يدعونا حادث تسرب244 طنا من السولار إلي المجري المائي لنهر النيل بمدينة أسوان, بعد غرق صندل نهري يحمل الشحنة, إلي التفكير في وضع استراتيجية متكاملة لتأمين إمدادات مياه الشرب عند وقوع حوادث مماثلة. فإغلاق محطات مياه الشرب ليس سوي حل مؤقت ويحيل المشكلة من تلوث مياه الشرب إلي عطش وانعدام النظافة الصحية وكلاهما مر, ولكن تصميم واختيار تقنيات إنتاج مياه شرب تعتمد علي توفير نطاق حماية وزمن تأخير يتراوح من شهر إلي ثلاثة أشهر, مثلما هو متوافر في تقنيات ترشيح ضفاف الأنهار هو الخيار الأمثل, فهذه التقنية معمول بها في ألمانيا منذ أكثر من مائة عام وحتي الآن سبق أن كتبت عنها في بريد الأهرام عام2007 تحت عنوان إنها بيئة نموذجية ومن حسن الحظ أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي في مؤتمرها الدولي الأول لمياه الشرب والصرف الصحي, الذي عقد في شهر يوليو الماضي قد دعت خبيرا عالميا د. توماس جريشك للتعريف بهذه التقنية وتوضيح إمكانات تطبيقها في مصر علي ضفاف نهر النيل وفروعه والترع الرئيسية, فعند وقوع أي حادثة تسرب مواد خطيرة مثل المواد البترولية أو الكيميائية جراء حوادث الناقلات النهرية أو البرية, خاصة أن معظم الطرق البرية تقع مباشرة بجوار المجاري المائية التي تغذي محطات مياه الشرب, فعندها تصل هذه المواد إلي مأخذ محطات مياه الشرب التقليدية والمرشحات بسرعة كبيرة تعتمد علي سرعة التيار المائي ودرجة انتشار وتشتت المواد المنسكبة مما لا يعطي مساحة زمنية للحماية ومعالجة التلوث فيصدر قرار الإغلاق المفاجئ لمحطات مياه الشرب لحماية صحة المواطنين والبحث عن مصدر مياه بديل. إن الاستراتيجية المقترحة للحماية من الحوادث وتوفير مياه شرب بتكلفة منخفضة تتمثل في إدخال تقنية ترشيح ضفاف الأنهار بشكل تدريجي لتعمل بجانب المحطات المرشحة والمدمجة التي تعمل حاليا, حيثما يكون ذلك ممكنا من الناحية الهيدروجيولوجية, إلي أن تصل نسبة الإنتاج بين النظامين إلي النصف وعندها يتم التوسع في التقنية التي توفر في التكاليف وتنتج مياه شرب ذات جودة عالية وتحمي نظم المعالجة عند وجود أحمال زائدة من الجزيئات أو الطحالب في المصدر أو حدوث تلوث مفاجئ بمواد كيميائية أو بترولية ناتج عن الحوادث. لذا فإنني أدعو د. عبدالقوي خليفة رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي التي تبذل جهودا مضنية لإمداد المواطنين بمياه شرب آمنة وصحية, لدعم وتنفيذ وحدة تجريبية لهذه التقنية بمصر, خاصة أنها كانت مدرجة علي قائمة توصيات المؤتمر الدولي الذي نظمته الشركة وحضره عدد كبير من العلماء والمختصين في هذا المجال. د. كمال عودة غديف جامعة قناة السويس