باريس- من نجاة عبد النعيم: واجهت الحكومة الفرنسية بعد العودة من الاجازة السنوية أمس موجة من الانتقادات الحادة بسبب سياساتها بشأن الهجرة وطرد مئات من الرومان والبلغار والغجر, وكذلك رغبتها في تطبيق قانون التقاعد الذي يرفضه الفرنسيون بشدة, فقد وصف رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومنيك دوفيلبان سياسة الرئيس نيكولا ساركوزي بأنها وصمة عار تلطخ علم فرنسا, مؤكدا أن وزراء حكومته ممتعضون من سياسته ومغلوبون علي أمرهم. وحث دوفيلبان, في حديث لصحيفة لوموند الفرنسية أمس, الفرنسيين علي ضرورة التصدي والرفض لما سماه انجرافا غير مقبول في سياسة فرنسا, مشيرا إلي وجه الوطن المشوه لحقوق الانسان. ومضي دوفيلبان في مهاجمته لساركوزي وحكومته في حديثه لقناة تي إف أيه التليفزيونية الفرنسية, قائلا إن وزراء الحكومة الراهنة غير راضين عن سياسة ساركوزي, ولكنهم مغلوبون علي أمرهم ولا يستطيعون التعبير عن ذلك. وللمرة الاولي خرجت وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي من دائرة المقربين لساركوزي, حيث دعت خلال مقال لها إلي استعادة الوحدة المفقودة في النظرة إلي قيم الجمهورية. وقالت داتي, التي تمثل فرنسا في البرلمان الاوروبي حاليا, وكانت تقود الحملة الانتخابية الرئاسية لساركوزي قبيل2007, إنه بالنسبة إلي أطفال الهجرة التي هي جزء منهم فإن المساواة هي الدعامة الأساسية للاندماج الناجح في فرنسا. أما المرشحة الاشتراكية السابقة للرئاسة سيجولين روايال فقد نددت بسياسة ساركوزي في مجال الهجرة, واعتبرت أنها توليد أكيد للعنف وأنها سياسة بعيدة كل البعد عن كونها محاولة لاستقرار وتوفير الامن للفرنسيين. وكانت سياسة ساركوزي الأخيرة التي اعتمدت فيها خطة اليمين المتطرف بغية تحسين شعبيته تحت شعار توفير الامن للفرنسيين قد صبت الزيت علي النار خاصة بعد موجة الطرد العشوائي لعدد من الغجر إلي رومانيا وبلغاريا, وقراره بسحب الجنسية من بعض المجرمين من ذوي الاصول الاجنبية, فضلا عن سلسلة الفضائح التي طالت حكومته وقضية تضارب المصالح المعروفة بفضيحة بيتنكور- فيرت, وزاد الطين بلة رغبة الحكومة في تطبيق قانون التقاعد الذي يرفضه الفرنسيون بشدة. واتضح أن خطة الحكومة للربط بين انعدام الأمن والهجرة لم تلق قبولا عند الفرنسيين, ومازالت شعبية ساركوزي منخفضة فهي لا تتخطي ال34%. كما أكد استطلاع للرأي نشرته مجلة ماريان الأسبوعية الفرنسية مؤخرا أن70% من الفرنسيين لا يعتقدون في سياسة ساركوزي الأمنية. وأظهر الاستطلاع أن72% من الناخبين اليساريين و53% من الناخبين اليمينيين يرون أن سياسة ساركوزي غير فعالة, وعارض51% من الفرنسيين سحب الجنسية كوسيلة عقاب. ومن المقرر أن يستهل ساركوزي أنشطته اليوم بمؤتمر السفراء المعتاد في دورته ال18 الذي يكرسه هذا العام للحديث عن رئاسة فرنسا لمؤتمر مجموعة الثماني الصناعية الكبري ومجموعة الدول العشرين للاقتصادات الكبري والناشئة. كما عقد رئيس الوزراء فرنسوا فيون اجتماعا غير عادي أمس مع وزراء: الداخلية بوريس اورتفوه, والهجرة إريك بيسون, والشئون الأوروبية بير ليلوش, والعدل ميشيل إليو ماري, وذلك في محاولة لتهدئة الامور فيما يخص ملف ترحيل الغجر الذي أثار غضبا شديدا علي جميع الأصعدة داخل الحزب الحاكم نفسه, والاحزاب المعارضة ورجال الدين بفرنسا, بل وتداعي له البابا بنديكت السادس عشر نفسه.