هل يمكن أن نتصور أن يصل تعداد مصر السكاني الي130 مليون نسمة عام2030 ؟ رقم مفزع لكن هذا ما تؤكده الاحصائيات التي قام بها المجلس القومي للسكان, اذا ما استمر معدل الإنجاب علي النحو الذي نحن عليه الآن, والمشكلة السكانية تستنزف موارد الدولة منذ سنوات وحاولت الحكومات المختلفة التصدي لها إلا أنها لم تحقق النتيجة المرجوة. وقد أصاب الرئيس مبارك بتخصيص وزارة للأسرة والسكان مهمتها الاساسية التصدي لهذه المشكلة المتفاقمة إلا أنه من غير المنصف أن نتوقع أن تتمكن هذه الوزارة الوليدة من أن تحل المشكلة فورا حتي لو استخدمت العصا السحرية, فالزيادة السكانية وكثرة الانجاب لهما أسباب عديدة أهمها الفقر والجهل وهي علل لايمكن الشفاء منها باصدار أوامر او وضع خطط لتنظيم الأسرة تعتمد علي توزيع وسائل تنظيم الأسرة ولكن لابد من النظر للقضية بصورة اعمق والاعتراف بأن المسئولية تقع علينا جميعا وليس فقط علي أجهزة الدولة, فلا يمكن أن ينكر أي منصف المجهود الكبير الذي تقوم به الوزيرة مشيرة خطاب والعاملون معها لدرجة انها تصل الليل بالنهار, إلا أن كل هذا الجهد لن يؤتي ثماره مهما كانت خطة العمل وافية إلا, إذا تضافرت كل الجهود وشعر كل فرد منا بأن عليه واجبا لابد أن يقوم به تجاه وطنه والأجيال المقبلة. ومسألة تغير المفاهيم الخاطئة علي سبيل المثال تحتاج الي أن يقوم كل متعلم, ولا أقول مثقف, بدوره في التوعية من خلال الحديث الي المحيطين به لتوضيح الصورة بشكل مبسط. وهذا أبسط الأشياء اما من يستطيع منا أن يكافح الأمية ولو بأن يتبني كل شخص محو أمية شخص واحد فهذا سيؤدي حتما الي تنمية مجتمعية شاملة, أما من يدعي أن المشكلة ليست في كثرة عدد السكان ولكن في كيفية الاستفادة منهم فنقول إن الاستفادة تكون من شخص متعلم صحته جيدة قادر علي العمل, وهذا لن يتحقق في دولة نامية غير قادرة علي رعاية وتعليم الملايين كل عام!, واذا كانت السيدة سوزان مبارك قد تغلبت علي حزنها الشخصي العميق, لتشارك في اعطاء دفعة للعاملين علي مواجهة المشكلة السكانية في اجتماعها الأخير بهم لاحساسها بالمسئولية كمواطنة مصرية أولا, وبخطورة المشكلة ثانيا فلابد ان يشعرنا هذا الموقف بمزيد من المسئولية تجعلنا مواطنين فاعلين نسهم في تغيير واقع لانرضي عنه ولانكتفي بتوجيه النقد لوزارة لم يتعد عمرها عاما واحدا ولانكف عن التربص بها لنحاسبها علي ما لم تتمكن من تحقيقه قبل أن نحاسب أنفسنا.