واشنطن وكالات الأنباء: يمكن للعلم أن يمتلك وجها قبيحا أحيانا ، فبعد استغلال اختراع الطاقة النووية الذي توصل إليه العالم ألفريد نوبل في قتل مئات الآلاف من اليابانيين في «هيروشيما» و«ناجازكي»، كشفت البروفيسورة سوزان ريفيربي الباحثة في كلية «ويلسيلي» الأمريكية النقاب أمس عن وجه قبيح آخر. حيث أكدت قيام مجموعة من الأطباء الأمريكيين في أربعينيات القرن الماضي بإجراء تجارب علي مواطنين جواتيماليين تم فيها حقنهم عمدا بالزهري والسيلان لتجريب مدي نجاح البنسلين في علاج هذه الأمراض. وأثار هذا الكشف ضجة كبيرة داخل الولاياتالمتحدة التي سارعت إلي الاعتذار، بينما اتهمها رئيس جواتيمالا ألفارو كولوم بارتكاب جريمة ضد الإنسانية. وأظهرت دراسة البروفيسورة ريفيربي أن الباحثين الطبيين الامريكيين أصابوا 700 من مواطني جواتيمالا خلال الفترة بين 1946 إلي 1948 بمرضين من الامراض التي تنقل عبر الاتصال الجنسي. وأضافت أن الباحثين أخضعوا مرضي نفسانيين وسجناء للتجربة ولم يطلعوهم لا علي هدف البحث ولا علي ما سيحصل لهم، كما شجعوهم علي نقل الأمراض الجنسية. وأشارت ريفيربي إلي أن الباحثين استخدموا في البداية فتيات مصابات بالزهري والسيلان ثم تركوهن يقمن علاقات جنسية مع من خضعوا للتجربة التي حاولوا من خلالها اختبار مدي تأثير البنسلين في القضاء علي المرض وليس مجرد علاجه. وأضافت أن الحكومة الجواتيمالية كانت قد أعطت موافقتها علي التجربة، ولكن بعد عجز الأمريكيين عن إثبات وجهة نظرهم، قرر الجانبان الأمريكي والجواتيمالي التزام الصمت تجاه هذه التجارب متجاهلين حقوق المرضي الذي تعرض بعضهم للوفاة والآخر أصيب بأمراض عقلية. ويمكن لمرض الزهري أو السلس أن يتسبب بمشكلات في القلب أو العمي أو المرض العقلي وحتي الموت. يذكر أن ريفيربي كانت قد أجرت سابقا بحثا عن تجربة «توسكيجي» التي أجرتها السلطات الامريكية لقياس مدي تقدم مرض السفلس لدي عدد من الأمريكيين الإفريقيين دون إخبارهم بإصابتهم بالمرض أو علاجهم بشكل كاف. وأجريت هذه التجربة في الفترة من 1932 إلي 1972، وسبق أن اعتذر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عن ذلك. وبعد الكشف عن هذه الجريمة، اتهم رئيس جواتيمالا ألفارو كولوم الولاياتالمتحدة أمس بارتكاب جريمة ضد الانسانية، وقال إنه يشعر بالغضب والخيبة لقيام الأطباء الأمريكيين بهذه التجارب الطبية علي مرضي نفسيين وسجناء دون إعلامهم. وأضاف: «إن ما جري حينها هو جريمة ضد الانسانية والحكومة تحتفظ بحق تقديم شكوي». وسارعت الولاياتالمتحدة علي كافة مستوياتها بدءا من الرئيس باراك أوباما وصولا إلي وزيرة الصحة الجواتيمالية كاثلين سيبيليوس إلي تقديم الاعتذار لمئات من سكان جواتيمالا. ووصفت واشنطن التجارب التي أجراها الأطباء الأمريكيون بأنها صادمة ومأساوية. وتقدم الرئيس الامريكي أوباما باعتذار إلي الرئيس كولوم كما اتفقا علي تشكيل لجنة مشتركة لتحديد كل ضحايا هذه التجارب. وقال البيت الابيض إن أوباما أكد في اتصال هاتفي مع كالوم التزام الولاياتالمتحدة الثابت لضمان أن كل التجارب الطبية البشرية التي تجري اليوم تكون مستوفية للمعايير الأخلاقية والقانونية في الولاياتالمتحدة والعالم». ومن جانبها، وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزيرة الصحة الجواتيمالية كاثلين سيبيليوس في بيان مشترك هذه التجربة بأنها «مخالفة بوضوح للشروط المهنية»، وقالتا في بيانهما: «نأسف بعمق لحصول ذلك، ونقدم اعتذارنا لمن إصيبوا بالمرض جراء ممارسات مقيتة»، وأعلنتا فتح تحقيق معمق حول هذه القضية.