تهديدات بحرق المصحف الشريف.. مظاهرات تطالب بعودة سيدة تتردد شائعات حول إسلامها وشائعات مضادة تؤكد أنها مسيحية.. شيخ يصدر كتاب باسم الإنجيل المزيف.. طوفان من الكراهية المتبادلة وسيل من شلال الطائفية البغيضة وكلها امور محزنة, وكأننا نعيش في جنازة كبري نحمل التسامح في نعش الي مثواه الاخير وتجعل الحياة سوداء وكئيبة وكأن رسالة الاديان تحث علي التناحر والتشاجر وشحن الاجواء بالسموم وهي مفاهيم بعيدة تماما عن روح الاديان الحقيقية التي تدعو للتعايش المشترك والمحبة والسلام والفضائل المشتركة. ولا أدري لماذا يبحث هواة الفتن والانشقاقات عن مناطق الخلاف والتناقض ويعشقون التباعد والبغضاء ولا تري عيونهم مناطق الالتقاء والتفاهم ومساحات المحبة المشتركة بين الاديان وهي مساحات كبيرة وتستحق ان نسلط الاضواء عليها في كل وسائل الاعلام فنخرج بمجموعة رائعة من الفضائل المشتركة بدلا من التناحر والهجوم والهجوم المضاد الذي يحول الحياة الي ساحة حروب بدلا من ان يجعلها واحة محبة وسلام واطمئنان وزرع للخير والعمل والنماء.. والامثلة علي المساحات المشتركة لاتعد ولاتحصي ومنها علي سبيل المثال شخصية العذراء مريم المكرمة في الاسلام وفي المسيحية فهي السيدة الوحيدة التي توجد سورة بالقرآن الكريم تحمل اسمها وهي صاحبة اللقب الفريد سيدة نساء العالمين والمطوبة في المسيحية من جميع الاجيال فهي رمز يعتز به جميع المصريين كنموذج بديع للطهارة والنقاء والتقوي. لماذا تغيب هذه الشخصية العظيمة عن مناهج التربية والتعليم وعن المقالات, كمنطقة لقاء مجللة ومكرمة عند الجميع, ومن المكرر ان نقول ان كل الاديان تحض علي فعل الخير والمحبة والعطاء والتسامح ونشر النور والسلام, والمشكلة هي تكريس التنابذ وبث روح الكراهية بدلا من التأكيد علي روح التعايش وهذا الخلل سببه الاساسي خلو مناهج التعليم والاعلام من هذه المواد الاساسية في الحياة المتعددة الافكار والعقائد المتحدة الهدف. ولا أدري ما هو العائد او المكسب من كل هذه الانشقاقات والعداوات فهل سوف يزيد المسلمون شخصا بزيادة سيدة ام هل ينقص المسيحيون رقما؟ ما الجدوي في النفخ في النار؟ اذكر انني كنت في الخامسة والاربعين من عمري واعمل في احدي المؤسسات الامنية بالسعودية ودعاني شخص مهم وذو حيثية للدخول في الاسلام, وذلك لان عملي حاز علي اعجابه فقلت له انا اعمل في مجال الامن فهل تثق في اذا غيرت ديني دون دراسة او عمق او فهم بل من اجل العمل فقط, ففرح الرجل باجابتي كثيرا وعاملني افضل معاملة واذكر ايضا ان شخصا دعاني للصلاة فشكرته فألح في الدعوة فاخبرته اني مسيحي فقال لي: لماذا لم تخبرني من البداية اننا اخوة؟ واتذكر بكل الحب صداقتي للمهندس امين مأمون ابن الشيخ الجليل حسن مامون شيخ الازهر والمفتي العظيم وكيف سافرنا معا الي ميلانو بايطاليا وقمنا بزيارة احدي الكنائس بكل رقي وتحضر وكذلك اذكر ان الشيخ حسن الباقوري ادخل بناته مدارس الراهبات وروح الود والصداقة التي تمت بينهن والآن ابحث عن هذه الروح فلا أجدها فهل العيب في زماننا ام العيب فينا.