ماذا يحدث في أسبوع اكتوبر بعد37 عاما من انتصار أكتوبر1973؟ لم يكن لسؤال وراءه الدهشة الزمنية التي ترتبط بما يحدث بيننا هذه الأيام علي اثر مباراة الترجي والاهلي- التونسي والمصري- وإنما امتدت الدائرة إلي أسئلة كثيرة; إلي دوائر المحيط الزمني الذي شهدنا معه قبل عام آثار المباراة بين المنتخبين المصري والجزائري, والتي وصلت إلي أقصاها حين امتدت المساحة البعيدة إلي نصف قرن أو يزيد, حين دهش كاتب كبير مثل توفيق الحكيم بما يحدث حوله علي اثر مباراة عنيفة هزلية فراح ليردد' انتهي عصر القلم وبدأ عصر القدم' انتهي زمن الكاتب إلي زمن اللاعب الذي يحصل في تعبير الحكيم' في سنة واحدة علي ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون' هل هذا معقول؟ لقد أصبح الحاضر مباراة عاتية عنيفة تحقق أهدافا وهمية خارج المباراة وفوق المدرجات.. لقد أصبح الحاضر مرآة رمادية دامية لما يحدث لنا جميعا في المنطقة التي نعيش فيها... لم يكن من الصعب أن نصدق توفيق الحكيم الآن بعد قرابة نصف قرن, فما رأيناه يؤكد هذا ويترجمه, ليس أبناء الوطن الواحد فقط ولكن بين أبناء المنطقة العربية ولنذكر علي ضوضاء المباراة الأخيرة التي شهدناها وعرفناها جميعا أخيرا( الهتاف العنيف_ تعدد احتجاجات اللاعبين- فوضي المدرجات- تلفيات كثيرة- استخدام ألعاب نارية غير مصرح بها- عنف شباب العنف أو الألتراس- تطاير الحجارة- تقديم شكوي رسمية للاتحاد الإفريقي للكرة عقب أعمال العنف-..الخ).. وهو ما يذكرنا بآثار معركة وهمية سابقة.. هذه المعركة الوهمية التي دارت بين رموز الجزائر ومصر, حتي أنه يلفت النظر إلي كثير من الظواهر التي تثير القلق لدي الشباب العربي خاصة, لعل أكثرها في الوجدان هذه المعركة الوهمية التي دارت عقب هذه المباراة الأخيرة بين الفريق الجزائري والمصري, داخل المباراة وخارجها, فرحنا ندهش داخل المدونات وخارجها من انشغال شبابنا بقضايا وهمية كثيرة, كأن ندهش لهذه الحرب التي أطلق عليها وقتها أنها حرب بين' الخضر والفراعنة'; هل هذا معقول ؟ وهو ما رحنا نعجب معه من تعبير الشباب في أحد المواقع غاضبا من كلمات أغنية وردة' السمرة بلادي.. الخضرة بلادي'.. وقد وصل العجب الي آفاق بعيدة.. وكانت الترجمة الوحيدة هي الصراع بين قطر عربي وآخر عربي, في حين نسي الجميع المعني العام للأغنية التي عرفت لأول مرة عقب حرب اكتوبر1973 ودخلنا معها في جدل عقيم من مثل أن يطالب البعض بمنعها أو منع إذاعتها تماما; بل وصلت الدهشة إلي أقصاها حين طالب البعض علي المواقع الإليكترونية بعدم دخول الفنانة وردة مصر, وكأن وردة هي العدو الذي يقوم بتهويد أرضنا هناك, وكأن الأغنية التي علت علي إثر حرب أكتوبر-في مثل هذه الأيام_ هي المسئولة عما نحن فيه الآن هنا من غياب للوعي وغياب للقيمة العربية.. قد يسمح لي القاريء الكريم أن أذكر معه عديدا من الكلمات و الأغاني التي رددت في مثل هذا الشهر' أكتوبر' والتي يؤكد ذكرها هنا أن معناها الغائب تماما عن شبابنا داخل الملاعب وخارجها, داخل المواقع الإلكترونية وخارجها, من يذكر أيها السادة ما تردد عقب حرب أكتوبر مثل هذه الأيام_ من6 أكتوبر- من أنغام دالة' يا حبيبتي يا مصر'' والله أكبر' وعاش اللي قال' و' إذا الشعب بوما أرد الحياة' ووطني حبيبي'' والله زمان يا سلاحي' و' النجمة مالت علي القمر' الأكثر من هذا دلالة أن الفنانة عليا التونسية راحت تغني ياحبايب مصر ووردة الجزائرية' مصر الحبيبه' ووديع صافي اللبناني' عظيمه يا مصر' وفيروز' مصر عادت شمسك'.. إلي غير ذلك من الكلمات العربية الدالة من أقطار العالم العربي لوطنهم مصر في أكتوبر.. إن أسبوع أكتوبر شهد هذه الحيرة التي يمكن أن يعجب لها أي متابع لما يحدث للمنطقة والمنطقة في هذه الفترة الأخيرة التي نحياها جميعا, والتي تحمل خارج هذه المدرجات وداخلها هذه الحيرة التي نعيش بها في هذه الفترة من تاريخنا الرمادي, فإذا غادرنا الماضي إلي الحاضر داخل أية مباراة أو خارجها هذه الأيام لراعنا_ ونحن مازلنا نذكر أكتوبر- هذه القضايا الوهمية بين أبناء الوطن الواحد لا الأوطان العربية المتناحرة.. هل نحن في حاجة للعودة الي عناوين الصحف أو السياق السيبيري لنري هذه القضايا الكاذبة التي نشغل بها كثيرا داخل الأرض العربية لا خارجها.. هل نحن في حاجة لننتبه أمامنا ونقرأ حولنا للمرة الألف: - إن الطائفية تغتال مدن العراق. - والصدام سيعلو بين حزب الله وجماعة الإحيائي في بيروت. -الخلافات المتناهية في التعصب في البحرين. - الصعود المؤسي بين الشيعة والسنة في الكويت. -الخلاف الوهمي بين المسيحيين والمسلمين في مصر. -الصحوة المسيحية التي نسمع عنها من آن لاخر في الجزائر. -........ ** وكما نري, لم يعد سؤالا للدهشة, وإنما أسئلة الدهشة التي تراكمت في الفضاء العربي.. في الالفية الثالثة, وكأننا نعود للخلف در.. إنها أسئلة وليس سؤالا واحدا: أليس كذلك؟