الأنبا بيشوي أحد كبار رجال الدين المسيحي في مصر, وهو علامة في اللاهوت وسكرتير المجمع المقدس للكنيسة المصرية الأرثوذكسية, ويبدو أن المثل الشعبي الذي يقول: لكل عالم هفوة. ولكل حصان كبوة مثل صحيح, فقد وقع نيافته في المحظور عندما صرح بأن المسلمين يعيشون ضيوفا علي أقباط مصر, وكاتب هذه السطور لا يعرف معني هذه الكلمات, ولماذا تقال في هذا الوقت بالذات؟! هل إخوتنا المسلمين الذين يعيشون بيننا ويبادلوننا الحب والأحزان والأفراح ليسوا مصريين مثلنا؟! ان الأجيال الجديدة الآن كلها مصرية مائة في المائة, والمسلمون المصريون الآن هم أبناء الفراعنة وعندما دخل الاسلام مصر أسلم بعضهم وكانوا مسيحيين ومن هنا تجد بعض الأسماء مثلا: محمد محمود جورج, أو مرقس في اللقب وهكذا فهم مصريون قلبا وقالبا, أما الذين جاءوا مع الفتح الاسلامي فقد إختلطوا بالشعب المصري وتزاوجوا وأصبح الأبناء مصريين يحملون الجين المصري, هكذا كل من يعيش في مصر مصريا ولا أستطيع أن أقول له انت ضيف فهذا هراء ووهم وخرافة. وليسمح لي سيدي الأنباء بيشوي أن أتحدث إليه كأصدقاء, فأنا أكبر من نيافته بخمسة أيام في العمر ولست في علمه الديني الغزير ولكني أديب أهتم بالأدب ولي في المكتبة العربية15 كتابا, ولي اهتمام كبير بالشعب المصري الذي أتمني أن يكون أرقي وأغني شعوب العالم, وبخاصة وهو مؤهل لذلك وحضارته الضاربة في القدم مازالت تبهر العالم كله. سيدي الأنبا بيشوي أنت علامة في اللاهوت وكل ما هو كنسي فلماذا لا توجه علمك الغزير هذا في تعليم الشباب المسيحي القبطي لتقضي علي أميته الدينية؟ ولماذا تناقش ما جاء في القرآن وتفسره وتشرحه؟ إنها ليست مسئوليتك. وعندما كان بعض الشيوخ يهاجموننا في المساجد والتليفزيون كنا نضيق ذرعا بهم ونشكو لطوب الأرض من تدخل الآخرين في ديننا وشئوننا واستطاع قداسة البابا شنودة الثالث أن يطبق تعاليم الانجيل وبالذات الآية التي تقول: رابح النفوس حكيم, وتصادق مع الشيخ الشعراوي فلم يهاجم فضيلته المسيحية بعد ذلك. لماذا تناولت القرآن الكريم بالدراسة والنقد ونحن نطالب الجميع بألا يتدخل أحد في دين وفكر الآخر, ولكم دينكم ولي دين... عندما يقول البعض أن إنجلينا محرف نغضب ونعتبره تدخلا في شئوننا فلماذا نتدخل نحن في شئونهم؟ إن مصر تعاني من مشاكل كثيرة ياسيدي بيشوي وتحتاج أن نكرس جهودنا لها.. نحتاج لأن نقدم لرجل الشارع رغيف الخبز الصحي الذي يفيده.. ولكل طفل كوب اللبن الذي يغذيه.. ولكل شاب العمل المناسب الذي يحميه من البطالة والتشرد والضياع.. هذا هو هدفنا مسلمين ومسيحيين إذا كنا فعلا نحب مصر ونسهر علي مستقبلها ورفعة شأنها, أما البحث في ديانة الآخر فلن تفيد شيئا, يكفي كل منا أن يعبد الله بالطريقة التي يراها وكما تعلمه عقيدته ولا نتدخل فيها لأن في النهاية فلسفة الأديان واحدة ولكنهم للأسف لا يعلمون.. وقد كانت لنا نحن الاقباط الأرثوذكس مشاكل كثيرة ولكنها بدأت في الحل فلماذا نخلق مشاكل جديدة كثيرة؟ ومن حسن الطالع أن يرأس الكنيسة رجل مثقف واع محب لمصر عبقري هو قداسة البابا شنودة الثالث صاحب القول البديع: مصر ليست وطنا نعيش فيه بل هي وطن يعيش فينا.. وكذلك من حسن الطالع أن يرأس الأزهر الشريف شيخ جليل هو فضيلة الامام الأكبر الشيخ أحمد الطيب رجل الثقافة والتنوير والذي يذكرني بالإمام الشيخ محمد عبده, لقد كان لي شرف حضور مائدة الوحدة الوطنية التي أقامها البابا شنودة في شهر رمضان وحضرها كل قيادات مصر وإستمعت إلي الكلمة البليغة لشيخ الأزهر وأعجبني قوله: إن الإسلام والمسيحية وجهان لعملة دينية واحدة.. الله علي الكلام المفيد الحلو الذي يجمع ولا يفرق يوحد ولا يقسم. أريد ياسيدي الأنبا بيشوي أيضا أن أسألك لماذا تفضل تفجير المشاكل في حين الدين يدعونا للحب لا للخلاف؟ وقبل هذه المشكلة مع إخوتنا المسلمين فجرت في السنوات السابقة مشاكل كثيرة مع إخوتنا الكاثوليك وأغضبت بابا روما منا. وفجرت مشكلة مع البروتستانت الانجيليين وأغضبتهم منا أيضا, ألسنا جميعا إخوة مهما إختلفت عقائدنا؟. ان من السهل أن أهدم وأحطم وأخرب ولكنه ليس من لسهل أن أبني وأرمم وأنظم, وفلسفة الأديان لكل من درس الأديان بحق هي فلسفة واحدة تتلخص في البناء والتعمير وإحترام الانسان في كل مكان مهما كان لونه ودينه ووطنه وجنسه, فلسفة الأديان هي إحترام الإنسانية وإحترام الآخر مهما اختلفت معه. وهل تسمح لي ياسيدي الأنبا بيشوي أن أعتذر باسمك لكل الشعب ولكل مسلم غضب من تصريحاتك وأقول للجميع: نحن كلنا مصريين إخوة متحابون تاريخنا واحد ومستقبلنا واحد مزدهر إن شاء الله, ولا فضل لمصري علي مصري إلا بحب مصر والسهر والعمل المتواصل من أجلها.