بلا شك أن الظروف الحالية التي يمر بها فقراء شعب مصر قاسية للغاية, والله وحده يعلم كيف يقضي هؤلاء الفقراء يومهم وكيف يقضون مطالب أولادهم الذين لايدرون بما يدور حولهم. وأقول الصدق إنني أسجل هذه الرسالة وأنا في مهمة علمية بإحدي الجامعات الأمريكية لبضعة أسابيع, والأخبار السيئة التي اطالعها يوميا بالجرائد المصرية والتي تتحدث عنها إذاعات وصحف العالم لاتجعل الانسان يتناول طعامه بشهية بل بالدموع عندما يتذكر ان أخوته وأولاده وجيرانه في الوطن يجدون طعامهم بصعوبة وربما لايجدونه وهنا يأتي دور الأثرياء وميسوري الحال. هل من الممكن أن نتقشف قليلا في ملذاتنا لنوفر للأرملة واليتيم والمحتاج جزءا من الطعام اليومي؟ هل من الممكن ان نلتحف بثوب الرحمة وننظر الي الجار الغلبان ونوفر له احتياجاته؟ هل من الممكن ان تتوقف الأندية الرياضية عن تبذير الملايين من الجنيهات والدولارات في شراء وبيع لاعبين وتوجه هذه الأموال للجمعيات الأهلية؟ هل من الممكن ان يسارع لاعبو الرياضات المختلفة ويقدموا بعضا من كنوزهم للفقراء والمحتاجين؟ بلاشك ان جميع الأديان السماوية تحض علي الرحمة علي المساكين والرأفة بهم والاهتمام باحتياجاتهم. هلم نتآخي ونشفق علي المحتاج حتي نعبر أزمنة الشدة والضيق ونثبت اننا جديرون بالحقيقة لبنوتنا لمصر الأم التي تطعمنا من خير أرضها وتروينا من فيض غني نيلها, وتظلل علينا بصفاء سمائها. لنثق تماما ان من يقرض الفقير والمحتاج رغيفا صغيرا يعوضه الله بخيرات كثيرة من غناه لأنه بالحقيقة صانع خيرا ورحوم فهو كنز الخيرات ومصدر النعم ولولا انه أشفق علينا وعضدنا وأعاننا في أعمالنا ما كان يمكننا ان نفعل شيئا. يذكر تاريخ الكنيسة القبطية عن سيرة أحد مشاهير الأقباط في عصر المماليك يدعي المعلم ابراهيم الجوهري, وكان يشغل وظيفة كبير الكتاب عند أحد المماليك, وكان غنيا جدا ولكنه في نفس الوقت كان ينفق علي فقراء شعب مصر اقباطا ومسلمين بسخاء, وحدث انه في ليلة عيد من الأعياد الدينية ان عاد الي بيته فعرف من زوجته ان جاره قد تم اقتياده للسجن بسبب عدم مقدرته علي تسديد ديونه وبالتالي لن تتمكن أسرته من الاحتفال بالعيد, فما كان منه الا ان أطفأ نور منزله وغادره بحثا عن وسيلة يسدد بها ديون جاره حتي يتمكن من الاحتفال بالعيد مع أولاده وظل في هذه المحاولات حتي أشرق نور الفجر فعاد الي بيته بعد أن نجحت مساعيه.وكانت العادة في تلك الأيام كما هي في أيامنا هذه أن يذهب كبار القوم من الأعيان وسائر أبناء الشعب المصري في صباح يوم العيد لتحية البابا البطريرك وتقديم التهاني له بالعيد ونظرا للمجهود الذي بذله المعلم ابراهيم الجوهري طوال الليل فقد ذهب للبابا البطريرك متأخرا علي غير عادته علم بذلك شقيقه المعلم جرجس الجوهري وأخذ يوبخ شقيقه ابراهيم لأنه لم يشركه معه في هذا العمل الصالح, فما كان من البابا البطريرك إلا ان طلب من المعلم جرجس الجوهري أن يبذل مجهودا في ايجاد وظيفة لهذا الرجل حتي لا يصير مديونا فيما بعد وبذلك تعاون الشقيقان الجليلان في الاهتمام بانسان محتاج. دعوة لنتآخي جميعا ونشد من أزر المحتاج حتي لايكون بيننا معدم أو فقير, وبالأخص أننا جميعا مسلمين وأقباطا في فترة صوم, صوم شهر رمضان المعظم, والصوم الذي علي اسم السيدة العذراء مريم, وكل عام والجميع بخير, ومصر بخير, وإخوتنا المحتاجين بخير وطوبي للرحماء علي المساكين فإن الرحمة تحل عليهم.