أشرنا الي رصد خطوط هذا المشهد حول ثقافة الإعلام العربي, ورأينا كيف يمكن أن ينقل هذا الإعلام_ العربي_ما يريده عبر تقنية حديثة عبر الشاشات الفضائية. ويزيد الأمر خطورة حين نضيف الآن إلي الشاشات الفضائية العديد من الوسائط الرقمية.. وهو ما يشير إلي تعدد خيوط الإعلام في الطيف الفكري المؤثر خاصة علي شبابنا عبر' أدوات ووسائل الإعلام والنشر, الظاهرة والمعنوية, ذات الشخصية الحقيقية أو الاعتبارية.. إلي غير ذلك مما يتحدد معه التحليل الأخير في علاقة الإعلام بشعوبنا خاصة وبشبابنا علي وجه أخص والضجة العالية التي تدور بيننا اليوم حول جهاز البلاك بيري تثير الكثير من الشجن حول ما يعانيه شبابنا علي الأجهزة الحديثة. شبابنا الذي يقترب من الوسائط الرقمية التي تتجاوز جميع الوسائط الأخري التي يعرفها جيلنا والأجيال السابقة عليه, لم تعد القضية إعادة النظر إلي المادة المطبوعة أو إعادة النظر إلي ما يقدمه البث الإذاعي أو حتي البث الإعلامي المعروف عبر الأقمار الصناعية التي وصلت لدي' النايل سات' عندنا إلي عدة مئات; وإنما أصبحنا أمام واقع جاوز هذا كله إلي وسائط عنكبوتية عاتية. معني هذا أن الأمر لا يشير إلي عدد أو فئة ممن ينصرفون إلي هذه الوسائط الحديثة وحسب, وإنما أصبح الأمر اخطر من هذا, الخطورة التي نستشعرها حين نستعيد الحقيقة السابقة ونحن نستعيد وعي شبابنا; من تماهي' كل' الوسائل الحديثة في هذه الوسيلة الرقمية الأخيرة التي تسيطر علي شبابنا لا إلي درجة' الإدمان' كحالة مرضية في عديد من الحالات وإنما إلي درجة الاستلاب' حين تتماهي كل هذه الوسائل في وسيط جديد يسمي في العلن' الفيس بوك' و'يوتيوب'و'تويتر' بينما يسمي في الغيب بأسماء كثيرة لا يعرفها إلا من عرف هذه المواقع الاجتماعية الكثيرة التي تراقبنا من أجهزة معروفة وغير معروفة من خارج المنطقة العربية الأمر هنا لا يتمهل عند الوسيط الرقمي من حيث تصنيف أصحابه أو المنتمين أو المستفيدين منه, وإنما أصبح يتأكد عبر هذه الأقمار الصناعية والوسائط الرقمية, ليس برصد هذه المساحة التي تتزايد بين أصحاب الوسائط الرقمية, وإنما قبل هذا وبعده, لتأكيد العلاقة بين الاثنين, ونظرة عامة إلي ما يحدث حولنا يمكن أن يضع بين أيدينا علي ظاهرة خطيرة هنا, هي, هذا الواقع الجديد الذي أصبح يعكسه الواقع, والذي يتحدد في غياب هذه المساحة بين كل هذه الأدوات, ويكفي نظرة عامة إلي هذه العوالم حولنا لندرك اختفاء المسافة بين هذا الإغراء عبر البث التليفزيوني إلي هذا الإغراء عبر البث الرقمي إلي هذا الغياب في التعبير عن الشباب أو التأثير لديه.. اختفت المسافة بين كل هذه الصور لصالح واقع جديد.. الواقع الجديد يشير إلي أنه راحت تغيب هذه الصور القديمة لسيطرة الراديو أو حتي الصحف المقروءة أو الوسائط الفضائية لصالح الوسائط الجديدة الغزيرة; فلم يعد خافيا اليوم تسلل العديد من المادة الإعلامية المكتوبة عبر الصحف والمجلات والدوريات وأيضا البرامج بل والقنوات التليفزيونية علي مساحة الأجهزة العنكبوتية, الواقع الجديد يشير إلي حقيقة ثابتة مفزعة هي أن أعدادا هائلة من شبابنا أصبح يتجه إلي برامجه المفضلة عبر هذا الوسيط الفضائي.. أعداد هائلة تصل لدي العديد من المصادر إلي قرابة أربعة ملايين شاب مصري في موقع واحد مثل' الفيس بوك'_ علي سبيل المثال-.. حيث تصل مصر في الترتيب إلي الدولة الأولي التي يشغل شبابها بهذه الوسائل الإعلامية. أخبار التليفزيون تنقل لنا الآن_ أيها السادة- صورا من التطور الفائق لبرامجها.. كل القنوات التليفزيونية متاحة علي أجهزة المحمول, وقبل هذا وبعده تنقل لنا أخبار ما قبل أيام رمضان أن هناك مشروعا' تم توقيعه أخيرا بين وزارتي الإعلام والاتصالات لوضع قنوات التليفزيون المصري علي شبكة الانترنت' بل تشير مصادر رسمية هنا إلي أن المشروع سينطلق قريبا بتفعيل البث الحي علي موقع قطاع الأخبار'.. فإذا أضفنا إلي هذا سيطرة هائلة لعديد من شاشات الفيسبوك- كما اشرنا_ كنموذج للعالم الرقمي_ أو شاشات المحمول_ كما نكرر- كنموذج للعالم المرعب الجديد- لأدركنا كم المادة التي تأتي من الخارج لتسيطر علي شبابنا, ليس من الإذاعات أو الصحف أو النشرات أو_ حتي-الشاشات المعادية كما كنا نعرف في النصف الثاني من القرن العشرين, وإنما إلي كل هذه الرموز والأدوات المعروفة وغير المعروفة منذ بدايات هذا القرن وبالتبعية,هذا الزخم الرقمي المخيف الذي أصبح يستولي علي كل الإنجازات الفكرية المعروفة لدينا.. الخطر الإعلامي_ بأسمائه العديدة_ يسيطر علي أعداد هائلة من شبابنا إذن, خاصة, أن الأمر لم يعد تقليديا_ ونكرر هنا للمرة الألف ولا نيأس أبدا- حيث نتحدث عن الوسائل المعروفة المسيطر عليها من الدولة بقدر ما أصبحت الكثير من هذه الوسائط تابعة لمصادر خارجية غير بعيدة عن أجهزة معادية وأدوات نائية سواء بالشكل العلمي أو الرمزي. ليس الخطر مما يستولي به من رموز حديثة علي أفهامنا بقدر هذا الخطر الذي يجيء من الخارج.. ليس هو الخطر التقليدي للإعلام كما تتحدث عنه مراكزنا البحثية بقدر ما هو الخطر الكامن في عديد من أدواتنا ومعارفنا السائدة لدي الشباب العربي.. أليس واجبنا في الشهر الفضيل التنبه إلي الخطر الذي يواجه شبابنا ؟ أليس واجبنا في الشهر الفضيل التنبه ؟ أليس.. ؟ الورقة الاخيرة:( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان) البقرة:581.