يكشف السيرك الصهيوني الأمريكي الغربي المنصوب ليل نهار لتشويه الانتصار المصري العظيم في السادس من اكتوبر عام1973 ان النصر كان فاعلا ومؤثرا بصورة شديدة. في تعديل الحسابات والتوازنات وإرباك المخططات الاستعمارية للسطوة علي مقادير الأمور ونهب الثروات وفرص التبعية المطلقة علي العالم العربي من أقصاه إلي أقصاه وعلي امتداد37 عاما من تاريخ الانتصار الهادر, فإن جيوش الظلام في الخارج والداخل تنفذ مخططا مرسوما بكل العناية والاتقان للادعاء بأن مصر لم تنتصر وانها هزمت وكأن تدمير خط بارليف المنيع بامتداد قناة السويس وكأن عبور المانع المائي وتدمير الدشم الحصينة للكيان الصهيوني وتدمير مطاراته وطائراته علي الأرض في سيناء كانت مجرد أحداث فيلم سينمائي وهمي ويصل المنطق المخادع والمراوغ إلي قمة عالية من قمم التزوير والجهل الفاضح بإهداره لمعارك الدبابات الكبري والانتصارات الكاسحة للجيش المصري والبطولات الفائقة للجندي المصري وقدرته علي عبور القناة وتدمير دفاعات العدو في أقل من ست ساعات اضافة انجازات سلاح الطيران المصري وتمهيده الحاسم للعبور العظيم. ومع كودية الزار الصهيونية والدولية الملتهبة دائما والمشتعلة بأقصي درجات الحقد الأسود والأعمي لتحويل النصر الكبير إلي هزيمة مروعة باستخدام كل فنون وعلوم العصر الحديث ودعايته السوداء وتكنولوجيته الاتصالية فائقة التقدم والنفوذ والتأثير فإن إدراك الأهداف الخفية حول هذه الحرب العالمية الضارية علي انتصار اكتوبر العظيم لابد وأن تكون محلا لاهتمام أهل الرأي وأهل السلطة وأهل الشارع في مصر والعالمين العربي والاسلامي, وهي أيضا لابد وأن تدفع لإعادة تقييم المعني الحقيقي للنصر والانتصار وعدم قصره فقط علي مجرد استعادة سيناء واستعادة الكرامة المصرية واستعادة الكبرياء للجيش المصري, والأكثر أهمية أن هذه الحرب الضارية وسعيها الدؤوب لأن يتواري النصر في ضباب التشكيك وتضييع ملامحه مع الزمن في زوايا الادعاءات المضللة المكثفة بالتأكيد علي الهزيمة بعد أن كانت تقول بالتعادل بالنقاط كل ذلك لابد وأن يؤكد ان مجرد الاعتراف بالنصر باي صورة من الصور يملك معاني ويملك رموزا علي أرض الواقع العملي والفعلي محليا واقليميا وعالميا يتجاوز بكثير كل تحليلات وأحاديث تحرير تراب الوطن ورفع راياته خفاقة علي كل حبة رمل من أرضه. عبور الهزيمة وعودة القوة والنفوذ الكاسح ويعكس ما قاله أديب ومفكر مصر العظيم توفيق الحكيم صبيحة يوم العبور في مقال بجريدة الأهرام حقيقة الانتصار العظيم يوم السادس من اكتوبر بقوله عبرنا الهزيمة وعندما تعبر مصر علي امتداد تاريخها الطويل الهزيمة الي النصر, فإن ذلك يعني الكثير من المعاني والمدلولات التاريخية والاستراتيجية بحسابات العالم العربي والشرق الأوسط والعالم الاسلامي وكذلك بحسابات كل العالم في العصور القديمة والوسطي والحديثة لأن إفاقة مصر من غفوتها طالت أم قصرت كان يعني دائما ان القوة الاقليمية العظمي والأعظم قد عادت الي موقع قيادة دفة الأحداث, والسيطرة عليها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح, وأن القوي الهامشية الوافدة التي طفت علي سطح الأحداث يوم أن كانت مصر تنام وقت القيلولة قد آن لها أن ترحل وتذوب وتتلاشي. ومع تفسيرات كتاب تاريخ البشرية لمدلولات ومعاني اليقظة المصرية وعبورها برزخ الهزيمة إلي برزخ النصر فإن ضراوة الحملة المسعورة علي نصر اكتوبر العظيم لابد وأن تفتح الكثير من الأبواب المغلقة أمام الفهم والاجتهاد خاصة أن الربط التعسفي بين الحرب والسلام لم يثبت صحته ولم يثبت صدقه علي أرض الواقع الفعلي في مواجهة الأطماع الصهيونية الغربيةالأمريكية التي انفتحت شهيتها إلي اخر المدي للانقضاض علي كل العالم العربي وكل العالم الاسلامي, واستخدمت أسوأ ما في ترسانة البشرية من مبررات كاذبة ومختلقة بالادعاء علي الإسلام والمسلمين وكل العرب بكل طوائفه بالارهاب والدموية وتعريضهم السلم والأمن العالميين لأفدح الأخطار واستخدام كل تلك الادعاءات المضللة الكاذبة لإعلان حرب صليبية قذرة, واحتلال العراق وأفغانستان وقتل الملايين من المدنيين الأبرياء العزل وتهجير الملايين لفرض تقسيما طائفيا عنصريا مع تأجيج الحروب الدينية والطائفية والعنصرية بين أبناء الوطن الواحد تمهيدا للتقسيم وإقامة دويلات ضعيفة بائسة تكرس الضعف والهوان للعالم العربي والاسلامي, وتم اطلاق يد الكيان الصهيوني الغاصب لقضم الأرض الفلسطينية واللبنانية والسورية المحتلة, وإتاحة الفرصة كاملة حتي يقوم بهضمها وفرض الأمر الواقع عليها بالمستوطنات والمستوطنين, ولم يسلم من المخطط الارهابي المجنون المسجد الأقصي والقدس الشريف والكنائس المسيحية والمساجد علي امتداد الأرض الفلسطينيةالمحتلة. ومع المستنقع الأمريكي علي أرض العراق ببسالة واستشهاد المقاومة العراقية وضراوتها في رفض الاحتلال الغاصب إضافة الي المستنقع الذي سقط فيه الكيان الصهيوني في جنوب لبنان وفي الحرب الآثمة الشيطانية علي سكان قطاع غزة وحصارهم المقيت في غفلة العالم والصمت الاجرامي للدول الكبري والعظمي, ومع كل ذلك وامتدادات المستنقع المروعة في أفغانستان والحرب الأمريكية المجنونة علي أراضيها بكل ما تقدمه يوميا من شواهد علي الاخفاق والهزيمة والفشل الذريع فإن الأنظار والمخططات المجرمة والحاقدة تجد نفسها مدفوعة بعنف جنوني للمزيد من الانقضاض علي نصر اكتوبر العظيم خوفا وربما من تفعيل معاينة الحقيقة وتحول مصر في غمضة عين إلي القوة الاقليمية العظمي والأعظم القادرة علي فرض إرادة السلام الحقيقي العادل والشامل علي كل الأطراف الإقليمية والدولية بحكم أن تثبيت أركان القوة المصرية لابد وأن يعني تكسير أنياب وتقليع أظافر الكيان الغاصب الوافد في غفلة من الزمن لنهب أرض الآباء والأجداد. ويعني استدعاء المعني الحقيقي لانتصار اكتوبر أن مصر يوم السادس من اكتوبر قد عبرت الهزيمة نيابة عن نفسها, وأنها ايضا عبرت الهزيمة نيابة عن العالم العربي ونيابة عن العالم الاسلامي والأكثر أهمية في الفهم والادراك السليم أن مصر قد عادت الي موقع القيادة والريادة الطبيعي الذي كانت تحتله ولم يشغله أحد فترة غيابها للتحضير للمعركة الكبري والتجهيز للنصر الكبير بحكم أن أحد, لا يملك مؤهلات وإمكانيات شغل هذا الموقع عندما تغيب مصر بإرادتها أو حتي بغير إرادتها وهو مقعد لا يؤهل لشغله من يملك الثروة بشكل مفاجئ كما في حال الدولة البترولية, كما أنه لايمكن ان يشغله كيان صهيوني غاصب أدعي بالفعل أهليته لشغل المقعد تحت هالات منتدي دافوس الكاذب ومؤتمراته المسمومة عن الشرق الأوسط وحتي عندما حضرت أمريكا بجيوشها وأساطيلها من قتلة الأبرياء فإنها عجزت عن ملء المقعد المصري تحت مسميات الشرق الأوسط الكبير ثم الشرق الأوسط الصغير وغيرها من الخزعبلات التي أطلقها جورج بوش الابن الرئيس السابق لأمريكا وجماعته من المحافظين الجدد وأصحاب الأيديولوجية الاصولية المسيحية الصهيونية وترتيباتهم لإطلاق الخوف الأعظم, عبر أرجاء أمريكا والغرب والعالم بواقعة الحادي عشر من سبتمبر وما يشوب تنفيذها من تعتيم وظلام حتي يومنا هذا وما يقوله كبار المفكرين والكتاب الأمريكان أنفسهم عن أنها صناعة كاملة الاركان للإدارة الأمريكية بكامل أجهزتها الأمنية والسياسية العليا مع الاستخدامات الاجرامية الشنيعة لإثارة طوفان الحقد الأسود ضد الاسلام والمسلمين الي حدود تنظيم الحفلات لحرق القرآن والاساءات البذيئة للرسول والملاحقات الماجنة للرموز الاسلامية من مساجد وشعائر الصلاة وغيرها. وفي خضم هذا المناخ الشيطاني فإن معاني ورموز النصر المبهر في اكتوبر تبقي كما هي تتكسر عليها النصال تلو النصال مهما كانت مسمومة وعاتية لسبب بالغ البساطة والبديهية, يرتبط بأن عبور مصر للهزيمة كان كاملا وكان شاملا, وأن ضغوط العالم كله بكل قواه وبكافة أساليبه وأدواته الظاهرة والخفية لم تفلح في عودة مصر الي مناخ الهزيمة بأي صورة من الصور أو بأي شكل من الأشكال علي الرغم من كل أحاديث القصة المصرية وكل أحاديث التوتر الإعلامية, وبالرغم من جميع مساجلات الاقتصاد الطائفي وقوي الظلام التي تحركه وترعاه وتغذيه, وفي ظل أعتي الضغوط وأمرها فإن مصر تمركزت حول مفهوم السلام الشامل والعادل ومع كل العواصف والأعاصير فإن مصر ترفض الاستيطان والمستوطنات ومع كل ملاحظاتها علي حماس فإنها ترفض تركيع سكان غزة وترفض تجويعهم وتسارع إلي حمايتهم بقدر ما تقدر وما تستطيع علي الرغم من أن الضمير المصري يدرك في أعماقه أنه تم إعلان موت السلام ودفنه وتشييعه إلي مثواه الأخير ليس فقط في الفترة التالية لتوقيع كامب ديفيد ولكن في فترات طويلة سابقة منذ أن بدأت المخططات الشيطانية الإجرامية لفرض الكيان الصهيوني علي الارض العربية في فلسطين وتكاتف قوي الاستعمار الجديد والقديم لإقامته لضمان مصالحها بشكل دائم ومستمر من خلال حاملة الطائرات الصهونية الجاثمة وسطه وفوق أراضيه. ومن لا يدرك المعني الحقيقي لعبور مصر الهزيمة وأهميته وقيمته الكبري من المحيط العربي تحديدا الذي توصف مصر في نطاقه باعتبارها رمانة الميزان القادرة علي وزن الأمور وزنا دقيقا وسليما لصالح الكل والجميع والتي في غيابها تضيع الموازين ويسود الفوضي والاضطراب والتناحر أن يعودوا الي ذاكرة التاريخ عندما سقطت مصر وخضعت للامبراطورية العثمانية, فعلي الرغم من انها امبراطورية اسلامية وحكامها والقائمين علي إدارة شئونها من المسلمين فإن العالم العربي تعامل معها دائما باعتبارها وافدا غريبا عليهم وتوارت القوة العربية الي الظل ثم عادت تتنفس الصعداء مع دولة علي بيك الكبير المصرية وبحثت عن الخروج الي سطح الأحداث بعد امبراطورية محمد علي المصرية التي أطلقت المارد العربي من سباته العميق مع انتفاض المارد المصري ليثبت وجوده وقوته التي احتاجت الي تجمع كل قوي العالم الكبري والعظمي وتكتلاتها حتي تتمكن من الانقضاض علي القوة المصرية البازغة في الأفق الاقليمي والدولي, وكان خيار هذه القوي العالمية يومها واضحا وصريحا ان الامبراطورية العثمانية المسلمة أقل ضررا بكثير وأقل خطورة بكثير من الامبراطورية المصرية الصاعدة واجتمع الجميع لحرب محمد علي وإجهاض مشروعه الكبير الذي ارتكز علي عبور مصر للهزيمة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلميا اعتمادا علي الثروة البشرية المصرية وما تملكه من كفاءات ومهارات وقدرات تستطيع اللحاق بركب التقدم والتفوق في فترات زمنية شديدة القصر, وهو ما تعجز عنه غالبية الشعوب والأمم. حائط الوهم المسمي بالثغرة وامكانية ابادته في يوم السادس من اكتوبر عبر الجيش المصري الباسل قناة السويس وتمركز في سيناء وكانت الثغرة التي هي بكل المعايير والمقاييس معركة تليفزيونية جعلت من مرتزقة الكيان الصهيوني أسري في أيدي مصر يمكن إبادتهم بالكامل ويمكن ان يتم أسرهم بالكامل لولا محاذير الموقف الامريكي الغربي وضغوطه وقبلت مصر الافراج عنهم تحت مظلة مفاوضات الكيلو101 حتي لا تتمادي أمريكا والغرب في الانحياز الأعمي والأهوج وتجد مبررات للغضب اللئيم وهؤلاء الذين يدعون بجهلهم المفضوح ان العدو الغاضب انتقل الي شرق القناة وكانت أبواب القاهرة مفتوحة أمامه كما فعل اللورد ديفيد أوين البريطاني في محاضراته المجنونة بالقاهرة العام الماضي في حضور سدنة الطابور الخامس المعادي والعميل قد تناسوا أوضاع الجيش المصري المستقرة في غرب القناة في مقابل المستنقع الصهيوني في الشرق بالرغم من الجسر الجوي الأمريكي المباشر وفتح خزائن السلاح الأمريكي الأكثر تقدما والأشد تدميرا. والخطورة الكبري لمدلولات ورموز العبور العظيم للهزيمة في السادس من اكتوبر ترتبط بعبور مصر ككيان معنوي بكل تاريخه وحضارته وانجازاته ومعاركه الكبري المنتصرة وبكل وزنه ونفوذه وتأثيره الاقليمي والعالمي من الهزيمة الي النصر وهو ما أحبط عقودا من العمل المتواصل الدؤوب للقوي العالمية للاستعمار لتحويل مصر من عملاق الي قزم وضمان دخول المارد الي القمقم مع السعي المكثف لاضفاء كل صفات التقوقع والانحسار والتراجع علي مصر والمصريين ودورها الخارجي, فمع العبور تكسرت وتحطمت ليس فقط حصون خط بارليف ولكن تلاشت وفي لحظات كافة ملامح العقود الزمنية السلبية الكئيبة التي تفنن محو الشر الاجرامي الصهيوني الغربي الأمريكي في رسم ملامحها وقسماتها التفصيلية وكأن مصر تودع مكانها وشموخها وعظمتها الي أبد الآبدين. ويدعي هؤلاء الذين يتمنون ويحلمون بالقضاء علي تاريخ مصر ومكانتها ودورها ان يقتنع المصريون والعرب والمسلمون أن سيناء قد عادت بالتفاوض والمفاوضات في تجاهل صارخ وفاضح لإرادة النصر التي صنعها العبور في مقابل وقائع الهزيمة وما صنعته من مرارة وهزيمة تظلل سماء الكيان الصهيوني الغاصب وتتمرغ في الصرخات الهستيرية لجولدا مائير وموشي دايان وصور الاسري وطوابيرهم المنهزمة ودموع وحرقة البكاء علي ضياع الحلم الشيطاني عاجلا أم آجلا مع معرفة مصر للطريق واكتشافها للبوصلة وادراكها للخطر. *** تعكس الهجمة الضارية علي انتصار أكتوبر العظيم حقيقة عالمية تكشف العديد من حلقاتها بشكل صريح واضح خلال الفترة الماضية وهي الحقيقة المرتبطة بسطوة المال اليهودي الصهيوني علي الإعلام الأمريكي والغربي, وهو الأمر الذي يأخذه البعض باستخفاف واستهانة ويجعل الحديث عنه قرينة من قرائن العجز وعدم القدرة علي مواجهة الاعداء ولكن ما قول هؤلاء وهؤلاء في قرار فصل المذيع الشهير ريك سانشيز مقدم البرامج المشهور في شبكة سي ان ان الامريكية وما أعلنه ريك عن سطوة اليهود علي أجهزة الإعلام وعلي الشبكة التليفزيونية وملاحقتهم المدمرة لمن يجرؤ علي مخالفتهم ويمتنع عن التسليم برغباتهم ومشيئتهم. وقبل ريك سانشيز وخلال الاعتداء الاجرامي الوحشي علي قافلة الحرية العالمية التركية لدعم سكان قطاع غزة وما تعرضت له القافلة من مجزرة دموية تجرأت عميدة الصحفيين الأمريكان في البيت الأبيض الأمريكي علي انتفاد هذه المذبحة والمجزرة, وكان الثمن الطبيعي ان يتم إجبارها علي التقاعد عن العمل بفظاظة وبلا مواربة مما يدل ليس فقط علي سيطرة اليهود والصهيونية علي الاعلام الأمريكي, بل علي نفوذهم الطاغي في الإدارة الأمريكية وفي قمتها في البيت الأبيض حيث يوجد الرئيس شخصيا بشحمه ولحمه!!