كانت ليبيا محط الأنظار خلال الأيام الماضية.. فقد توافق الاحتفال بالعيد الحادي والأربعين لثورة الفاتح مع الذكري الثانية لتوقيع معاهدة الشراكة والتعاون مع إيطاليا. وقيام العقيد معمر القذافي قائد الثورة بافتتاح أكاديمية ليبية في روما خلال الأسبوع الماضي. وتعتبر الخطوة التي بادرت بها ليبيا, واستجابت لها إيطاليا.. وانتهت إلي توثيق العلاقات بين البلدين علي أساس من تقوية روابط الصداقة والتعاون وتعزيز السلام والأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. إضافة جديدة في العلاقات الدولية حيث إنه ولأول مرة في التاريخ الإنساني تقوم دولة استعمارية بتقديم الاعتذار العلني والصريح لشعب استعمرته لعقود طويلة... ووافقت إيطاليا أيضا علي تعويض الشعب الليبي عن الأضرار التي لحقت به.. وهي ظاهرة تستحق أن تكون مثالا لجميع الدول الاستعمارية التي انتهكت حياة وخيرات الشعوب التي استعمرتها.. وذلك لطي صفحات الماضي المخجل وفتح صفحات جديدة من الأمن والتعاون والسلام. وهي صفحة تتناقض تماما وعلي سبيل المثال مع ماقام به الاستعمار البريطاني بعد4 أشهر فقط من جلاء قواته المسلحة عن منطقة قناة السويس.. بتدبير العدوان الثلاثي علي مصر مع فرنسا وإسرائيل في أكتوبر1956 بعد تأميم قناة السويس الذي أعلنه جمال عبدالناصر من الاسكندرية يوم26 يوليو1956 وتتناقض أيضا مع ماقام به الاستعمار البريطاني مشتركا مع قوات حلف الأطلنطي وقوات الولاياتالمتحدةالأمريكية من غزو العراق في مارس2003 تحت زعم ملكية العراق لأسلحة تدمير شامل.. وقد بقيت العراق مستعمرة بريطانية لعقود من الزمن.ومعاهدة الصداقة والشراكة التي وقعت بين ليبيا وإيطاليا اهتمت بجوانب مصيرية تنعكس ولاشك علي الاستقرار الدولي الذي يقوم علي أساس التكامل في المنظمات الدولية والاحترام المتبادل للقانون الدولي وعدم اللجوء إلي التهديد أو استخدام القوة وهذا في حد ذاته تأكيد علي الرغبة في أن يعم السلام والأمن أرجاء العالم.. كما أكدت المعاهدة احترام سيادة كل دولة واحترام نظامها السياسي وعدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام حقوق الانسان والحريات الأساسية داخل البلدان وخارجها. وفي هذا تأكيد لتفعيل لغة الحوار والتفاهم بين الحضارات الانسانية المختلفة وهو مايعتبر ترجيحا للتفاهم الفكري والثقافي. ومن أجل دفع العلاقات الثنائية في مسار صحيح كان التعاون والتبادل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية ضرورة للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والعمل بكل جدية علي أن تكون منطقة البحر الأبيض المتوسط خالية منها. ونصت المعاهدة أيضا علي مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية لما تمثله هذه القضايا من أهمية في بناء علاقات سليمة ومتينة قائمة علي أساس الندية والاحترام المتبادل. وهذا ضربت ليبيا وإيطاليا مثالا جديدا يحتذي لجميع الدول التي كانت استعمارية في علاقتها مع الدول التي عانت من الاستعمار. وهو أمر يبشر بعالم يسوده الأمن والوئام والسلام.