اساليب العمل بما في ذلك آليات التسوية وحتي لا تكون الحرب هي البديل لتعثر التسوية. واذا كان ذلك امرا لا أحد يستطيع انكاره فان ما تفعله موسكو ازاء دعم وتوطيد اواصر التعاون العسكري مع اسرائيل من خلال اتفاقيات الصناعات الحربية وترسانتها من المهاجرين الروس ممن يواصلون استيطان الاراضي الفلسطينية ويرسمون سياساتها الخارجية مثل المتطرف افجيدور ليبرمان يظل في صدارة اسباب عدم التوصل الي هذه التسوية ما يؤكد بما لايدع مجالا للشك ان موسكو اخطأت في حق العرب مرتين. الاولي حين شاركت في صناعة اسرائيل وكانت اول دولة تعترف بها في مايو1948 والثانية حين عادت الي فتح ابواب الهجرة لاستيطان الاراضي الفلسطينية منذ ثمانينيات القرن الماضي متذرعة في ذلك بحق الانسان في الهجرة والذي جاء علي حساب حق الانسان في الحياة علي ارضه. ويبقي ان نقول ان الندوة الاخيرة تبدو اشبه ببالونات الاختبار التي تقف وزارة الخارجية الروسية منها علي مقربة شأنما حدث منذ قرابة العامين حين بادر ناؤومكين وبوبوف وساتانوفسكي بعقد ندوة مماثلة في ضواحي العاصمة الروسية حرصوا جميعهم ان تكون بعيدة عن اعين الصحافة ووسائل الاعلام وهي الندوة التي اثارت الكثير من الجدل بعد انسحاب عدد من المشاركين العرب بسبب اكتشافهم حضور ممثلين من اسرائيل واعتبار ذلك محاولة للتطبيع سارعوا بادانتها.