الرئيس السيسي يؤكد ضرورة بدء إعداد إستراتيجية جديدة لحقوق الإنسان    مدبولي: طلب كبير من الأسر محدودة ومتوسطة الدخل على المدارس اليابانية والتجريبية    وزير الإسكان يُعلن بدء تسليم وحدات مشروع "ڤالي تاورز إيست" بالعبور الجديدة ضمن مبادرة "بيتك في مصر"    زراعة الإسكندرية تنفذ حملة لمكافحة النمل الأبيض في العامرية    الناشطة ثونبرج: نطالب بإنهاء الحصار الإسرائيلي على غزة    خبير أوروبي: التوتر بين روسيا والناتو "على حافة حرب مباشرة"    يورتشيتش: بيراميدز بطل القارة..ولا بديل عن الفوز على الجيش الرواندي    أيمن عبدالعزيز: الزمالك لعب أمام الأهلي 80 دقيقة بلا مدرب    القبض على متهمين بسرقة دراجة نارية بأحد الشوارع في إمبابة    بعد 5 أيام من اندلاع الحريق.. العثور على جثة ضحية جديدة تحت أنقاض مصنع المحلة    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    الادعاء الأمريكي في ماريلاند يكشف تفاصيل مصادرة 14 قطعة أثرية مصرية مهربة    وكيل صحة شمال سيناء يحيل المتغيبين بمركز الرعاية في أبو صقل للتحقيق    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    ترامب يعلن إنجازاته فى الأمن الدولى ويطالب بجائزة نوبل للسلام    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    في سطور.. رحلة قانون الإجراءات الجنائية في مجلس النواب    محافظة الجيزة: رفع السيارات المتهالكة وحملة نظافة مكبرة بفيصل    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    أردا جولر نجم ريال مدريد يتوج بجائزة أفضل صاعد فى الليجا لشهر سبتمبر    محافظ الغربية يتفقد الوحدة الصحية ومركز الغسيل الكلوى والحضانات بقرية أبشواى الملق    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    بث مباشر لمباراة توتنهام ضد بودو جليمت اليوم في دوري أبطال أوروبا    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    لأول مرة.. تشغيل جهاز قياس وظائف التنفس بعيادة السلام بمدينة بني سويف    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    اليوم.. النطق بالحكم في دعوى تعويض مليون جنيه ضد الفنان أحمد صلاح حسني    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    تشافي يرد على عرض اتحاد جدة السعودي    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    أرقام عماد النحاس فى دور المدير الفنى المؤقت للنادى الأهلى للمرة الثانية هذا العام    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالطة سراي.. محمد صلاح أساسيًا    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو بلورة رؤية عربية لحقوق الإنسان

غدا‏(15‏ يناير‏)‏ تحل الذكري الثانية لدخول الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيز التنفيذ في مثل هذا اليوم من عام‏2008,‏ وكانت القمة العربية قد وافقت علي مشروع الميثاق منذ عام‏2004‏ بعد إعداده بالتنسيق فيما بين دول الجامعة والعمل علي الاستفادة من المعايير الدولية التي سجلتها المواثيق القارية والاقليمية مع مراعاة الحفاظ علي الخصوصية العربية‏.‏ وكان الإعلان الأمريكي عن حقوق وواجبات الإنسان في بوجوتا أول تلك المواثيق حيث صدر في مايو‏1948‏ وأنشئت اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان في‏25‏ مايو‏1960‏ واعتمدت دول أمريكا الشمالية والجنوبية اتفاقية الإعلان في‏22‏ نوفمبر‏1969,‏ أما أوروبا فقد أقرت اتفاقيتها بشأن حقوق الإنسان في روما بتاريخ‏4‏ نوفمبر‏1950,‏ وجاء الدور مؤخرا علي الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب حيث تم اقراره من منظمة الوحدة الافريقية‏(‏ الاتحاد الافريقي حاليا‏)‏ في‏28‏ يونيو‏1981.‏
ويعني هذا إن الميثاق العربي لحقوق الإنسان قد تأخر صدوره من ناحية والتصديق عليه من ناحية أخري‏,‏ حتي دخل حيز التنفيذ للمرة الأولي في‏15‏ يناير‏2008,‏ كما سبقت الإشارة‏,‏ وذلك مع تقديم وثائق التصديق تباعا من‏7‏ دول عربية فقط وبعدها تشكلت لجنة حقوق الإنسان مع الدول التي صدقت علي الميثاق واللجنة مكلفة بمراقبة تنفيذ الميثاق في الدول المصدق عليها‏,‏ ووصلت حاليا إلي عشر دول فقط‏,‏ وتضع اللجنة التقارير حول التزام الدول بهذا الميثاق‏.‏
ولعل الترتيب التاريخي لصدور الميثاق العربي والتصديق عليه مؤخرا مقارنا بالمواثيق الأمريكية والأوروبية والإفريقية يثير مفارقة من الأهمية الإشارة إليها‏,‏ فالوطن العربي كان علي مر عصور التاريخ أخصب مكان ازدهرت فيه حقوق الإنسان‏,‏ فالوطن العربي أساسا مهبط الأديان السماوية‏,‏ وهي كلها رسالات استهدفت شرف الإنسان وسعادته‏,‏ وأكدت حقوق الانسان في الحياة والحرية ووضعت الفرصة المتكافئة أمام البشر دون نظر الي اللون أو الجنس أو العرق‏.‏
وكان من الطبيعي ان يسود الوطن العربي منذ أقدم العصور روح المساواة‏,‏ بينما أوروبا التي سبقتنا في إصدار اتفاقيتها لحقوق الإنسان لم ترفع شعار المساواة إلا في أواخر القرن الثامن عشر إبان الثورة الفرنسية‏.‏
لقد رسخت المساواة في طبائع ونفوس العرب‏,‏ واتسمت أخلاقهم بالعدل والسماحة‏,‏ ومنح الأمان لكل مضطهد ولكل غريب‏,‏ وعاشت كل الأجناس مهما اختلفت عقيدتها أو لون بشرتها علي أرض العرب متمتعة بجميع حقوقها الإنسانية لم تعرف يوما تعصبا من جانب العرب‏.‏
الفكر العربي إذن بتكوينه يرفض أساسا كل ما هو عنصري‏,‏ ولم يتخذ علماء العرب في التاريخ والجغرافيا والعمران موقفا عدائيا من أي جنس علي أساس اللون‏,‏ فالمؤرخ العربي المعروف المسعودي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي يتحدث في موضوعية ويشهد للجنس الأسود في إفريقيا بالفصاحة والخلق الطيب‏,‏ والعالم العربي الشهير ابن خلدون يعرض في مقدمته المعروفة لذكر الأجناس البشرية‏,‏ ولا يهتم بالصفات البدنية والشكلية للأجناس‏,‏ بل يوجه كل عتابه الي البحث عن العوامل الاجتماعية ساعيا إلي إظهار أثر الحرفة في اسلوب الحياة‏.‏
وهذا الخط الفكري الذي يربط بين ما تتميز به الشعوب والظروف الاجتماعية التي تعيش فيها هو ما يؤكده البحث العلمي الحديث‏,‏ وما تدعو إليه اليونسكو دون أي ربط بين هذه المميزات والصفات الطبيعية للإنسان‏.‏
والإمام ابن حزم الأندلسي من القرن الثالث عشر الميلادي اشتهر أيضا بآرائه وأفكاره عن العدالة ومنع استغلال الإنسان للإنسان‏,‏ فالعدل والإخاء الإنساني عنده ضرورة حياة‏,‏ والتفرقة عنده قد تؤدي الي حروب جامحة تنفجر فيها الأحقاد‏.‏
هكذا نجد اتجاها عربيا قويا من الناحية الفكرية يؤكد منذ وقت مبكر المساواة بين البشر ويدعو الي ما نطلق عليه حاليا‏(‏ ثقافة حقوق الإنسان‏)‏ ووصل الفكر العربي المعاصر رسالته شارحا ومؤكدا أهمية تصحيح مسار حركة حقوق الإنسان التي تتبناها الدول الكبري‏,‏ والتي لاترقي شكلا ومضمونا الي نموذج أمثل يمكن أن تحتذيه الدول النامية علي مستوي العالم الثالث‏.‏
ونحن العرب في مقدمة الدول النامية التي تدرك هذا ويمكن الإشارة هنا الي الخطاب العربي أمام كل المحافل الدولية لشأن حقوق الإنسان‏,‏ ويكفي هنا الإشارة إلي النقاط السبع التي وردت في سياق وجهة النظر العربية أمام المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان‏(‏ فيينا النمسا يونيو‏1993)‏ وفي مقدمتها‏:‏
‏*‏ تقييم التقدم الذي أحرز في مجال حقوق الإنسان والعقبات التي تحول دون إحراز تقدم بشأنه منذ اعتماد الإعلان العالمي عام‏1948,‏ واتخاذ الإجراءات الفعالة لتنفيذ معايير ومواثيق حقوق الانسان خاصة المتعلقة بإزالة الاحتلال الأجنبي‏.‏
‏*‏ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والمساس بسيادتها بحجة حماية حقوق الإنسان‏.‏
‏*‏ تأكيد العلاقة بين التنمية والمديونية والديمقراطية والتمتع بجميع حقوق الإنسان‏.‏
‏*‏ وضع المعايير الكفيلة بتفادي الازدواجية والانتقائية في تطبيق معايير حقوق الإنسان‏.‏
ولعل التذكير بمثل هذا الدور العربي يكون في مقدمة مراسم احتفالنا بأيام حقوق الإنسان المشهودة ومن حق الجيل الجديد من شبابنا أن يعي هذا جيدا‏.‏

[email protected]
المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.