248.9 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    الحكومة الألمانية: السياسة الحالية لإسرائيل خاطئة تماما ولا تخدم مصالحها الأمنية    مسيرات إسرائيلية تستهدف قوات رديفة لوزارة الدفاع السورية في ريف السويداء الغربي    ألمانيا ترسل طائرتين إلى الأردن لإرسال مساعدات إلى غزة    عاجل- السيسي: مصر تساند كل خطوة تدعم الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني    رد ناري من سيد عبدالحفيظ بشأن انتقال نجله ل الزمالك    مستقبل نبيل عماد دونجا مع الزمالك يُحسم الأسبوع المقبل بقرار من فيريرا    «لا تستسلم».. إمام عاشور يثير الجدل برسالة غامضة    غدا أولى جلسات محاكمة أحد الإرهابيين بتنظيم ولاية سيناء بمجمع محاكم وادي النطرون    مصرع عامل إثر سقوطه من الدور الرابع بالقليوبية    إقبال جماهيري على معرض الإسكندرية للكتاب في ثاني أيامه    خبير ل ستوديو إكسترا : مصر مركز المقاومة الحقيقي وهناك محاولة متعمدة لإضعاف الدور المصري    وزير الصحة: 578 مليون دولار تكلفة علاج جرحى غزة بمصر.. ووفرنا 12 مبنى سكنيا لأسر المصابين    يبدأ العمل بها 1 أكتوبر .. تعرف علي أسباب إنشاء المحاكم العمالية بالمحافظات واختصاصاتها    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    رئيس حزب الجبهة الوطنية يكشف عن آلية اختيار مرشحيهم بانتخابات المجالس النيابية    هل ال5 سنوات ضمن مدة العمل؟.. تعرف على موقف نواب "الشيوخ" العاملين بالحكومة    عمرو دياب vs تامر حسني.. من يفوز في سباق «التريند»؟    «السياحة والآثار»: المتحف القومي للحضارة شهد زيادة في الإيرادات بنسبة 28%    خالد الجندي : الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    ترامب: سنعمل مع إسرائيل بشأن مراكز توزيع المساعدات في غزة    وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد الصناعات الدوائية بإيطاليا.. تفاصيل    لمرضى التهاب المفاصل.. 4 أطعمة يجب الابتعاد عنها    عاصم الجزار: تجربة مصر التنموية الأنجح منذ آلاف السنين.. والرقعة العمرانية ارتفعت ل13.7% خلال 10 سنوات    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    "3 فرق يشاركون في دوري الأبطال".. خالد الغندور يزف خبرا سارا    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    تكريم دينا الشربيني في أمريكا كأيقونة عربية ناجحة    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    الحرارة الشديدة مستمرة.. 3 ظواهر جوية تضرب مصر غدًا    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية للوقوف على أعمال تطوير شارع الجلاء بالمنصورة    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الفلسطينية‏..‏ بين التسوية والتصفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 10 - 2010

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أي مرحلة من مراحلها وعلي أي مستوي من مستوياتها‏,‏ لم ولن تكون كأي مفاوضات بين إسرائيل وأي دولة عربية أخري كمصر أو الأردن والتي انتهت المفاوضات بين كل منها وبين إسرائيل بتسويات سياسية تم تضمينها معاهدات سلام تعاقدية‏,‏ أعادت الأرض والحقوق والسيادة‏,‏ وأعطت لإسرائيل اعترافا وضمانات أمنية متبادلة‏,‏ كل ذلك جري في ظل ظروف تاريخية مختلفة‏,‏ فعندما انخرطت إسرائيل في العملية السياسية مع مصر كانت هناك حرب أكتوبر‏73‏ بنتائجها العسكرية التي كانت لاتزال ماثلة علي مسارح العمليات‏,‏ وما أحدثته الهزيمة العسكرية لإسرائيل من صدمة عنيفة علي مختلف المستويات‏,‏ وكان هناك الموقف المصري الصلب الذي أصر علي إطار التفاوض‏,‏ فلا تفاوض علي الأرض والحدود والسيادة‏,‏ ولكن التفاوض علي الضمانات والترتيبات الأمنية المتبادلة‏,‏ وعلي طبيعة العلاقات المستقبلية بين مصر وإسرائيل‏.‏
وهو أيضا ما ركزت عليه إسرائيل‏,‏ أي أنه لم يكن هناك تعارض جوهري أو تناقض رئيسي بين الموقفين بمعني أنه لم يكن لدي مصر علي سبيل المثال مشروع لتدمير إسرائيل‏,‏ ولم يكن لدي إسرائيل مشروع يتعلق بأطماع في الأرض المصرية رغم أنها استخدمت هذه الورقة في محاولات للضغط خلال المفاوضات وانسحبت إسرائيل من الأرض‏,‏ وأنهت مصر حالة الحرب معها‏,‏ واعترفت بها واتفق الطرفان علي مجموعة من الضمانات والترتيبات الأمنية المتبادلة برعاية أمريكية وكان هذا هو الدور الأمريكي الرئيسي‏.‏
أما الموقف اليوم بالنسبة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية عبر المفاوضات غير المباشرة أو التقريبية أو المباشرة فإنه مختلف تماما‏,‏ الطرف الفلسطيني لديه مشروع واضح هو التسوية العادلة التي تتم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة‏,‏ المتواصلة جغرافيا‏,‏ والقابلة للحياة والتطور‏,‏ وذلك علي كامل الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة طبقا لحدود الرابع من يونيو‏1967‏ مع إسرائيل‏.‏
وفي المقابل يتخلي الفلسطينيون عن المشروع القومي بتحرير فلسطين من البحر الي النهر ويتم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود مع وضع حد للصراع التاريخي‏,‏ كل ذلك في إطار ضمانات وترتيبات أمن متبادلة وتنظيم للعلاقات بين الدولتين والشعبين‏,‏ وهو مايعني بالضرورة وضع الأماكن المقدسة وموارد المياه وأوضاع اللاجئين‏,‏ وتنظيم حركة الأفراد والسلع والخدمات بين الدولتين‏,‏ وتلك كلها هي النقاط محل التفاوض‏..‏ هذا هو المشروع الفلسطيني مشروع التسوية‏,‏ في المقابل فإن المشروع الإسرائيلي متناقض تماما‏,‏ فهو يسعي الي التصفية أي تصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من مضمونها الوطني‏..‏ فإسرائيل لن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة‏,‏ ولن تعود الي حدود‏4‏ يونيو‏1967,‏ والقدس مدينة موحدة شرقية وغربية وعاصمة أبدية لإسرائيل‏,‏ والمستوطنات والمستوطنون باقون علي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية‏,‏ ويتم ضم تلك الأراضي الي حدود دولة إسرائيل‏,‏ حتمية الوجود العسكري الإسرائيلي في منطقة غور الأردن علي نهر الأردن مع السيادة علي الأراضي والممرات المؤدية الي الأغوار‏,‏ وعلي ضوء ذلك يتم ترسيم حدود جديدة للمناطق التي ستئول الي الفلسطينيين داخل الجدار العازل‏..‏ وهكذا تمتد إسرائيل من ساحل البحر الي شاطيء نهر الأردن‏,‏ امتدادا متواصلا‏..‏ مع ترك قطاع غزة للفلسطينيين يفعلون ما يشاءون‏,‏ والأهم أنه لن يكون للدولة الفلسطينية تلك سيادة علي الحدود أو المياه الإقليمية أو المجالات الجوية‏..‏ ولن يكون لها قوات مسلحة بأي حالة من الأحوال؟‏!‏ وعلي الفلسطينيين أن يقبلوا بكل ذلك مسبقا‏..‏ ثم نبدأ العملية السلمية‏,‏ وتبدأ المفاوضات المباشرة‏..‏ ولا أحد يعلم علي أي شيء بالضبط سيتم التفاوض؟ اللهم إلا مناقشة كيفية تدبير الاحتياجات الحياتية الضرورية للفلسطينيين من مأكل ومشرب‏,‏ وغير ذلك من الأمور الإنسانية‏..‏ وبعض تسهيلات الحركة والتنقل‏,‏ وهكذا نجد أنفسنا أمام مشروعين متناقضين تماما‏,‏ مشروع التسوية الفلسطيني‏..‏ ومشروع التصفية الإسرائيلي‏..‏ ولعل هذا يفسر تعثر كل مفاوضات‏..‏ وفشل كل المشروعات التي تم طرحها للتسوية منذ اتفاق أوسلو الي مشروع كلينتون‏,‏ الي خطة خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية‏..‏ وغيرها‏..‏ فما تكاد المفاوضات بين الجانبين تبدأ حتي يصطدم المتفاوضون بتلك الحقيقة بعد جلسة أو جلستين‏..‏ فينفض الجمع‏..‏ وتتم العودة الي نقطة الصفر‏.‏
الفلسطينيون يطالبون المجتمع الدولي بالتدخل‏..‏ وإسرائيل تدعي عدم رغبة الفلسطينيين في السلام‏,‏ وتعود الي مشروعها الاستيطاني لاستكمال فرض الواقع الديموجرافي الجديد علي الأرض الفلسطينية‏.‏ هذا بالضبط ما وصلت إليه الأمور بعد آخر مشروعات التفاوض التي تبناها وأطلقها الرئيس الأمريكي أوباما‏,‏ ودعمها الرئيس مبارك والملك عبدالله الثاني في الثاني من سبتمبر‏2010,‏ والتي توقفت بعد أقل من أربعة أسابيع‏..‏ عندما انكشف أمام المفاوض الفلسطيني من جديد المشروع الإسرائيلي للتصفية‏.‏
اذن ماهي البدائل؟ هذا هو التساؤل المطروح بإلحاح علي الساحتين الفلسطينية والعربية؟ البديل المطروح فلسطينيا وعربيا وبعد استنفاد آخر الفرص لممارسة أمريكا ضغوطها علي إسرائيل‏,‏ وهو ما لن يؤدي قطعا الي تخلي إسرائيل عن مشروعها يكون البديل هو العودة الي الأمم المتحدة ومجلس الأمن لطرح القضية برمتها من جديد‏,‏ وطلب الاعتراف بدولة فلسطين علي حدود الرابع من يونيو‏.1967‏ وبفرض حدوث ذلك والنجاح في استصدار مثل هذا القرار الدولي‏..‏ فإنه سيبقي قرارا نظريا غير قابل للتنفيذ علي أرض الواقع في ظل الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان واسع المدي علي الأراضي الفلسطينية والحصار المحكم‏..‏ ولن يتعدي الأمر صدور قرار جديد يضاف الي ترسانة القرارات الدولية السابقة‏..‏
ولكن يبقي الأمل قائما‏..‏ مادام الشعب الفلسطيني قائما‏..‏ فلا مانع من اللجوء الي تلك الخطوة‏,‏ ولكن ليس باعتبارها بديلا وحلا للقضية الفلسطينية‏..‏ ولكن لاتخاذها سندا قانونيا أمام العالم للبديل العملي الذي لابد أن يلجأ إليه الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله في الداخل والخارج إذا كان حقا يريد الحياة‏,‏ لابد للشعب الفلسطيني من التوحد خلف مشروع وطني واحد للتحرر والاستقلال وليعلن الدخول في حالة من مقاومة الاحتلال والتمرد علي سلطاته والعصيان طويل المدي‏,‏ وهو أمر ليس بالمستحيل‏,‏ عند ذلك وفقط سيجد الشعب الفلسطيني دعما حقيقيا من الشعوب العربية‏,‏ ومن كل الشعوب الحرة في العالم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.