شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 70 جنيهًا    لتحديد القيمة الإيجارية، كشف المناطق المؤجرة للغرض السكني في 4 محافظات    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسى تطورات الأوضاع في غزة ولبنان وليبيا    مصر في المستوى الثالث، ننشر التصنيف الكامل لمنتخبات كأس العالم قبل قرعة 5 ديسمبر    النيابة الإدارية تحقق في واقعة طفلة التنمر بالدقهلية    اللي مش قد المسؤولية يمشي، مصطفى كامل يفتح النار على عضو نقابة المهن الموسيقية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    تأييد أمر منع هدير عبدالرازق من التصرف في أموالها    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    مدير"تعليم الجيزة" يحيل قيادات وموجهين للتحقيق ل "مخالفات" في رصد الدرجات والغياب    ضبط المتهمين بقتل صاحب ملجأ والتخلص منه في مصرف بالشرقية    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    الأكبر منذ 50 عاما..مصرع شخص فى حريق التهم أكثر من 170 مبنى باليابان "فيديو"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن تكون للأحزاب أو المرشحين
نزاهة الانتخابات لمصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2010

تمثل الانتخابات التشريعية في أي نظام ديمقراطي حدثا له أهميته البالغة‏,‏ في تحقيق الاستقرار السياسي والتعبير الديمقراطي عن مختلف التيارات السياسية الرئيسية في المجتمع‏.‏ وأحسب أن الانتخابات التشريعية التي تطرق الأبواب بشدة في مصر لها هذه الأهمية وربما أكثر‏.‏ فالبرلمان الذي ستأتي به هذه الانتخابات سوف ينظر في ترشيحات منصب رئيس الجمهورية‏,‏ إعمالا لنص المادة‏76‏ من الدستور‏.‏ كما أن هذه الانتخابات تجري في ظل اهتمام غير مسبوق من الغالبية العظمي من المصريين‏,‏ بصرف النظر عما إذا كانت هذه الغالبية سوف تتوجه إلي صناديق الانتخاب أو لن تفعل‏.‏ فالحوار حول الانتخابات المقبلة متصل‏,‏ في أحاديث العامة والخاصة لأسباب متباينة‏.‏ ربما تختلف مستويات الاهتمام علي مستوي الأفراد أو التجمعات أو الأحزاب‏.‏ ولكن المصريين جميعا تشغلهم الآن قضية الانتخابات‏.‏ ويوما بعد يوم تتزايد مساحة النقاش والحوار في الأحاديث اليومية بين الجميع‏.‏ هذا الاهتمام يعبر عن تطور سياسي له مغزاه في الحياة المصرية‏.‏ ربما كانت المشاركة السياسية لاتزال دون المستوي الذي نطمح إليه ولكن الاهتمام بالقضايا السياسية يكاد يحقق المستوي الذي نريده‏.‏ والاهتمام يمثل أولي الخطوات علي طريق المشاركة السياسية‏.‏ هناك سباق محموم بين المرشحين‏,‏ وهناك نقاش لا يهدأ حول من يمثل هذه الدائرة أو تلك بين أبنائها‏.‏ وكذلك بدأت مواكب المرشحين في التجوال عبر الشوارع والأحياء والقري‏.‏ متوسط عدد المرشحين عن كل مقعد من مقاعد البرلمان سوف يزيد عما كان عليه العدد في انتخابات عام‏2005.‏ مساحات التغطية الإعلامية للانتخابات تزداد وتكنولوجيا الاتصال الجديدة تدخل بقوة‏,‏ وسوف تستخدم بكثافة لجذب قطاعات واسعة من الشباب المستخدم لهذه التكنولوجيا‏.‏
وتظل الضمانات الخاصة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة هي أكثر ما يشغل المشاركين في تلك الانتخابات‏,‏ وهذا حق مشروع للمرشحين والناخبين علي السواء‏.‏ فالجميع يريد‏,‏ للإنتخابات أن تكشف في نهاية الأمر عن وزن القوي السياسية المختلفة التي تحظي بثقة الناخبين‏,‏ ولا أعتقد أن الحرص علي نزاهة الانتخابات هو هم مصري بحت‏,‏ فالتجارب الديمقراطية جميعها تهتم كثيرا بكل ما من شأنه ضمان أن تعبر الانتخابات عن الضمير الوطني وعن إرادة الأمة‏,‏ ومع ذلك فإن الدول تختلف فيما بينها في وسائل تحقيق تلك الضمانات‏.‏ غير أنه حين تسود ثقافة الشك وفقدان الثقة في كل شيء فليس هناك في الحقيقة ضمانة لأي شيء‏,‏ ما دام الشك في الانتظار في نهاية الطريق‏.‏ ولذلك ينبغي أن يتحلي الحديث عن الضمانات الخاصة بالانتخابات بقدر من المسئولية وقدرة علي قراءة الواقع والتمسك بما هو ممكن ومقبول‏,‏ بدلا من الشطط في التفكير والغلو في الارتياب‏.‏ ضمانات إجراء الانتخابات التشريعية القادمة حظيت باهتمام جميع الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الوطني‏.‏ ومن الواضح أن هناك توافقا في كثير من الضمانات بين مختلف الأحزاب‏,‏ كما كشفت الأوراق التي أعلن عنها التحالف الرباعي بين أحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة‏,‏ حيث تضمن البيان الصادر عن هذا التحالف نحو أربعة عشر مقترحا‏.‏ أما الحزب الوطني فقد أعلن عن مقترحاته بشأن هذه الضمانات في خطوط محددة وعملية تشمل مختلف الجوانب التي تتعلق بها‏,‏ ومن الطبيعي أن تكون هناك اختلافات بين الحزب الوطني وبين التحالف الحزبي الرباعي بشأن ضمانات الانتخابات‏,‏ وهو أمر لا يثير نزاعا وينبغي ألا يقف حائلا دون تضافر جهود الجميع‏,‏ من أجل تحقيق انتخابات نزيهة يرضي بنتائجها وتعبر أيضا عن الجميع‏.‏
فالأمل المعقود علي الانتخابات القادمة ليس فقط أن تأتي إلي الحياة السياسية المصرية ببرلمان معبر عن آمال المصريين وطموحاتهم‏,‏ وبرلمان قادر علي القيام بوظائف التشريع والرقابة علي النحو الذي يسدد خطي المجتمع والحكومة‏,‏ ويستجيب للتغيرات المتلاحقة في الحياة المصرية‏,‏ ولكننا أيضا نريد للانتخابات القادمة أن ترسخ المزيد من التفكير والسلوك الديمقراطي في المجتمع‏,‏ وتكون خطوة حقيقية علي طريق التطور الديمقراطي وتقترب بنا من السلوك الديمقراطي الذي نرجوه ونخطو به خطوات أوسع إلي الأمام‏,‏ وأن تقدم مؤسسات حزبية مرموقة وأن تزداد بنية النظام السياسي قوة وفاعلية ولانتركها نهبا للقوي والجماعات العابثة الخارجة علي الشرعية والمثيرة للفوضي والقلاقل‏,‏ غير الموجودة في الشارع‏,‏ والتي أخذت من النواصي الإعلامية بوقا لها لافتعال المواقف والأدوار‏.‏ والأهم أن تقدم الأحزاب المصرية شخصيات سياسية تتسم بالنزاهة والموضوعية واحترام القيم والقوانين‏,‏ ولاتخرج عليها لإبراز بطولات وهمية‏,‏ أو لفساد في القيم‏,‏ حتي نستطيع أن نعلي من شأن ديمقراطيتنا‏,‏ ولن ننجح في تحقيق وترسيخ الديمقراطية دون إعلاء القيم والمبادئ والنماذج الصالحة التي تعبر عنها‏.‏
نحن نعرف أن الشارع المصري يعج بالكثير من المتاعب‏,‏ ولكن المؤسسات الحزبية القادرة علي إصلاحه ودفعه إلي الأمام عبر برامج سياسية واقتصادية يتم تنفيذها بمتابعة دقيقة علي مختلف الأوجه والأصعدة‏..‏ علي صعيد الدائرة وعلي صعيد الوطن تزيد من قدرة الاقتصاد وبنية الوطن القوية‏,‏ وتحمي حاضره وتدفع مستقبله للتطور والنمو‏.‏
لاخلاف بين الحزب الوطني والتحالف الحزبي الرباعي بل والأحزاب المصرية جميعا‏,‏ فهم يشكلون بنية النظام السياسي المصري الشرعية‏,‏ بشأن كثير من المهام المنوطة باللجنة العليا للانتخابات وهي المؤسسة الجديدة التي ظهرت لأول مرة للوجود في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة‏2007,‏ ضمن برنامج الرئيس مبارك للإصلاح السياسي‏,‏ وتجري الانتخابات الجديدة تحت رعايتها وإشرافها الكامل ومنها ضمان إنجاز عملية منح التوكيلات لمندوبي المرشحين وهذه قضية نوعية وتخصصية مهمة يعرفها كل خبراء الانتخابات في مصر مع الاعتراف بأهمية مندوبي المرشحين‏,‏ لحمايتهم العملية الانتخابية وأن يضمنوا أن تجري الانتخابات بنزاهة وحيدة بين الجميع‏,‏ وأن يصل صوت الناخب لمرشحه في الصندوق‏,‏ وأن تتم العملية الانتخابية تحت أعينهم طوال اليوم الانتخابي الصعب وحتي إجراء عملية الفرز‏,‏ فالمندوبون مطالبون بأن تكون أعينهم حارسة للانتخابات وللفرز‏,‏ ولذلك يلزم أن يكونوا من أبناء الدائرة نفسها حتي يتعرفوا علي الجمعية الانتخابية‏,‏ وأن يوفروا الوقت والمجهود علي أعضاء اللجان‏.‏ أما في حالة أن يكونوا من خارج الدائرة فهذا يعني استدعاء أعمال البلطجة أو الخارجين عن القانون‏,‏ وقد ظلم الحزب الوطني طويلا بهؤلاء‏,‏ ويجب أن يحرص الحزب الوطني بالاتفاق مع الأحزاب علي أن يكون المندوبون من الدائرة نفسها حتي يعرف الجميع بعضهم بعضا ويطردوا الدخلاء والبلطجية والخارجين عن القانون‏.‏ فالحزب الوطني هو الأحرص أن يطهر صفوفه وأن يقدم نوابا من الدائرة نفسها ولخدمتها‏.‏ كما أن الأحزاب الأخري يجب أن تقف مع الحزب الوطني في الخندق نفسه لحماية الانتخابات وتقديم النائب الذي نفتخر به في نظامنا السياسي‏,‏ ووضع الضمانات التي تحد من تجاوز إنفاق المرشح الحد المقرر قانونا بوصفها ضرورة‏.‏ فنحن نريد النائب الذي تحبه الدائرة وليس الذي يرشي الناخبين للحصول علي أصواتهم ووضع آلية تيسر الاتصال باللجنة العليا للانتخابات في حالة وقوع مخالفات خلال الإعداد للانتخابات‏,‏ أو في أثناء التصويت أو أثناء عمليات الفرز‏.‏ وهناك أيضا توافق علي دور منظمات المجتمع المدني في متابعة العملية الانتخابية وضرورة أن تحصل الأحزاب علي حقوق متساوية في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة لعرض برامجها الانتخابية‏.‏وهناك أيضا توافق في رؤية الحزب الوطني والتحالف الرباعي بشأن عدد من الضمانات مع اختلاف في الآليات التي تستخدم لتحقيق ذلك‏.‏
فالحزب الوطني ينطلق من حقيقة أن تفعيل النصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية‏,‏ وقيام اللجنة العليا للانتخابات بممارسة صلاحياتها الكاملة‏,‏ كفيل بتحقيق الكثير من الأهداف التي يسعي الحزب والتحالف الرباعي إلي تحقيقها‏.‏ وكذلك يري الحزب الوطني أهمية تسهيل عملية التصويت للناخبين والسماح بالتصويت ببطاقة الرقم القومي للمسجلين في الجداول‏.‏ ونحن نثمن عاليا هذه الخطوة التي إذا أضيفت إلي القيد التلقائي في جداول الناخبين طبقا للرقم القومي فسوف نصل إلي إصلاح شامل لجداول الانتخابات في مقابل مطلب الأحزاب الأربعة بإلغاء جداول الانتخابات الحالية والشروع في بناء جداول جديدة والاعتماد علي بطاقة الرقم القومي في التصويت‏.‏
‏..............................................................................‏
ويتفق الجميع علي وجود اللجنة العليا للانتخابات‏,‏ وعلي استقلاليتها وإشرافها الكامل علي جميع مراحل العملية الانتخابية‏.‏ ولكن مطالب التحالف الحزبي بإعادة تشكيل هذه اللجنة يزيد الأمر صعوبة‏,‏ فاللجنة العليا للانتخابات نشأت نتيجة التعديلات التي طرأت علي قانون مباشرة الحقوق السياسية عام‏2007,‏ والتي يرأسها بنص القانون رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية رئيس محكمة استئناف الإسكندرية وكذلك أحد نواب رئيس محكمة النقض وأحد نواب رئيس مجلس الدولة‏,‏ بالإضافة إلي ثلاثة من أعضاء الهيئات القضائية السابقين وأربعة أعضاء من الشخصيات العامة المشهود لهم بالحياد‏,‏ ومن غير المنتمين للأحزاب السياسية‏.‏ هذا التشكيل تغير في مطالب التحالف الحزبي‏,‏ لتتكون المحكمة من رئيس وثمانية من مستشاري محكمة الإستئناف‏.‏ واختلاف التشكيل لن يضيف شيئا إلي ضمانات إجراء الانتخابات‏,‏ فالتشكيل المتضمن في القانون كفيل بتحقيق أهداف اللجنة العليا لأنه بني علي أساس علمي وبحكم المواقع‏,‏ وهي منزهة عن الغرض‏,‏ لأن ولاءها ليس لشخص ولا تأثير لأحد عليها وهي محصنة‏,‏ وكان الأجدر بالأحزاب أن تتوافق مع طلب الحزب الوطني من الحكومة تخصيص ميزانية مستقلة‏,‏ تعطي اللجنة العليا كامل القدرة علي تنفيذ مهامها التي تضمن نزاهة العملية الانتخابية من البداية وحتي عملية الفرز وإعلان النتائج‏.‏
‏..............................................................................‏
وقد تضمن بيان الأحزاب الأربعة عددا من المقترحات التي تواجهها بعض الصعوبات في الوقت الراهن ومنها تغيير نظام الانتخابات من النظام الفردي الحالي إلي نظام القائمة الحزبية النسبية المنقوصة غير المشروطة‏.‏ ويري الحزب الوطني أن النظام الفردي هو النظام الأقرب إلي ظروف الناخب المصري‏,‏ وهو النظام الذي ساد جميع الانتخابات التي أجريت في مصر منذ عام‏1866,‏ ولم يعمل بنظام القائمة الحزبية النسبية إلا في انتخابات عامي‏1983‏ و‏1987‏ ثم عاد العمل بالنظام الفردي اعتبارا من انتخابات عام‏1990,‏ وبصرف النظر عن الشروط التي يفرضها العمل بنظام القائمة الحزبية النسبية‏,‏ فإن الانتخابات الآن تدق الأبواب‏,‏ وليس من مصلحة الناخب المصري تغيير نظام الانتخابات الذي اعتاد عليه‏,‏ فالعلاقة المباشرة بين الناخب والمرشح تظل عاملا حاسما في اختيارات الناخبين‏.‏
أما ماجاء في بيان الأحزاب الأربعة بشأن تعطيل العمل بقانون الطوارئ في أثناء مراحل العملية الانتخابية وانتزاع قوات الشرطة من جهازها لوضعها تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات فهي مقترحات لاتبدو عملية وتعكس مخاوف وشكوكا لامبرر لها وهذا لا يعبر عن دراسة للنظام الانتخابي الحالي الذي يعطي لرئيس اللجنة كامل اختصاصات حماية الجمعية الانتخابية واستدعاء الشرطة عند الحاجة‏.‏ فليس من المعقول أن تجري الانتخابات في ظل ظروف استثنائية مختلفة عن الظروف العادية التي يعيشها المجتمع‏,‏ خاصة أن التعديلات التي جرت بشأن مد العمل بقانون الطوارئ تبتعد به عن العملية الانتخابية‏,‏ اللهم إلا إذا كنا راغبين في غض الطرف عن المخدرات والإرهاب في الانتخابات المقبلة‏.‏ فقانون الطوارئ وقبل التعديلات التي صاحبت مد العمل به لم يمنع الكثيرين من المعارضين للحكومة والحزب الوطني من الوصول إلي البرلمان وممارسة جميع مهامهم ونجاحهم في ذلك‏.‏
‏..............................................................................‏
نحن نريد للانتخابات القادمة أن تحظي بكل الضمانات التي تمكننا من التعبير بها عن تطور ديمقراطي حقيقي‏,‏ نريد أن نبتعد بها عن كثير من السلوكيات غير المقبولة التي شابت كثيرا من الانتخابات السابقة‏,‏ نريد منافسة شريفة وحرة ونريد أن نري جهدا واجتهادا في الوصول إلي الناخب وإقناعه بأساليب ترفع من مستويات وعيه بالاختيار‏.‏ لا نريد استغلالا لمشاعر التدين لدي البسطاء من الناس ولانريد استثمار مشكلات نعلم جميعا أن محاولات جادة تبذل من أجل حلها ولكنها مشكلات كبيرة وتحتاج منا وقتا وجهدا أطول‏.‏ لانريد أن تخرجنا المنافسه الانتخابية عن حدود الممارسة السياسية المقبولة أخلاقيا‏,‏ نريد أن تحقق الانتخابات القادمة المزيد من الوعي والاهتمام والمشاركة‏.‏
نحن بهذه الانتخابات أمام فوران سياسي شديد الحيوية والإيجابية‏,‏ حراك لم يطف فجأة علي سطح الحياة السياسية‏,‏ ولكنه ظل يعبر عن نفسه شيئا فشيئا طوال السنوات القليلة الماضية التي شهدت كثيرا من خطي الإصلاح في مصر‏.‏ فالتغييرات التي أدخلت علي الدستور عامي‏2005‏ و‏2007‏ أعطت دفعة هائلة للتطور السياسي المصري بتعديل المادة‏76‏ التي جعلت انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا‏,‏ وكذلك التعديلات التي أصابت‏34‏ مادة لتطلق طاقات المجتمع في الاستجابة للمتغيرات الجديدة في الحياة المصرية‏.‏
والشيء الجدير بالملاحظة أن القوي التي كانت وراء الحراك والتطور السياسي غير المسبوق تتعرض اليوم للكثير من الغمز واللمز والنقد والهجوم من القوي التي أفادت كثيرا من التغييرات المستحدثة في الحياة السياسية المصرية‏.‏ كان المتوقع أن تصطف القوي السياسية جميعا في سبيل دفع الحياة السياسية خطوات إلي الأمام‏,‏ وأن يقوم كل فريق بمهامه‏,‏ بعيدا عن التفرغ للنقد وتوجيه الاتهامات للآخرين وتعليق فشله علي شماعة الآخرين‏.‏
ولسنا بحاجة إلي أن نقول إن الحزب الوطني في سنواته الأخيرة‏,‏ بقدرته علي تنظيم صفوفه‏,‏ واستحداث آليات عمل حزبية وسياسية غير مسبوقة‏,‏ وطرحه برامج إصلاحية علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏,‏ هو القوة الرئيسية التي تقف وراء التطور السياسي‏,‏ في مصر خلال السنوات الأخيرة وإعطاء دفعة قوية لكل الأحزاب وللمجتمع للتطور والنمو‏,‏ وأن يسير في طريق الازدهار السياسي والاقتصادي والتطور الاجتماعي معا برغم ما يتعرض له من نقد يومي من كل القوي الأخري‏.‏ ومع ذلك فإن الحزب الوطني‏,‏ وهو حزب الأغلبية‏,‏ يعد اليوم الأكثر اهتماما وتخطيطا وتنظيما في مواجهة الانتخابات التشريعية المقبلة‏.‏
المزيد من مقالات أسامه سرايا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.