عندما استقبلني في بوصاصو التاجر الصومالي علي جامع بدا حزينا في حديثه عن غياب التجار المصريين والاستثمارات المصرية عن الصومال وخصوصا بونت لاند . وهو ما أكده لي الصحفي الكبير خليفة بري رئيس تحرير جريدة ضوء الشرق مضيفا إن المصريين مازالت تسيطر عليهم فكرة ان مقديشو هي الصومال وعاصمته في حين ان الحقيقة لم تعد كذلك فمقديشو لا يسيطر علي حتي20 كيلو مترا خارجها واقتصادها منهار والأمن ينعدم بها عكس بونت لاند والتي هي الأهم اقتصاديا واستراتيجيا وامنيا لمصر التجار الصوماليون ليبان شرى ومحمد عيديد وسعيد حسين وخليفة برى , فلماذا لا يجيء التجار والمستثمرون المصريون الي بونت لاند لجني الارباح التي لو عرفوا بحجمها لتكالبوا علي الاقليم, وأضاف خليفة بري: من مصلحة مصر ان تتعامل مع بونت لاند وان تنشئ مركزا تجاريا واستثماريا فثروة الصومال من المعادن والنفط في بونت لاند, وكذلك الثروة الحيوانية الهائلة وحتي ما يجيءمن مقديشو والجنوب يتحكم فيه تجار بوصاصو ويمر من خلال مينائها. قلت ان انعدام الأمن يلغي التفكير في أي مكسب. فقال: الي حد كبير الحكومة المحلية تضمنه وتسيطر علي الأوضاع فلا قتل يومي كما في الجنوب والتجار يحمون بعضهم ويحمون تجارتهم, عدت الي علي جامع لأسأله عن ذلك فأجابني: اذا كانت رؤوس الأموال تخشي من عمليات اختطاب القراصنة للسفن فإنه كتاجر وغيره من التجار نؤمن ذلك سواء في استقبال البضائع من مصر أو التصدير من بوصاصو علي مسئوليته الي أي ميناء في مصر, وهو ما أكده سعيد حسين عيد رئيس غرفة التجارة في بونت لاند ونائبه محمد عيد يد جامع, فالصومال تمتلك ثروة هائلة من الماشية تكفي لإمداد مصر باللحوم الحمراء الخالية من الدهون والأمراض, ويتراوح ثمن البقرة من150 200 دولار أي ما يعادل1100 جنيه مصري وفي حالة نقلها حية الي مصر تزداد التكلفة50 دولارا ولكن كيف يمكن التأكد من خلوها من الأمراض؟ أجابني ليبان أحمد شري نائب مدير الحجر الصحي وتطوير الثروة الحيوانية بأن الحكومة المحلية أنشأت الحجر الصحي البيطري لتجهيز وإعداد المواشي للتصدير بعد التأكد من خلوها من الأمراض.. ولذلك فإن أعداد المواشي المصدرة من ميناء بوصاصو تضاعف خلال العام الأخير بعد انشاء الحجر الصحي من400 الف رأس شهريا الي800 الف رأس أغنام وأبقار وابل. ويديره مجموعة من الخبراء المصريين من أطباء بيطريين وكيميائيين واداريين. وفي جولة للأهرام بمصاحبة ليبان شري وسعيد في شرق بوصاصو حيث يقع الحجر الصحي.. وجدنا اعدادا هائلة من الأبقار والأغنام يتعامل معهم الحجر الصحي كما يقول الدكتور سمير الدرباوي المدير المصري علي ثلاث مراحل يتم فيها تحصين كل رؤوس الماشية ضد الالتهاب الجلدي العقدي وحمي الوادي المتصدع وأمراض اخري وحسب قواعد ومعايير منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة يتم حجز الماشية لفترة من21 يوما الي شهر كامل ومعاملتها بيطريا واجراء الاختبارات واعطاؤها التحصينات وخلال هذه المدة يضيف الدكتور محمود موسي الصفطاوي نائب مدير الحجر الصحي: تتم من خلال الاطباء البيطريين المتابعة اليومية لحالة الماشية. للتأكد من خلوها من الأمراض الوبائية المعدية وسلامتها يتم ترقيم كل رأس بأرقام مسلسلة وأخذ عينات دم لتحليلها, ولا تدخل الي الحجر من البداية اي رؤوس ماشية مريضة, ولذلك لاتخرج من المحجر الي السفن استعدادا لتصدير أي ماشية الا سليمة تماما. ويعمل بهذا المحجر10 مصريين من أطباء بيطريين وكيميائيين واداريين ومعهم25 صوماليا لنقل الخبرات وخلال تجوال الأهرام داخل المعامل بصحبة ياسر شكري ويوسف بشير شرح الدكتور خالد أبو جازية مدير المختبر قائلا: بدا حجم الدقة والاجتهاد اللذان يقوم بهما الفريق المصري مما يطمئنه الي استيراد اللحوم سواء مذبوحة أو حية من الصومال, يقول الدكتور عبد الشكور أحمد حسنين: الماشية الصومالية جيدة ومضمونة نتيجة الطقس القاري الحار والجو الصحراوي النقي ولذلك فإن امراض الماشية في الصومال تكاد تكون منعدمة ولا تؤثر علي صحة الحيوان فضلا عن جهود الحجر الصحي في الحفاظ علي سلامة الحيوانات وخلوها تماما من الأمراض قبل التصدير الذي تذهب أغلب أعدادها الي السعودية والامارات وعمان ودول الخليج, والأمراض الموجودة منها عرضية وتعالج سريعا ويضيف ليبان شري: المواشي الصومالية أقل اصابة بالأمراض الوبائية وتتمتع بالمراعي الطبيعية و. يضيف سعيد حسين عيد نسبة الدهون في الأغنام والأبقار قليلة يمكن انشاء مجزر لذبح الحيوان وتصديره لحوما حمراء, وسعر الخروف البالغ وزنه25 كيلو جراما50 دولارا اما العجل وزن300 كيلو فلا يزيد سعره علي200 دولار. وهكذا فإن مواجهة أزمة اللحوم الحمراء في مصر ومشاكل المستوردة منها من الهند والبرازيل والحاملة لأمراض تبدأ من الصومال حيث الأسعار الرخيصة, أما عن تأمين الاستيراد فانه يقع كما أكد لي علي جامع وغيره من التجار علي كاهل المصدرين من الصوماليين. فهل تتغلب الارادة الحكومية علي جشع وألاعيب حفنة قليلة من المستوردين, واصحاب المصالح أو مافيا استيراد اللحوم.