نائب محافظ البحيرة تتفقد أعمال رصف الطريق الدولي الساحلي رافد 45    مصر تدين الإعتداءات الإسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    مصر تدين بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    الزمالك يتعاقد مع بيبو لاعب هليوبوليس لتدعيم فريق كرة اليد    اعرفها دلوقتي.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة القليوبية    الزمن كفيل يكشف كل حاجة.. عمرو مصطفى يشارك جمهوره بمنشور غامض    وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين النموذجي بمطروح ويشيد باستحداث أول عيادة لتجميل الوجه    وفد من السفارة الألمانية يزور الجامعة اليابانية بالإسكندرية (صور)    كيف تحصل على تعويض من التأمينات حال إنهاء الخدمة قبل سداد الاشتراك؟    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    منتخب الكاميرون يسحق الرأس الأخضر 4-1 فى تصفيات كأس العالم    #الامارات_تقتل_السودانيين يتصدر "لتواصل" بعد مجزرة "ود النورة"    يوسف أيوب يكتب: الحكومة الجديدة أمام مهمة صعبة    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    عاجل.. تعليق مفاجئ من زيدان عن انتقال مبابي إلى ريال مدريد    ميدو يُعلن عن مكافآة 200 ألف جنيه للاعب الإسماعيلي إذا سجل 10 أهداف (فيديو)    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    تموين الدقهلية: ضبط 90 مخالفة فى حملات على المخابز والأسواق    المعاهد النموذجية تحصد المراكز الأولى في الابتدائية الأزهرية بالإسماعيلية    أصالة تحيي حفلا في إسبانيا 26 يوليو المقبل    مظاهرات حاشدة في لندن تنديدا بمجزرة النصيرات وللمطالبة بوقف الحرب على غزة    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    قائمة أفلام عيد الأضحى 2024.. 4 أعمال تنافس في شباك التذاكر    لمواليد برج العذراء.. التوقعات الفلكية في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (تفاصبل)    «الإفتاء» توضح حكم النسيان في صيام ذي الحجة وآراء العلماء    «الإفتاء» توضح حكم صيام عرفة للحاج    ما حكم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة؟.. «الإفتاء» تجيب    «القصير» يوجه بإجراء تحليل صفات الجودة لزراعة نبات الكسافا    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    لطفية الدليمى: لم أتخيل في أشد كوابيسي أن أغادر العراق    اتحاد جدة يستقر على رحيل جاياردو قبل معسكر أوروبا    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    تنظيم 6 ورش عمل على هامش مؤتمر الأوقاف الأول عن السنة النبوية (صور)    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    أخبار الأهلي : مفاجأة ..ميسي قد يرافق الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الفلسطينية‏..‏ بين التسوية والتصفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 10 - 2010

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أي مرحلة من مراحلها وعلي أي مستوي من مستوياتها‏,‏ لم ولن تكون كأي مفاوضات بين إسرائيل وأي دولة عربية أخري كمصر أو الأردن والتي انتهت المفاوضات بين كل منها وبين إسرائيل بتسويات سياسية تم تضمينها معاهدات سلام تعاقدية‏,‏ أعادت الأرض والحقوق والسيادة‏,‏ وأعطت لإسرائيل اعترافا وضمانات أمنية متبادلة‏,‏ كل ذلك جري في ظل ظروف تاريخية مختلفة‏,‏ فعندما انخرطت إسرائيل في العملية السياسية مع مصر كانت هناك حرب أكتوبر‏73‏ بنتائجها العسكرية التي كانت لاتزال ماثلة علي مسارح العمليات‏,‏ وما أحدثته الهزيمة العسكرية لإسرائيل من صدمة عنيفة علي مختلف المستويات‏,‏ وكان هناك الموقف المصري الصلب الذي أصر علي إطار التفاوض‏,‏ فلا تفاوض علي الأرض والحدود والسيادة‏,‏ ولكن التفاوض علي الضمانات والترتيبات الأمنية المتبادلة‏,‏ وعلي طبيعة العلاقات المستقبلية بين مصر وإسرائيل‏.‏
وهو أيضا ما ركزت عليه إسرائيل‏,‏ أي أنه لم يكن هناك تعارض جوهري أو تناقض رئيسي بين الموقفين بمعني أنه لم يكن لدي مصر علي سبيل المثال مشروع لتدمير إسرائيل‏,‏ ولم يكن لدي إسرائيل مشروع يتعلق بأطماع في الأرض المصرية رغم أنها استخدمت هذه الورقة في محاولات للضغط خلال المفاوضات وانسحبت إسرائيل من الأرض‏,‏ وأنهت مصر حالة الحرب معها‏,‏ واعترفت بها واتفق الطرفان علي مجموعة من الضمانات والترتيبات الأمنية المتبادلة برعاية أمريكية وكان هذا هو الدور الأمريكي الرئيسي‏.‏
أما الموقف اليوم بالنسبة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية عبر المفاوضات غير المباشرة أو التقريبية أو المباشرة فإنه مختلف تماما‏,‏ الطرف الفلسطيني لديه مشروع واضح هو التسوية العادلة التي تتم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة‏,‏ المتواصلة جغرافيا‏,‏ والقابلة للحياة والتطور‏,‏ وذلك علي كامل الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة طبقا لحدود الرابع من يونيو‏1967‏ مع إسرائيل‏.‏
وفي المقابل يتخلي الفلسطينيون عن المشروع القومي بتحرير فلسطين من البحر الي النهر ويتم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود مع وضع حد للصراع التاريخي‏,‏ كل ذلك في إطار ضمانات وترتيبات أمن متبادلة وتنظيم للعلاقات بين الدولتين والشعبين‏,‏ وهو مايعني بالضرورة وضع الأماكن المقدسة وموارد المياه وأوضاع اللاجئين‏,‏ وتنظيم حركة الأفراد والسلع والخدمات بين الدولتين‏,‏ وتلك كلها هي النقاط محل التفاوض‏..‏ هذا هو المشروع الفلسطيني مشروع التسوية‏,‏ في المقابل فإن المشروع الإسرائيلي متناقض تماما‏,‏ فهو يسعي الي التصفية أي تصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من مضمونها الوطني‏..‏ فإسرائيل لن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة‏,‏ ولن تعود الي حدود‏4‏ يونيو‏1967,‏ والقدس مدينة موحدة شرقية وغربية وعاصمة أبدية لإسرائيل‏,‏ والمستوطنات والمستوطنون باقون علي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية‏,‏ ويتم ضم تلك الأراضي الي حدود دولة إسرائيل‏,‏ حتمية الوجود العسكري الإسرائيلي في منطقة غور الأردن علي نهر الأردن مع السيادة علي الأراضي والممرات المؤدية الي الأغوار‏,‏ وعلي ضوء ذلك يتم ترسيم حدود جديدة للمناطق التي ستئول الي الفلسطينيين داخل الجدار العازل‏..‏ وهكذا تمتد إسرائيل من ساحل البحر الي شاطيء نهر الأردن‏,‏ امتدادا متواصلا‏..‏ مع ترك قطاع غزة للفلسطينيين يفعلون ما يشاءون‏,‏ والأهم أنه لن يكون للدولة الفلسطينية تلك سيادة علي الحدود أو المياه الإقليمية أو المجالات الجوية‏..‏ ولن يكون لها قوات مسلحة بأي حالة من الأحوال؟‏!‏ وعلي الفلسطينيين أن يقبلوا بكل ذلك مسبقا‏..‏ ثم نبدأ العملية السلمية‏,‏ وتبدأ المفاوضات المباشرة‏..‏ ولا أحد يعلم علي أي شيء بالضبط سيتم التفاوض؟ اللهم إلا مناقشة كيفية تدبير الاحتياجات الحياتية الضرورية للفلسطينيين من مأكل ومشرب‏,‏ وغير ذلك من الأمور الإنسانية‏..‏ وبعض تسهيلات الحركة والتنقل‏,‏ وهكذا نجد أنفسنا أمام مشروعين متناقضين تماما‏,‏ مشروع التسوية الفلسطيني‏..‏ ومشروع التصفية الإسرائيلي‏..‏ ولعل هذا يفسر تعثر كل مفاوضات‏..‏ وفشل كل المشروعات التي تم طرحها للتسوية منذ اتفاق أوسلو الي مشروع كلينتون‏,‏ الي خطة خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية‏..‏ وغيرها‏..‏ فما تكاد المفاوضات بين الجانبين تبدأ حتي يصطدم المتفاوضون بتلك الحقيقة بعد جلسة أو جلستين‏..‏ فينفض الجمع‏..‏ وتتم العودة الي نقطة الصفر‏.‏
الفلسطينيون يطالبون المجتمع الدولي بالتدخل‏..‏ وإسرائيل تدعي عدم رغبة الفلسطينيين في السلام‏,‏ وتعود الي مشروعها الاستيطاني لاستكمال فرض الواقع الديموجرافي الجديد علي الأرض الفلسطينية‏.‏ هذا بالضبط ما وصلت إليه الأمور بعد آخر مشروعات التفاوض التي تبناها وأطلقها الرئيس الأمريكي أوباما‏,‏ ودعمها الرئيس مبارك والملك عبدالله الثاني في الثاني من سبتمبر‏2010,‏ والتي توقفت بعد أقل من أربعة أسابيع‏..‏ عندما انكشف أمام المفاوض الفلسطيني من جديد المشروع الإسرائيلي للتصفية‏.‏
اذن ماهي البدائل؟ هذا هو التساؤل المطروح بإلحاح علي الساحتين الفلسطينية والعربية؟ البديل المطروح فلسطينيا وعربيا وبعد استنفاد آخر الفرص لممارسة أمريكا ضغوطها علي إسرائيل‏,‏ وهو ما لن يؤدي قطعا الي تخلي إسرائيل عن مشروعها يكون البديل هو العودة الي الأمم المتحدة ومجلس الأمن لطرح القضية برمتها من جديد‏,‏ وطلب الاعتراف بدولة فلسطين علي حدود الرابع من يونيو‏.1967‏ وبفرض حدوث ذلك والنجاح في استصدار مثل هذا القرار الدولي‏..‏ فإنه سيبقي قرارا نظريا غير قابل للتنفيذ علي أرض الواقع في ظل الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان واسع المدي علي الأراضي الفلسطينية والحصار المحكم‏..‏ ولن يتعدي الأمر صدور قرار جديد يضاف الي ترسانة القرارات الدولية السابقة‏..‏
ولكن يبقي الأمل قائما‏..‏ مادام الشعب الفلسطيني قائما‏..‏ فلا مانع من اللجوء الي تلك الخطوة‏,‏ ولكن ليس باعتبارها بديلا وحلا للقضية الفلسطينية‏..‏ ولكن لاتخاذها سندا قانونيا أمام العالم للبديل العملي الذي لابد أن يلجأ إليه الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله في الداخل والخارج إذا كان حقا يريد الحياة‏,‏ لابد للشعب الفلسطيني من التوحد خلف مشروع وطني واحد للتحرر والاستقلال وليعلن الدخول في حالة من مقاومة الاحتلال والتمرد علي سلطاته والعصيان طويل المدي‏,‏ وهو أمر ليس بالمستحيل‏,‏ عند ذلك وفقط سيجد الشعب الفلسطيني دعما حقيقيا من الشعوب العربية‏,‏ ومن كل الشعوب الحرة في العالم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.