إنجاز كبير قام به أبناء مصر من عمال وفنيين ومهندسين خلال صيامهم ونار الشمس تلفحهم في النهار, وشرر أجهزة اللحام يغشي العيون في محاولة استمرت48 ساعة لإعادة المياه لمجاريها لتصل الي سكان مدينة القاهرةالجديدة. التي حرمت من المياه لعدة أيام بسبب تصرف غير مسئول لإحدي شركات المقاولات التي قامت بالحفر الجائر الذي نتج عنه انفجار ماسورة المياه بالخطين المغذيين للمدينة. كان التلف في أربع مناطق بطول2 كيلو متر مما أدي لخسائر عدة وتكاليف باهظة, فمن يتحمل هذا؟ وهل ستترك الشركة والجمعية المالكة للأرض دون حساب؟! تعايشت تحقيقات الأهرام مع الحدث لتنقل مايقوم به شباب مصر بجهود مخلصة في ظروف قاسية لإعادة ضخ المياه للمناطق المحرومة, وكاد يتساقط بعض هؤلاء الشباب من التعب والارهاق في الموقع خاصة أن قصر الماسورة1200 مللي وطول الكسر40 مترا. لنبدأ بنهاية الحدث في الساعة السادسة من صباح أمس الاثنين حيث انتهت خلية العمال والفنيين والمهندسين من إصلاح وإحلال الوصلة التي دمرت تماما بجوار محطة الرفع في خلال72 ساعة, وكانت تتطلب أكثر من15 يوما علي الأقل إلا أن تضحية وفدائية فريق العمل من شركة مياه القاهرة الكبري بالتعاون مع4 شركات وطنية جعلت الجميع يعمل في ظروف الحر والصيام وضغوط المواطنين ووسائل الإعلام. وبعدها بفترة وجيزة بدأت أوامر تشغيل الخط الثاني بوقف طلمبات الرفع في الخط الأول وتهدئة المياه به للربط بين الخطين حتي لا تحدث انفجارات نتيجة نشوء مطرقة مائية بسبب موجات المياه الشديدة في المواسير وبدأت عمليات الاختبار لجميع أجزاء الخط حتي تتم اعادة تشغيل المضخات بكامل طاقتها تدريجيا. علاج الأزمة تبدأ القصة في صباح يوم الجمعة الماضي عندما قامت حفارات ولوادر إحدي شركات المقاولات بالحفر الجائر لصالح جمعية النخيل في المنطقة وضرب الحفار أحد الأحزمة القابضة علي الخطين فتسبب في أربعة انفجارات بها علي مدي ألفي متر. وكشفت مؤشرات العدادات بالمحطات عن انخفاض شديد في الضغوط مما ينذر بالخطر فتم استكشاف الخط كما يقول المهندس محمد عبدالرحمن رئيس شركة مياه القاهرة الكبري. وتبين وجود كسور بالخطين فتم إغلاق المياه علي الفور بعد أن غمرت المنطقة والطريق الدائري وارتفعت المياه بالنفق المقابل لمدينة نصر وتسببت في ربكة مرورية وانقطاع المياه وفقد كمية كبيرة منها. وقام المهندس محمد عبدالرحمن والمهندس مصطفي الشيمي رئيس قطاع المشروعات في المدن الجديدة والمهندسون والإداريون والمسئولون بالتجمع في مقر محطة رفع4 بالقاهرةالجديدة لوضع خطة عمل لاحتواء الأزمة واعادة المياه لمجاريها حتي لا يتم حرمان المواطنين من مرفق حيوي. وتم اختيار أحد الخطين لبدء العمل فيه لأن تلفياته كانت أقل لاعادة المياه خلال24 ساعة للقاهرة الجديدة بنصف كفاءتها مدعمة بسيارات مجهزة محملة بالمياه الصحية للمواطنين في جميع المناطق. ونجحت الشركة في تعبئة4 شركات وطنية أخري للعمل, وقامت علي الفور بنقل معداتها دون شرط أو قيد لإنقاذ الموقف بسرعة. جهود الفريق في وقت إصلاح الخط الأول قام كبار المهندسين والفنيين بتصميم كوعين لأكبر كسر حدث بالخطين بطول40 مترا متصلة. وفي الوقت نفسه قام العمال وسائقو المعدات بإزالة المواسير الخرسانية الضخمة في تعاون بين جميع الشركات متناسين حر الصيف القاتل والظمأ والجوع في أثناء الصيام, وعند انتهاء التصميم تقرر أن يكون الجزء الذي سيتم تغييره نتيجة التدمير من الصلب بدلا من الخرسانة سابقة الاجهاد وتم نقل التصميم للورش تحت اشراف المهندس نصر شحاتة مدير عام الورشة المركزية لتنفيذه بدقة, حيث يوجد كوعان بزاوية45 درجة وقام30 من الفنيين بالتنفيذ خلال24 ساعة في الورشة, وتم نقل الكوعين للموقع. ويقول فني اللحام بشركة المياه شعبان عبدالله الذي يعمل منذ30 عاما في هذا التخصص: إننا نعمل كخلية نحل, وبعد نقل الكوعين للموقع بدأ العمل يأخذ شكلا آخر حيث إن المكان مزنوق, وهناك عمال وفنيو لحام ومعدات من شركات أخري لأنه توجد كميات كبيرة من اللحام تحتاج الي أكثر من أسبوع, وتم تجهيز الأجزاء الأخري من المواسير ووضع الكوعين, واشترك أكثر من12 من فنيي اللحام في انجاز المهمة في وقت قياسي. ولم يترك الدكتور عبدالقوي خليفة رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي الموقع إلا ساعة الإفطار, وكذلك المهندس محمد عبدالرحمن, وكانت الكتيبة تعمل دون كلل وفي أوضاع خطرة. وكان من نصيب الشركة كما يقول المهندس محمد عبدالعزيز رفع الماسورة الخرسانية القديمة وفكها من الحزامين الخرسانيين وهي عملية شاقة استغرقت يوما كاملا في جو قاس وعطش شديد. ويوضح محمد جابر وهو سائق حفار: شاركت وزملائي في تكسير ورفع هذه الماسورة القديمة وتعبنا فيها بشدة لأنها مزنوقة في خرسانة مسلحة, وساعدت في انزال الكوعين الجديدين مع الزميل محمد وآخرين من الشركات الأخري. أما المهندس محمد عبدالعزيز من إحدي الشركات الخاصة فيتحدث: استجبت فورا لطلب المساعدة من شركة المياه, وتم تنفيذ هذه الأعمال في3 أيام وهي كانت تحتاج إلي أكثر من10 أيام علي الأقل, لأنه كان تنفيذا من جديد وليس إصلاحا فقط. ويتحدث أبوالخير حسين من شركة المياه( يعمل علي ونش عملاق) عن تجربته بأنه يعمل منذ3 أيام بشكل متواصل ولم ينم إلا ساعات قليلة, وكانت فرصة نفطر ونتسحر معا. وكان يضيف من أصعب الأوقات إنزال الكوعين في الحزامين وتثبيتهما بدقة واجراء عمليات اللحام بدقة, حيث تم استهلاك عشرات العلب منها في الموقع وكان العمل متواصلا بماكينات اللحام لمدة24 ساعة حتي تم ارهاق عيون الفنيين. ويؤكد الدكتور عبدالقوي خليفة انه يتبني هذا النوع من العمالة التي يجب الحفاظ عليها وعدم خسارتها. ويتناول رفعت عبدالمحسن( مدير الخط الساخن) عمليات نقل المياه للمواطنين بنحو12 سيارة بشكل متواصل يقوم بشحنها بالمياه النقية ومعها شهادة من المحطة وارسال السيارات إلي أماكن مختلفة, ويوم الجمعة وقفنا أمام المساجد الكبيرة لكي يتوضأ المواطنون, وبذلك مع الخط الأول وفرنا60% من احتياجات المواطنين من المياه. وعند اتصال أي فرد بالخط الساخن(125) نستجيب خلال نصف ساعة, كما يؤكد عبدالله حمودة رئيس قطاع الاعلام والعلاقات وغرفة العمليات. سحور في الموقع تعدت الساعة منتصف الليل واقترب السحور وكان العمل في نهايته والموقع مكتظا بالمهندسين والفنيين وسائقي المعدات المختلفة, وكانت آخر بنطة لحام الساعة7 صباح أمس, والانتهاء من تثبيت المواسير والكوعين بالخرسانة والرمال, وبدأت عمليات الاختبار والتجريب للخط, وللأسف انقطعت الكهرباء نحو نصف ساعة, ولم يتوقف العمل حيث تم تشغيل المولدات الاحتياطية. ومن ناحيته يشير المهندس طارق عبدالمنعم( مقاول الصيانة لدي شركة المياه) الي ان عملية هذين الخطين كبيرة ومجهدة وفوق طاقتنا ان يتم هذا في3 أيام فقط, ويطالب بمحاسبة الشركة المسئولة عن تدمير هذين الخطين بهذا الشكل. وقال المهندس محمد سميكة( مدير إحدي الشركات الوطنية) إنه بالفعل تم تشغيل المياه بكامل طاقتها ظهر أمس وستصل لجميع المواطنين وتستقر عصرا تماما وهذا المجهود جماعي قادته شركة المياه وشارك فيه عدد من الشركات الوطنية. وأكد المهندس يوسف عبدالهادي نائب رئيس قطاع المدن الجديدة أن المسافة من الرافع3 في هيكستب والرافع الرابع بالقاهرةالجديدة تحتاج الي اضافة خط لنقل الكميات المطلوبة من المياه التي تصل الي360 ألف متر, ويطالب بانتظام التيار الكهربائي حتي لا يؤثر علي ضخ المياه. ويؤكد المهندس مصطفي الشيمي إنه تم التحفظ علي المعدات الثلاث التي قامت بتدمير الخطين حتي يتم التحقيق العادل في هذا الكسر الذي تكلف أكثر من مليون جنيه للإصلاح, ونحو مليوني جنيه مياه الي جانب خسائر عطلة المرور ونزح المياه من النفق وفوق ذلك قطع المياه عن المواطنين في هذا الشهر الكريم.