تبدأ 24 يوليو، محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني 2024    معهد بحوث الإلكترونيات يوقع عقد اتفاق مع شركة "إي سبيس" لإدارة وتشغيل المقر المؤقت    سياسيون كبار يهددون المدعي العام للجنائية الدولية: المحكمة لقادة أفريقيا وبوتين فقط    الجامعة العربية والحصاد المر!    رونالدو يتصدر قائمة البرتغال في يورو 2024    من 3 ل 4 درجات، انخفاض درجات الحرارة بدءا من هذا الموعد    أمن الأقصر يضبط عاطلا بحوزته 156 طربة حشيش وسلاح ناري    أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية يشيدون بدور مصر لإنهاء الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    هيئة الدواء المصرية: مشروع تصنيع مشتقات البلازما تأمين للأدوية الحيوية    فوائد البنجر، يخفض مستوى السكر بالدم ويحمى من تشوهات الأجنة    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    مبادرات التخفيض "فشنك" ..الأسعار تواصل الارتفاع والمواطن لا يستطيع الحصول على احتياجاته الأساسية    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    موعد تجديد عقد لوكاس فاسكيز مع ريال مدريد    جاهزية بديل معلول.. الأهلي يتلقى بشرى سارة قبل مواجهة الترجي بنهائي إفريقيا    ختام فعاليات المرحلة الثانية من الدورة التدريبية لخطوات اختبارات الجودة    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    كيت بلانشيت بفستان مستوحى من علم فلسطين.. واحتفاء بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب (صور)    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    تعاون مصري سعودي لتعزيز حقوق العمال.. برنامج تأميني جديد وندوات تثقيفية    150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس هو الأقوى خلال العشرين عامًا الماضية    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    وزير الري: أكثر من 400 مليون أفريقي يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب    الخارجية الأردنية: الوضع في قطاع غزة كارثي    «القاهرة الإخبارية»: حماس تنتقد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين    محافظ جنوب سيناء ومنسق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء يتفقدان مبنى الرصد الأمني بشرم الشيخ    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    هل يصبح "خليفة صلاح" أول صفقات أرني سلوت مع ليفربول؟    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا توقف تعمير وسط سيناء؟‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 08 - 2010

جمعتني قبل عدة ايام جلسة حوار امتدت نهارا بأكمله‏,‏ حضرها مايزيد علي اثني عشر شيخا من مشايخ وسط سيناء‏,‏ يمثلون قبائل البياضية والترابين والسواركة والرويسات‏,‏ استضافهم واحد من كبار مشايخ سيناء‏,‏ في مزرعته الواقعة قريبا من مدينة الإسماعيلية كي يتيح لنا ان نناقش في صراحة ووضوح أسباب الغضب الذي سيطر علي قبائل وسط سيناء في الفترة الاخيرة‏,‏ ولماذا يحسون بالتهميش بعد‏28‏ عاما من تحرير سيناء؟‏!,‏
ومدي خطورة ان يظل وسط سيناء فراغا موحشا لاتصله يد التعمير‏!,‏ وحقيقة الهاجس الأمني الذي يسيطر علي معظم مناطق شبه الجزيرة‏!,‏ يعوق جهود الإعمار ويعطل إحساس السيناويين بالمواطنة ويزيد من اعتقادهم بأنهم يخضعون لنوع من التمييز السلبي بسبب توسع الجهات الأمنية في الاشتباه والقبض علي الكثيرين جزافا عند وقوع اي حادث والاسراف في إصدار أحكام غيابية طالت مايقرب من ألف مواطن دون سند حقيقي‏,‏ وغياب سلطة مشايخ القبائل التي حل مكانها سلطة مرشدي الأمن الذين تحركهم في الأغلب دوافع المصلحة الصغيرة إلي حد كاد يفسد العلاقات بين الدولة والقبائل‏!‏
وربما تمثل المشكلة النفسية جزءا كبيرا من خلفية الغضب الذي انفجر اخيرا في بعض المناسبات الطارئة نتيجة إحساس السيناوي بأنه يخضع لنوع من التمييز السلبي يجعله دائما موضع الشك والاتهام‏,‏ فهو الوحيد الذي يتم توقيفه وتفتيشه وتفتيش سيارته عند الكمائن العديدة المنصوبة علي الطريق من بداية الجسر العلوي الي آخر نقطة علي الحدود‏,‏ وعليه ان ينتظر في مواقع التفتيش‏4‏ ساعات الي ان ينتهي الأمن من تفتيش حمولة سيارته بعد انزالها الي الأرض برغم وجود أجهزة تكنولوجية بسيطة تنهي هذه المهمة في دقائق‏!,‏ وهو الوحيد الذي تطارده أحكام غيابية تصدر في الأغلب دون أدلة أو سند حقيقي بسبب وشاية مرشدي الأمن فتدفع عشرات الأشخاص الي الهروب الي الجبل ليصبحوا جزءا من المطاريد المطلوبين من جانب قوات الأمن‏,‏ ليس لأنهم ارتكبوا جرائم حقيقية ولكن بسبب وشايات المرشدين الذين غالبا ما يثبت انهم ضالعون في الخروج علي القانون‏,‏ يتسترون علي جرائم عديدة يرتكبونها من خلال دورهم المشبوه‏.‏
لكن المشايخ الذين فتحوا قلوبهم يعبرون في حرية كاملة عن طبيعة المشاكل التي تواجههم يحسون ارتياحا بالغا لأنهم تمكنوا من أن ينقلوا الي وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي حقيقة المشاكل التي يعانون منها خلال اللقاء الذي تم معه في القاهرة قبل عدة أسابيع‏,‏ وأظن أنهم لايزالون ينتظرون تنفيذ ما وعد به الوزير بحيث يتم إلغاء أحكام الحبس الغيابية الظالمة من خلال عملية فرز جاد وحقيقي لهذه الأحكام تعزل باطلها عن صحيحها كما وعد الوزير‏,‏ ويتم تصحيح العلاقات بين الأمن والسكان بما يضمن تضييق دوائر الاشتباه اعتمادا علي أدلة وقرائن حقيقية وتقديم الثقة وحسن النيات محل الشكوك والهواجس الي ان يثبت العكس‏,‏ ويتم إعادة الاعتبار الي شيوخ القبائل لأنهم أدري الجميع بمجتمعاتهم‏,‏ وفي وسعهم ان يتحملوا المسئولية كاملة عن مناطق سكناهم وتجمعاتهم‏,‏ واعتماد الاسم الرباعي بدلا من الاسم الثلاثي في تحرير الصحيفة الجنائية للأشخاص زيادة في التدقيق كما يحدث في كل أرجاء الجمهورية‏.‏
وحجة المشايخ في إثبات صدق شهاداتهم انه خلال الثمانية والعشرين عاما الماضية ومنذ عودة سيناء الي ارض الوطن تصرف السيناويون الذين كانوا طوال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء جزءا من المقاومة علي نحو وطني‏,‏ لم يحدث ان ظهر بينهم من أساء الي وطنه اوخان او تورط مع الإسرائيليين‏,‏ ولأن القوات المصرية تقبل الآن بين صفوفها جنودا من أبناء سيناء‏,‏ يعتب المشايخ علي جهاز الشرطة المصرية انه لايوظف احدا من ابناء سيناء ضمن قوات الأمن برغم انهم في الأغلب مواطنون صالحون شأنهم شأن باقي مواطني الجمهورية‏!‏
وأظن ان السؤال والعتب مشروع خاصة إذا كان المطلوب تقصي الأسباب الحقيقية التي أدت الي تهميش وسط سيناء قياسا علي ماحدث في الجنوب والشمال من مشروعات تنمية سياحية وزراعية غيرت وجه الحياة هناك‏,‏ علي حين ظل وسط سيناء فراغا موحشا‏,‏ رغم اهميته الاستراتيجية لأمن مصر القومي باعتباره البوابة الشرقية التي يجيء منها خطر الغزو الخارجي الي مصر وبرغم توافر امكانات وظروف موضوعية عديدة تجعل تنمية وسط سيناء مشروعا ناجحا يعزز امن مصر القومي‏.‏
يمكن ان يستوعب مايزيد علي ثلاثة ملايين نسمة‏,‏ يملأون الفراغ السكاني الموحش في منطقة صحن سيناء التي تشكل قلب الدفاع عن شبة الجزيرة وحجر الزاوية في أمنها ودرعها الواقية التي تحمي أمن مصر‏,‏ لأن من يسيطر علي منطقة صحن سيناء يسيطر علي منطقة المضايق التي تمثل الخانق الجغرافي الضيق الذي يحكم الطريق الي وادي النيل‏.‏
وما يميز صحن سيناء ويضمن نجاح تنميته انه يضم ارض السر والقوارير التي تشكل مساحة مستوية من امتداد جغرافي لتربة غنية تتسع لأكثر من‏150‏ الف فدان جاهزة للزراعة لاينقصها سوي الماء يمكن ان تستوعب ثلاثة ملايين نسمة في مجتمعات عمرانية جديدة تملأ صحن سيناء تغلق علي الغزاة إمكانية الوصول الي منطقة المضايق عبر هذا الخلاء السكاني الموحش‏,‏ لان جملة من يعيشون في هذه المساحات الهائلة من الخلاء وسط سيناء لايتجاوزون‏40‏ ألفا‏..‏ وتشاء العناية الإلهية ان يجاور السر والقوارير منطقة صناعية ضخمة هي الأهم في كل شبه الجزيرة تصلح لأن تكون قاعدة لصناعات الرخام والأسمنت والتعدين بما يزيد من فرص تعمير صرة سيناء جنوب مدينة العريش ويحولها الي منطقة كثيفة السكان تشكل حائط صد قويا ضد الطامعين الغزاة‏.‏
وبرغم ان خطط تنمية سيناء تنطوي علي ثلاثة مشروعات مهمة ذات طبيعة استراتيجية اولها مشروع توصيل مياه ترعة السلام الي منطقة السر والقوارير لإقامة مجتمعات عمرانية في هذه الأرض الخلاء‏,‏ وثانيها مشروع مد الجنوب بأنبوب من المياه العذبة بقطر متر يبدأ من الاسماعيلية وصولا الي المنطقة الصناعية قريبا من السر والقوارير يساعد علي حسن استثمار هذه المنطقة التي تكاد تخلو من المياه رغم ثرواتها التعدينية الضخمة باستثناء آبار جوفية باهظة التكلفة محدودة العدد لعمقها الذي يتجاوز مئات الأمتار‏!‏
اما المشروع الثالث فيهدف الي وصول خط السكك الحديدية القادم من القنطرة الي مدينة العريش مع إنشاء تفريعة تصل الي المنطقة الصناعية والي السر والقوارير‏,‏ الا ان المشروعات الثلاثة‏,‏ الترعة والأنبوب والخط الحديدي‏,‏ تقف محلك سر بقدرة قادر ظالم يقصد تعطيل تنمية وسط سيناء‏,‏ فترعة السلام قد توقفت قبل‏70‏ كيلو مترا فقط من منطقة السر والقوارير‏,‏ والسكك الحديدية تصل فقط الي مدينة رأس العبد علي مسافة‏130‏ كيلو مترا من العريش لاتريد ان تتجاوزها لتصل الي العريش والمنطقة الصناعية‏,‏ اما انبوب المياه العذبة فلايزال يتعثر مشروعه عند مدخل مدينة الاسماعيلية‏!‏
ويحار الإنسان في فهم الأسباب التي جعلت المشروعات الثلاثة تتعثر علي أبواب منطقة وسط سيناء‏..,‏ ومع الأسف لا يجد سببا حقيقيا يمكن ان يتفهم دوافعه‏,‏ فقط أولويات خاطئة‏,‏ وإهمال جسيم‏,‏ وغياب شبه كامل للوعي بأهمية تعمير وسط سيناء اكتفاء بتعمير سواحلها‏,‏ وتنازع خمس جهات تشرف علي هذه المشروعات تعذر التنسيق بينها‏!‏
بعض المشايخ يعتقد ان الحل يمكن ان يكون في إنشاء محافظة ثالثة تختص بمشاكل وسط سيناء‏,‏ وبعضهم الآخر يري الحل في إقامة جهاز مركزي مسئول يتولي الإشراف علي مشروعات تنمية وسط سيناء كما حدث في السد العالي‏,‏ والجميع يعتقدون ان الخطأ بدأ عندما أعطت حكومة الجنزوري أولوية مطلقة لمشروع توشكي علي كافة المشروعات بما أثقل كاهل الحكومة وجعلها عاجزة عن تلبية مطالب المشروع القومي لتنمية سيناء الذي لم ينفذ منه سوي‏20%‏ برغم اهميته الاستراتيجية لأمن مصر القومي‏.‏
ويزيد من حيرة الإنسان تراجع اولوية تعمير وسط سيناء برغم ان الجميع يعرف حجم المؤامرة التي تستهدف سيناء بالإبقاء عليها مجرد صندوق رمال‏,‏ وخلاء موحش غير مسكون‏,‏ كي تظل جزءا منفصلا عن الوادي غير قابل للاندماج مع الوطن الأم‏,‏ تستطيع أرتال العدو المدرعة عبوره بأقصي سرعة وصولا الي شاطئ القناة كما حدث في حرب‏67,‏ دون أن تجابه هذه الأرتال حائط صد حقيقيا من سكان سيناء‏,‏ يمنع هذا الاختراق ويغلق الطريق امام وصوله الي منطقة المضايق‏..,‏ ومن وجهة نظر الإسرائيليين فإن الأفضل أن يبقي وسط سيناء مجرد منطقة فراغ سكاني تحتاج إلي من يملأها‏,‏ لعلها تصبح متنفسا لزحام الفلسطينيين الكثيف في قطاع غزة الذي لابد ان ينفجر يوما علي نفسه‏,‏ ويحسن من وجهة نظرهم ان يتم ذلك في اتجاه سيناء بدلا من أن ينفجر تجاه النقب واسرائيل التي اغتصبت أراضيهم‏..,‏ وفي الحالين تجابه مصر تحديا خطيرا يفرض ضرورة تصحيح الأوضاع والأولويات بما يجعل وسط سيناء مكانا معمورا بكثافة‏,‏ تتواصل كتلته السكانية مع الكتلة السكانية الكبري في وادي النيل‏,‏ جسدا واحدا وكلا متصلا دون انقطاع‏.‏
وربما يتداخل مع الهاجس الأمني الذي بات يشكل احد عوامل تعويق تنمية وسط سيناء هاجس اخر لايقل خطورة‏,‏ يتمثل في اللجوء الي حق الانتفاع بدلا عن الملكية الذي ربما يصلح إطارا لاستثمار اراضي الدولة في مناطق بعينها يصد أطماع كثيرين يريدون الاستيلاء عليها‏,‏ لكن حق الانتفاع لا يصلح لترتيب علاقة صحيحة بين المواطن وأرضه في سيناء‏,‏ خاصة اذا كان المطلوب تعميق الانتماء الوطني‏,‏ واحياء مبادرات التعمير لدي افراد المجتمع السيناوي في اطار قانون واضح يقصر حق البيع والإيجار والتوريث لأرض سيناء علي المصري المولود من أم وأب مصريين‏,‏ ويحدد ضوابط الملكية الفردية وقواعدها في اطار القرارات التي اصدرها مجلس الوزراء لتحديد كردونات المدن والأراضي الزراعية في سيناء‏.‏
وأظن ان قصر حقوق الملكية في سيناء علي حق الانتفاع وحده‏,‏ يشكل في حد ذاته تمييزا سلبيا ضد السيناويين يجعلهم يحسون انهم مواطنون من الدرجة الثانية‏,‏ خاصة ان محافظات القناة الثلاث‏,‏ بورسعيد والاسماعيلية والسويس تحترم حق الملكية في اطار عمقها الجغرافي الجديد الذي يمتد داخل سيناء لمسافة‏30‏ كيلو مترا حيث يتمتع المواطنون هناك بحق الملكية الكامل في هذه الاراضي‏,‏ الأمر الذي لايسوغ وجود نمط اخر من الملكية في ارض مجاورة يقوم علي حق الانتفاع يكاد يقتصر تطبيقه علي السيناويين وحدهم‏,‏ وأظن ان المطلوب الآن مداواة جروح قديمة‏,‏ وليس فتح جروح جديدة تزيد احساس اهل سيناء بالتهميش وتقتل حماسهم للمشاركة في تعمير وسطها حفاظا علي امن مصر القومي الذي ينبغي ان تكون له الأولوية القصوي‏.‏

المزيد من مقالات مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.