بين الحين والآخر تخرج علينا الإدارة الأمريكية بتقرير حول حقوق الإنسان في العالم.. وتركز علي مصر.. وتدعي أن التقارير المقدمة من جمعيات حقوق الإنسان تقر بأن مصر تنتهك حقوق الإنسان.. وأن بها تمييزا بين البشر.. وأن.. وأن.. المهم أن أمريكا ترفع في وجه مصر ورقة من أوراق اللعب أو الضغط.. حتي تستجيب لما ترسمه الإدارة الأمريكية.. ولكن! ما يعنيني في هذا الموقف أن الخارجية المصرية قامت بالرد وأصدرت بيانا أكدت فيه أن مصر بلد العراقة والتاريخ هي أول بلد تعرف حقوق الإنسان.. وتطبقها.. وانها تهتم بالعمل الأهلي وتشجعه .. وأصبح عندنا ما يقترب من ال 03 ألف جمعية أهلية علي مستوي الجمهورية.. كما أصبح لدينا العديد من الجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الإنسان.. ولدينا أيضا المجلس القومي لحقوق الإنسان ويضم شخصيات ذات نشاطات متعددة.. وينتمون لتيارات سياسية متنوعة.. وبهذا أصبح لدينا آليات تضمن حقوق الإنسان وتحقق فيما يحدث في أي مكان من شبهة انتهاك للحقوق.. إضافة إلي قضاء عادل يصون الحريات ويحقق الطمأنينة للمواطن.. أما في أمريكا نفسها فحدث ولا حرج.. استغلال للبشر.. وإجراء تجارب دوائية علي سكان آمنين.. وبعدها يعتذرون! قدمت واشنطن الجمعة اعتذارها للمئات من ابناء جواتيمالا الذين اصيبوا دون علمهم بأمراض تنتقل عن طريق الجنس في إطار دراسة أجرتها الحكومة الأمريكية منذ أكثر من ستين سنة وصفتها جواتيمالا بأنها »جريمة ضد الإنسانية«. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزيرة الصحة كاثلين سيبيليوس الجمعة ان هذه التجربة، التي أجريت من 6491 إلي 8491 في جواتيمالا »مخالفة بوضوح لقواعد الأخلاق« و»مدانة«. وقد شارك نحو 0051 شخص في هذه التجربة التي كان الهدف منها معرفة ما إذا كان البنسيلين، الذي كان في بداية استخدامه آنذاك، يمكن ان يفيد في الوقاية من الأمراض الجنسية المعدية. واختار الباحثون كحقل تجارب اشخاصا ضعفاء بينهم مرضي نفسانيون، ولم يطلعوهم لا علي هدف البحث ولا علي ما سيحصل لهم. كما شجعوهم علي نقل عدوي الأمراض الجنسية ولم يعالجوا من اصيبوا منهم بمرض »الزهري«. وتوفي واحد من هؤلاء المرضي علي الأقل خلال فترة الدراسة . وقال رئيس جواتيمالا الفارو كولوم معقبا علي هذه التجربة التي ابلغته بها كلينتون »ما جري حينها هو جريمة ضد الإنسانية والحكومة تحتفظ لنفسها بالحق في تقديم شكوي«. كما ابدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في محادثة هاتفية »عميق اسفه« وقدم »الاعتذار لكل الذين اصيبوا« بالعدوي . كما ان اوباما »جدد ايضا التزام الولاياتالمتحدة الثابت بأن تكون جميع الدراسات الطبية التي تجري اليوم علي الإنسان مستوفية للمعايير الأخلاقية والقانونية . وقد مولت هذه الدراسة من منحة مقدمة من المعاهد الأمريكية للصحة إلي مكتب الصحة الأمريكي الذي اصبح فيما بعد المنظمة الأمريكية للصحة. وهذه الدراسة التي لم تنشر أبدا، اعلنت هذا العام بعد ان عثرت أستاذة في كلية ويليسلي كوليدج تدعي سوزان ريفيربي عن طريق الصدفة علي مستندات ارشيفية تشير إلي التجربة التي اجراها الطبيب الأمريكي المثير للجدل جون كاتلر. والآن.. هل يقبل العالم اعتذار أمريكا لانتهاكاتها لحقوق الإنسان!