تعرف على سعر الريال القطرى اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    نائبة وزيرة التضامن تبحث مع وزير التنمية الدولية بالنرويج سبل تعزيز التعاون المشترك    حزب الجبهة الوطنية: مصر خاضت معركة إنسانية وسياسية بشجاعة وإيمان لنصرة فلسطين    مكتب نتنياهو: وقف إطلاق النار فى غزة سيبدأ الليلة بعد مصادقة الحكومة    إطلاق قافلة زاد العزة ال47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول فى بطولة الصعيد لمراكز الشباب    بعثة منتخب مصر تتحرك من فندق الإقامة للمطار استعدادًا للعودة إلى القاهرة    الشتاء قادم.. أمطار غزيرة تضرب الإسكندرية الآن.. فيديو وصور    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام    شباب المسرح يبدعون اليوم بثلاث تجارب جديدة في مهرجان نقابة المهن التمثيلية    استعدادات لجيش الاحتلال الإسرائيلى للإنسحاب من قطاع غزة    الصينية كان شيويه والمجرى كراسناهوركاي أبرز المرشحين للفوز بجائزة نوبل للأدب    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا    9 أكتوبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    اليوم.. افتتاح بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    أستون مارتن تستعد للكشف عن جيل جديد من سيارتها دي.بي 12    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    مصرع شخص صدمته سيارة مسرعة في كرداسة    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    محافظ الجيزة: الاستثمار في تدريب الكوادر البشرية أساس تطوير الأداء الحكومي وتحسين الخدمات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب    الفرقة المصرية تقدم روائع الأغاني الوطنية على مسرح السامر احتفالًا بذكرى النصر    ذكرى ميلاد توفيق الحكيم.. عاش طفولة قاسية.. إنتاجه الأدبي كان غزيرا لهذا السبب.. سر فزعه من يوم الجمعة.. ونص نصيحة غالية لتربية الأطفال    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين    اليوم، إجازة رسمية للعاملين بالقطاعين العام والخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    الصحة تستأنف مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم مع بدء العام الدراسي    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي    خلص عليه بسبب الميراث.. القبض على قاتل شقيقه في الشرقية    عاجل- رئيس الوزراء يحضر القمة الرابعة والعشرين لتجمع الكوميسا نيابة عن الرئيس السيسي في نيروبي    طب الأسنان بطنطا تتوج بكأس العباقرة في دوري المعلومات الأول    السيطرة على حريق شقة سكنية بالصف    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    يعرض قريبًا.. «لينك» ضغطة زر تقلب حياة موظف على المعاش    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    السد العالي يستقبل مياه الفيضان من سد مروى بالسودان.. خبير يكشف تفاصيل مهمة    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملكة نازلي تتقلب في قبرها
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 08 - 2010

لأنني لا أشاهد سوي المسلسلات التاريخية في التليفزيون منذ فترة طويلة فقد اخترت خلال شهر رمضان الحالي أن أتابع مسلسلين هما‏'‏ الجماعة‏'‏ و‏'‏ملكة في المنفي‏'.‏ وبالنسبة للأول فإنه يكفيني اسم وحيد حامد لأطمئن إلي جدية العمل الفني ومقاربته للواقع التاريخي‏.‏ وقد نجح بالفعل هو وكل العاملين بالمسلسل في رسم صورة أمينة وواقعية لأحوال مصر الآن‏,‏ وتغلغل فكر الإخوان المسلمين بها والخلفيات التاريخية التي مهدت لهذه الأوضاع‏.‏
أما مسلسل‏'‏ ملكة في المنفي‏'‏ الذي يروي حياة الملكة نازلي فقد أخفق تماما في إعادة بعث روح ذلك العصر‏,‏ وظهرت الأسرة المالكة وكأنها واحدة من عائلات الأغنياء الجدد الذين نشاهدهم في هذه الأيام‏.‏
كنت أتمني أن يبذل القائمون علي هذا المسلسل جهدا أكبر لدراسة الحقبة التاريخية التي يتعرضون لها‏.‏ ولا يكفي أن يركب التليفزيون الموضة الرائجة وهي الحديث عن الأسرة المالكة في مصر‏.‏
وبداية فإن اختيار شخصية الملكة نازلي لتكون موضوع المسلسل هو اختيار موفق‏.‏ فحياة هذه الملكة تحمل كل عناصر التراجيديا بالمعني الإغريقي لهذا التعبير‏.‏ فحياتها مأساوية وشخصيتها شخصية درامية تحركها الأقدار‏,‏ مع أنها تتصور أنها تسيطر علي مقدراتها وتسيرها إلي حيث تريد‏.‏
ولا شك أن الممثلة القديرة نادية الجندي جسدت الشخصية بأسلوب مقنع‏.‏ لكن هذا لا يكفي‏..‏ فالمسلسل تشوبه حتي الآن سمات الاستهتار والتواكل وعدم الدقة والجدية وغياب الحرفية‏,‏ وكلها أخلاقيات أصبحت تهيمن علي الناس في هذا الزمن‏.‏ فهو يشتمل علي ثغرات وأخطاء فادحة تصدم عين كل من له إلمام ولو محدودا بهذه الحقبة التاريخية‏.‏ وإذا كانوا يقولون إن الشيطان يكمن في التفصيلات فإن الأعمال الفنية تستقي طعمها ومصداقيتها من التفصيلات‏.‏
ومن أكثر ما أثارني في المسلسل شخصية الملك فؤاد‏..‏ فقد كان يبدو وكأنه أقرب إلي صاحب ملهي ليلي منه إلي ملك أكبر دولة في الشرق الأوسط‏,‏ والذي كان يطمح في أن يكون خليفة المسلمين بعد إلغاء الخلافة في اسطنبول‏.‏
ومشهد اغتصاب الملكة نازلي في ليلة دخلتها يعتبر إهانة لتاريخ مصر وتشويها مسيئا لهذا التاريخ‏.‏ ولا أدري من أين أتي المخرج بهذه الفكرة السخيفة‏.‏ لا شك أن الملك فؤاد كان رجلا قاسيا لكن ما رأيناه في المسلسل هو انعكاس لخيال مريض نابع من حياة الناس في عصرنا الحالي‏.‏ وأتمني أن يفهم من يتصدون للأعمال الفنية التاريخية أن الملوك والرؤساء لا يصيحون ولا يصرخون ولا تعلو أصواتهم‏..‏ لا في مصر ولا في غيرها‏.‏
وعندما سئلت الاميرة فريال خلال حوار تليفزيوني عن والدها الملك فاروق أجابت بالحرف‏:'‏ أنا عمري في حياتي ما سمعت أبويا بيزعق‏'.‏
وبالمناسبة فقد سئلت كيف كانت تنادي الملك فاستهجنت السؤال وقالت‏:‏ كنت أناديه‏'‏ بابا‏'‏ بطبيعة الحال‏..‏ أما كلمة‏'‏ ببا‏'‏ و‏'‏مما‏'‏ بتشديد الباء والميم الثانية في كل كلمة والتي سمعناها في المسلسل علي لسان الأمراء والأميرات فهي من عادات أبناء الأغنياء الجدد في هذه الأيام‏.‏
وأما الملابس والديكورات فهي كارثة فنية بكل معاني الكلمة‏.‏ مع أن الموضوع ليس صعبا‏..‏ فكان يكفي علي مهندس الديكور ومصمم الأزياء إلقاء نظرة ولو سريعة علي صور القصور وصور أبناء الأسرة المالكة قبل الثورة وما أكثرها‏.‏ ولو فعلا ذلك لما شاهدنا المناظر المؤذية التي رأيناها‏.‏
وربما كان لمهندس الديكور بعض العذر نتيجة لضعف الإمكانات‏.‏ أما الملابس فلا أجد أي تبرير لما رأيناه سوي الجهل والاستهار‏.‏
فموضة الملابس الضيقة لم تظهر قبل الخمسينيات‏.‏ أما أن نري سيقان الملكة نازلي وبعض الأميرات وهن يجلسن فهذا بعيد كل البعد عن الواقع‏.‏ كانت الملابس فضفاضة وتصل إلي تحت الركبة بكثير‏.‏
لكن قمة الكوميديا السوداء كانت عندما ظهرت الملكة نازلي في الثلاثينيات من القرن الماضي وهي ترتدي بنطلونا‏'‏ محزقا‏'.‏ فالبنطلون لم يكن له وجود أساسا في ذلك العصر‏.‏
كما ضحكت كثيرا عندما سمعت الملكة نازلي تقول أكثر من مرة‏:'‏ أنا اخدت مهديء وبقيت أحسن‏'..‏ وذلك في الثلاثينيات من القرن العشرين في أيام زواج الأميرة فوزية من محمد رضا بهلوي‏.‏
فالمهدئات لم تكن معروفة علي الإطلاق في ذلك العصر بمفهومها الحالي وباستخداماتها الحديثة‏.‏
لقد أخطأ القائمون علي هذا المسلسل في العصر وخلطوا بين الأزمنة لدرجة أنني كنت أتوقع في كل لحظة أن أري الملكة نازلي في أحد المشاهد تتحدث في الموبايل أو تجلس أمام الكمبيوتر لتبعث برسائل عن طريق الفيس بوك‏!‏
ومن فضائح المسلسل شخصية السير مايلز لامبسون‏.‏ ولا أتحدث عن الشكل حيث كان معروفا أن المندوب السامي الذي أصبح السفير البريطاني كان رجلا ضخم الجثة وطويل القامة‏..‏ لكني أتحدث عن أسلوبه في الكلام‏..‏ فهو ينطق الانجليزية كطالب في الثانوية العامة بإحدي مدارس اللغة العربية يدرس الانجليزية كلغة ثانية‏.‏ والتضجين الذي سمعناه يؤذي آذان كل من لديه ولو فكرة بسيطة عن اللغة الانجليزية‏.‏
ومن المضحكات أيضا أن ينادي السير مايلز لامبسون بلقب السير لامبسون‏..‏ فلقب سير‏-‏ علي عكس لقب لورد‏-‏ يكون دائما مع الاسم الأول وبالتالي فهو‏'‏ سير مايلز‏'‏ وليس‏'‏ سير لامبسون‏'.‏ وقد يتصور البعض أن هذه تفصيلات لن يلاحظها أحد‏..‏ لكن الواقع أنها تفقد العمل الفني مصداقيته حتي لو لم يدركها سوي واحد في المائة من المشاهدين‏.‏
كذلك هناك مواقف تتناقض مع الوقائع المعروفة‏..‏ فالمذكرات الموثقة تؤكد أنه عندما توفي الملك فؤاد عام‏1936‏ كان الذي نقل الخبر للأمير فاروق في لندن هو أحمد حسنين‏,‏ وكان فاروق يتدرب علي ركوب الخيل‏.‏ وعندما استمع للخبر لم ينبس بكلمة واستدار بحصانه وأخذ يجري به بأقصي سرعة‏.‏
أما في المسلسل فقد أمسكت الملكة نازلي بالتليفون وقالت لفاروق باللغة الفرنسية‏:'‏ انت الملك‏'..‏ وهي طريقة غريبة لإعلان مثل هذا الخبر‏.‏
ولا تتسع مساحة هذا المقال لكشف التناقضات والمضحكات بالمسلسل ومنها حوارات لا معقولة لا تأخذ في الاعتبار العلاقات التي كانت سائدة في الطبقة الحاكمة أو في الأسر المصرية آنذاك‏.‏
وأتخيل وأنا أجلس أمام شاشة التليفزيون لمتابعة المسلسل أن الملكة نازلي تتقلب في قبرها اعتراضا عليه‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات شريف الشوباشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.